النسبة العالية من الدهون غير المشبعة تجعل من الأفوكادو ضيفًا مُرحّبًا به على مائدة الطعام. وأيضًا: متى وكيف ينضج؟ والسؤال الأهمّ: هل هو فاكهة أم خضار؟

الأفوكادو هو فاكهة شهيرة ومتعدّدة الاستخدامات، وجد طريقه إلى مطابخ البيوت والمطاعم في تشكيلة متنوّعة من طرق التحضير والتقديم: مع إضافات أو بدون، كمركّب في صلصة أو في سلطة أو حتّى في السوشي. توجد للأفوكادو قصّة علميّة شيّقة نرويها، بسبب تركيبته الغذائيّة الفريدة وفوائده الصحّيّة. فهم العِلم الّذي يقف وراء ثمرة الأفوكادو يفسّر سبب كونها تحظى بكلّ هذا التقدير الكبير من قِبل خبيرات وخبراء التغذية، وما الّذي يجعلها جزءًا مهمًّا في العديد من الأنظمة الغذائيّة.

محتوى الدهون في الأفوكادو وأهميّتها لعمليّات الاستقلاب في الجسم تفسّر جيّدًا وبشكل خاصّ السمعة الّتي اكتسبها الأفوكادو كغذاء فائق الجودة. كما سنتحدّث أيضًا عن استخداماته في المطبخ، لكن دعونا أوّلاً نستمتع بوصفة لذيذة لرقائق الأفوكادو.


ما الّذي يُعدّ فاكهة وما الّذي يُعدّ خضارًا؟ من اليمين: الفواكه. من اليسار: نسمّيها خضارًا، لكنّ بعضها فواكه حسب علم النبات | Triff, Shutterstock

ماذا نحتاج؟

  • كوب من البانكو (85 غرامًا؛ بالإمكان أيضًا استخدام فتات الخبز)

  • 3 حبّات أفوكادو ناضجة لكن صلبة (500 جرام)

  • بيضة كبيرة

  • ½ ملعقة صغيرة من الملح

  • ½ ملعقة صغيرة من مسحوق الثوم

  • ملعقتان كبيرتان من زيت الزيتون عالي الجودة (30 مل)

صلصة الفلفل الحارّ (التشيلي):

  • ½ كوب من المايونيز

  • ¼ كوب زبادي أو جبنة بيضاء

  • 2 فلفل حارّ (تشيلي)- (بالإمكان وضع أيّ معجون حارّ آخر)

  • ملعقتان كبيرتان من عصير الليمون

طريقة التحضير

  1. في وعاء متوسّط ​​الحجم، اعجنوا البانكو بأيديكم قليلًا، ثمّ قوموا بإضافة الملح ومسحوق الثوم وزيت الزيتون وامزجوها معًا. اخلطوا جيّدًا حتّى يصبح الخليط متجانسًا.

  2. قشّروا الأفوكادو بالقشّارة. اقطعوا كلّ حبّة إلى نصفَين، ثمّ كلّ نصف إلى أربعة أجزاء، بحيث تُقسم كلّ حبّة أفوكادو إلى ثماني قطع. اخفقوا البيضة قليلًا، اغمسوا فيها جميع قطع الأفوكادو الثماني وغطّوها مباشرة بخليط البانكو.

  3. ضعوا شرائح الأفوكادو في سلّة المقلاة الهوائيّة (Air fryer) أو على ورق الخبز في الفرن واخبزوها على حرارة 180 درجة مئويّة، حتّى تصبح الرقائق مقرمشة وذهبيّة.

  4. لتحضير الفلفل الحارّ: ضعوا جميع مكوّنات الصلصة في الخلّاط واطحنوها جيّدًا.


