لماذا نكرّر القلي مرّتين؟ أيّ حبّات البطاطا هي الأكثر مناسبة؟ ما هي درجة الحرارة المناسبة؟ ما أهمّيّة تجفيف البطاطا؟ العلم وراء تحضير الطّعام المقليّ الشّهيّ

رقائق البطاطا المقليّة الرّفيعة والهشّة ذات الرّائحة الجذّابة الّتي يصعب التّوقّف عن أكلها. تروي الأسطورة أنّ هذا الغذاء الشّهيّ كان قد وُلِدَ أصلًا في بلجيكا بجانب نهر الميز (Meuse) عندما بحثَ المواطنون هناك عن غذاءٍ بديلٍ لسمك البلامة المفضّل عليهم، ليأكلوه في الشّتاء عندما يتجمّد النّهر، إذ أخذوا يقطّعون البطاطا على شكل سمكة البلامة ويقلونها. تعدّدت الرّوايات حول ذلك، ولكن ما تهمّنا الآن  طريقة توظيف العلوم للحصول على رقائق البطاطا الهشّة الّتي سرعان ما تذوب داخل الفم.

סלסלת צ'יפס | צילום: eugena-klykova, Shutterstock

كيف نحصل على رقائق بطاطا محمّرة من الخارج وطريّة من الدّاخل بواسطة العلم؟ سلّة من رقائق البطاطا المقليّة | تصوير: eugena-klykova, Shutterstock

المُكوِّنات

  • بطاطا (يفضّل النّوع الغنيّ بالنّشا)
  • ملح
  • زيت للقلي العميق (زيت الكانولا أو زيت عبّاد الشّمس)

الطّريقة

  1. نُقَشر حبّات البطاطا ونُقَطِّعها قطعًا بالسُّمْك المرغوب. خذوا بالحسبان أنّ سُمْك القطع يؤثّر على المدّة الزّمنيّة للقلي الأوّل. 

  2. نُسَخِّن الزّيت إلى  150 درجة. إذا لم يتوفّر لديكم مقياس لدرجة الحرارة، يمكنكم معرفة درجة الحرارة المناسِبة عندما تتكوّن فقاعات صغيرة لطيفة عند إدخال البطاطا في الزّيت. نضيف البطاطا بحيث تغرق كلّها في الزّيت. من المهمّ ألّا نضيف قطعًا كثيرة من البطاطا لئلّا تنخفض درجة حرارة الزّيت. 

  3. تبدأ قطع البطاطا تطفو على وجه الزّيت بعد 8 - 10 دقائق ولمّا تحمرّ بعد. نخرجها من الزّيت وننقلها إلى قالب مُبَطّن بمناشف ورقية ماصّة.

  4. نُسَخِّن زيت القلي إلى 180 درجة تقريبًا (حيث تعلو فقاعات كبيرة متكاثفة من داخل الزّيت). نضيف البطاطا ونقليها حتّى الحصول على اللّون المرغوب.

  5. نرشّ قليلًا من الملح، وهنيئًا...

רצועות תפוחי האדמה בסוף הטיגון השני | צילום: reddees, Shutterstock

القلي مرّتين  أفضل من مرّة واحدة. قطع البطاطا بعد القلي الثّاني  | تصوير: reddees, Shutterstock

ما الّذي يؤثّر على لون رقائق البطاطا المقليّة وملمسها؟

نوع البطاطا: تختلف أنواع البطاطا حسب كمّيّة النّشا الموجودة فيها. نحصل على رقائق أكثر احمرارًا وهشاشةً من البطاطا الّتي تحتوي على كمّيّة أكبر من النّشا. 

التّجميد قبل وبعد القلي الأوّل: يُشكّلُ الماء حوالي ثمانين بالمئة من وزن البطاطا. الماء والموادّ الأخرى موجودة في خلايا البطاطا، وعندما تتجمّد ويزداد حجمها تتضرّر الجدران المتينة للخلايا.  تفقد البطاطا من قساوتها ويخرج الماء  منها عند ذوبانها. يتبخّر الماء بسهولة عند القلي فنحصل على رقائق أكثر هشاشةً.

