كيف يمكن أخذ البروتينات النباتيّة وإعطائها خصائص البروتينات الحيوانيّة؟ كيمياء بدائل اللحوم

يمكن للستيك الطريّ بنيّ اللون أن يكون لذيذًا ومُشبعًا للغاية لأولئك منّا الّذين لا يمتنعون عن تناول اللحوم. ومع ذلك، لا يزال الكثيرون يفضّلون في الوقت الحاضر تقليل استهلاكهم للّحوم، لاعتباراتٍ صحيّة، بدافع الاهتمام برفاهيّة الحيوانات أو رغبةً في حماية البيئة من أضرار صناعة اللحوم. في الوقت الحالي، نحن مُعرّضون بشكل متزايد لبدائل اللحوم من النبات، والّتي تتوفّر لنا في الأسواق، المطاعم وحتّى في المطبخ المنزليّ. ينعكس الاهتمام الكبير بالموضوع أيضًا في مجموعة الدراسات المتزايدة المخصّصة لزيادة المحاصيل، زيادة محتوى البروتين في المحاصيل الزراعيّة وتحسين ملمس، طعم ورائحة بدائل اللحوم من النباتات.

هذه المرّة سوف نركّز على بدائل اللحوم النباتيّة المألوفة، ونفحص كيف يمكن أخذ بروتين من مصدر نباتيّ وجعله يشبه في خصائصه البروتين المشتقّ من الحيوانات. تحقيقًا لهذه الغاية، اخترنا أن نقدّم لكم وصفة لطبق هنديّ نباتيّ يُسمّى  تيكا ماسالا.
 

ماذا نحتاج؟

  • 500-400 غرام من التوفو القاسي بشكل خاصّ

  • ملعقتان كبيرتان من زيت الزيتون

  • ملعقتان كبيرتان من دقيق الذرة (نشاء الذرة)

  • ½ ملعقة صغيرة من الملئ

 

للصّلصة: 

  • ملعقتان كبيرتان من زيت الزيتون

  • بصل كبير مقطّع إلى مكعّبات

  • 5 فصوص ثوم مقطّع

  • ملعقة كبيرة من الزنجبيل المبشور الطازج

  • ½1 ملعقة صغيرة جارام ماسالا (بهارات)

  • ½1 ملعقة صغيرة كمّون مطحون

  • ملعقة صغيرة كركم

  • ملعقة صغيرة كزبرة مفرومة

  • ¼  ملعقة صغيرة فلفل حارّ (أو حسب الرغبة)

  • ملعقة صغيرة ملح

  • 400 غرام من معجون الطماطم

  • ⅔1 كوب حليب جوز الهند (400 مل)

  • ¼ كوب ماء حسب الحاجة


تختلف بنية البروتينات المشتقّة من النبات تمامًا، ومن هنا تنبع الصعوبة الرئيسيّة في تقليد نسيج اللحوم في البدائل النباتيّة. تصوير: gowithstock Shutterstock

 

ماذا تفعلون؟

  1. غلّفوا قطع التوفو في ورق ماصّ. ضَعوا طبقًا أو مقلاة على التوفو المغلّف وضَعوا بعض الكتب الثقيلة عليه لتثبيت التوفو. اتركوا الوزن على التوفو لمدّة 20 دقيقة. إذا كان التوفو قاسيًا بشكل خاصّ، يمكنكم تخطّي هذه الخطوة.

  2. قطّعوا التوفو إلى ستّ شرائح. مزّقوا/فسّخوا الشرائح باليد إلى قطع متوسّطة-كبيرة الحجم أو قطّعوها إلى مكعّبات.

  3.  ضَعوا التوفو، زيت الزيتون، نشا الذرة والملح في كيس مع سحّاب (ziploc). أغلقوا الكيس وقوموا برجّه برفق لتغطية التوفو. قوموا بإزالة قطع التوفو المغلّفة من الكيس ورتّبوها بصورة موحّدة على قالب مبطّن بورق الخبز. اخبزوها لمدّة 30-25 دقيقة في فرن مُحمّى مُسبقًا على 200 درجة مئويّة، حتّى يصبح لونها ذهبيًّا. 

