على خلاف أكثر المخبوزات، من المتبّعِ طهي المعجّنات العُقْدِيَّة المعروفة بـ "البيجل" داخلَ إناء ماءٍ مع صودا الخَبْز (بيكربونات الصوديوم) قبل خَبزِها. كيف تؤثّر هذه العمليّة على المنتوج النهائيّ؟

منذ طفولتي أحببتُ أكلَ المعجّنات العُقْدِيَّة وخصوصًا ذات اللّون البنّي والصّلبة. على مرّ السنين، عندما أصبحتُ مهتمًّا أكثر في هذه الأمور، تبيّن لي حقيقة مثيرة للانتباه: من المتبّع أن يتمّ طهي المعجّنات العُقْدِيَّة المُتمايلة لفترةٍ وجيزةٍ داخلَ إناءٍ من الماءِ المغليّ مع صودا الخَبْز (بيكربونات الصوديوم) قبل عملية الخبيز. كعادتي، تساءلتُ عن سببِ ذلك، إذ تعتبر صودا الخَبْز قاعديّة، ومن المتّبعِ في أغلبِ عمليات الطبخ استعمال مواد حِمضيّة، مثل حمض اللاكتيك في الحليب أو حمض الستريك في اللّيون. صحيح أنّ صودا الخَبْز تساعد في نفخ المخبوزات، لكن من أجل ذلك هنالك خميرة في المعجّنات العُقْدِيَّة.

سنقوم اليوم معًا بتحضير المعجّنات العُقْدِيَّة، سنتعرف من خلال ذلك على وظيفة صودا الخَبْزعند تحضيرها، ولماذا نغمرُ العجينة المتمايلة داخلَ الماءِ المغليّ. هل هناك حاجة حقًا إلى طهي العجين مثل المعكرونة أو الذّرة؟

פרעצלים מוכנים | צילום: Evgeny Karandaev, Shutterstock
وصفة أساسيّة: استخدام صودا الخَبْز على وجه التحديد يعطي نتيجة مميّزة. المعجّنات العُقْدِيَّة جاهزة. | تصوير: Evgeny Karandaev, Shutterstock 

المطلوب من أجل تحضير 12 قطعة من المعجّنات العُقْدِيَّة:

  • ½1 كأس من الماء المغليّ (360 مل)

  • ¼2 ملعقة صغيرة من الخميرة الجافّة (حوالي 12 غرام) أو ⅔ قطعة مكعبّة من الخميرة الرطبة (حوالي 36 غرام)

  • ملعقة ملح صغيرة

  • ملعقة كبيرة من السكّر البنيّ

  • ملعقتان كبيرتان من الزبدة بدون ملح، مذابة ومبرّدة (حوالي 30 غرام). يمكن تحويلها إلى زيت نباتيّ.

  • ¾3 ملاعق كبيرة من القمح (500 غرام)

  • ملح خشن أو ملح بحر خشن لوضعه على المعجّنات العُقْدِيَّة

  • ½ ملعقة كبيرة من صودا الخَبْز(120 غرام)

  • 9 ملاعق ماء كبيرة (2 ليتر)

ماذا نفعل؟

  1. خلط الخميرة بالماء الساخن. إضافة الملح، السكّر والزبدة المذابة بعد مرور دقيقة، وخلطها جيدًّا.

  2. إضافة بشكل تدريجيّ 3 ملاعق قمح كبيرة. تحريكها بملعقة خشبيّة أو بالخلّاط حتى تتكوّن عجينة لزجة.   

  3. اِعجنوا العجينة لمدّة ثلاث دقائق على مسطّح مرشوش بالقمح. في النهاية، اصنعوا منها كرةً، غطّوها بمنشفة واتركوها جانبًا لمدّة 40 دقيقة تقريبًا من أجل أن تنتفخ.

  4. سخّنوا الفرن على 200 درجة مئويّة. ضعوا اثنين من القوالب داخل ورقة الخبيز وادهنوها بقليلٍ من الزيت.  

  5. املؤوا إناءً كبيرًا بتسعة ملاعق ماء كبيرة، اسكبوا صودا الخَبْز بداخله واتركوه حتّى يغلي.

  6. قسّموا العجينة إلى 12 قطعة بواسطة سكّينًا حادًّا أو قطّاع بيتزا. لفّوا كلّ قطعة على شكلة ثعبان طويل بقطر ½1 سم، وصمّموها على شكل معجّنات عُقْدِيَّة. يمكن أن يتمّ تخمير المعجّنات لمدّة 15 دقيقة أخرى. 

