مع بداية العام الدراسيّ، طُلِبَ من الطلّاب الإسرائيليّين القيام باختبار المستضدّات (Antigens) في بيوتهم. ما الذي تفحصه هذه الاختبارات تحديدًا - وما مدى موثوقيّتها؟

تساعد اختبارات كورونا في تشخيص المرضى المصابين بمرض COVID-19، ملاءَمة العلاج المناسب والحدّ من انتشار الجائحة. انضمّت إسرائيل مؤخّرًا لقائمة طويلة من الدول التي استخدمت اختبارات المستضدات السريعة بشكلٍ موسّع. مع ذلك، فإنَّ مستوى حساسيّة الفحص المحدودة تثيرُ تساؤلاتٍ عديدةٍ بشأن استخدامها بالشكل الصحيح.

يحدّد الاختبار وجود المستضدّات في العيّنة - وهي بروتينات معيّنة خاصّة بفيروس كورونا. من خلال ذلك يقوم بالكشف عن وجود الفيروس في أجسام الأشخاص. وذلك على غرار اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) الذي يكشف عن وجود المادة الوراثيّة الخاصّة بالفيروس. لذلك يُعدّ فحص المستضدّات ملائمًا للكشف عن المرضى وحاملي الفيروس النشطين، لكنّها لا تنجح في الكشف عن الأشخاص المتعافين، فهذا يتطلّب فحصًا مصليًا (Serological test) للكشف عن الأجسام المضادّة في الدم. في حال وجود الكثير من الفيروسات في جسم الشخص، فإنَّ نتيحة فحص المستضدّات ستكون إيجابيّة دائمًا، لكنّها أقلّ دقّة في حال وجود كمّيّة فيروسات منخفضة. لذلك هناكَ من يشير إليها كفحص للكشف عن "مستوى الخطر" - أي إلى أيّ مدى يستطيع هؤلاء الأشخاص نقل العدوى للآخرين. 

المُسْتَضَدّات هي هياكل بروتينيّة تثير الاستجابة المناعيّة في الجسم، حيث يتعلّم جهاز المناعة التعرّف عليهم والاستجابة لهم. مثال على أحد هذه البروتينات هو بروتين الشوكة (Spike) الشهير، المتواجد في غلاف الفيروس والتي تمنحه شكله التاجيّ المميّز. 

يؤدّي التعرّض لهذا البروتين عقب الإصابة بفيروس أو بعد تلقّي اللقاح المرتكز عليه، إلى إنتاج أجسام مضادّة بواسطة جهاز المناعة في الجسم، هذا الأجسام ترتبط بشكلٍ خاصّ بالمستضدّ. في حال تعرّض الشخص لاحقًا لذات الفيروس، فإنَّ الأجسام المضادّة التي أنتجها الجسم سابقًا ترتبط بالفيروس بقوّة، بعضهم يمنع الفيروس من الارتباط في الخلايا وبالتالي يمنع التسلّل إليها، وبعضهم الآخر يساعد خلايا جهاز المناعة في مقاومة الفيروس الغازيّ.  

معظم فحوصات المستضدّات المعدّة لفحوصات الكورونا، تعتمد على الكشف عن مستضدّ آخر الذي يُسمّى بروتين نوكليوكابسيد (N). يدور الحديث عن بروتين موجود لدى الفيروسات بوفرة، لذلك من السهل رصده نسبيًّا في الإختبار. 

**איור של נגיף קורונה מצופה נוגדנים**
يؤدّي التعرّض لهذا البروتين عقب الإصابة بفيروس أو بعد تلقي اللقاح المرتكز عليه، إلى إنتاج أجسام مضادّة بواسطة جهاز المناعة في الجسم، هذا الأجسام ترتبط بشكلٍ خاصّ بالمستضدّ. صورة توضيحيّة: Juan Gaertner - Science Photo Library 

قراءة نتيجة الاختبار - خطوط الأجسام المضادّة 
على غرار اختبار المخبريّة - اختبارات الـ-PCR أو اختبارات أخرى مماثلة - اختبارات المستضدّات السريعة تشمل عدّة مراحل. بداية يجب أخذ العيّنة بالطريقة الصحيحة، من الغشاء المخاطيّ بواسطة الماسحة. بعد ذلك، نضع الماسحة داخل أنبوب يحتوي على مواد تساعد على إزالة الفيروسات من الماسحة، واستخلاص المستضدّات منها بعناية دون إتلافها. في المرحلة الأخيرة، نقوم بنقل السائل الذي يحتوي على المستضدّات إلى تجويف "استقبال العيّنة" الموجود على شريط الاختبار، وهو عادة عبارة عن هيكل بلاستيكيّ يحتوي على شريط رقيق ومساميّ تمرّ من خلاله مادّة الاختبار. 

