تختلف البوظة المصنوعة من الفاكهة الصّفراء الطّريّة عن باقي الفاكهة، فإنّ قوام بوظة الموز مميّز، يذوب في الفم مثل البوظة الأمريكيّة ذات القوام القشديّ. لماذا؟ بفضل المكوّنات
تُذكَر الكثير عن الفوائد الصّحّيّة لتناول الموز. يعتبر الموز من أكثر الفواكه انتشارًا في العالم، وصُنِّف مؤخّرًا على أنّه رابع أهمّ محصول زراعيّ من النّاحية الاقتصاديّة، بعد الأرزّ، القمح والذّرة. عند النّظر بقيمته الغذائية، يمكن أن نفهم سبب كوْنه من أهمّ الأطعمة في العالم.
كلّ هذا معروف. لكنّ الأمر الأكثر مفاجأة هو انتشار مقطع فيديو عن بوظة الموز على منصّات وسائل التّواصل الاجتماعيّ. وفقًا لمنشِئيها، إنّ قوام الموز المهروس المثلّج يشبه إلى حدّ ما البوظة القشديّة المألوفة لنا. لذا شرعنا في اكتشاف العلم الّذين يكمن وراء الفيديو، وذلك بهدف فهم سبب القوام القشديّ للبوظة المصنوعة من الموز، في حين أنّ قوام البوظة المصنوعة من الفواكه الأخرى مائيّ وملائم لتحضير الشّربات (Sorbet). لكن أوّلًا، لنرى وصفة بوظة الموز.
ما الّذي نحتاجه؟
-
4 موزات ناضجة
-
⅓ (80 مل) كوب من القشدة الحلوة - يمكن استبدالها بالحليب للحصول على قوام أقلّ قشديّ
إضافات للاختيار (ممكن أكثر من واحدة): 50 غرامًا من رقائق الشّوكولاطة؛ 2 ملاعق كبيرة من زبدة الفول السّودانيّ؛ 2 ملاعق كبيرة من شراب القيقب؛ 50 غرامًا من اللّوز أو الجوز المفروم.
طريقة التّحضير:
-
نقوم بخلط القشدة والموز في الخلّاط أو محضّر الطّعام حتّى تصبح مزيجًا ناعمًا.
-
ننقل المزيج إلى وعاء ملائم للفريزر، ونخلط معه الإضافات الّتي اخترناها.
-
ننقل الوعاء إلى الفريزر طوال اللّيل.
قوام قشدي ومخمليّ. بوظة الموز المهروس بجانب الموز الطازج
والآن لننتقل للعلم
تشير كلمة "قوام" إلى الشّعور الّذي تنقله لنا حواسنا وعقلنا، حول الخصائص الفيزيائيّة للأسطح أو المواد. على وجه الخصوص، للقوام دور مهمّ في التّجربة الحسّيّة الشّاملة، والمتعة الّتي نحصل عليها من الطّعام الّذي نتناوله. تعتبر هذه هي إحدى الجوانب الأساسيّة الّتي تحدّد كيفيّة إدراكنا للأطعمة.
يؤثّر الإحساس النّاتج عن ملامسة الطّعام بواسطة اللّسان، الأسنان والحنك بشكل كبير على إدراك التّذوّق أيضًا. على سبيل المثال، قد يؤدّي التّفاح الطّازج أو البوظة القشدية إلى تعزيز تجربة تناول الطّعام بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يسهم القوام في التّوازن أو التّباين بين مكوّنات الأطعمة. يمكن أن يؤدّي جمع قوام الأطعمة المختلفة إلى تعزيز استمتاعنا بالطّعام، مثل عجينة الفطيرة المقرمشة وحشوتها النّاعمة، أو مكوّنات السّلطة المختلفة ذات القوام المتنوّع.
قد يشير القوام أيضًا إلى طزاجة وجودة الطّعام. عادةً ما تشير الخضراوات الغضّة القاسية، اللّحوم الطّريّة والصّلصات المتجانسة إلى مكوّنات عالية الجودة. لذلك، إذا كان القوام لا يتلاءَم مع خصائص طعام ما، من الممكن أن نعرف ما إذا كان هذا الطعام فاسدًا، مطهيًّا أكثر من اللّازم والمزيد.
لفهم سبب تشابه قوام بوظة الموز وبوظة القشدة المألوفة، يجب أن نفهم ما هو المشترك بينهما. من المهم بشكل خاصّ الانتباه إلى طريقة التّحضير، وخصائص المكوّنات في كلّ نوع من أنواع البوظة.
ينخفض محتوى النّشأ كلّما نضجت الثّمار، وبهذا يؤثّر على الطّعم والقوام. موز أخضر للبيع في سوق تايلاند | lakkana savaksuriyawong, Shutterstock
قوام قشديّ
تتكوّن معظم أنواع البوظة بشكل أساسيّ من الحليب، السّكّر والقشدة الّتي تحوي بشكل أساسيّ دهونًا وماءً. بشكل طبيعيّ، لا يختلط الزّيت والماء، لكن في القشدة والحليب يحدث شيء آخر. تتوسّط بروتينات الحليب بين الدّهون والماء وتشكّل مستحلبًا - محلول من الزّيت والماء وأحيانًا فقاعات الهواء أيضًا.