  7. اغمروا 1-2 من المعجّنات داخل المياه المغليّة مع صودا الخَبْز لمدة نصف دقيقة تقريبًا. تأكّدوا من غمر كلّ العجين. أزيلوا المعجّنات بواسطة ملعقة مثقّبة، اتركوا الماء الزائد أن يسيل وضعوها داخل القوالب. رشّوا الملح الخشن على المعجّنات- يمكن أن تدهن قبل ذلك ببيضة. يُسمح عند الحاجة أن يتمّ تغطية المعجّنات غير المخبوزة والاحتفاظ بها في الثلاجة لمدّة تصل إلى 24 ساعة قبل خبزها.

  8. اِخبزوها لمدّة 12-15 دقيقة أو حتّى يتحوّل الكعك إلى اللّون الذهبيّ.

 

والآن لندع العِلم يتكلّم

المعجّنات العُقْدِيَّة هي إحدى أنواع الخبز. مبدئيًّا، يمكن صناعتها من ثلاثة مكوّنات فقط: تحتاج العجينة إلى الماءِ والقمحِ من أجل تجهيزها، ويتمّ إضافة الخميرة لكي لا تكون مضغوطة جدًّا. تستهلك الخميرة السكّريّات التي مصدرها من القمح ويخرج منها غاز ثاني أكسيد الكربون، إذ يتراكم في فقاعاتٍ داخل العجين ممّا يؤدي إلى زيادةٍ في حجمه. ومن المعتاد أيضًا أن يتمّ إضافة السكر إلى العجين، الذي يغذّي الخميرة ويعزّز طعمها، والملح بشكل أساسيّ من أجل الطعم وإضافاتٍ أخرى.

تعتبر عجينة المعجّنات العُقْدِيَّة صلبةً أكثر من معظم أنواع العجين المستخدم في عملية خبيز الخبز. لا تنتفخ العجائن المضغوطة والصّلبة بسهولةٍ، لأنّ فقاعات الغاز المنبعثة من الخميرةِ تجد صعوبةً في اختراق شبكة الدابوق (الغلوتين) الكثيفة، التي تتشكّل عند تحضير العجين. نتيجةً لذلك، تتضخّم المعجّنات العُقْدِيَّة أقلّ من معظم أنواع الخبز، وفترة تضخّمها تكون أقصر.

حتّى الآن، تشبه عملية التحضير هذه إلى حدٍ كبيرٍ عمليّة تحضير العجين لأيّ نوع خبز آخر. الفرق الأكثر أهمّيّة بينهما هو في العمليّة التي تحدث بعد أن يتضخّم العجين. عند تحضير الخبز العاديّ، ننتظرُ حتّى ينضجَ العجينُ، نصمّمهُ بالشكل المرغوبِ ومن بعدها نخبزه حالًا. بينما، عند تحضير المعجّنات العُقْدِيَّة يجبُ إضافة مرحلةٍ أخرى قبل عمليّة الخبيز: نأخذ العجين المتضخّم، نصمّمه- ومن ثم نغمسهُ لفترةٍ وجيزةٍ في وعاءٍ بالماء المغليّ الممزوج معه كميّة كبيرة من صودا الخَبْز.

يعتبر صودا الخَبْز مشروبًا قاعديًّا، أي أنّه مادّة مضّادة للحموضة. تستخدم المخابز أحيانًا بالصودا الكاوية (هيدروكسيد الصوديوم)- مادّة قاعديّة قويّة تسبّب تفاعلًا أسرع وأقوى على مساحة مسطّح المعجّنات العُقْدِيَّة، لكن يمنع استعمالها بدونِ وسائل الحماية، والتي لا تتوفّر عند أغلبنا في المنزل. لذلك يتمّ استخدام صودا الخَبْز من أجلِ تحضيرِ الوصفاتِ المنزليّة. إذا أردنا تعزيزَ تأثيرها على التفاعلِ الذي يحدثُ في العجين، يمكنُ أن نسكب طبقةً من صودا الخَبْزعلى قالبٍ مغطّى بورق الخبز وخبزها بدرجة حرارة 250-300 درجة مئويّة لمدّة ساعة تقريبًا. سنحصلُ على مادّةٍ أخفّ وزنًا، وتأثيرها على العجينِ سيكونُ شديدًا أكثر. يمكن تخزين سائل صودا الخَبْز المخبوز في وعاء محكم الاغلاق، حتّى لا يمتصّ الرطوبة من الهواء.