  4.  أثناء خبز التوفو، حضّروا الصلصة: صبّوا ملعقتين كبيرتين من زيت الزيتون في مقلاة عميقة كبيرة واقلوا البصل على نار متوسّطة-عالية لمدّة 4-3 دقائق. أضيفوا الزنجبيل والثوم واقلوها لدقيقة أخرى. أضيفوا البهارات، معجون الطماطم وحليب جوز الهند. قلّبوا جيّدًا حتّى يتمّ الحصول على خليط ناعم. اطهوها لمدّة عشر دقائق - تأكّدوا من التقليب بشكل متكرّر. إذا كانت الصلصة كثيفة جدًّا، خفّفوها بقليلٍ من الماء.

  5.  أضيفوا التوفو المخبوز إلى الصلصة وقلّبوه حتّى تتغطّى جميع القطع بالصلصة.

  6. قدّموه ساخنًا. يُوصَى بتقديمه مع الأرز والكزبرة الطازجة المفرومة.


يُعتبر فول الصويا غنيًّا نسبيًّا بالبروتين، لكنّ المبنى ثلاثيّ الأبعاد للبروتينات يكون كرويًّا، وليس ليفيًّا مثل بروتينات الأنسجة العضليّة. مخطّط المعلومات البيانيّ: ماريا جوروخوفسكي و د. دافنا ماندلر

 

والآن من أجل العلم

كان استخدام بدائل اللحوم النباتيّة شائعًا لعدّة قرون ويتزايد تنوّعها بشكل دائم. في الأصل، كان معظمها يهدف فقط إلى توفير بديل مغذٍّ للأطعمة الحيوانيّة، ولكن في السنوات الأخيرة كان هناك طلب متزايد على البدائل الّتي لا تُكمِل المكوّنات الأساسيّة لنظامنا الغذائيّ فحسب، بل تحاكي أيضًا المذاق، الملمس، المظهر و رائحة أطعمة اللحوم الحقيقيّة. بالتالي، يأمل المصنّعون أن تجذب المنتجات الجديدة جميع المستهلكين وليس فقط السوق النباتيّ والحيوانيّ. 

تتكوّن لحوم الحيوانات من البروتين، الدهون، الفيتامينات، المعادن والماء. ينطبق الشيء ذاته على النباتات، لذلك تعتمد بدائل اللحوم النباتيّة على هذا التشابه البيولوجيّ والكيميائيّ. لكن بالطبع هناك أيضًا اختلافات. اللحوم الّتي نأكلها هي في الأساس نسيج عضليّ، وتؤثّر درجة نشاط هذه العضلات طوال حياة الحيوان على ملمسها وطعمها. تتكوّن العضلات من ألياف بروتينيّة مرتّبة في سلاسل مستقيمة تشبه الحبال، ممّا يمنح العضلات بنية منظّمة وصلبة. كلّما كانت العضلات أكثر نشاطًا، كلّما كانت أكثر صلابة ويصبح اللحم أكثر ليفيًّا للأكل. كلّما كانت العضلات أقلّ نشاطًا، كان قوامها النهائيّ أكثر نعومة وطراوة.

تختلف بنية البروتينات المشتقّة من النبات تمامًا، ومن هنا تنبع الصعوبة الرئيسيّة في تقليد نسيج اللحوم في البدائل النباتيّة. تعتمد العديد من بدائل البروتين الشائعة على بروتينات الصويا. يُعتبر فول الصويا غنيًّا نسبيًّا بالبروتين، لكنّ المبنى ثلاثيّ الأبعاد لبروتيناتها يكون كرويًّا، وليس ليفيًّا مثل بروتينات الأنسجة العضليّة. يوجد حاليًّا العديد من التقنيّات لمحاذاة بروتينات الصويا مع بنية تشبه اللحوم، وينجح بواسطتها مصنّعو البدائل في استعادة البنية الليفيّة للّحوم في الأطعمة المصنوعة من بروتينات الصويا الّتي تمدّدت على شكل خيوط مستقيمة.

