القيمة الغذائيّة والصحّيّة الغنيّة، التوازن المثاليّ بين الحلاوة والحموضة - ولماذا نعتقد أنّها فاكهة فقط. علم الفراولة.

حلّ الشتاء وامتلأت الأسواق بالطعام الأحمر الشهيّ الذي يُسمى فراولة. تجعلها رائحتها وطعمها الفريد من أكثر الفواكه شعبيّة في العالم. 

في الواقع، فإنّ الفراولة المألوفة لنا هي نتاج عمليّة تهجين عدّة أنواع من الفراولة البرّيّة، التي بدأت في منتصف القرن الثامن عشر. ما المميز في لون الفراولة، رائحتها وطعمها؟؟ أيّهما أفضل - الفراولة الكبيرة أم الصغيرة؟ ما هي الطريقة لمنع فسادها بسرعةٍ كبيرةٍ؟ سنقوم هذا الأسبوع بفحص كلّ هذه الأسئلة، بالإضافة إلى ذلك، سنقدّم لكم وصفة من المطبخ الإيطاليّ - "كروستاتا" الفراولة (كروستاتا في الإيطالية تعني فطيرة مخبوزة).

ماذا نحتاج؟

العجين:

  • ¼1 كوب من الدقيق  (180 غرام)

  • ½ ملعقة صغيرة من الملح

  • 1 ملعقة صغيرة من السكّر

  • ½ كوب زبدة باردة غير مملّحة، مقطّعة إلى مكّعبات

  • 2-4 ملاعق كبيرة من الماء المثلّج

الحشوة:

  • ¼ كوب من مربّى الفراولة

  • ½2 أكواب من الفراولة النظيفة والمقطّعة

  • 2 ملاعق كبيرة من السكّر

  • 1 ملعقة كبيرة من دقيق الذرة (نشا الذرة)

  • 1 ملعقة كبيرة من الحليب أو القشطة (الكريمة الحلوة)  

طريقة التحضير

  1. لصنع العجينة: نقوم بخلط الدقيق الملح والسكّر بواسطة محضّر الطعام أو الخلّاط. ثمّ نضيف مكعّبات الزبدة ونقوم بخلطها لمدّة 10 ثوانٍ أخرى، حتّى تتشكّل الفتات الخشنة.

  2. نخلط العجينة مجدّدًا بعد إضافة ملعقتين كبيرتين من الماء المثلّج. لما تتكوّن العجينة في كتلة كبيرة، نقوم بإضافة ملعقة إضافية من الماء المثلّج، وإذا لزم الأمر، نضيف الملعقة الرابعة أيضًا. يجب ألّا يستمرّ التحريك أكثر من نصف دقيقة.

  3. يجب تغليف العجين في النايلون اللاصق، وفردها قليلًا حتّى نحصل على شكل قرص، ومن ثمّ وضعها في الثلاجة لمدّة ساعة على الأقلّ.

  4. نرشّ العجينة بالدقيق ونضعها على سطح مرشوش بالدقيق. نقوم برقّ العجينة في اتّجاه واحد، نرفع العجينة ونقلّبها ربع لفّة ونرقّها مرّة أخرى. نستمرّ في رقّ العجينة بهذه الطريقة، حتّى نحصل على عجين دائريّ بقطر 30 سم وقطر 1 سم. إذا التصق العجين، نقوم برشّ القليل من الدقيق على السطح مجدّدًا.

  5. ننقل العجينة إلى قالب مغطّى بورق الزبدة، ونضعها في الثلاجة لمدّة 15 دقيقة.

  6. لصنع الحشوة: نضع المربّى في طبقٍ صغيرٍ ونسخّنه في الفرن الموجيّ "المايكرويف" لمدّة 10 ثوانٍ، ثمّ نخلطه جيّدًا. ندهن نصف كميّة المربّى على العجين. يجب ترك حوالي 2 سم من الهامش بدون الحشوة.

  7. نرتّب شرائح الفراولة فوق المربّى وندهن باقي المربّى فوقها. نخلط ملعقة كبيرة من السكّر مع دقيق الذّرة ونرشّها فوق شرائح الفراولة.

  8. نقوم بطيّ حواف العجينة فوق الفراولة بحيث تغطّي العجينة أطرافها. ندهن أطراف العجينة بالحليب، ونرشّ الكمّية المتبقّية من السكّر على الأطراف.

  9. تُخبز "الكروستاتا" في فرن مسخّن مسبقًا على 180 درجة مئوية، لمدّة 30-35 دقيقة أو حتّى تصبح العجينة ذهبيّة اللون وتنضج الفراولة. من المفضّل تبريدها حوالي نصف ساعة قبل التقطيع.

  10. عند التقديم، يمكن إضافة الكريمة المخفوقة أو البوظة.

