ما الأفضل؟ تبريد القهوة السّاخنة أم استخلاص القهوة بالماء البارد؟ يوفّر لنا العِلم الإجابة. أسرار القهوة الباردة المثاليّة

يعشق الكثيرون القهوة الباردة في الصّيف. كيف تُحضّر هذه القهوة؟ هل يُضاف الجليد إلى خلاصة القهوة الحارّة؟ هل تُذاب القهوة في الماء البارد؟ 

بدأ استخدام القهوة بالصّورة الّتي نعرفها في منتصف القرن الخامس عشر الميلاديّ. نصادف، منذ ذلك الحين وفي هذه الأيّام بالذّات، مخاليط القهوة الآتية من مناطق بعيدة وطرق متنوّعة ومختلفة لتحضيرها. أصبحت طرق تحضير القهوة الباردة أيضًا متنوّعةً ومثيرة. سنجرّب أربع طرق (هناك إمكانيات أخرى كثيرة) لتحضير القهوة الباردة ثمّ نختار بعدها الطّريقة الّتي تضمن الحصول على أفضل كأس من القهوة الباردة. سنحصل، من كلّ طريقة من هذه الطرق، على خلاصة القهوة الّتي تتيح لنا تحضير قهوة ذات درجات مختلفة من الشّدّة والأشكال. 

يفضّل استخدام القهوة الطازجة وذات الجودة العالية عند تحضير القهوة الباردة | تصوير دفنا مندلر
يفضّل استخدام القهوة الطازجة وذات الجودة العالية عند تحضير القهوة الباردة | تصوير دفنا مندلر

القهوة الباردة على الطّريقة اليابانيّة

ندع القهوة الطّازجة الّتي تمّ تحضيرها في درجة حرارة عالية تقطُرُ ببطء على قطع من الجليد لتبردَ فورًا؛ فنحصل على قهوة باردة تفوح بالرّائحة العطرة ذات درجة حموضة مناسبة وجاهزة للشرب. 

ماذا نحتاج؟

  • 250 غرام من المكعَّبات الجليديّة (مكعَّبات الثّلج من المجمّد - الفريزر)

  • 45 غرام قهوة مطحونة (مطحونة بدرجة متوسطة مناسبة للقهوة المُفلترة)

  • كأس ماء في حالة الغليان

  • إبريق سعته نصف لتر على الأقل

  • قُمع (محقان)

  • ورق ترشيح (يمكن استخدام منشفة ورقيّة مطويّة أربع طيّات ولها أُذُن واحدة للصّبّ)

ماذا نفعل؟

  1. ندخل المكعَّبات الجليديَّة إلى الإبريق. نضع القمع على الإبريق ثمّ ندخل ورقة التّرشيح في القمع. نضع القهوة المطحونة على ورقة التّرشيح.

  2. نسكب الماء السّاخن ببطء على القهوة المطحونة. ندع ورقة التّرشيح تبتلّ بالقهوة أوّلًا وننتظر ثلاثين ثانية بعدها. تسمى هذه المرحلة بمرحلة تطوير القهوة ومن شأنها تحسين مذاق ونكهة الناّتج النّهائيّ. نتابع صبّ الماء السّاخن على مسحوق القهوة. ننتظر مرور الماء كلّه من خلال ورقة التّرشيح للحصول على خلاصة من القهوة الباردة. 

القهوة الباردة على الطريقة اليابانية | تصوير: دفنا مندلر
خلاصة من القهوة الجاهزة فورًا بعد مرحلة التطوير، القهوة الباردة على الطريقة اليابانية | تصوير: دفنا مندلر

القهوة الباردة - التّبريد بفُتات الجليد

لا نرغب أحيانًا الانتظار فترة طويلة حتّى تجهز القهوة الباردة. يمكن في هذه الحالة دفن القهوة في خليط من فتات الجليد. 

