يضيف نكهة حارّة إلى الأطباق، ويعطي رائحة خاصّة للمخبوزات، كما أنّه لذيذ في الشاي أو البيرة. سرّ الزنجبيل

يبدو أنّ الزنجبيل موجود في كلّ مكان في السنوات الأخيرة. أصبح شاي الزنجبيل أحد المشروبات الساخنة الشهيرة، سواء في المقاهي أو في المطبخ المنزليّ. يتألّق الزنجبيل في عالم الطّهْو بفضل مجموعة نكهاته الفريدة. بالإضافة إلى ذلك، تُنسب إليه خصائص طبيّة: في الطبّ القديم، كان يُوصى به كعلاج لمجموعة متنوّعة من المشاكل، وحتّى اليوم فهو يعتبر موضوع بحث مهمّ في العلم. قبل أن نتعمّق في التعرّف على هذا النبات المميّز، دعونا نبدأ بالوصفة، وهذه المرّة كعكة الجزر والزنجبيل:

ماذا نحتاج؟

  • 100 غرام من الزبدة غير المملّحة، بالإضافة إلى كميّة صغيرة لدهن المقلاة

  • 100 غرام من السكّر البنيّ

  • 100 غرام من العسل

  • برش برتقال

  • برش وعصير ليمونة واحدة

  • جزرة كبيرة مبشورة- حوالي 150 غرامًا (يزيد الجزر من طراوة الكعكة المخبوزة)

  • 5 قطع من الزنجبيل المحلّى، مقطّع إلى شرائح رقيقة

  • 175 غرامًا من الدقيق ذاتي التخمير

  • ¼ ملعقة صغيرة من صودا الخبز

  • ملعقتان صغيرتان من الزنجبيل المطحون

  • ¼ ملعقة صغيرة من الفلفل الأسود المطحون الطازج

  • بيضتان

  • 140 غرامًا من دقيق السكّر 

طريقة التحضير

  1. بدايةً، يجب تسخين الفرن على درجة حرارة 180 درجة مئويّة، ووضع ورق الخبز بصينيّة مستطيلة ثمّ دهنه بالزبدة.

  2. قوموا بخلط الزبدة، السكّر، العسل، ونصف كميّة برش الليمون والبرتقال في قدر متوسّط الحجم على النار، حتّى يذوب السكّر تمامًا.

  3. أضيفوا الجزرة، ¾ كميّة الزنجبيل المحلَّى المقطَّع، الدقيق، صودا الخبز، ¼ ملعقة صغيرة من الملح، الزنجبيل المطحون، الفلفل والبيض إلى الوعاء، ثمّ اخلطوا جيّدًا حتّى تحصلوا على عجينة ناعمة. بعد ذلك، اسكبوا المزيج في القالب واخبزوه لمدّة 45 دقيقة تقريبًا، أو حتّى تنتفخ الكعكة ويصبح لونها بنيًّا  غامقًا. يمكن أن نتأكّد أنّ الكعكة جاهزة عندما ندخل سيخًا في منتصف الكعكة ويخرج نظيفًا. أخرِجوا الكعكة من القالب عندما تبرد (بعد حوالي 20 دقيقة تقريبًا)، ثمّ قوموا بتغليف الكعكة حتّى لا تنشف.

  4. قوموا بخلط السكّر المطحون وبقيّة برش الليمون والبرتقال مع عصير الليمون (حوالي 4 ملاعق صغيرة ستكون كافية) لتكوين طبقة ناعمة وسميكة.

  5. عندما تبرد الكعكة، قوموا بتوزيع الكريما فوقها واتركوها تتساقط على جوانبها أيضًا. ثمّ  رشّوا بقيّة الزنجبيل المفروم فوقها.

والآن هيّا بنا إلى العلم.


يتألّق الزنجبيل في عالم الطّهْو بفضل مجموعة نكهته الفريدة. كعكة الزنجبيل| Shutterstock, A_Lein

خلفيّة تاريخيّة

تمّ استخدام الزنجبيل كتوابل قبل توثيقه في التاريخ. اُستخدِمت الجذامير والأوراق لتتبيل الطعام أو حتّى تناولها مباشرة. دُجِّنَ الزنجبيل منذ آلاف السنين في مكان ما في جنوب آسيا، ولكنّ الموقع الدقيق غير معروف. كان استعمال الزنجبيل شائعًا في جميع أنحاء شرق وجنوب آسيا ومن هناك ظهر استعماله في الشرق الأوسط والامبراطوريّة الرومانيّة في القرن الأوّل الميلاديّ تقريبًا، بحيث تمّ استخدامه كعلاج عشبيّ أيضًا. واستمرّ في الانتشار إلى منطقة البحر الأبيض المتوسّط، بما في ذلك اليونان، حيث تمّ استخدامه أيضًا كمادّة طبيّة.

