تشكّل الزبدة والبيض في عجينة هذه الفطيرة الفرنسيّة الرائعة تحدّيًا كبيرًا للخميرة (وللخبّازين)، لكنّ النتيجة تبرّر كلّ شيء. علم البريوش الناجح

تحكي الأسطورة عن ملكة فرنسا ماري أنطوانيت، أنّه عندما عانى رعاياها من الجوع وطلبوا الخبز، قالت "إذا لم يكن هناك خبز، فليأكلوا الكعك". على ما يبدو فإنّ القصة غير صحيحة، لكنّها كانت من بين العوامل الّتي حفّزت الثورة الفرنسيّة. على أيّ حال، هناك نوعان من الادّعاءات فيها: أوّلاً، يبدو أنّها حصلت منذ سنوات عديدة قبل الثورة. وثانيًا، لم تزوّدهم الملكة بالكعك، بل قالت: "دعوهم يأكلون البريوش".

البريوش هو خبز فرنسيّ طريّ للغاية وذو نكهة غنيّة. بخلاف الخبز العاديّ، تحتوي عجينة البريوش على كميّة كبيرة من الزبدة والبيض الّتي تمنحها ملمسًا ومذاقًا فريدًا. وصف الشيف جويل روبوشون البريوش بأنّه "خبز فاتح اللون ومنفوخ، ذو قوام ناعم وفقًا لكميّة الزبدة والبيض فيه". مع ذلك، فإنّ إضافة الزبدة الصلبة إلى عجينة الخمائر هي بمثابة تحدٍّ كبير، وللوصول إلى القوام المطلوب نحتاج إلى العزم، الصبر والوقت. يُساهم فهْمُ المبادئ العلميّة في تحضير البريوش الذهبيّ، الطريّ والمُعطّر (ذو الرائحة الزكيّة؟!).

הבריוש של דפנה | צילום: דפנה מנדלר
قوام طريّ وطعم غنيّ. بريوش دافنا  | تصوير: دافنا ماندلر

ماذا نحتاج؟

  • 500 غرام دقيق

  • ¼ ملعقة صغيرة ملح

  • 50 غرامًا من السكر

  • 1 ملعقة صغيرة من الخميرة (7 غرامات من الخميرة الجافّة أو 20 غرامًا من الخميرة الرطبة).

  • 3 بيضات

  • كوب حليب (240 مل)

  • 150 غرامًا من الزبدة

ومن أجل الخلط قبل الخبز نحتاج:

  • 1 صفار بيضة

  • 1 ملعقة صغيرة من الحليب

הרבה חמאה וביצים. מרכיבי המתכון | צילום: דפנה מנדלר
الكثير من الزبدة والبيض. مكوّنات الوصفة |  تصوير: دافنا ماندلر

ماذا نفعل؟

1- امزجوا جيّدًا في الخلّاط باستخدام أداة العجن كلًّا من الدقيق، الملح، السكّر والخميرة.

2- أضيفوا البيض والحليب واعجنوا لمدّة 4 دقائق في الخلّاط بسرعة منخفضة حتّى تمتزج جميع المكوّنات. استمرّوا في العجن لمدّة 5 دقائق أخرى بسرعة أعلى قليلاً. يجب أن تكون العجينة رطبة، لكن لا تلتصق بجوانب الوعاء.

3- قطّعوا الزبدة إلى مكعّبات صغيرة بطول سنتيمتر واحد وأضيفوها إلى العجين، مكعّبًا تلو الآخر أثناء العجن في الخلّاط. يجب أن تكون الزبدة بدرجة حرارة الغرفة. استمرّوا في عجن العجينة لبضع دقائق أخرى. سوف تصبح العجينة لاصقة للغاية.

4- غطّوا وعاء العجين بالنايلون اللاصق واتركوا العجين ليختمر في مكانٍ دافئ لمدّة لا تقلّ عن 1-1.5 ساعة- من الأفضل تركها لتختمر لمدّة 3-4 ساعات أو ترك العجينة لتختمر في الثلّاجة طوال الليل.

5- بعد أن تختمر العجينة، قوموا بعجن العجينة وتشكيلها على شكل قالب الخبز. يمكنكم أيضًا عمل كرات من العجين مثل خُبز الحمام وترتيبها في قالب. اتركوا العجينة تختمر لمدّة نصف ساعة أخرى على الأقلّ.

