بضع بيضات، خفق شديد متواصل - ونحصل على عِجّةٍ طريّة ناعمة. كيف يحصل ذلك؟ هل في الأمر سحر؟ إنّه العلم!

مَنْ منّا لا يحبّ العجّة الطّريّة والسّاخنة؟ علمًا بأنّ تحضيرها هو الأسهل من بين المأكولات المختلفة. قد يكون هذا هو السّبب في وجود عشرات الطّرق لقلي البيض، إذ نجد لكلّ طبّاخة وطبّاخة (طاهٍ، طاهية) طريقة مفضّلة خاصّة به.  اِخترنا لكم، اليوم، طريقة لتحضير عجّة منتفخة، نتعرّف من خلالها على عِلم خفق البيض، وصولًا إلى تناول طعام شهيّ يكاد يذوب على اللّسان.

الأدوات

  • خلّاط لخفق البيض
  • 2 صحن (زُبْديّة،  طبق…)
  • مقلاة مع غطاء 

الموادّ

  • 5 بيضات فُصل صفارها عن بياضها (يمكن أن تكون الكمّيّة أقلّ بشرط أن تكفي لخفق البياض والصّفار) 
  • ملعقتان صغيرتان من الزّبدة أو الزّيت.
  • رشّة ملح
  • رشّة فلفل أسمر

الموادّ والأدوات - الأواني المطلوبة لوصفة تحضير العجّة | تصوير: دفنا مندلر
الموادّ والأدوات - الأواني المطلوبة لوصفة تحضير العجّة | تصوير: دفنا مندلر

طريقة التّحضير 

1. يُفصل البياض (الزّلال) عن الصّفار ويوضع كلّ منهما في صحن منفرد. نحتاج لثلاثة صفارات - يمكن الاحتفاظ بالصّفارين الآخرين لاستعمالات أخرى. 

2. يُخفق الصّفار حتّى يصبح مزيجًا متناسقًا شاحبًا ويوضع جانبًا.

مزيج الصّفار  داخل الصّحن  | تصوير: دفنا مندلر
مزيجٌ متجانس لونه شاحب . مزيج الصّفار  داخل الصّحن  | تصوير: دفنا مندلر

3. يُنقل البياض (الزّلال) إلى طبقٍ كبير ويُخفق حتّى يصبح زبدُهُ (الرّغوة) متينًا - صلبًا، ويكبر حجمه بثلاثة أضعاف حجمه الأصليّ.

4.  يُطوى مخفوق الصّفار داخل مخفوق البياض بحذر بالغ حتّى اندماجها معًا.

علامَ خرجت الرّغوة (الزّبد)؟ البياض (الزّلال) المخفوق داخل طبق الخلّاط | تصوير: دفنا مندلر
علامَ خرجت الرّغوة (الزّبد)؟ البياض (الزّلال) المخفوق داخل طبق الخلّاط | تصوير: دفنا مندلر

5. يُدهن  قاع مقلاة متوسّطة الحجم بالزّيت أو الزّبدة وتُسَخّن تسخينًا معتدلًا. يُصبُّ خليط البيض في المقلاة بحيث يغطّي قاعها بالكامل. تُغطّى المقلاة بغطاء مناسب ويستمرّ التّسخين على لهب متوسّط لمدّة 5 - 10 دقائق حتّى تتصلّب (تقسو) الطّبقة العليا من الخليط.

6. يُزال الغطاء ويضاف الملح والفلفل حسب الطّعم المطلوب، ثمّ تُنقل العجّة إلى الصّحن. 

العجّة الجاهزة | تصوير: دفنا مندلر
أكلة لذيذة تكاد تذوب فوق اللّسان. العجّة الجاهزة | تصوير: دفنا مندلر

بالصّحة والعافية!

مهلًا: هيّا بنا نُجرِ تجربة

إذا أردتَ أن تفحص كيف يؤثّر الخفق على العِجّة، قم بقليِّ عجّتين: الأولى حسب ما تمّ وصفه أعلاه، والثّانية بدون خفق البيض. قارنْ بين حجم العجّتين. هل هو مختلف؟ يمكنك أيضًا تغيير النّسبة بين كمّيّة  الصّفار وبين كمّيّة البياض (الزّلال) والمقارنة بينهما. 