بعد وضع قطرات السائل داخل تجويف الاختبار، بفعل قوة الشعريّة (Capillary action) يتحرّك السائل على طول الشريط، وذلك يشبه حركة السائل عندما يمرّ عبر الورق الماصّ عندما نقوم بغمره في الماء. في هذه المرحلة يتمّ تقسيم آليّة الاختبار إلى ثلاثة أقسام. الأوّل، أصباغ موجودة في الشريط، ترتبط بالمستضدّات وتقوم بصبغها. في المرحلة التالية، تتحرّك المستضدّات المصبوغة باتّجاه خطّ الفحص الأوّل، تنتظرها هناك أجسام مضادّة ترتبط بها بشكلٍ خاصّ ومحدّد وتُوقِف تقدّمها. في حال وجود مُستضدّات بشكل كافٍ، فإنّ خطّ الاختبار سيُصبَّغ. أخيرًا، يستمرّ السائل في التحرّك نحو الخطّ الثاني، هناك تنتظره أجسامٌ مضادّة التي ترتبط بشكلٍ خاص بمادّة معيّنة من المفترض أن تتواجد بكلّ عيّنة قادمة من مصدر بشريّ - على سبيل المثال بروتينات مصدرها بكتيريا شائعة وموجودة في الأنف أو مواد موجودة في سائل العيّنة. لذلك في حال كانت عُدّة الاختبار سليمة وتمّ استخدامها بالشكل الصحيح، فسيتمّ صبغ الخطّ بالتأكيد. 


كيف يعمل اختبار المستضدّات؟ صورة توضيحية: د. يوفال روزنبرج
 

متوفّرة أكثر، أقلّ حساسيّة
هناك إيجابيّات عديدة ومهمّة لاختبارات المستضدّات - فهي غير مكلفة، تعطي إجابات سريعة ويمكن استخدامها تقريبًا في كلّ مكان ووضع. أمّا سلبية هذه الاختبارات أنّها تُعتبر أقلّ موثوقيّة من اختبارات الـ-PCR التي يتمّ إجراؤها في المختبرات. نادرًا ما تُعطي هذه الاختبارات نتائج إيجابيّة كاذبة (False positive)،أي أنّها تنجح في تحديد نتيجة إيجابيّة بشكلٍ كبير، لكنّ حساسية الاختبار منخفضة نسبيًّا. هناكَ احتمال كبير، الحصول على نتيجة سلبية بالرغم من كون الشخص حاملًا للفيروس. 

وفقًا لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) المتواجد في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، حساسيّة الاختبار قد تكون منخفضة جدًّا، وخاصّة في المراحل المبكّرة للعدوى، أي قبل ظهور الأعراض، وأيضًا في المراحل الأخيرة للمرض، أي عندما تبدأ كمّيّة الفيروسات عند المريض بالتلاشي، ولا يمكن في الحالتين الاعتماد على نتائج الاختبار بشكلٍ مؤكّد في حال حصلنا على نتيجة سلبيّة.

بالمقابل، من المعروف أنّه في المرحلة الأكثر نقلًا للعدوى، حيث يصل الحمل الفيروسي ذروته، حساسيّة الاختبارات السريعة شبيهة جدًّا لاختبارات المختبر، وخاصّة في حال ظهرت أعراض وتمّ إجراء الاختبار بواسطة شخص متخصّص يملك المهارات الملائمة. نظرًا لأنّ غالبيتنا لسنا خبراء في إجراء اختبارات بيولوجيّة، فمن المستحسن عدم إجرائها في البيت، كي لا تضرّ بمصداقيّتها، إنّما الاستعانة بمتخصّصين - على سبيل المثال، نجمة داوود الحمراء. 