توسّع استخدام الزنجبيل كذلك في المطبخ الأوروبيّ في العصور الوسطى، حيث اُستخدِمَ في البداية في الحلويات. يعود تاريخ الكعكة المعروفة باسم خبز الزنجبيل إلى هذه الفترة. في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، كانت قيمة حوالي نصف كيلو من الزنجبيل تعادل تكلفة خروف. وصل الزنجبيل إلى قارّة أمريكا خلال رحلات البحث عن مستعمرات جديدة، وازدهر في المناطق الاستوائيّة في منطقة البحر الكاريبيّ. كذلك، اُستعمِل الزنجبيل في انجلترا في القرن التاسع عشر في صُنع مشروب مزر الزنجبيل (Ginger ale)- بيرة بنكهة الزنجبيل. بعيدًا عن النكهات، اُستخدِم الزنجبيل أيضًا في عروض سباقات الخيول، حيث كان يُحقَن في مؤخّرة الخيول لجعلها تجري بشكل أسرع وبقوّة أكبر.

يعود أصل الزنجبيل إلى نبات عشبيّ استوائيّ يُسمَّى Zingiber officinale، والّذي يعتبر من عائلة الموز. الجزء الحارّ والعطريّ الّذي نأكله هو جذمور النبات، وهو ساق سميك يرسل جذورًا إلى الأسفل وسيقانًا إلى الأعلى. ينتمي الزنجبيل إلى عائلة تضمّ حوالي 45 نوعًا من النباتات الّتي تنمو في جميع أنحاء المناطق الاستوائيّة، وتشمل أيضًا الهيل والكركم. على ما يبدو أنّ أصل الاسم من كلمة سنغافورة (śṛṅgavera) في اللغة الهنديّة القديمة السنسكريتيّة، والّتي تعني "جذر القرون". ويرجع ذلك إلى تشابه الجذمور المتفرّع مع القرون. 


يعود أصل الزنجبيل إلى نبات عشبيّ استوائيّ، Zingiber officinale. زهرة نبات الزنجبيل | Shutterstock, noomsitiracht

الكيمياء

تتأثّر نكهة الزنجبيل وقوّته بعمليّات المعالجة الّتي يمرّ بها حتّى يصل إلى طبق وجبتنا. مثل التوابل الأخرى، يحتوي جذمور الزنجبيل الطازج على مجموعة كبيرة ومتنوّعة من المركّبات الكيميائيّة. بهاراتها تأتي من مركّبات تُعرَف باسم الجينجيرول (Gingerol). أحد أنواع الزنجبيل يشبه في تركيبه مركّب الكابسيسين (Capsaicin)، وهو المركّب الّذي يكسب الفلفل الحارّ نكهته الحارّة. كما هو الحال مع الكابسيسين، تعمل الجينجيرول أيضًا على تنشيط مستقبلات الحرارة على اللسان، ما يساهم في توابل الزنجبيل. في الطهو والخبز، تتحلّل مادّة الزنجبيل إلى موادّ أخرى حارّة أقلّ، ويقلّ الطعم اللاذع للزنجبيل. عندما يتمّ تجفيف الزنجبيل وطحنه إلى مسحوق، يتمّ تشكيل مركّبات إضافيّة، الشوجول (Shogaols)، والّتي تساهم أيضًا في الطعم والتوابل. من هنا تنبع النكهات الّتي يمكن الحصول عليها من الزنجبيل سواء كان طازجًا، مطبوخًا أو مجفّفًا.

الطبّ

لا يمكن التطرّق إلى الزنجبيل دون الإشارة إلى آثاره الصحيّة. اُستخدِم الزنجبيل كعلاج منذ آلاف السنين في الهند، الصين، اليونان والشرق الأوسط، وخاصّة للحدّ من الغثيان وصعوبة الحركة. أظهرت الدراسات أنّ العديد من المركّبات الموجودة في الزنجبيل لها خصائص مضادّة للالتهابات ومسكّنة للألم، على غرار الأدوية المضادّة للالتهابات. البروستاغلاندين (Prostaglandin) هي موادّ ينتجها الجسم وتشارك في التعامل مع الإصابة والمرض، بحيث تسبّب عمليّات التهابيّة. من المعروف أنّ الزنجبيل يقلّل من إنتاج البروستاغلاندين (Prostaglandin) في الجسم، ما يؤدّي إلى تخفيف العمليّة الالتهابيّة. أظهرت دراسات إضافيّة أُجريت في السنوات الأخيرة أنّ مركّبات الشوجول الّتي تتكوّن أثناء تجفيف الزنجبيل لها تأثير مضادّ للسعال، وقد تساعد أيضًا في تقليل ضغط الدم. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون لها بعض التأثيرات في الوقاية من أعراض الحساسيّة.