ماذا نحتاج؟

  • 250 غرام جليد (8 - 10 مكعبات)

  • طشت كبير

  • 45 غرام قهوة مطحونة (بدرجة متوسطة)

  • كأس ماء في حالة الغليان

  • إبريق سعته نصف لتر على الأقلّ

ماذا نفعل؟

  1. نحضّر القهوة الّتي نحبّها ثمّ نسكبها في إناء (كأس أو إناء آخر) يحتمل درجات الحرارة المنخفضة. 

  2. نحضّر حمّام جليديّ: نهرس المكعّبات الجليديّة داخل وعاء بلاستيكيّ ثمّ نغمره بالماء البارد.  ندخل كأس القهوة في حمّام الجليد للحصول على كأس القهوة الباردة "ب".

الخلطة الباردة - التّبريد من أوّل قطرة

يلامس خليط القهوة في هذه الطّريقة الماء البارد من اللّحظة الأولى.

ماذا نحتاج؟

  • قمع (محقان)

  • ورق فلترة

  • 45 غرام قهوة مطحونة بدرجة متوسطة

  • 200 ملل ماء (كأس ماء)

  • 200 غرام جليد (8 مكعّبات)

  • قنّينتا ماء سعة ½ لتر

  • إبرة خيّاطة رفيعة

  • سكّين

  • إبريق

ماذا نفعل؟

  1. نفرّغ الماء من قنينة بلاستيكيّة ونقص الجزء السّفليّ منها.

  2. نخرق، بواسطة الإبرة، ثغرة في غطاء القنّينة (يكون التّنقيط أكثر بطءً كلّما كان الخرق أصغر).

  3. نقطع طرفي القنّينة الثانية بحيث نحصل على أسطوانة طولها 15 - 20 سم (انظر الصّورة).

  4. نضع القمع على الإبريق.

  5. ندخل ورقة الفلترة في الأسطوانة حتّى تصل إلى أسفلها ثمّ نثبّت الأسطوانة على القمع. نملأ ورقة الفلترة بالقهوة المطحونة. 

  6. نبلّل الورقة والقهوة بالماء البارد ونخلط بلطف. 

  7. نضع قنينة الماء المخروق غطاؤها وهي مقلوبة فوق الأسطوانة البلاستيكيّة ونملأها بما تبقّى من الماء والجليد. ندع الماء البارد يُنَقّط على خليط القهوة داخل الإبريق. 

  8. يمكن أن نذوق القهوة الباردة الّتي حصلنا عليها داخل الإبريق بعد نفاد الماء من القنّينة.

خلطة من أول قطرة | تصوير: دفنا مندلر
القهوة تنقط من خلال الغطاء المخروق: خلطة من أول قطرة | تصوير: دفنا مندلر

الخلطة الباردة - الطّريقة الطّويلة

لاستخلاص المذاقات خلال مدّة أطول.

ماذا نحتاج؟

  • 45 غرام قهوة مطحونة

  • 300 ملل ماء في درجة حرارة الغرفة

  • ورق ترشيح

  • إبريق

  • مرطبان له غطاء

ماذا نفعل؟

  1. ندخل القهوة المطحونة إلى المرطبان.

  2. نضيف الماء ونغلق المرطبان ونترك الخليط لمدّة 12 ساعةً على الأقلّ.

  3. نُصَفّي القهوة من المرطبان إلى الإبريق.

ماذا يقول العِلم؟

كيف نحصل على المذاق المميّز للقهوة؟ الإجابة سهلة: تلامُس القهوة مع الماء. تؤثّر عوامل كثيرة على طعم القهوة الّتي نشربها. درجة الحرارة هي أحد هذه العوامل ومن العوامل الأخرى حجم حبيبات القهوة والنّسبة بين كمّيّة القهوة وبين كمّيّة الماء ومدّة نقع القهوة في الماء. أمّا العامل الأهمّ فهو جودة حبوب القهوة الخضراء قبل تحميصها. 

هناك عدّة طرق للحصول على خلاصة القهوة. سنلقي الضّوء على اثنتين منها: يلامس خليط القهوة، حسب الطّريقة الأولى، الماء الساخن ثمّ يتمّ تبريدها، ويلامس خليط القهوة الماء البارد من البداية حسب الطّريقة الثانية. عمليّة الاستخلاص هي القاسم المشترك بين الطّريقتين.