6- اخلطوا صفار البيض وملعقة صغيرة من الحليب وقوموا بدهنها بالفرشاة قبل الخَبز.

7- اخبزوها في الفرن المُجهَّز مُسبقًا على حرارة 170 درجة لمدّة 15-20 دقيقة. يتحوّل لون البريوش إلى اللون البنيّ بسرعة كبيرة؛ لذا يجب تغطيته بورق الألمنيوم قبل أن يتحوّل إلى اللون البنيّ تمامًا.

هناك العديد من الوصفات لصنع البريوش بكميّات مختلفة من الزبدة والبيض. من الممكن محاولة تغيير كميّة الزبدة والبيض ومعرفة كيف يؤثّر التغيير في قوام الخبز.

הבריוש של דפנה בדרך לתנור | צילום: דפנה מנדלר
يتطلّب الأمر الكثير من الصبر للتخمير. بريوش دافنا في طريقه إلى الفرن | تصوير: دافنا ماندلر

والآن، للجانب العلميّ !

البريوش هو نوع من معجّنات الخمائر الغنيّة بشكل خاصّ. يتكوّن من دقيق أبيض مع الكثير من الزبدة، البيض والحليب، وهو مزيج يمنحه قوامًا قطنيًّا وطريًّا بصورة خاصّة. العنصر المركزيّ هنا هو الزبدة.

يحتوي البريوش الّذي حضّرناه على 30 بالمائة من الزبدة (من وزن الدقيق في الوصفة)، لكن هناك أيضًا وصفات تحتوي على 50 بالمائة أو أكثر. تُصنع الزبدة من القشدة الّتي تحتوي على نسبة عالية من الدهون، والّتي تُعجن أو تُضرب (تُرَجّ بقوّة) حتّى يتمّ الحصول على مادّة صلبة، والّتي يتمّ فصلها عن السوائل المتبقيّة. النتيجة هي كتلة صلبة تحتوي على حوالي 80 في المائة دهون، وحوالي 17 في المائة ماء، وكذلك البروتينات والموادّ الصلبة الأخرى مثل الكالسيوم، الفوسفور والفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون D، A و E.

الزبدة عبارة عن مستحلب، أي مزيج من سائلين غير قابلين للامتزاج، مثل الماء والزيت، والّذَين تسمح لهما الموادّ المستحلبة بالاندماج معًا. القشدة الّتي تُصنع منها الزبدة عبارة عن مستحلب زيت- ماء، يعني قطرات صغيرة من الزيت منتشرة في الماء، لذلك فهي سائلة. من ناحية أخرى، الزبدة عبارة عن مستحلب عكسيّ- أثناء الخضّ، يتغيّر المستحلب إلى مستحلب ماء- زيت، يعني قطرات صغيرة من الماء في الزيت. في كلتا الحالتَين، تكون بروتينات الحليب هي المادّة المستحلبة الّتي تتوسّط بين الماء والزيت.

تحتوي الزبدة على أكثر من 120 مادّة تمنحها مذاقها الفريد، لكنّ المكوّنات الرئيسة هي الأحماض الدهنيّة الّتي تُصنع منها الزيوت والدهون. تنتمي الدهون إلى عائلة من الموادّ تُسمّى الليبيدات، والّتي لا تختلط بالماء. الزيوت سوائل في درجة حرارة الغرفة بينما الدهون صلبة.

בצק הבריוש | צילום: דפנה מנדלר
تمنح كميّة الزبدة الكبيرة العجينة قوامها الفريد- إذا اتّبعنا التعليمات. عجينة البريوش |  تصوير: دافنا ماندلر

كيمياء الزبدة

تحتوي الدهون والزيوت على بنية كيميائيّة مشتركة- فهي دهون ثلاثيّة، تتكوّن الليبيدات من هيكل ذي ثلاث ذرّات كربون ترتبط بها ثلاثة أحماض دهنيّة. الأحماض الدهنيّة عبارة عن سلاسل طويلة من ذرّات الكربون مرتبطة ببعضها البعض. عندما يكون هناك رابط واحد بين ذرّات الكربون، تُعتبر الأحماض الدهنيّة "مشبعة"، بينما عندما يكون هناك رابط مزدوج أو أكثر في سلسلة ذرّات الكربون، فإنّها تُسمّى الأحماض الدهنيّة "غير المشبعة".