غنيّ بالقِيم الغذائيّة والسعرات الحراريّة. رقائق الأفوكادو المغطّاة بالبانكو | Chun Chi Chen, Shutterstock

والآن إلى العلم

يتعامل الكثيرون مع الأفوكادو على أنّه من عائلة الخضار، ولكن من ناحية علم النبات فهو فاكهة. تتشكّل الفواكه من أزهار النبات، وبالأساس من المبايض الّتي تغلّف بذور النبات الآخذة بالنموّ. عادة ما تكون حلوة ويمكن أكلها نيئة أو مطبوخة. تعتبر جميع الأجزاء الأخرى للنبتة، والّتي لا تحوي البذور والحبوب- كالسيقان والجذور والدرنات والأوراق وبراعم الزهور- خضروات. بشكل عامّ لا تكون حلوة بالتحديد، وبالإمكان أكلها نيئة أو مطبوخة.

تمرّ الفواكه بأربع مراحل تطوّر واضحة أثناء رحلة نضوجها. عادة ما تبدأ الثّمرة طريقها أوّلًا من تخصيب البويضة الموجودة في مبايض الزهرة، بواسطة حبوب اللقاح الذكريّة. بعد التخصيب، يبدأ إنتاج الهرمونات المعزِّزة للنموّ، والّتي تؤدّي إلى توسيع جدار مبيض الزهرة. هناك فواكه خالية من البذور، مثل الموز، يمكنه أن ينمو من دون تخصيب. في المرحلة الثانية، وهي أقصر مرحلة، تبدأ الخلايا الموجودة في جدار المبيض بالتكاثر. الجزء الأكبر من نموّ الثمرة يحصل في المرحلة الثالثة، حيث تنمو الخلايا وتكبر بسبب تراكم السوائل والعناصر الغذائيّة. في هذه المرحلة، يتمّ تخزين الكربوهيدرات، والّتي هي مصدر الطاقة للجنين النامي، في عضّيّات محدّدة في الخليّة تُسمَّى بلاستيدة النشا (الأميلوبلاست). كما أيضًا تتشكّل في الفاكهة مركّبات تُستخدَم للحماية من التلوّثات أو الافتراس.

المرحلة الأخيرة في عمليّة نموّ الثمرة هي النضوج. وهي عبارة عن مجموعة عمليّات تتمّ منذ المراحل الأخيرة للنموّ والتطوّر وحتّى تصبح الثمرة مناسبة للأكل، وتنتهي بمرحلة تعفّن الثمرة. أثناء النضج تلين قشرة ولبّ الثمرة، تزداد كميّة السكّر فيها، تقلّ نسبة الحموضة، تفوح روائح المادّة المتطايرة إلى الهواء، وتحصل الثمرة على طعمها النهائيّ. العديد من الثمار في هذه المرحلة يتغيّر لونها من الأخضر إلى الأحمر أو الأصفر.

طريقان لرحلة النضوج

يُعدّ الإيثيلين (C2H4) إحدى الموادّ المهمّة  في عمليّة إنضاج العديد من أنواع الفواكه- وهو مركّب عضويّ بسيط، ينتج في عمليّة الاستقلاب في النبات والثمر. يحدّد الإيثيلين للأوراق متى تغيّر ألوانها، ومتى تذبل وتتساقط، يحفّز الأزهار على التفتّح والثمار على النّضج. ينظّم العمليّات المتعلّقة بنموّ ونضوج وبدء شيخوخة الأنسجة، وهو نشِط للغاية حتّى ولو كان تركيزه منخفضًا.

