من أجل تحضير حلوى الكريما المخفوقة الشهيّة والتي تشتهر في الشتاء الإسرائيليّ، يجب فهم الأُسس العلميّة الكامنة من ورائها

جعلني تغيير الطقس أفكر في…. الكريمبو -  حلوى على شكل تلال، محشوّة بالكريمة ومغطّاة بالشوكولاتة فوق قطعة بسكويت. يُشاع تناول هذه الحلوى في إسرائيل، بحيث تُباع حوالي 50 مليون واحدة كلّ شتاء. هناك منتجات مشابهة في العالم، مثل بسكويت مالومار (Mallomars) في الولايات المتّحدة، بسكويت التونوك (Tunnock) أو بسكويت الويبيت (Whippet) في كندا، لكن أصل الحلوى غير واضح. يدّعي الكثيرون أنّه تمّ تطوير حلوى الكريمبو في الدنمارك في القرن الـ-19، ومن أحضرها إلى إسرائيل هُم اليهود الأشكناز. بينما يعتقد الآخرون أنّ من طوّرها هو صاحب مصنع البوظة الذي كان يبحث عن استخدام مفيد لخطّ الإنتاج المعطّل خلال فصل الشتاء.

ما الذي يجعل حلوى الكريمبو مميّزة جدًّا؟ لماذا تحظى بشعبيّة، خاصّةً عندما يكون الجوّ باردًا في الخارج؟ كيف يتمّ صنع الكريمبو في البيت بحيث تكون الحشوة منتفخة بالقدر الملائم بالضبط؟ ستساعدنا الأُسس العلميّة القويّة في تحضير حشوة مستقرّة، هشّة وحلوة بالقدر المطلوب، وبالطبع لذيذة. 

**תמונה של צלחת קרמבו**
من أجل تحضير حلوى الكريما المخفوقة الشهيّة والذي يُعرف إلى حدٍّ كبيرٍ في الشتاء إسرائيليّ، يجب فهم الأُسس العلميّة الكامنة من ورائه | تصوير: لورا لوانا Shutterstock
 

ماذا نحتاج؟ 
القاعدة: بسكويت شوفان
  • كوب ونصف من دقيق الشوفان (150 غرام) أو يمكن استبداله بكوبٍ واحدٍ من الدقيق الأبيض - من المهم أن تزِن الدقيق.

  • ثلث كوب من مدقوق السكّر (50 غرام)

  • نصف ملعقة صغيرة من الملح

  • 100 غرام من الزبدة غير المملحة والباردة، مقطّعة إلى مكّعبات

  • بيضة واحدة متوسطة الحجم 

  • نصف ملعقة صغيرة من مستخلص الفانيليا

الحشوة

  • 6 بروتين البيض (الزلال) - يمكن استخدام المُحّ (صفار البيْض) بمأكولاتٍ أخرى

  • كوب من السكّر الأبيض (200 غرام)

  • نصف ملعقة صغيرة من كريم التارتار

  • نصف ملعقة صغيرة من مستخلص الفانيليا 

صلصة الشوكولاتة 

  • 200 غرام من الشوكولاتة الداكنة

  • 3 ملاعق كبيرة من زيت السلجم أو ما يُعرف بزيت "الكانولا" (Canola oil) أو زيت جوز الهند 

طريقة التحضير

  1. لصنع البسكويت: نقوم بخلط الدقيق ومدقوق السكر والملح بمساعدة مُحضّر الطعام. نضيف الزبدة، البيض والفانيليا ونستمرّ بالخلط حتّى نحصل على عجينة متجانسة.

  2. نقوم بتشكيل العجينة على شكل اسطوانيّ بقطر حوالي 6 سم. نُغلّفها في نايلون لاصق ونضعها في البرّاد لحوالي ساعتين أو في الثلاجة لمدّة 30 دقيقة.

  3. نخرج العجينة من البرّاد ونقطّعها الى شرائح بسمك نصف سنتيمتر. نقوم بترتيبها في صينيّة الفرن على ورق الزبدة، ونقوم بخبزها لمدّة 15 دقيقة في فرن مسخّن مسبقًا على 180 درجة مئوية، حتى يصبح البسكويت ذهبي اللون.

  4. لصنع الحشوة: نقوم بطهي الحشوة على طريقة "حمّام ماري" (bain-marie) ؛ نضع بروتين البيض، السكّر وكريمة التارتار في وعاء والذي يوضع على قِدْرٍ يحتوي على الماء المغلي، على نار متوسّطة. نخفق مزيج البيض برفق لمدّة 5 دقائق أو حتّى يذوب السكّر تمامًا. يجب أن يكون الخليط منتفخًا وناعمًا. من المهمّ أن نتأكّد من عدم تلامس الوعاء الذي يحتوي على الخليط، للماء المغليّ الموجود في القدر. كما يوصى باستخدام ميزان حرارة المطبخ للتأكّد من أنّ درجة حرارة الوعاء، الذي يحتوي على الخليط لا تتجاوز 60 درجة مئويّة - وإلا سيتمّ طهي البيض دون أنْ يتجانس مع الخليط.