الخَبْز بدلًا من القلي: بما أنّ الزّيت موصل ممتاز للحرارة مقارنة مع الهواء (الموصل الحراريّ داخل الفرن) تنضج البطاطا بسرعة عند قليها في الزّيت مقارنة مع خبزها في الفرن وتحمرّ بشكل أسرع لنفس السّبب. لكن، علينا أن نتذكّر أنّ الخبز في الفرن يُعدّ أكثر صحّيًّا من القلي. إذا أردنا تحضير الرقائق عن طريق الخبز يستحسن طبخها طبخًا أوّليًّا لتطرى قليلًا (يفضّل عمل ذلك داخل جهاز المايكروويف، وليس في الماء كي لا نعرضها للمزيد من الماء) ثمّ نغطّيها بطبقة دقيقة من الزّيت ونخبزها داخل الفرن.

 

מגוון זנים של תפוחי אדמה בשוק |  צילום: HMEDIA, Shutterstock

اِبحثْ عن الأنواع الغنيّة بالنّشا. أنواع البطاطا في السّوق| تصوير: HMEDIA, Shutterstock

العلم وراء رقائق البطاطا المقليّة

نبدأ بالبطاطا. توجد أنواع كثيرة من البطاطا في السّوق. كلّما احتوت البطاطا على كمّيّة أكبر من النّشا، حصلنا على رقائق هشّة من الخارج وطريّة من الدّاخل، وكان لونها ذهبيًّا بالقدر المناسب. 

تتكوّن حبّة البطاطا بشكل رئيسيّ من النّشا (حوالي 15%) والماء (حوالي 80%). لتليين البطاطا يجب طبخ النّشويّات بحيث تبقى كمّيّة كافية من الماء داخل حبّة البطاطا الّتي من شأنها أن تحافظ على ملمس طريّ، ونحتاج إلى درجة حرارة منخفضة نسبيًّا لهذا الغرض. علينا التّخلّص من الماء الموجود في الغلاف الخارجيّ لقطعة البطاطا لنجعله هشًّا، ويتطلّب ذلك درجة حرارة عالية. يجب أن تؤدّي عمليّة الطّبخ إلى نضوج القِطع من الدّاخل نضوجًا أساسيًّا لفترة طويلة، وإلى نضوج الغلاف بسرعة. يجب أن يتوفّر توازن بين مدّة الطّبخ ودرجة الحرارة كما في الكثير من عمليّات الطّبخ. تحمرُّ رقائق البطاطا من الخارج بسرعة، بينما لا يلين الجزء الدّاخليّ بالمقدار المناسب إذا كانت درجة الحرارة أعلى من المطلوب. ويلين الجزء الدّاخليّ ويبقى الجزء الخارجيّ بدون احمرار وقليل الهشاشة إذا كانت درجة الحرارة منخفضة. لذلك تُحَضَّر الرّقائق عادةً على مرحلتين: تعمل المرحلة الأولى على تليين الجزء الدّاخلي لقطع البطاطا، ونحصل على الهشاشة والاحمرار في المرحلة الثّانية. 

 

ما الّذي يحدث عند نضوج البطاطا خلال الطّبخ؟

النّشا الموجود في البطاطا بصورته الطّبيعيّة عسر الهضم ومذاقه سيّء. نحصل على المذاق المرغوب عن طريق تغيير مبنى النّشا بواسطة تسخين البطاطا. ترتفع درجة الحرارة عند التّسخين بشكل تدريجيّ 

من الخارج إلى الدّاخل، وتسخن الأجزاء الصّغيرة بشكل أسرع، كما يحدث في كلّ عملية نقل للحرارة. 

إحدى الطّرق لرفع درجة حرارة البطاطا هي عمليّة القلي. تهدف المرحلة الأولى إلى طبخ النّشا، ويتطلّب ذلك أن تكون درجة حرارة الزّيت عالية ولكن ليس عالية جدًّا (حوالي 150 درجة). ينضج النّشا في هذه الدّرجات من الحرارة بسرعة ويتبخّر الماء منه. غالبيّة الفقاعات الّتي نشاهدها داخل الزّيت عبارة عن بخار الماء. درجة الحرارة في هذه المرحلة ليست عالية بما يكفي لتحمير الشّرائح. الزّيت موصل ممتاز للحرارة (مقارنة مع الهواء مثلًا). تستمرّ هذه المرحلة ما يقارب عشر دقائق، ويتعلّق ذلك بسمك شرائح البطاطا. 

تحدث عمليّات كثيرة في هذه المرحلة، منها:

تليين البطاطا: يؤدّي ارتفاع درجة الحرارة إلى إضعاف "الصّمغ" الذّي يُلصِق الخلايا ببعضها البعض إلى أن تنكسر الخلايا بذاتها. يخرج الماء من الخلايا وتفقد شرائح البطاطا من قساوتها. تحدث تغييرات مشابهة على غالبيّة الخضروات أثناء الطّبخ.

