يُكسِبُ المبنى الكيميائي المايونيز، كما الكثير من الصلصات، مَلمسًا مميزًا. طريقة تكوّن الصّلصات المستحلبة ومنع تفكّكها

يكتنف الغموض المطابخ الوافرة أسرارها. تعمل التّغيّرات الفيزيائيّة والتّفاعلات الكيميائيّة على تغيير طعم وملمس المواد الخامّ، من البصل المُقَلّب مرورًا باللّحمة المُحمّرة  حتىّ الكعكة المخبوزة. تتأثّر هذه التّفاعلات ونجاحها بالعديد من العوامل الّتي تصعب السّيطرة عليها. والمايونيز هو مثال على ذلك. تعتمد صلصة المايونيز رائجة السّيط على البيض ويتجلّى فيها كيف يؤدّي العلم دورًا جوهريًّا في الحياة اليومية.  

دعونا أوّلًا نعرض وصفة المايونيز - والصّلصات أولي وهولاندز

المايونيز

المُكوّنات

  • ملعقتان من عصير اللّيمون

  • صفار واحد من بيضة كبيرة - في درجة حرارة الغرفة

  • ½ ملعقة من الخردل

  • ¼ ملعقة صغيرة من الملح

  • ¼1 كأس من زيت الكانولا

الطريقة

  1. نضع جميع المواد، ما عدا الزّيت، في الخلاط الكهربائيّ ونُشغّله لمدّة دقيقة واحدة.

  2. نضيف الزّيت ببطء من خلال فتحة الغطاء. يجب أن تكون الإضافة بطيئة جدًّا وتدريجيّة. يمكن سكب ما تبقّى من كمّيّة الزّيت بسرعة أكبر عندما نلاحظ أنّ الخليط بدأ يكتسب لزوجةً مع إضافة نصف الكمّيّة تقريبًا. 

  3. يمكن إضافة الملح حسب المذاق المرغوب. يُنقل الخليط إلى وعاءٍ مناسب ويُحفظ في البراد.

جزء من المواد اللّازمة لتحضير المايونيز البيتي | تصوير: ffolas, Shutterstock
مُكوّنات بسيطة. جزء من المواد اللّازمة لتحضير المايونيز البيتي | تصوير: ffolas, Shutterstock

صلصة الأيولي

المُكوّنات

  • ملعقتان من عصير اللّيمون 

  • صفار واحد من بيضة كبيرة - في درجة حرارة الغرفة

  • 2 فصوص مقطّعة من الثوم

  • ¼ ملعقة صغيرة من الملح

  • ملعقتان صغيرتان من الماء

  • ¼1 كأس من زيت الكانولا

الطّريقة

نفس طريقة تحضير المايونيز وتبديل الخردل بالثّوم.

صلصة الأيولي | تصوير: nadianb, Shutterstock
مثل المايونيز، الثّوم بدلًا من الخردل. صلصة الأيولي | تصوير: nadianb, Shutterstock

صلصة هولاندز

المُكوّنات

  • ملعقة واحدة من عصير اللّيمون

  • 3 صفار البيض

  • ملعقة صغيرة من الخردل

  • ¼ ملعقة صغيرة من الملح

  • ½ كأس من الزبدة (120 غرام)

  • القليل من مسحوق الفلفل الحار (ليس إلزاميًّا)

الطريقة

  1. نُسَيّح الزبدة داخل الميكروويف لمدّة دقيقة حتّى تصبح سائلًا حارًّا.

  2. نضع جميع المواد ما عدا الزّبدة في الخلّاط الكهربائيّ ونشغّله على السّرعة العالية لمدّة خمس ثوانٍ.

  3. نبدأ بإضافة الزّبدة السّائلة بعد خمس ثوانٍ بانسياب رقيق وببطء.

  4. ننقل الصّلصة إلى وعاء مغلق.