  5. يُرفع المزيج عن النار، ويُنقل إلى وعاء الخلّاط الكهربائيّ، ويُخفق لمدّة 10 دقائق تقريبًا حتّى نحصل على قمم سميكة، ثابتة وصلبة. نضيف الفانيليا ونقلبها حتّى تمتزج تمامًا.

  6. لصنع الكريمبو، نضع خليط البيض في كيس الحلواني (pastry bag) بفوّهة واسعة أو في كيس بلاستيك مقطوع في إحدى زواياه بكُبر 4 سم تقريبًا. نضعه في حركة دائريّة فوق البسكويت البارد حتّى ارتفاع حوالي 5 سم، ونضعه في الثلّاجة لمدّة ساعة.

  7. لصنع صلصة الشوكولاتة: نذوّب الشوكولاتة على طريقة "حمّام ماري"، ثمّ نضيف الزيت ونخلطهم للحصول على سائل شوكولاتة لامع.

  8. نخرج الكريمبو من الثلاجة ونغمسها في سائل الشوكولاتة أو نسكب الشوكولاتة فوقها. يمكن الاحتفاظ  في الكريمبو في البرّاد لبضعة أيّام.

 **תמונה של הכנת קרמבו**

يوصى باستخدام ميزان حرارة المطبخ للتأكّد من أنّ درجة حرارة الوعاء الذي يحتوي على البيض لا تتجاوز 60 درجة مئويّة وإلّا سيتمّ طهي البيض | تصوير: indigolotos Shuttertock  
 

والآن لننتقل للعلم

هذه المرّة سنتعمّق في رغوة البيض في الكريمبو، أو كيفية صنع كريمة مخفوقة (ميرانغ) متجانسة وهشّة بشكل خاصّ.

إحدى الخصائص المهمّة لبروتين البيض هي القدرة على الخضوع لعمليّة الإفساد وتُعرف أيضًا بالتمسّخ (Denaturation)، أي تغيير في المبنى الفراغيّ للبروتين دون تغيير مقابل في هيكله الكيميائي. بما أنّ بنية البروتين تؤثّر على وظيفته، فإنّ البروتينات المفسدة تعمل بشكل مختلف.

من ممكن أن تخضع البروتينات للإفساد بعدّة طرق، على سبيل المثال، التسخين، التعرّض لمركّبات مثل الحموض والأسس، أو الخفق. يُعتبر الخفق عمليّة خلط قويّة، حيث يؤدّي تفعيل القوّة إلى تكوين مبنى جديد لبروتين البيض. يتكوّن معظم بروتين البيض من الماء (حوالي 90%)، والباقي عبارة عن جزيئات بروتين، بدون وجود دهون أو مكوّنات أخرى تقريبًا. نتيجةً لذلك، يتغيّر القوام السميك لبروتين البيض ويصبح على شكل رغوة بيضاء ومنتفخة ذي مبنى قابل للتشكيل، والذي يحافظ على شكله حتّى عند الخلط أو التسخين. تتكوّن رغوة البيض فعليًّا من سائل الذي تمّ حقن الغاز (الهواء) فيه، بحيث يتوزّع بروتين البيض بغلاف دقيق حول فقاعات الغاز. 

الأساس العلميّ من وراء تكوين رغوة البيض المستقرّة هو أنّه بسبب تفعيل القوّة، تفقد البروتينات مبناها الفراغيّ الكرويّ الطبيعيّ، وتتفتّح إلى سلاسل أكثر استقامة. مع ذلك، تميل البروتينات دائمًا للارتباط مجدّدًا، لكنّ القوّة التي تمّ ممارستها عليها لا تسمح لها بالعودة إلى شكلها السابق.

إضافةً الى ذلك، فإنّ الهواء المندمج في رغوة البيض لا يميل إلى الارتباط بالماء (مثل الزيت)، بحيث يتطلّب من البروتين تغيير مبناه الفراغيّ من أجل دخوله إلى البيئة المائيّة. تميل البروتينات في هذه الحالة إلى الارتباط معًا على السطح بين الماء والهواء، بحيث يميل الجانب المحبّ للماء من البروتين للارتباط في البيئة المائيّة، ويواجه الجانب غير القابل للذوبان في الماء، الهواء. هكذا يتمّ إنشاء شبكة ثلاثيّة-الأبعاد متواصلة وصلبة من البروتينات التي تغلّف فقاعات الهواء من جانب واحد، وترتبط للماء من الجانب الآخر. هذه هي الرغوة.


تصميم: ماريا جروحوبسكي
 

السقالات التي تحافظ على استقرار الرغوة

تعتبر رغوة البيض غير مستقرّة، ولوحدها تفقد حجمها حتّى تعود إلى شكلها الذي بدأت منه- سائلًا أبيض. تتجمّع فقاعات الهواء وتنهار الرغوة مع مرور الوقت. وهنا يأتي دور العوامل التي تعمل على استقرارها.