إذا رغبت بالمزيد من العجّة، يمكنك أن تغيّر من مدّة الخفق لترى تأثير ذلك على انتفاخ العجّة. هل يوجد لذلك حدّ أقصى؟ أو حاول أن تقلي العجّة مع أو بدون غطاء، هل هناك فرق؟

العلوم من وراء العجّة المنتفخة

 المفتاح لملمس العجّة المنتفخة هو الرّغوة، وهي مجموعة فقاعات غازيّة محصورة داخل سائل (أو مادّة صلبة مثل البوليستيرين - الستايروفوم) تعمل مادّة بينها على تثبيتها وتغليفها. يشبه ذلك بالونات صغيرة تحفظ الهواء بداخلها وتنفخ الرّغوة.

في رغوة ثابتة تكون الفقاعات صغيرة لدرجة تعيق اندماجها معًا فتبقى متناثرة. القاسم المشترك للموادّ الّتي تثبّت الفقاعات هو مبنى جزيئاتها. لهذه الجزيئات طرفان (وجهان): طرف يحبّ الماء (هيدروفيلي)، وطرف يكره الماء (هيدروفوبي). تتّجه الأطراف الهيدروفوبيّة نحو الهواء داخل الفقاعة، وتتّجه الأطراف الهيدروفيليّة نحو السّائل الّذي غالبًا ما يحتوي على ماء. وهكذا تتكوّن فقاعات مغلّفة بجزيئات تتوسّط بين الماء والهواء.

ما علاقة ذلك بالبيضة؟ زلال (بياض) البيضة هو خليط مكوّن من الماء بشكل رئيسيّ (90 %)، والباقي زلاليّات (بروتينات) متناثرة داخل الماء على شكل كريات صغيرة. داخل البروتينات توجد مناطق محبّة للماء ومناطق كارهة للماء. لذلك، عند تواجدها داخل محلول مائيّ قسم يتّجه نحو الماء، وقسم يتّجه نحو الدّاخل إلى الزّلال ذاته، وهكذا تتّخذ البروتينات شكلًا كرويًّا.

خلال الخفق يتمّ إدخال هواء إلى خليط الماء والبياض. يؤدّي الخفق المتواصل والشّديد إلى عمليّتين: الأولى، جزيئات البروتين تنحلّ وتنفتح، فتتحوّل إلى سلاسل طويلة متشابكة دون نظام. عند إدخال هواء - وهو أيضًا لا يرتبط مع الماء - إلى الخليط خلال عمليّة الخفق، يلتقي مع هذه السّلاسل، فتتّجه أجزاؤها الهيدروفوبيّة نحو الهواء، في حين تتّجه الأجزاء الهيدروفيليّة نحو جزيئات الماء في الخليط. هكذا يتكوّن غلاف بروتينيّ يغلّف فقاعات الهواء ويُلصقها بالماء. وهذه هي الرّغوة. الصّمغ (الغراء) الّذي يُلصِق الهواء مع الماء داخل مبنى واحد هو الرّغوة.

ماذا بخصوص صفار البيض؟ بخلاف البياض، يحتوي الصّفار على دهنيّات أكثر وبروتينات أقلّ. تمنع الدّهنيّاتُ، في الصّفار، البروتيناتِ من الحركة الحرّة وفقدان مبناها الكرويّ وانفتاحها. ولذلك، خلال الخفق يقلّ ارتبط جزيئات الهواء مع الخليط الأصفر. من هنا ينبع الفرق في الحجم، خلال الخفق، بين البياض والصّفار: إن أردنا الحصول على عجّة منتفخة أكثر، يجب أن نستعمل كمّيّة بياض أكثر من كمّيّة صفار.

تجدر الإشارة إلى أنّه في حال تُركت الرّغوة دون استعمال لفترة طويلة، فسوف "تنكسر" وتدريجيًّا تعود لوضع مشابه لوضعها الأوّل، أي أنّ البروتينات تنطوي وتكوّن شكلًا كرويًّا. يؤدّي التّسخين إلى تثبيت المبنى المنتفخ للبروتينات. تغطية المقلاة يؤدّي إلى انتشار أفضل للحرارة، وهكذا تتصلّب (تقسو) البروتينات الموجودة في الجزء العلويّ من العجّة.

0 تعليقات