בצק מרודד ותותים | Shutterstock, taranova oxana
وصفة من المطبخ الايطالي - "كروستاتا" الفراولة. عجينة مرقوقة وفراولة | ترانورفا اوكسانا، Shutterstock
 

والآن لننتقل للعلم

يطلِق علماء النباتات على الفراولة اسم "الثمرة المزيّفة". نباتيًّا، تنمو الفراولة نتيجةً لزيادة سمك وانتفاخ  تخت الزهرة (Receptacle) - الجزء المنتفخ من الساق الذي يحتوي على المبيض - والذي تنتظم حوله أوراق الزهرة، وتنمو عليه ثمار الفراولة الصغيرة الحقيقيّة، وهي عبارة عن النتوءات البنيّة أو الخضراء (تُدعى بالفقيرة - Achene) التي نراها على الثمرة. في الواقع، إنّ هذه النتوءات ما هي إلّا مبايض الزهرة وبداخلها بذرة، بالتالي، حسب التعريف، كلّ واحدة منها تُعتبر ثمرة. بكلماتٍ أخرى، فإنّ  الجزء الأحمر والسمين هو الركيزة التي تنمو عليها أزهار الفراولة، والثمرة هي النتوءات التي عليها - على غرار الطريقة التي تنمو بها مجموعات العنب في الكروم. بفضل هذا المبنى، فإنّ الفراولة غنيّة بالألياف، بالإضافة إلى أنّها تحتوي على كمّيّة كبيرة من فيتامين "سي" (Vitamin C).

الأنثوسيان (Anthocyanin)‏ تعطي الفراولة لونها الأحمر القويّ، وهي مجموعة كبيرة من الأصباغ القابلة للذوبان في الماء، الموجودة في الخلايا النباتيّة. تضمّ هذه المجموعة المئات من المواد المختلفة التي يتراوح لونها بين الأحمر والأزرق. يتمّ تحديد الكثير من ألوان الزهور، الفاكهة أو الأوراق في الطبيعة من خلال مزيج من جزيئات الأنثوسيان داخلها. لدى الأنثوسيان حساسيّة للأحماض، لهذا، فإنّها تميل إلى تغيير اللون اعتمادًا على البيئة التي تكون فيها: يكون لونها بنفسجيًّا في البيئة المحايدة، أمّا في البيئة القاعديّة، فيكون لونها أزرق، بينما يكون لونها أحمر في البيئة الحمضيّة. تُعتبر الأنثوسيان أيضًا من مضادّات الأكسدة القويّة، وقد تعطي الفراولة عددًا لا بأس به من الفوائد الصحيّة. 
 

عن الطعم والحجم 

يتمّ تحديد طعم الفراولة من خلال المزيج الصحيح من الحلاوة والحموضة. يعتمد الطعم على التوازن بين عدّة مواد. تحتوي الفراولة الناضجة على حوالي 90 في المائة من الماء، والباقي يتكوّن بالأساس من الجلوكوز، فركتوز (سكّر الفاكهة) والسكّريّات الأخرى. عندما تنضج الفراولة، يرتفع محتواها من السكّر من حوالي 5 في المائة في الفاكهة الخضراء غير الناضجة، إلى 6-9 في المائة بعد النضج. يعود مصدر الحموضة بالأساس إلى حمض الليمون (Citric acid)، والذي يوجد بشكل طبيعي في الفراولة. تقلّ الحموضة عندما تنضج الفراولة، ومع زيادة مستوى السكّر في الفاكهة، نحصل على فاكهة حلوة أكثر.

تتأثّر عمليّة النضج بشكل كبير بهرمون الأوكسين (Auxin). يزداد مستواه في الفراولة تدريجيًّا، وفي ذروته، يبدأ بتفكيك جدران الخلايا. نتيجةً لذلك، تصبح الفراولة الناضجة غضّة، حلوة الطعم وأكثر طراوة مقارنةً بالفاكهة القاسية غير الناضجة. تنبع رائحة الفراولة القويّة من مئات الجزيئات المتطايرة الموجودة فيها.

عند اختيار الفراولة فالحجم مهمّ. الفراولة الحمراء والكبيرة ملفتة للعين، لكنّها عادةً ما تكون عديمة الطعم نسبيًّا. وبشكل خاصّ، للفراولة الصغيرة طعم حلو جدًّا. ابتداءً من منتصف القرن الثامن عشر، خضعت الفراولة لعمليّات تدجين وانتقاء اصطناعيّ غيّرت خصائصها. من ضمنها، نمت الفراولة، لكن ليس بشكل موحّد - ازدادت كمّيّة الماء فيها نسبةً لكمّيّة النكهات، ولذلك ضعف طعمها. تحتوي الفراولة الصغيرة على كمّيّة أقلّ من السوائل، لكنّها تحتوي على كمّيّة مماثلة من النكهات لتلك الموجودة في الفراولة الكبيرة، لذلك يكون طعمها قوي أكثر. يفضّل المزارعون الفراولة الكبيرة، نظرًا لسهولة قطفها وحفظها بشكل أفضل أثناء الحصاد.