لجزيئات البروتين هذه جانبان - أحدها يرتبط بسهولة بالماء، أي محبّ للماء (Hydrophilic)، والجانب الآخر يرتبط بسهولة للدّهون ويعتبر كارهًا للماء (Hydrophobic). ينتج عن هذا الهيكل تكوين قطرات زيت صغيرة في الماء، محاطة بغلاف رقيق من البروتينات الّتي تعزلها عن الماء من حولها وعن بعضها. بهذه الطّريقة، تبقى الدّهون متناثرة في الماء. أثناء تحضير البوظة، يُضاف الهواء أيضًا إلى هذا المزيج، الّذي يتغلغل فيها بسبب عمليتيْ الخلط والخفق. هنا أيضًا، بروتينات الحليب هي الّتي تعمل على استقرار فقاعات الهواء، وتتركها داخل المستحلب. هذا المزيج المليء بفقاعات الهواء، الدهون والماء، هو ما يعطي البوظة قوامها القشديّ.
يعود قوام الموز القشديّ إلى مكوّناته، وعلى رأسها النشأ. يعتبر النّشأ عديد السّكاري، أي جزيء كبير يتكوّن من سلسلة طويلة من السّكّريات البسيطة مثل الجلوكوز. يختلف محتوى النّشأ في الموز تبعًا لنضج الثّمرة؛ يحوي الموز غير النّاضج على كمّيّة عالية من النّشأ، ممّا يمنحه قوامًا صلبًا. عندما ينضج الموز، تقوم الإنزيمات الموجودة بداخله بتفكيك النّشأ إلى سكّريات بشكل أساسيّ الجلوكوز، الفركتوز والسّكروز. تساهم هذه السّكّريّات، إلى جانب منتجات التّفكيك الأخرى، في القوام القشديّ للموز النّاضج.
تركيز السّكّريّات
يلين الموز عندما ينضج، لأنّ جزيئات السّكّر أصغر من جزيئات النّشأ، فتذوب بشكل أفضل في الماء. يتسبّب تفكيك النّشأ في تكوين سكّريّات أحاديّة، الّتي بدورها تزيد حلاوة الموز بشكل كبير. عندما ينضج الموز، يلين قوام الثّمرة، ويصبح مذاقها أحلى.
تلعب السّكّريّات الموجودة في الموز النّاضج دورًا مهمًا، ليس فقط في قوام الموز نفسه، ولكن أيضًا في تحديد قوام البوظة المصنوعة منه. تؤثّر كمّيّة بلورات الثّلج المتكوّنة أثناء التّجميد، على القوام النّهائيّ للبوظة. تحوي البوظة الجيّدة أقلّ عدد ممكن من البلّورات، والّتي تكون صغيرة قدر الإمكان.
يلعب السّكّر دورًا في تقليل كمّيّة بلورات الثّلج، في كلّ من البوظة القشديّة التّقليديّة والبوظة المصنوعة من الموز. كما ويقلّل السّكّر من درجة تجمّد الماء، لذلك تبدأ البوظة في التّجمّد بدرجة حرارة منخفضة أكثر، وبالتّالي تتشكّل بلورات ثلجيّة أقلّ أثناء التّجميد. يذوب السّكّر في الماء الموجود في الخليط، ويتحوّل إلى شراب لا يتجمّد، ولكنّه يبقى سائلًا شديد اللّزوجة داخل الخليط، ويعطيه ملمسًا أنعم وأقلّ صلابةً.
تحوي بوظة الموز كمّيّة كبيرة من السّكّريّات، والّتي تختلف بحسب مدى نضج الموز وكيفيّة نموّه. لذلك، عندما تتجمّد البوظة، فإنّ معظم الماء الغنيّ بالسّكّر في الفاكهة يبقى سائلًا، بينما يشكّل الباقي بلّورات ثلجيّة صغيرة. ينتج عن ذلك بوظة ناعمة مشابهة لقوام البوظة التّقليديّة. يمكن الاستمرار في تحسين مذاق البوظة، عن طريق إضافة الزّبادي أثناء التّحضير، أو استخدام مواد التّحلية الإضافيّة، مثل العسل أو السّكّر، والّتي تعمل على تحسين المذاق والقوام.
في أمريكا الجنوبيّة وأماكن أخرى من العالم، ينتشر استخدام أصناف الموز الّتي تسمّى بلانتين (Plantain) أو بلاتنو (plátano) على نطاق واسع، وتعمل كمكوّن أساسيّ في النّظام الغذائيّ للسّكّان. يجب طهي موز البلاتنو قبل الأكل، لأنّه غنيّ بالنّشويات، الّتي لا تتفكّك بسهولة إلى سكّريّات بسيطة. لهذا يبقى الموز قاسيًا حتى يُطهى. يعتبر موز لبلاتنو "قنبلة طاقة" صفراء، نظرًا لثرائها في العناصر الغذائيّة والفوائد الغذائيّة. في بلادنا، يستهلك الموز كفاكهة، وأحيانًا كحلوى لذيذة في نهاية الوجبة. وكما رأينا، بفضل قوام الموز وحلاوته، يمكن صنع بوظة ناعمة ولذيذة منه أيضًا. بالصّحّة والعافية!