في الفواكه غير الناضجة عادة ما تكون كميّة الإيثيلين منخفضة. كلّما نضجت الثمرة، ازداد إنتاج الإيثيلين فيها. يستمرّ إنتاجه غالبًا بعد قطف الثمرة أيضًا. تمّ اكتشاف الرموز الأولى لفهم دور الإيثيلين في إنضاج الفاكهة في بداية القرن العشرين. كانوا يخزّنون البرتقال الّذي يتمّ شحنه من فلوريدا إلى الأسواق الواقعة شمالًا في عربات قطار مُدفّأة كي لا تتجمّد الفاكهة، وحينها أُصيب التّجّار بالدّهشة، فخلال الرحلة تغيّر لون الثمار إلى اللون البرتقاليّ، ونضجت بشكل أسرع من الثمار الّتي لم تتمّ تدفئتها. اكتشف العلماء خلال القرن العشرين أنّ التدفئة أدّت إلى زيادة إنتاج الإيثيلين، ما أدّى إلى تسريع عمليّة النضج. كما اتّضح أيضًا أنّ الفواكه تُنتج الإيثيلين قبل النضوج بوقت طويل.

تنضُج الفواكه بمسارَين محتملَين. الأوّل هو نضوج الكلايمكتيرك، أو مرحلة البلوغ، وفيها تحفّز الثمرة عمليات نضوجها عن طريق زيادة إنتاج الإيثيلين، والّذي يغيّر بسرعة طعم وملمس ولون الثّمرة. يمكن قطف هذه الثمار في مرحلة تكون فيها ناضجة ولكن لا تزال خضراء، ثمّ تستمرّ عمليّة النضوج فيها بعد قطفها. هذا ما يحدث على سبيل المثال في الموز والأفوكادو والتّفاح.

في مسار النضج الثاني، النبات نفسه لا ينتج الإيثيلين. تنضج الفواكه تدريجيًّا، وعادة لا تخزّن بداخلها العناصر الغذائيّة مثل النشويّات، لذلك يجب أن تظلّ ملتصقة بالنبات حتّى تنضج تمامًا. وعندها فقط يمكن قطفها. ولكن مع ذلك فقد تستمرّ الإنزيمات الموجودة في الفاكهة في تليين جدران الخلايا وإنتاج روائح فوّاحة. على سبيل المثال: التوت والكرز والعنب وغيرها.

نظرًا لأنّ الأفوكادو ينتمي إلى المجموعة الأولى، مجموعة منتجي الإيثيلين، فليس من السهل دائمًا شراؤه في الوقت المناسب بالضبط. تنضج الثمرة عادةً بعد حوالي أسبوع من قطفها، لذا فإنّ نافذة الوقت الّتي يكون فيها الأفوكادو مثاليًّا للأكل- طريًّا وطازجًا بدون بقع أو خطوط بُنيّة- تكون قصيرة.

هناك عدّة طرق لتسريع إنضاج ثمار الأفوكادو الصّلبة في المطبخ. نظرًا لأنّ وتيرة النّضوج تعتمد على تركيز الإيثيلين، والإيثيلين عبارة عن غاز، وبالتالي ينتشر بسهولة في الهواء، فلذا يمكن محاولة منعه من التطاير. لو وضعنا ثمرة أفوكادو غير ناضجة في كيس ورقيّ، فإنّ الإيثيلين سيبقى لفترة أطول بجانب الثمرة، وحينها ستنضج في غضون ثلاثة إلى خمسة أيّام. إذا أردنا تسريع عمليّة النضوج أكثر، فيمكننا إضافة الموز إلى الكيس. يُنتج الموز أيضًا الإيثيلين، لذا فإنّ وجوده سيقصّر وقت الإنضاج بيومين أو بثلاثة أيام.

عندما يصبح الأفوكادو جاهزًا للأكل، بإمكاننا الاحتفاظ به في الثلّاجة لمدّة يومين آخرين أو ثلاثة، قبل أن يبدأ بالاسمرار. الاسمرار السريع في لبّ الأفوكادو يعود إلى عمل الإنزيمات الّتي تنشط بوجود الأوكسجين في الهواء.