صلصة هولاندز| تصوير: valkyrielynn, Shutterstock
ماذا يحدث عند تبديل الزّيت بالزّبدة؟ صلصة هولاندز| تصوير: valkyrielynn, Shutterstock

العلم من وراء الصلصات 

يُكسبُ ملمس صلصات المايونيز والهولاندز والأيولي والفينيجريت أيضًا، والإحساس اللّطيف في الفم عند المذاق شعبيّةً كبيرة في المطاعم والمطابخ البيتيّة. تُعدُّ هذه الصّلصات مستحلبات من النّاحية العلميّة، الأمر الّذي يجعلها قليلة الثّبات وتميل مُكوّناتها إلى الانفصال عن بعضها البعض. يمكن تجنّب هذا الانفصال غير المرغوب إذا تعرّفنا على العلم الّذي يقف وراء تكوّن المستحلبات.

ما هو المستحلب؟ هو خليط متجانس من مادّتين سائلتين لا تختلطان معًا في الحالة الاعتياديّة. مثال على ذلك هو خليط الزّيت والماء. يمكن نثر قطرات من الزّيت في سائلٍ مائيّ للحصول على يخنة أو صلصة أكثر لزوجة. تعمل قطرات الزّيت على إبطاء حركة جزيئات الماء وينتج خليط دسم لزج يُسمّى مستحلبًا (emulsion). توجد مستحلبات طبيعيّة مثل الحليب وصفار البيض، أمّا الصّلصات الّتي نحن بصددها فهي مستحلبات من صنع أيادينا.

يجب إضافة مُكوّنات المستحلب أحدهما إلى الآخر ببطء، مع الخلط. تتناثر قطرات الزّيت الصّغيرة داخل الماء في غالبيّة المستحلبات، وتوجد مستحلبات تتناثر فيها قطرات من الماء داخل الزّيت. سنتطرّق هنا إلى النّوع الأوّل، وهو الأكثر رواجًا.

يجب بذل الطّاقة في عمليّة تحضير المستحلب لأنّ السّوائل الّتي لا تختلط فيما بينها بسبب خواصها الكيميائيّة تبقى منفصلة عن بعضها، وتنتظم بشكل يكون فيه سطح التّلامس بينها أدنى ما يمكن. تُسمّى هذه الظّاهرة بالتّوتّر السّطحيّ. يجب بذل الطّاقة من أجل تكوين قطرات صغيرة من السّائل الّذي نريد اختلاطه بالسّائل الرّئيسيّ والتّغلّب على التّوتّر السّطحيّ ما بين السّائلين ونثر أحدهما في الآخر بشكل متجانس. تكون الصّلصة أكثر لزوجةً ودسمًا عندما تكون القطرات أصغر فيصعب اتحادها من جديد.  فلهذا السبب، يجب خلط المكوّنات بسرعة فائقة عند تحضير المايونيز. تؤدّي عملية خلط ملعقة من الزّيت خلطًا سريعًا داخل سائل معظمه ماء إلى تفكيك الزّيت إلى ما يقارب 30 مليار قطرة صغيرة جدًّا!

تتكوّن القطرات الصّغيرة بفضل الصّفتين الفيزيائيّتين التّاليتين: الصّفة الأولى هي لزوجة السّوائل: تميل قطرات الزّيت اللّزجة إلى التّجاذب فيما بينها فيزداد حجمها فتنفصل السّوائل عن بعضها البعض. أمّا إذا خُلط القليل من الماء بالزيت، تتكوّن قطرات صغيرة من الماء قليل اللّزوجة و نحصل على سائل عكر وتطول مدّة انفصال السّوائل عن بعضها. لذلك فإنّه من المفضّل، عند تحضير الصّلصات الّتي تعتمد على المُكوّنات الساّئلية من الزّيت والماء، البدء بالمكوّنات المائيّة وخلطها جيّدًا، ثمّ تضاف المادّة الزّيتيّة ببطء. 

