قد تحسن الفحوص ذات النوعية الجديدة القدرةَ على تحديد المصابين بالفيروس بشكل ملحوظ، وتغير بالتالي قواعد اللعبة

بعد فترة وجيزة من أول تشخيص لفيروس SARS-CoV-2 المسبب لجائحة COVID-19، تم فك شيفرته الوراثية المحفوظة في جزيئات الحمض النووي الريبي (RNA) ونشرها علنًا. أتاح هذا الأمر لمختبرات في كافة أنحاء العالم تطوير اختبارات جزيئية للتعرف على جزيئات RNA الفيروسية، ليتم اعتمادها من ثم كفحوص لتشخيص الفيروس. وفي محاولة لزيادة كمية فحوص تشخيص الفيروس، تمت إقامة منشآت ضخمة للفحوص (كمحطات "افحص وسافر" في إسرائيل)، تزويد المختبرات بطواقم مهنية ومعدات متقدمة، وكذلك تفعيل أنظمة إمداد وإنتاج معقدة سعيًا لتوفير المواد اللازمة للفحوص. وبالرغم من هذه المساعي، وبسبب استمرار تفشي الوباء، لا تزال هناك حاجة ملحة لزيادة عدد الفحوص لتشخيص أكبر قدر ممكن من المصابين. 

تكمن إحدى الصعوبات التي تحول دون زيادة عدد الفحوص في التقنية المعقدة المستخدمة حاليا لإجرائها، إذ يُستخرَج بدايةً الـ RNA الفيروسي من عينة المريض، ليتم تحويله الى DNA من خلال إنزيم. تتم بعدئذ مضاعفة  تسلسل محدد من الـ DNA وانتاج كمية هائلة من نسخ هذا التسلسل عن طريق تقنية معقدة تعرف باسم "تفاعل البوليميراز المتسلسل" (PCR).

تعتمد تقنية الـ PCR على الخصائص المبنوية لجديلة الـ DNA المزدوجة، وهي ترتكز لذلك على التدوير الحراري من خلال آلة دقيقة تقوم بدورات مُتكررة من التسخين والتبريد. فبينما تُفصل جديلة الـ DNA إلى شريطين متطابقين في درجات الحرارة المرتفعة، ينشُط في درجات الحرارة المنخفضة تفاعل إنزيمي يقوم بمضاعفة جزء محدد من الـ DNA وإنتاج نسخ متماثلة لتسلسل الـ DNA الذي نريد تمييزه. يتم تحديد تسلسل DNA المستهدف في عملية المضاعفة بواسطة سلاسل DNA اصطناعية قصيرة متممة لتسلسل الـ DNA المستهدف تعرف "بالمُشَرِعات". وهكذا في حال تواجد تسلسل الـ DNA الذي نبحث عنه في العينة، يتضاعف هذا التسلسل مرات عديدة من من خلال عملية التدوير الحراري، لنتمكن بالتالي من الكشف عنه.

وفي هذا الخصوص، أشارت مجموعة كبيرة من الأبحاث الصغيرة التي أجريت في غضون فترة وجيزة من اندلاع الوباء إلى عدة اختبارات جزيئية بسيطة كبدائل محتملة وواعدة لإجراء الفحوص. بين أهم هذه اختبار LAMP (التضخيم الحلقي متساوي الحرارة، Loop-mediated isothermal amplification). وقد أثبت هذا الاختبار نجاعته في تشخيص أمراض أخرى كالملاريا والسّل منذ أن تم تطويره قبل عقدَين، وتجري محاولة ملاءمته الآن لفيروس كورونا. قد يمكّننا هذا الاختبار من إصدار نتائج سريعة ودقيقة مباشرةً في العيادة حيث أخذت العينة من المريض، دون إرسالها إلى مختبرات التحليل. لذلك من المرجو أن تمكننا هذه التقنية من تشخيص الفيروس في غضون أقل من ساعة، لتصبح الفحوص أقل تكلفة، ما يتيح بالتالي زيادة عدد الفحوص وتوفيرها لعدد أكبر من المفحوصين المحتملين. وبعد أن خضعت بعض الأبحاث لرقابة الزملاء بنجاح، تجري حاليا أبحاث مكملة واسعة النطاق لاستبيان نجاعة الفحوص الجديدة وتحسينها.