في حالة تمّ تقطيع الأفوكادو- فإنّ إحدى أكثر الطرق فعاليةً لتأخير اسمراره هو وضع عصير الليمون على أطرافه المعرّضة للهواء. إنّ الإنزيمات المشاركة في عمليّة الاسمرار حسّاسة للبيئة الحامضيّة، ويتباطأ نشاطها بشكل كبير بوجود الحمض. طريقة أخرى هي- تغطية لبّ الأفوكادو جيّدًا بنايلون لاصق لحفظ الطعام، أو حفظه مغمورًا في الماء حتّى لا يتعرّض للأوكسجين الموجود في الهواء. أيضًا تبريد الأفوكادو في الثلّاجة يمكنه إبطاء عمل الإنزيمات إلى حدّ ما، حيث أنّ ​​نشاطها ينخفض بدرجة حرارة باردة.


بالإمكان تأخير الاسمرار بمساعدة الحموضة أو التبريد أو الغطاء المُحكم. ثمرة أفوكادو اسمرّت وانتهى وقت تناولها | Natali Ximich, Shutterstock

الفوائد الغذائيّة

تعتبر فاكهة الأفوكادو غير عاديّة من حيث كونها تحتوي على القليل جدًّا من السّكّر أو النّشا، أو أنهما غير موجودين فيها على الإطلاق، بينما تصل نسبة الدهون فيها إلى حوالي 30 بالمئة. يُعتبر زيت الأفوكادو صحّيًّا لأنّ معظم الأحماض الدهنيّة فيه غير مشبعة، ولذلك فإنّه لا يميل إلى تكوين رواسب صلبة على جدران أوعيتنا الدمويّة. يتكوّن من حوالي 70 بالمئة من الأحماض الدهنيّة الأحاديّة غير المشبعة، و13 بالمئة من الأحماض الدهنيّة عديدة اللّاتشبّع، و16 بالمئة من الأحماض الدهنيّة المشبعة. هذه التركيبة من الدهون تُحسّن من امتصاص الجسم للفيتامينات والمركّبات الأخرى الذائبة في الدهون. بالإضافة لذلك، يعتبر الأفوكادو مصدرًا جيّدًا للبوتاسيوم والفيتامينات والمعادن.

كما وأنّ لأوراق شجرة الأفوكادو استخدامًا في المطبخ. تُستخدَم في المكسيك لتتبيل الأطعمة، وذلك بفضل الموادّ الفوّاحة الموجودة فيها، والّتي بالإمكان العثور على بعضها في توابل كالطُّرخون واليانسون. تُجفَّف الأوراق وتُطحَن لتصبح مسحوقًا يُستخدم لتتبيل العديد من الوجبات. 

وأخيرًا، إذا كان الأفوكادو فاكهة، فلماذا يُعامل أحيانًا كخضار؟ على عكس تعريف علم النبات، فمن ناحية كوليناريّة، ما يميّز الفاكهة عن الخضار هو المذاق. الفواكه هي أجزاء النّبات الّذي يحتوي على البذور، والّتي يحتاج النبات إلى نشرها. تميل الفواكه إلى أن تكون غنيّة بالسّكّر، ذات رائحة، ولبّها طريّ ويدعو لتناولها. لذا فالفواكه تُعتبر حلويات الطبيعة. تقوم بجذب الحيوانات لأكلها وبالتالي تنتشر بذورها. بينما تكون الخضار أكثر صلابة وذات عصارة أقلّ، مذاقها قويّ وحارق أحيانًا.

على الرغم من أنّ الأفوكادو يُعتبر فاكهة من الناحية النباتيّة، إلّا أنّه من ناحية مصطلحات الطّهو فهو يُعرّف على أنّه خضار. ينبع هذا الاختلاف من حقيقة أنّه يتمّ استخدامه في الأطعمة المالحة والسلطات والصلصات الّتي تقدَّم داخل الوجبة، بينما تُستخدم الفواكه بشكل أساسيّ في الحلويات. لا يهمّ ما هو تعريف الأفوكادو، ببساطة ادخلوا إلى المطبخ واستفيدوا من خصائصه المميّزة بأشكال عديدة ومتنوّعة. بالصحّة والعافية!

 

0 تعليقات