هذا لا يزال تاركًا مسألة المذاق مفتوحة. كما يعلم أيّ شخص سبق له أن أكل التوفو، فإنّ بروتينات الصويا ليس لها طعم، لذلك لا يوجد الكثير من التشابه بينها وبين المذاق الغنيّ لقطع الدجاج أو اللحم. لذلك، فإنّ أولئك الّذين ينظرون إلى ملصقات الأطعمة المصنّعة من النبات سيجدون فيها قائمة طويلة من المكوّنات، يهدف معظمها إلى منحها نكهة. من أهمّها مستخلص الخميرة، الّذي يتميّز بطعم بروتينيّ (الأومامي) مالح قليلًا، ممّا يثري مذاق المنتَج ويمنحه جودة "لحميّة". المكوّنات الأخرى الشائعة هي البصل، الثوم، الملح والفلفل، تُستخدم جميعها لتقوية الطعم. يعمل السكر على تلطيف المذاق، بينما يعطي في نفس الوقت لبديل اللحمة مظهرًا بنيّ اللون يشبه اللحم أو الدجاج المشويّ، وذلك بفضل تفاعل ميلارد (مايير).


التيمبي (Tempeh) أيضًا مُستخلص من فول الصويا، لكنّه يُنتَج من فول الصويا الكامل الّذي تمّ تخميره، وبالتالي فإنّ ملفّه الغذائيّ مختلف. | الصور: nnattalli ، photoviriya Shutterstock

بدائل البروتين الشائعة

هناك العديد من بدائل اللحوم الموجودة في السوق اليوم، الأكثر شيوعًا هو بالطبع التوفو - بروتين الصويا الّذي اُستخدِم لعدّة قرون كمكوّن مهمّ في المطبخ الآسيويّ. إنّه مكوّن سهل المعالجة، وعلى الرغم من عدم وجود نكهة خاصّة به، إلّا أنّه يمتصّ بسهولة نكهة المكوّنات الأخرى المطبوخة به. يُصنع التوفو من حليب الصويا في عمليّة مشابهة لتلك الّتي تُصنع فيها الأجبان من حليب البقر. تتضمّن العمليّة تغيير التركيب المكانيّ للبروتينات في حليب الصويا (تمسّخ)، ثم التخثّر، أي إعادة ربط البروتينات في مبنى جديد. أثناء تحضير التوفو، يمكن إضافة المزيد من المكوّنات، وبالتالي تحسين قيمته الغذائيّة.

التيمبي (Tempeh) أيضًا مُستخلص من فول الصويا، لكنّه يُنتَج من فول الصويا الكامل الّذي تمّ تخميره، وبالتالي فإنّ ملفّه الغذائيّ مختلف. يحتوي على بروتين وألياف غذائيّة وفيتامينات أكثر من التوفو، وبفضل التخمير يسهل هضمه. كما أنّ قوامه أكثر صلابة ، وربّما الأهمّ من ذلك - أنّ له نكهته المميّزة.

في الستينيّات من القرن العشرين، تمّت إضافة بديل آخر للّحوم المشتقّة من اللّحوم المصنّعة إلى هذين النوعين مُنتَج من الصويا: رقائق الصويا (TVP). تعتمد عمليّة التحضير على دقيق الصويا، وهو منتَج ثانويّ يتمّ الحصول عليه في عمليّة إنتاج زيت فول الصويا. والنتيجة هي منتَج عالي البروتين وقليل الدسم.