السكّر هو المكوّن الرئيسيّ الذي يحوّل رغوة البيض الهشّة إلى كريمة مخفوقة وناعمة. تكون نسبة السكّر إلى بروتين البيض في الخفق، حوالي 1-2 وحدة من الحجم أو الوزن من السكّر لكلّ وحدة من بروتين البيض. يذوب السكّر في الماء الموجود في بروتين البيض، بالتالي يتكوّن شراب سكّر ذو كثافة أكبر من كثافة بروتين البيض وحده. يزيد ارتفاع كثافة السائل من صعوبة اندماج فقاعات الهواء، إلى فقاعات أكبر تؤدي إلى انهيار الرغوة. ولهذا، كلّما أضفنا المزيد من السكّر، كانت الكريمة المخفوقة أكثر ثباتًا وهشاشة، حتّى بعد الخبز.

هناك أهمّيّة لحجم حبوب السكّر نظرًا لذوبانه في الماء الموجود في بروتين البيض. في بعض الأحيان تكون كمّيّة السكّر المُضافة كبيرة جدًّا، بحيث لا يذوب السكّر كلّه بسهولة - أو على الإطلاق. كلّما كان حجم بلّورات السكّر أصغر، كان ذوبانها أسرع وأسهل. هذا هو السبب في أنّ معظم وصفات الخفق تستخدم مدقوق السكّر بدلًا من السكّر البلّوريّ.

في وصفتنا قمنا بتسخين الكريمة المخفوقة، لكن في الواقع، معظم الوصفات تتجنّب تسخينها، وتتوفّر في مجموعة متنوّعة من القوام. للحصول على رغوة هشّة، يجب خفق البروتينات أوّلًا في رغوة ثابتة ثمّ يجب إضافة السكّر برفق. من الممكن إضافة السكّر أثناء أو قرب نهاية الخفق. يذوب السكّر ويتوزّع على غلاف الفقاعات؛ فيضيف التوحيد والثبات للرغوة. كلّما تمّت إضافة السكّر مبكرًا أكثر، كانت الكريمة المخفوقة أكثر صلابة وذات قوام ناعم أكثر.

تتمّ طريقة الدمج بين الخفق والتسخين في سويسرا على طريقة " حمّام ماري"؛ خفق بروتين البيض برفق مع السكّر أثناء التسخين، وفقط بعد ذلك، خفق الخليط بقوّة للحصول على رغوة ثابتة وقاسية جدًّا. أمّا في فرنسا، من المعتاد صنع كريمة مخفوقة وسميكة من خفق بروتين البيض مع السكّر، والتي منها يتمّ صنع "موس الشوكولاتة"، "السوفليه" والعديد من الحلويات الأخرى. نظرًا لأنّ هذه الكريمة (رغوة البيض) غير مستقرّة وتفقد معظم حجمها في غضون ساعاتٍ قليلةٍ مع مرور الوقت، فغالبًا ما يتعيّن خبزها. 

يسمح التسخين بالحفاظ على الرغوة بشكلٍ دائمٍ؛ تؤدّي عمليّة التسخين إلى تبخير بعض الماء الموجود في الخليط، بحيث تتحوّل الرغوة المكوّنة في الأصل من فقاعات هواء محاطة بغلاف بروتيني في بيئة مائيّة، إلى فقاعات هواء محاطة بغلاف بروتينيّ صلب، فتصبح الرغوة صلبة بأكملها.

تتميّز الطريقة الإيطاليّة بتحضير شراب السكّر الساخن على حرارة 120 درجة، ثمّ تتمّ إضافته ببطء إلى رغوة البيض الطازجة، مع الاستمرار في الخفق برفق حتّى يبرد الخليط. تؤدّي إضافة شراب السكّر الساخن إلى زيادة صلابة وثبات البيض جزئيًا، وبالتالي استقرار الرغوة وزيادة كثافتها.

يوجد عدّة فوائد لتسخين الكريمة المخفوقة - فهو يسمح بإذابة كميّة أكبر من السكّر، يثبّت بنية الكريمة المخفوقة ويحفظها لفترة طويلة. وبالطبع، فإنّ تناول البيض المطهوّ آمن أكثر من تناول البيض النيّء. 

يمكن تحضير رغوة البيض بعدّة طرق، تشترك جميعها في قوامها الهشّ، وتستخدم في صنع العديد من الحلويات، مثل "الموس" بكافّة أنواعه، وتغليف الكعك، والمزيد. كلّ ما تبقّى هو دخول المطبخ، وصنع حلوى الكريمبو الشهيّة والمشهورة في الشتاء الإسرائيليّ. بالصحّة والعافيّة!

 

استجابة واحدة

  • 🦂

    🦂

    زاكي وشهي مممم