ما هي عمليّة الاستخلاص؟

الاستخلاص هو مثال لعمليّة فصل مادة سائلة عن مادة سائلة أو صلبة أخرى. فإذا أردنا مثلًا أن نفصل مواد الطّعم والرّائحة عن بذور الفانيلا نضيف مادة أخرى (يستخدم الغَوْل لاستخلاص الفانيلا) تذوب فيها مواد الطّعم والرّائحة جيّدًا بينما لا تذوب فيها باقي المواد الّتي تتكون منها حبوب الفانيلا فنحصل على مستخلص الفانيلا.  

علامَ تحتوي حبوب القهوة؟

القهوة غنيّة بالمواد الّتي تكسبها المذاق والرّائحة. تؤثّر مجموعة المواد المسمّاة أحماض الكلوروجينيك على طعم القهوة. تتحلّل هذه المواد خلال تحميص حبوب القهوة إلى حمض الكافييك وحمض الكينيك. تضفي هذه الأحماض المذاق اللّاذع المائل إلى المرارة والحموضة. ما هو تأثير هذه العوامل على الطّعم النّهائيّ للقهوة الباردة؟ 

درجة الحرارة الّتي يتمّ فيها تحضير القهوة: تنتقل المئات من المواد خلال عملية الاستخلاص من القهوة إلى الماء، منها مواد الطّعم والرّائحة وغيرها. تزداد سرعة تطاير المواد من القهوة مع ازدياد درجة الحرارة ويزداد معها فوحان الرّوائح، بالمقارنة مع تحضير القهوة الباردة. أضف إلى ذلك أنّ استخلاص المواد من خليط القهوة يكون بطيئًا في درجة الحرارة المنخفضة ونحتاج لمدّة أطول لاستخلاص مواد الطّعم والرّائحة. مع ذلك، فإنّ لعملية الاستخلاص في درجات الحرارة المنخفضة حسناتها بالمقارنة مع الاستخلاص في درجات الحرارة العالية الّتي يُستخلص فيها المزيد من المواد غير المرغوبة الّتي من شأنها أن تضّ بمذاق القهوة.  

درجة الحموضة: عادةً ما يشكو عُشّاق القهوة الباردة من قلّةِ حموضة مذاقها. المظهر الحمضيّ للقهوة السّاخنة هو ميزة غير مرغوب بها لدى العديد من مستهلكي القهوة المتفانين. هل يوجد فرق ملحوظ بين درجة حموضة القهوة السّاخنة والباردة؟ لقد تبيّن من خلال دراسة أجريت في جامعة فيلادلفيا أنَّ الفرق في درجة الحموضة ينبع أساسًا من عملية التّحميص وليس من عمليّة تحضير القهوة. تنخفض درجة الحموضة، وفقًا لهذه الدّراسة، مع ارتفاع درجة الحرارة الّتي يتمّ قلْي حبوب القهوة فيها.  

تركيز الكافيين: تتعلق كمّيّة الكافيين الّتي تذوب في الماء خلال عمليّة الاستخلاص بتركيزها في حبوب القهوة، علمًا بأنَّ جزيئات الكافيين سهلة الذّوبان في الماء البارد والسّاخن. مع ذلك فإنّ كمّيّة الكافيين الّتي تذوب في الماء السّاخن أكبر من تلك الّتي تذوب في الماء البارد لذلك نحتاج مدّةً زمنيّةً أطول لاستخلاص الكافيين من القهوة في الماء البارد.  

حجم حبيبات القهوة المطحونة: يؤثّر حجم الحبيبات على سرعة استخلاص مواد الطّعم والرّائحة من مسحوق القهوة. تزداد سرعة الاستخلاص مع ازدياد صغر حبيبات القهوة الّتي يتمّ طحنها طحنًا رقيقًا ولطيفًا وذلك بسبب ازدياد مساحة السّطح الخارجيّ للحبيبات. يستحسن أن تكون القهوة مطحونة بدرجة متوسّطة عند تحضير القهوة الباردة لأنّ عمليّة الاستخلاص تكون بطيئة. 