ومع ذلك، يجب أن نتذكّر أنّ كون المادّة "طبيعيّة" لا يعني أنّها قد لا تكون ضارّة أو تسبّب آثارًا جانبيّة، وبما أنّها تحتوي على العديد من المركّبات المختلفة، بتركيزات مختلفة، فمن الصعب التنبّؤ بتأثيرها.


تمّ استخدام الزنجبيل كدواء منذ آلاف السنين، وخاصّةً لتقليل الغثيان وصعوبة الحركة. شاي الزنجبيل | Shutterstock, peterzsuzsa

ماذا عن المطبخ؟

كما ذكرنا سابقًا، فإنّ الجينجيرول هو المسؤول بالأساس عن النكهة الحارّة للزنجبيل الطازج. تنشأ الرائحة بعد تنشيط المستقبلات الشميّة في الأنف، في حين تعتمد النكهة الحارّة على الإحساس العصبيّ الّذي يتمّ تفسيره على أنّه ألم. يُستخدَم الزنجبيل الطازج في مجموعة متنوّعة من الأشكال؛ في المطبخ الآسيويّ، تُضاف جذامير الزنجبيل إلى أطباق الأرز المقليّ (Stir frying)، وكذلك إلى الصلصات المختلفة. يمكن إضافة الزنجبيل كاملًا وغير مقشّر إلى ماء طبخ الشوربة أو عند طبخ الأرز، ويعطي الطبق نكهته الخاصّة. كذلك يمكن هرس الزنجبيل بمفرده لصنع صلصة أو مع الثوم لصنع معجون يُستخدم في مجموعة متنوّعة من الوصفات الآسيويّة. يكون للزنجبيل طعم لاذع أقلّ عند استخدامه في الطهو والخبز. من ناحية أخرى، يمكن أن يكون مسحوق الزنجبيل لاذعًا أكثر، نتيجة للموادّ الّتي تتكوّن أثناء عمليّة التجفيف. نظرًا لأنّ الزنجبيل الطازج والمطحون يحتوي على مركّبات بنكهة مختلفة، فهما ليسا بديلَين جيّدين لبعضهما البعض. يتمتّع الزنجبيل المطحون بفترة صلاحيّة أطول ويحظى بشعبيّة في المخبوزات، خاصّة عند دمجه مع بهارات أخرى مثل القرفة، بينما يضيف الزنجبيل الطازج نكهته الحيويّة إلى عدد لا يُحصى من الأطباق.

طريقة فعّالة لتقشير الزنجبيل

يحتوي الزنجبيل الطازج على قشر بنيّ رقيق ومجعّد، يصعب أحيانًا إزالته بسهولة بسبب التفافات الجذمور. يؤدّي التقشير بالسكين إلى فقدان بعض لحم الزنجبيل، ويصعب تقشيره حيث يتفرّع الجذمور. نظرًا لنفس التداعيات، فإنّ استخدام المقشرة ليس بالأمر السهل أيضًا. هناك طريقة أخرى وهي استخدام الملعقة: باستخدام طرف الملعقة والتحرّك حول جذمور الزنجبيل، يمكنك إزالة القشرة بشكل فعّال. يُوصى بتقشير الكميّة المطلوبة فقط، بحيث يمكن حفظ الزنجبيل لفترة أطول عندما يتمّ تخزينه مع القشر. يمكن تخزين الزنجبيل الطازج في مكان مظلم وبارد وذي تهوية جيّدة لمدّة تصل إلى شهر. يمكنك أيضًا تجميد الزنجبيل وبرشه حسب الحاجة، مباشرة من الفريزر - دون الحاجة إلى إذابته.

تقشير الزنجبيل بالملعقة؟ّ نعم، نعم

في الختام، يعتبر الزنجبيل من التوابل المهمّة في المطابخ حول العالم. يتمّ استخدامه في مجموعة متنوّعة من الأطباق، من المالحة إلى الحلويات والمشروبات. يضيف الزنجبيل الطازج أو المطحون أو المحلّى نكهة لمجموعة واسعة من الوصفات. وإذا كنت ترغب في التسخين قليلًا، قم بقطع بضع شرائح من الزنجبيل الطازج، وأضِف عود القرفة، وإذا كنت تريد تحلية، ضع كلّ شيء في الماء المغلي، وانتظر قليلًا واستمتع بشهيّة طيّبة!

0 تعليقات