وعلى نحو مشابه، تتسم فحوص الأجسام المضادة هي أيضًا ببساطتها وسرعتها. تُستخدَم هذه الفحوص عادةً كأداة لتقييم نسبة انتشار العدوى بين الناس. إلا أن هذه الفحوص تصلح لاكتشاف المرض بعد نحو أسبوع إلى أسبوعين من الإصابة بفيروس SARS-CoV-2، وهي المدة اللازمة لجسم المريض لإنتاج أجسام مضادة. لذلك حتى إن أصبحت هذه الفحوص شديدة الدقة، وهي ليست كذلك حتى الآن، فهي ليست حقا مؤهلة لتحل محل الاختبارات الجزيئية لتشخيص المصابين الجدد.

זיהוי הרצף הגנטי של הנגיף עומד בבסיס הבדיקות השונות. אילוסטרציה של מולקולת RNA ונגיף קורונה | CROCOTHERY, Shutterstock
تعتمد غالبية الفحوص المختلفة على تشخيص التسلسل الوراثي للفيروس. رسم توضيحي لجزيء RNA وفيروس كورونا | CROCOTHERY، Shutterstock 

 

سرعة، بساطة، ومتانة 

تعمل تقنية LAMP بطريقة مشابهة للـ PCR، فهي أيضًا تنتج نسخًا كثيرة من سلالسل الـ DNA المستهدف بواسطة تفاعلات إنزيمية وسلاسل DNA صناعية (مُشَرِّعات). إلا أن عملية المضاعفة في تقنية LAMP  تنتج نسخًأ غير متماثلة - لكن محددة-  من سلاسل الـ DNA. وتتميز هذه السلاسل بمبنى جزيئي خاص له أفضلية بارزة في جعل عملية المضاعفة سهلة وسريعة. وبالرغم من عدم ملاءمة اختبار LAMP للكشف عن كل تسلسل DNA، ورغم كونه حديث العهد ولا تزال الخبرة قليلة بشأنه نسبةً لـ PCR، إلا أنه يحمل في طياته أفضليات مرجوة عديدة كنجاعته العالية وإمكانية إجرائه في درجة حرارة ثابتة تقارب الـ 60 درجة مئوية دون الحاجة إلى معدات خاصة أو مواد فحص مقاومة للحرارة.

وتتمثل أفضلية إضافية في المتانة النسبية للتقنية أمام المواد المشوشة لإنتاج المادة الوراثية، والتي عادة ما تضر بحساسية الاختبارات الأخرى. تتواجد هذه المواد في عينات الفحص بشكل طبيعي، وعادة ما يتم فصلها عن المادة الوراثية الفيروسية أثناء استخراجها من العينة. وسعيًا لتبسيط عملية الفحص أكثر فأكثر، يعمل الباحثون حاليًّا على إيجاد طرق تمكنهم من الاستغناء عن عملية الاستخراج دون أن يضر ذلك بدقة الفحص وحساسيته. ميزة مهمة أخرى للاختبار بتقنية LAMP هي سهولة وبساطة تحليل نتائج الفحوص. فالكشف عن المادة الوراثية في هذا الاختبار يعتمد على اختلاف لون محلول الفحص بحسب النواتج الثانوية لعملية بناء سلاسل الـ DNA الجديدة، ما يتيح الكشف عن مادة وراثية فيروسية بالعين المجردة، دون الاستعانة بأجهزة خاصة.

تبدو تقنيات الاختبارات البسيطة والسريعة التي يتم تطويرها في هذه الأثناء واعدة للغاية. وبالرغم من اعتماد جزء منها على تقنيات معهودة منذ زمن طويل، فهي ما زالت قيد الدراسة لتحديد خصائصها وتحسينها قبل أن يتم اعتمادها. قد تُزّفّ إلينا في الأسابيع القليلة القادمة بشرى تطوير تقنية فحص بسيط كهذا، لا يحتاج لتأهيل خاص، ويعمل بمجرد إدخال عينة الفحص إلى أنبوبة اختبار ساخنة تحتوي على مواد متفاعلة خاصة، لتصدر نتائج الفحص في غضون أقل من ساعة.وإذا ما آتت مساعي التطوير هذه ثمارها، سيُتاح التطوير التجاري لفحوص جديدة، علها تسهل عملية استقصاء الوباء ومدى انتشاره في العالم.

 

 

الترجمة للعربيّة: د. علاء الدّين سمارة
التدقيق اللغوي: أ. موسى جبران
الإشراف والتحرير العلمي: رقيّة صبّاح أبو دعابس

 

 

 

 
 

0 تعليقات