مصدر غنيّ آخر لبدائل اللّحوم النباتيّة هو القمح، حيث يُنتِج البروتين الرئيسيّ فيه، الغلوتين، كتلًا صلبة من البروتين تُُسمّى السيتان (Seitan). لإنتاج السيتان، نحضّر عجينة من دقيق القمح والماء، ثم يتمّ غسل النشويّات منها حتّى يتبقّى بروتين القمح فقط. قوامه كثيف وقاسٍ بعض الشيء، يشبه العلكة الطريّة، ومذاقه ضعيف. السيتان غنيّ بالبروتين، قليل الكربوهيدرات ومصدر جيّد للحديد.

تُعتبر البقوليّات أيضًا بدائل جيّدة للبروتين النباتيّ، ومن فوائدها أنّه يمكن استخدامها في حالتها الخام، دون الحاجة إلى مزيد من المعالجة الّتي تضرّ بقيمتها الغذائيّة. هناك العديد من أنواع البقوليّات، بما في ذلك الحمص والعدس وغيرها. لكلّ نوع من البقوليّات مذاق مختلف، لذا بالإمكان اختيار النوع الّذي نودّ استخدامه وفقًا للطعم النهائيّ الّذي نرغب في الحصول عليه. على سبيل المثال، تمتزج الفاصوليا السوداء وفاصوليا البينتو جيّدًا مع الوصفات المكسيكيّة، بينما يتناسب الحمص بشكل أفضل مع نكهات مناطق البحر الأبيض المتوسط. على الرغم من أنّ البقوليّات مصدر جيّد للبروتين، إلا أنّها تفتقر إلى بعض الأحماض الأمينيّة الأساسيّة الموجودة في اللّحوم. مع ذلك، فهي غنيّة بالألياف والحديد.

أخيرًا ، الكورين (Qourn) هو بديل للّحوم مشتقّ من الفطر. يتمّ استخراجه من فطر Fusarium venenatum الموجود في التربة. من المعتاد زراعة الفطر في حاويات كبيرة جيّدة التهوية ومكمّلة بالعناصر الغذائيّة، الفيتامينات والأملاح لتحسين القيم الغذائيّة للمنتَج النهائيّ. يخضع المنتَج النهائيّ لعمليّات إضافيّة، بما في ذلك تسخين وإضافة بروتينات البيض، ممّا يؤدّي إلى تكوين نسيج موحّد. النتيجة هي منتَج يمكن معالجته ليشبه اللّحم المفروم، صدور الدجاج أو الديك الروميّ المشويّ.

وفي الختام، مادّة للتفكير. بشكل عامّ، يُنصَح باستهلاك أقلّ قدر ممكن من الأطعمة المصنّعة، لأنّ عمليّات المعالجة قد تؤدّي إلى إتلاف أو فقدان المكوّنات المغذيّة والمرغوبة. يمكن أن تؤدّي عمليّات التسخين والتجفيف إلى إتلاف الفيتامينات والمعادن، وإزالة قشور الفاكهة، الخضروات والحبوب تؤدّي إلى فقدان الألياف الغذائيّة وغير ذلك.

على الرغم من ذلك، يتمّ تسويق بدائل اللّحوم على أنّها أطعمة مغذيّة وصحيّة، على الرغم من أنّها تخضع عادةً لعمليّات معالجة مكثّفة للسماح لها بتقليد الخصائص البصريّة، الحسيّة والكيميائيّة لمنتَجات اللّحوم التقليديّة. فعليًّا، فإنّ العديد منها عبارة عن أغذية فائقة المعالجة، يتمّ استخراج ومعالجة بعض مكوّناتها، مثل البروتينات، الدهون، الدقيق والنشويّات والسكريّات وكذلك الموادّ المضافة الّتي تخلق اللون، القوام والنكهة، من الموادّ الخام النباتيّة. ضَعوا ذلك في اعتباركم أيضًا عند التفكير في تناول شنيتسل نباتيّ أو شريحة لحم من السيتان.

صحة وعافية!

 

0 تعليقات