درجة القَلْي (التّحميص): تؤثّر درجة قلي حبوب القهوة على لون وطعم القهوة. يكون لون القهوة أغمق مع ارتفاع درجة الحرارة الّتي يتمّ فيها تحميص الحبوب (ذلك وفقًا لتفاعل ماير الّذي سنتطرّق له في المقالات التّالية) ويزداد المذاق المرّ للقهوة وتقلّ حموضته. 

عمليات الأكسدة: لا "تُحبُّ" حبوب القهوة المحمصة ولا القهوة الجاهزة الأكسجين (من الهواء). يتفاعل الأكسجين مع الزّيوت الموجودة في القهوة بشكل طبيعيّ ويؤدّي ذلك إلى فقدان المذاق الخاصّ بالقهوة مع مرور الوقت. يزداد تأكسد القهوة مع ازدياد مدة تعرضها وانكشافها للهواء. تفقد خلاصة القهوة السّاخنة من مذاقها إذا بقيت ساخنة لمدّة طويلة لأنّ درجات الحرارة العالية تُعجّلُ من تفاعل الأكسدة. 

ما هو الفرق إذًا بين القهوة الباردة وبين الخلطة الباردة؟

يمتدّ مصطلح القهوة الباردة على رقعة واسعة. يُستخدم الماء السّاخن لاستخلاص الأطعمة من حبوب القهوة في كلتا الطّريقتين الأكثر رواجًا لتحضير القهوة الباردة وهما الطريقة اليابانيّة و الطّريقة الّتي يتمّ فيها تبريد القهوة بواسطة الجليد المهروس. الطّريقة المفضلة لتحضير القهوة الباردة هي تنقيط خلاصة القهوة السّاخنة على الجليد مباشرة (الطّريقة اليابانيّة)، لأنّ القهوة تبرد فورًا فيُحفظُ مذاقها ونكهتها. أمّا في التّبريد بالجليد المهروس فتنكشف القهوة للهواء مدّة طويلة فتفقد بذلك من المذاق والنّكهة.

تتطلّب خلطة القهوة في الماء البارد مدّةً زمنيّةً أطول لاستخلاص مواد الطّعم والرّائحة. مذاق القهوة الّتي تحضر بالخلطة الباردة أقل مرارةً وأكثر حلاوةً من القهوة المغلية بالماء السّاخن بسبب تأثير درجة الحرارة على مختلف المواد الّتي يتمّ استخلاصها. يمكن الاحتفاظ بخلطة القهوة الباردة لعدّة أيام داخل البراد واستخدامها في تحضير مشروبات قهوة متنوّعة. لقد عرضنا أعلاه طريقتين لتحضير هذه الخلطة، الأولى هي الأسرع (التّبريد من القطرة الأولى) والثّانية بطيئة نسبيًّا (الطّريقة الطّويلة). تختلف الطّريقتان بدرجة حرارة الاستخلاص الأولية ومدّة الاستخلاص. تختلف مدّة الاستخلاص في الطّريقتين مع أنّ درجة الحرارة في كلتيهما تكون منخفضة.

ما هي الطّريقة المفضّلة: تحضير القهوة الباردة أو تحضير خلطة من القهوة الباردة؟ لا توجد إجابة قاطعة على هذا السؤال. لا توجد خوارزميّة رياضيّة يمكن بواسطتها ضبط المذاق المفضّل للقهوة ونحتاج للاستعانة بحاسّة الذوق التي نتمتع بها في ألسنتنا لتقييم طعم القهوة ذلك لأنّ عدد المتغيرات الّتي من شأنها التّأثير على جودة ومذاق القهوة في الفنجان كبير. ولربّما القهوة العربية هي الأفضل؟ أو الإسبرسو؟

0 تعليقات