طبخ النّشا: غالبيّة النّشا في البطاطا موجود داخل حبيبات. لا يذوب النّشا في الماء في درجة حرارة الغرفة إذ تكون الحبيبات الّتي تحتوي عليه متكاثفة وقاسية. تمتصّ هذه الحبيبات الماء عند تسخين البطاطا، ويؤدّي ذلك إلى تفكيك المبنى المتكاثف للنّشا. تنتفخ الحبيبات ويصبح حجمها أضعاف حجمها الأصليّ، ويتكوّن جيلي (جِل) طريّ أو شبكة إسفنجيّة من السّلاسل الطّويلة الممتلئة بالماء. ينجم عن ذلك كلّه ملمس ناعم. لا يتمّ نضج البطاطا عند الطّبخ  إلّا إذا أتاح المبنى الخلويّ دخول الماء ووصوله إلى النّشا كلّه أو غالبيّته. يخرج قسم من النّشا من داخل الحبيبات والخلايا في هذه المرحلة. يقوم النّشا الّذي يخرج من شرائح البطاطا بدور الصّمغ فيُكوّن ما يشبه غشاءً يغطّي السّطح الخارجيّ للشّرائح. هذه العمليّة ضروريّة للحصول على هشاشة الشّرائح، وهي تحدث في المرحلة الثّانية من القلي.

طريقة تقطيع البطاطا

طريقة التّقطيع الدّارجة والتّقليديّة هي الشّرائح الطّويلة طبعًا. يجب أن تخترق الحرارة شريحة البطاطا حتّى مركزها ليكون التّسخين ناجعًا. تنضج الشّرائح من الدّاخل بصورة متزامنة إذا كانت ذات سمك أكثر تجانسًا. من هنا، يمكن قلي شرائح البطاطا ذات أطوال مختلفة على أن يكون سمكها متشابهًا. كلّما كانت الشرائح أكثر سمكًا طالت مدّة القلي.

תפוחי אדמה ובטטה בצורות חיתוך שונות | צילום: Natalia Lisovskaya, Shutterstock

يؤثّر سُمك الشّرائح والتّجانس بالسّمك، بشكل خاصّ، على النّتيجة النّهائيّة لعمليّة القلي. أنواع من البطاطا مُقطّعة بعدّة أشكال| تصوير: Natalia Lisovskaya, Shutterstock

تطوير المذاقات الإضافيّة والتّحمير

إضافة لطبخ النّشا، يجب تجفيف شرائح البطاطا قليلًا بعد عمليّة القلي الأولى. كلّما كانت الشّرائح أكثر جفافًا سهلَ تحميرها في القلي الثّاني.

القلي الثّاني

تعمل مرحلة القلي الأولى، كما ذكر أعلاه، على طبخ شرائح البطاطا على امتداد طولها. يتبخّر قسم من الماء الموجود في البطاطا أثناء القلي الأوّل، ويدخل الزّيت إلى الفراغات الّتي تتكوّن نتيجة للتّبخّر فيتلامس الزّيت مع الخلايا الدّاخليّة في البطاطا. يتكوّن الغشاء النّشويّ، كما سبق وذكرنا، بحيث أنّه في المرحلة الثّانية من القلي عندما تكون درجة الحرارة أعلى (فوق 180 درجة) يفقد هذا الغشاء الماء الذّي على سطحه الخارجيّ بسرعة، ويتحوّل إلى غشاء هشٍّ، وينتج اللّون المميّز لرقائق البطاطا المقليّة بسبب حدوث تفاعل ماير (Maillard). تتفاعل الزّلاليّات (البروتينات) والسّكّريّات الموجودة في البطاطا في هذا التّفاعل، وتكوّن اللّون البنّيّ الخاصّ. تحدث عملية التّشحّم نسبيًّا بسرعة بفضل نجاعة نقل الحرارة عن طريق الزّيت السّاخن. 

وراء رائحة رقائق البطاطا المقليّة الطّريّة والسّاخنة، والقرمشة الهشّة بين الأسنان، والملوحة اللذيذة على اللّسان يقف العلم !

 

 

الترجمة للعربيّة: إبراهيم خالد مصالحة 
التدقيق والتحرير اللغوي: د. عصام عساقلة
الإشراف والتدقيق العلمي: رقيّة صبّاح أبو دعابس

 
 

0 تعليقات