أمّا الصّفة الثّانية الّتي تساهم في تكوّن المستحلب فهي وجود المواد المُستَحلِبة. تتكوّن المواد المُستحلِبة من جزيئات لها جانب "يحبُّ الماء" (هيدروفيلي) وجانب يجيد الاتّصال بالزّيوت و"ينفر" من الماء (هيدروفوبي). يرتبط الجانب الهيدروفوبي من جزيئات المادّة المُستحلِبة بقطرات الزّيت الصّغيرة ويرتبط الجانب الهيدروفيلي بجزيئات الماء المجاورة له. تُحاط قطرات الزّيت نتيجةً لذلك بالمادّة المُستحلِبة الّتي تُشكّلُ فاصلًا بينها وبين الماء وتمنعها (قطرات الزيت) من الاتّصال ببعضها من جديد وتبقى متناثرة داخل الماء. الليتسيتين الموجود في صفار البيض و البكتين الموجود في الخردل هما موادٌّ مُستحلِبة. 

يتّصف مستحلب الزّيت والماء بالتعكّر. يمكن تشبيه التّغيّر في مرور الضّوء من خلال السّائل عند تحّوله إلى مستحلَب بكيفيّة مرور الضّوء من خلال شبّاك زجاجيّ. يمرّ الضّوء من خلال الزّجاج الكامل غير المكسور ولا يعيقه شيء فيكون الزّجاج شفّافًا، وتصعب الرّؤية من خلال الزّجاج المتصدّع  وتُحجب الرّؤية من خلاله إذا زاد تصدُّعه. يمرّ الضّوء من خلال الزّيت المتكامل المتجانس الصّافي، ويتبعثر الضّوء عندما يصطدم بقطرات الزّيت الصّغيرة المتناثرة داخل المستحلب ويفقد هذا من شفافيّته. 

الطّريقة المُثلى لتحضير الصّلصات المستحلبة

القواعد الأساسيّة لتحضير الصّلصات المستحلبة هي:

  1. خلط المكوّنات الّتي تقبل الاختلاط بالماء والمواد المُستحلِبة أوّلًا ثمّ إضافة الزّيت السّائليّ.

  2. إضافة الزّيت السّائل رويدًا رويدًا وخلط المواد بشدّة باليد أو بالخلّاط الكهربائيّ. يمكن الإسراع في إضافة الزّيت بعد تكوّن المستحلب وازدياد لزوجة الصّلصة.

  3. يجب أخذ النّسبة بين كمّيّات السّوائل بعين الاعتبار. تزداد إعاقة حركة الماء مع ازدياد قطرات الزّيت المتناثرة في السّائل المائيّ وتزداد لزوجة الخليط إلى حدٍّ معيّن. يتّخذ الخليط ملمس المايونيز عندما يصبح حجم الزّيت ثلاثة أضعاف حجم المكوّنات المائيّة. تصل لزوجة المايونيز القدر الّذي يكفي للاحتفاظ بشكله عندما يزيد حجم الزّيت عن خمسة أضعاف المكوّنات المائيّة. يمكن زيادة كمّيّة الزّيت للحصول على القدر المرغوب من اللّزوجة.

  4. ينفصل الزّيت عن الماء إذا وضعنا المايونيز في التّجميد. تتكوّن بلورات جليديّة خلال عمليّة التّجميد وتتكوّن بلورات صلبة منفصلة من الزّيت. تلتقّف بلورات الزّيت المتجمّدة قطرات الزّيت الّتي لم تتجمّد بعد، ولا تعود هذه القطرات لتختلط بالماء عند تذويب المايونيز المتجمّد. 

نصائح إضافيّة مفيدة

ما الّذي يمكن عمله إذا انفصل زيت الصّلصة عن مائها أو إذا لم يكن المنتوج كما أردناه؟

يصعب تحضير المايونيز في المنزل، لكنّ المايونيز البيتيّ يعلو على المايونيز المُصنّع بدرجات. يمكن ملاءَمة المايونيز البيتيّ لأيّ مذاق نحبّ. تنجلّي الصّعوبة عندما نفهم أساس العمليّة العلميّ ويسهل معها تحضير المايونيز وصلصات شهية أخرى دسمة الملمس.

صحتين وعافية!

0 تعليقات