 אישה מורחת מי סוכר על פאי תותים | Shutterstock, Mikhaylovskiy
للفراولة الصغيرة، بشكل خاصّ، طعم حلو جدًّا. إمرأة تدهن القطر على فطيرة الفراولة| Shutterstock, Mikhaylovskiy
 

كيف نتأكد من عدم فساد الفراولة؟ 

على غرار الكائنات الحيّة الأخرى، تتكوّن الخضراوات والفواكه أيضًا من خلايا. تتضمّن الخليّة من غلاف خارجيّ يحتوي على سائل الخليّة. توجد داخل الخليّة مجموعة متنوّعة من الجزيئات والعضيّات المسؤولة عن الأداء السليم للخليّة. تُعدّ الفجوة العصاريّة (Vacuole) واحدة من العضيّات الفريدة للنباتات - وهي عبارة عن خزّان للسوائل الذي يشغل معظم حجم الخليّة، وهو مسؤول عن موازنة محتوى الماء في الخليّة.

لدى الفجوة العصاريّة عدّة وظائف في الخليّة. أحدها هي تنظيم ضغط الامتلاء (Turgur pressure)، الذي يشكّله على سائل الخليّة على جدار الخليّة، والذي يحدّد قساوة الفاكهة أو الخضار. على سبيل المثال، عندما تكون أوراق الخسّ طازجة وقاسية، تكون الفجوة العصاريّة مليئة بالسوائل والتي بدورها تضغط على جدار الخليّة، فتجعلها صلبة. أمّا عندما تفقد الفجوة العصاريّة السوائل، تفقد خلايا الخسّ حجمها وصلابتها، وتصبح الورقة طريّة، فتذبل. تمرّ الفاكهة بنفس العمليّة: عندما تتضرّر خلايا الفاكهة، يتسرّب الماء منها، ويقلّ ضغط الامتلاء فيها. بالنتيجة، تفقد الفاكهة قساوتها وتلين.

كما ذكرنا سابقًا، تُعتبر الفراولة ثمرة مزيّفة. أثناء النضج، تتوسّع الخلايا داخل الفراولة ويتمّ الحفاظ على بنية ثمار الفراولة بفضل ضغط محتوى الخليّة، التي تزيد من تراصّ الخلايا بين بعضها. عندما يقلّ هذا الضغط بسبب تبخّر الماء، تضعف بُنية الثمرة وتصبح طريّة وليّنة. لنفس السبب، لا يُنصح بتجميد الفراولة - تقوم عمليّة التجميد بثقب جدران الخلايا، وتفقد الفراولة بعض السوائل أثناء الذوبان.

تحدث عمليّة مماثلة عندما تتلف الفراولة لأسبابٍ أخرى. عندما تتلف الخلايا، تقوم الكائنات الحيّة الدقيقة مثل البكتيريا والفطريات باستهلاك السكّر المفرز منها. على غرار العديد من الفواكه، تُعتبر الفراولة حمضيّة، لذلك، لا يمكن للبكتيريا أن تتطوّر في الخلايا الصلبة، لكن يمكن للفطريات أنْ تزدهر. يكفي تلف طفيف، ليتسبب في تعفّن الفراولة.

يمكن أن يؤدّي التخزين الملائم إلى إبطاء العملية. من المهمّ الحرص على عدم وضع الكثير من الفراولة في علبة صغيرة، حتى لا يتمّ سحقها، ومن جهة أخرى، عدم وضعها بحرّيّة ممّا يسمح لها بإيذاء بعضها البعض عند اهتزاز سلّة التسوّق. درجة الحرارة مهمّة أيضًا. نظرًا لأنّ عمليّة نضج الفراولة تتوقّف بمجرّد قطفها، فمن المهمّ الحفاظ على الفراولة مبرّدة لإبطاء تبخّر الماء منها. تؤدّي درجة الحرارة المنخفضة أيضًا إلى إبطاء تكاثر الكائنات الحيّة الدقيقة، التي تؤدي إلى تعفّنها. كما يؤدّي تقطيع الفراولة إلى تقصير مدّة صلاحيّتها، لذا يجب تقطيعها قبل الاستخدام مباشرةً. بهذه الطريقة، يتمّ الحفاظ على قوامها بمرور الوقت.

كلّ ما تبقّى هو اختيار الفراولة (الصغيرة)، وتناولها طازجة أو مخبوزة، والاستمتاع بطعم الفراولة الحمراء ورائحتها.

بالصحّة والعافية!

 

0 تعليقات