تُتيح الاختبارات السريعة إمكانيّة الكشف عن حاملي الفيروس بشكلٍ سريع، وقطع سلاسل العدوى بواسطة الدخول للحجر الصحيّ بشكلٍ سريع بعد الكشف عنهم. تكلفة الاختبار المنخفضة وسهولة استعماله، تُمكّن من إجراء الاختبارات بشكلٍ متكرّر لمجموعات كبيرة، كطلّاب المدارس والعاملين في مجال رعاية المسنين، أو الحالات التي يصعب فيها إجراء الاختبارات المخبريّة. السهولة الكبيرة، تُمكّن الأشخاص من القيام بالاختبار كلّما دعت الحاجة، على سبيل المثال، قبيل لقاء مرتقب مع أشخاص من المجموعة الأكثر عرضة للخطر في حال الإصابة.

הבדיקות המהירות מאפשרות לזהות במהירות חלק מהנשאים של הנגיף ולקטוע שרשראות הדבקה על ידי בידוד מהיר שלהם. צילום: Cryptographer/Shutterstock
تُتيح الاختبارات السريعة إمكانية الكشف عن حاملي الفيروس بشكلٍ سريع، وقطع سلاسل العدوى بواسطة الدخول للحجر الصحيّ بشكلٍ سريع. تصوير: Cryptographer/Shutterstock

مع ذلك، قد يكون من المجازفة الاعتماد على النتائج السلبية الصادرة عن هذا الاختبار، لذلك من الضروريّ الاستمرار في اتّخاذ وسائل الحيطة بعد إجرائه أيضًا، على سبيل المثال، ارتداء الكمامة والحفاظ على تباعد جسديّ بينك وبين الآخرين. يزداد الحمل الفيروسيّ تدريجيًّا في الأيّام التي تلي الإصابة بالعدوى، في هذه المرحلة قد يفوت الاختبار الفيروسات، وبالتالي ستظهر النتيجة سلبيّة، وفي الحقيقة هي نتيجة خاطئة. لكن القدرة على نقل العدوى في هذه المرحلة لا تزال منخفضة جدًّا. لذلك، تُتيح وزارة الصحّة استخدام اختبارات المستضدّات لغرض الحصول على "البطاقة الخضراء"، لكنّه يُحدد صلاحيّة النتيجة السلبيّة لمدّة 24 ساعة فقط.

لذات السبب، في حال كنتَ حاصلًا على اللقاح ضدّ فيروس كورونا وتعرّضتَ لمريض كورونا أو حاملًا مؤكّدًا للفيروس، من المفضل الانتظار من ثلاثة إلى خمسة أيّام من لحظة التعرّض قبل إجراء الاختبار. وفي حال تلقيتم نتيجة سلبيّة، من المُستحسن إجراء الاختبار مرّة أخرى بعد خمسة إلى سبعة أيام بعد موعد التعرّض، أو بعد ظهور الأعراض. في المقابل، يُطلَب من غير المُطعَّمين القيام بالاختبار فور علمهم بالتعرّض لشخصٍ مصابٍ بالفيروس، ثمّ إجراء الاختبار مجدّدًا بعد أسبوع. تقوم منظمات الصحّة بحتلنة التعليمات من وقتٍ إلى آخر، وفي حال ظهور البعض من الشكّ، من المفضّل استشارة طبيب.

توصي وزارة الصحّة كلّ من يشتبه أنّه أُصيب بالفيروس التوجّه لإجراء فحص مخبريّ، حتّى في حال الحصول على نتيجة سلبيّة في الاختبار المنزليّ. في حال كان الاختبار المنزليّ إيجابيًا، يتوجّب على الشخص الدخول إلى حجرٍ بيتيّ، والتحقّق من النتيجة بواسطة إجراء اختبار مخبريّ عاديّ (PCR).

تُعتبر الاختبارات السريعة أداةً إضافيّة في صندوق الأدوات المستخدمة في مواجهة جائحة الكورونا، تقع علينا مسؤوليّة استخدامها بحكمة. بالرغم من حساسيّتها المنخفضة، فهي تساعدنا في تقدير ما إذا كان شخص ما قد ينقل العدوى للآخرين. لهذا، فإنَّ هناك طلبًا عالميًّا ضخمًا لهذه الاختبارات، ممّا يحدّ من توفّرها ويدفع المُصنّعين لرفع أسعارها.

الشكر موصول للدكتورة ميري جوردين على تقديم الاستشارة العلميّة لهذا المقال

0 تعليقات