قد تشكّل الأحماض الدهنيّة المشبعة بُنية كثيفة، وبالتالي تكون درجة حرارة انصهارها عالية وتكون صلبة بدرجة حرارة الغرفة. لا تستطيع الأحماض الدهنيّة غير المشبعة إنتاج بنية كثيفة وبالتالي تكون سائلة بدرجة حرارة الغرفة. تحافظ الأحماض الدهنيّة المشبعة على إبقاء الزبدة صلبة طالما لم يتمّ تسخينها.

تتميّز المخبوزات الّتي تحتوي على نسبة عالية من الدهون بطعم غنيّ وطريّ في الفمّ. بالإضافة إلى ذلك، أثناء الخَبز، تذوب الزبدة وتُعيد الدهون الموجودة فيها تنظيم نفسها بحيث تقوم بإحاطة فقاعات الهواء في العجين المنفوخ وتثبيتها. هذا هو السبب في أنّ خبز البريوش قطنيّ وهشّ بشكل خاصّ، كما أنّ فقاعات الغاز فيه صغيرة وموحّدة.

بالإضافة إلى ذلك، تعمل الدهون كمزلق دهنيّ. بعد أن تكوّنت شبكة الغلوتين، والّتي تمنح العجين المرونة الّتي تتميّز بها معجّنات دقيق القمح، تسمح الدهون لسلاسل الغلوتين بالتحرّك بسلاسة أكبر بالنسبة لبعضها البعض. النتيجة هي أنّ المعجّنات الغنيّة بالدهون تكون أكثر مرونة وبالتالي يسهل عجنها وتشكيلها. بعد الخبز، تبرد الدهون وتتصلّب حول فقاعات الغاز وتشكّل نوعًا من الطبقة الواقية الّتي تبطئ عمليّات الأكسدة مع الأكسجين في الهواء. هذا هو سبب بقاء البريوش طازجًا لفترة أطول من المخبوزات قليلة الدسم.

لطريقة إضافة الزبدة أهميّة كبيرة. نعجن أوّلًا جميع مكوّنات العجين معًا باستثناء الزبدة، ما يسمح لشبكة الغلوتين بالتشكّل في العجين. فقط عند نهاية العجن يمكنكم إضافة الزبدة؛ لأنّ الدهون تقوم بتشويش عمليّة إنتاج شبكة الغلوتين. بعد تكوين شبكة الغلوتين، تقوم الدهون بتغليف الغلوتين وتعطي العجين مرونة وطراوة. بالإضافة إلى ذلك، من المهمّ أن تكون الزبدة طريّة لكن ليست سائلة. تساعد الزبدة الطريّة في عجن العجينة، ولكن إذا كانت سائلة، فإنّ العجين سيصبح طريًّا جدًّا ولزجًا.

אינפוגרפיקה

بيضة تحمير الخُبز

يساعدنا البيض والحليب أيضًا في الحصول على خبز قطنيّ، طريّ وذهبيّ، ويُضاف كلاهما في بداية العجن. المكوّن الرئيس في البيض هو الماء، والّذي يساهم مع الحليب في ترطيب العجين.

للبيض عدّة أدوار مهمّة أخرى. تُضيف الدهون الموجودة في صفار البيض النعومة والهشاشة، بينما يتحوّل بياض البيض أثناء الخَبز إلى الحالة الصلبة ويساهم في قوام الخُبز. للبيض أيضًا تأثير كبير في عمليّة تحمير الخبز. تشارك البروتينات والسكريّات معًا في تفاعل ميلارد وهي مسؤولة عن اللون البنيّ الذهبيّ للخُبز. كلّما زادت كميّة البروتينات والسكريّات، زادت سرعة تحمير الخبز. نظرًا لأنّ عجينة البريوش تحتوي على قدر كبير من السكّر؛ فإنّها تميل إلى اللون البنيّ بسرعة ويوصَى بتغطيتها في مرحلة مبكّرة من عمليّة الخَبز.

بالصحّة والعافية! 

0 تعليقات