פרעצלים אחרי הבישול בדרך לתנור | צילום: Mentor Beqiri, Shutterstock
الخطوات الأولى لعمليّة الخبيز شبيهة للخبز العادي. المعجّنات العُقْدِيَّة بعد الطهي في طريقها إلى الفرن | تصوير: Mentor Beqiri, Shutterstock  
 

سرّ العجين

يجب أن يكون العجين المستخدم في تجهيز المعجّنات العُقْدِيَّة أكثر صلابةً من عجين الخبز العاديّ- وإلّا فإنّه سيفقد شكلهُ عندما نغمرهُ في الماءِ المغليّ ويصبح طريًّا وسائلًا. 

تؤدي عمليّة الغمر في الماء المغليّ إلى تحفيز عمليّة جلتنة النشويّات، ممّا تضفي للمعجّنات العُقْدِيَّة مظهرًا لامعًا وملمسًا مميّزًا أثناء المضغ. في هذه العمليّة تمتصّ حُبَيبات النشا، والتي هي فقاعاتٌ صغيرةٌ مكوّنةٌ من الكربوهيدرات الأميلوز وأميلوبِكتين، تمتصّ الماءَ، تتضخّم وفي النهاية تنفجرُ وينبعثُ منها جزيئاتِ النشا. يحدثُ شيءٌ مشابهٌ عند طهي البطاطا. في هذه العمليّة تتكوّن شبكةٌ كثيفةٌ من الأميلوز على سطح العجين، والتي تغلّفها من جميع الاتجاهات. أثناء عمليّة الخبيز، تقوم هذه الطبقة على التقليل من فقدان الماء في العجين. بفضل هذه العمليّة تكون المعجّنات العُقْدِيَّة ليّنةً أكثر من الداخل والخارج، ولا تمتاز بالغلاف الصلب النموذجيّ لباقي أنواع الخبز.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ عمليّة الغليان تقتل جزءًا كبيرًا من الخميرة، طبقًا لمدّتها. لذلك بالكاد تتضخّم المعجّنات عند خبزها.

הוצאת הכעך מהמים עם הסודה | צילום: Benoit Daoust, Shutterstock
تؤثر عمليّة الطهي قبل الخبيز على لون، طعم وملمس المعجّنات العُقْدِيَّة. إخراج الكعك من الماء مع الصودا | تصوير: Benoit Daoust, Shutterstock 
 

إذًا لماذا قاعديّ؟

منذ سنوات عديدة، أدرك خبّازو المعجّنات أنّ غمس العجين داخل الماء المغليّ القاعديّ يعطيها لونًا بنيًّا غامقًا وعميقًا مختلفًا تمامًا من لون قشرة الخبز المخبوز. يعودُ ذلك لكون طحين القمح قليل الحِمضيّة، إذ أنّ حُموضَتَهُ الطبيعيّة تبطئ مجموعة كاملة من التفاعلات الكيميائيّة المهمّة التي تحوّل الخبيز إلى اللّون البنّيّ. تُدعى هذه العمليّات التي تحدث في الطبقة الخارجيّة من الطعام بتفاعل ماير.

يحدث تفاعل ماير بين الأحماض الأمينيّة، وهي اللّبنات الأساسيّة للبروتينات، وبين السكريّات مثل الجلوكوز والفركتوز، ولكن ليس مع السكّر الأبيض العادي (السكروز). نتيجة هذا التفاعل تكون عبارة عن لون بنيّ غامق مصحوب بمذاقٍ ورائحةٍ خاصّة. من بين الأمور الأخرى لتفاعل ماير على لون وطعم قشرة الخبز المخبوزة، صلصة الصويا، الشوكولاته، البيرة الداكنة والهامبرغر المشوي.  

عند عمليّة الخبز تعزّز البيئة القاعديّة من تفاعل ماير، ويجعل صودا الخَبْز الماء قاعديًّا. أثناء عمليّة الخبز في الفرن، تتفاعل بقايا صودا الخَبْز المتبقيّة على سطح المعجّنات مع ثاني أكسيد الكربون المنبعث من العجين. وهكذا يتمّ إبطال نسبة القاعديّة العالية، ويتمّ تكوين مركّب كربونيّ آمن للأكل. 

على مدار سنوات عديدة، طوّر الخبّازون والحلوانيّون أنواعًا مختلفةً من المعجّنات العُقْدِيَّة والكعك بشكل عام. أمّا اليوم، يساعدنا التقدّم العلميّ على فهم سرّ تحضير المعجّنات العُقْدِيَّة، وسبب نجاح الوصفات بشكل عامّ. بهذه الطريقة يمكننا توفير وصفات جديدة وتحسين الوصفات المألوفة. بالصحّة والعافية! 

 

0 تعليقات