أيّ DNA يمكن العثور عليه في الشعر؟ ما هو الـ DNA الميتوكوندريّ؟ وهل يمكن الكشف عن المجرمين بمساعدته؟ أسئلة وأجوبة

 

ما هو عدد أنواع الـ DNA عندنا، ولماذا؟ 

عندما نتحدّث عن جيناتنا، تلك الّتي نحصل عليها من الأب والأم، والّتي تحدّد لون أعيننا وشعرنا وتؤثّر في العديد من السمات الأخرى، تلك الّتي نعنيها عندما نقول "إنّها في جيناتي"- فإنّنا نتحدّث عن المادّة الجينيّة في نواة خليّتنا. الـ DNA النوويّ مُغلّف بـ 23 زوجًا من الكروموسومات، حيث يصل زوج واحد من الأب والآخر من الأم. معظم الأبحاث الجينيّة في هذا الـ DNA، مثلما كشفت العناوين، على سبيل المثال، عن فكّ شفرة الجينوم البشريّ، أشارت إلى الـ DNA الموجود في النواة.

لكنّ النواة ليست المكان الوحيد في خلايانا الّتي يمكن العثور فيها على DNA. تقطن في جميع خلايانا تقريبًا عضيّات صغيرة تُسمَّى الميتوكوندريا ، تلعب دورًا حيويًّا؛ فهي تقوم بتفكيك السكّر من أجل إنتاج الطاقة. هذه المباني موجودة في خلايا جميع الحيوانات والنباتات والفطريّات والكائنات أحاديّة الخليّة الّتي تمتلك نواة. بدون الميتوكوندريا، لن نكون قادرين على إنتاج الطاقة بكفاءة، ولا يمكن لجميع الكائنات المعقّدة أن تعيش كما نعرفها.

 أضف إلى ذلك، يتواجد في الميتوكوندريا DNA يتضمّن تعليماتٍ لإنتاج البروتينات الخاصّة بها. انتقل جزء من هذا الـ DNA إلى النواة، مع بقيّة جيناتنا، لكنّ بعضه لا يزال في الميتوكوندريا نفسها: هذا هو الـ DNA الميتوكوندريّ.

مقارنةً بالـ DNA النوويّ، فإنّ الـ DNA الميتوكوندريّ صغير حقًا: فهو يتكوّن من كروموسوم صغير واحد يشمل أقلّ من 17000 زوج من القواعد، مقارنةً بثلاثة مليارات قاعدة في 23 زوجًا من الكروموسومات في النواة. مع ذلك، تحوي كلّ خليّة نواة واحدة فقط والعديد من الميتوكوندريا. في بعض الخلايا يصل عدد المباني الصغيرة إلى الآلاف، لذلك يوجد فيها أيضًا آلاف النسخ من الـ DNA الميتوكوندريّ.

اختلاف آخر بين أنواع الـ DNA هو أنّنا نحصل على الـ DNA الميتوكوندريّ من الأم فقط. تحوي خليّة الحيوان المنويّ ميتوكوندريا، لكنّها موجودة في "ذيل" الخليّة، وهو يبقى في الخارج عندما يتّحد مع البويضة. يتمّ تفكيك ميتوكوندريا خليّة الحيوان المنويّ الّتي تدخل إلى الداخل بجميع الأحوال أثناء عمليّة الإخصاب.

هل تتأثّر سماتنا بالـ DNA الميتوكوندريّ؟ غالبًا لا نرى تأثيره، لكن في بعض الأحيان توجد في هذا الـ DNA طفرات ضارّة، تُلحِق ضررًا بعمل الميتوكوندريا ويمكن أن تؤدّي إلى أمراض خطيرة. هذه الأمراض موروثة من الأم فقط.

DNA זעיר ממש בהשוואה לזה שנמצא בגרעין התא. צילום של מיטוכונדריה במיקרוסקופ אלקטרונים | מקור: Science Photo Library
DNA صغير جدًّا مقارنةً بذلك الموجود في نواة الخليّة. صورة للميتوكوندريا تحت المجهر الإلكترونيّ | المصدر: Science Photo Library
 

ما هو الـ DNA الّذي يمكن استخلاصه من الشعر؟

ينمو شعرنا من جذر الشعرة باتجاه الخارج. الجذر موجود تحت سطح الجلد ويحوي خلايا حيّة ذات نواة. لذلك، يمكن استخلاص DNA نوويّ من جذر الشعرة بسهولة نسبيّة. ينمو الشعر عندما تنقسم الخلايا في الجذر وتتكاثر، ثمّ تندفع باتجاه الخارج إلى أعلى مَنبت الشعر. أثناء قيامها بذلك، تتغيّر الخلايا، وتمتلئ ببروتين الكيراتين، وفي النهاية تتفكّك النواة والمادّة الوراثيّة الموجودة في داخلها، وتموت الخليّة. هكذا تتكوّن نفس الشعرة من الكيراتين الّذي يتمّ إنتاجه في الخلايا، لكنّ القليل جدًّا من الخلايا نفسها الّتي تبقى فيها.

عند بعض الأشخاص، لا يزال من الممكن العثور على آثار لنواة الخليّة في الشعرة نفسها وليس فقط في جذرها، لكنّه أمر نادر جدًّا. في الغالبيّة العظمى من الحالات، يتمّ تفكيك الـ DNA إلى أجزائه، وإذا كانت الشعرة الّتي بحوزتنا معدومة الجذر، فلن نتمكّن من استخراج عيّنة DNA يمكن استخدامها.

في المقابل، لا تتحلّل جميع الميتوكوندريا في الخلايا أثناء العمليّة الّتي تمرّ بها. تحوي الخليّة نسختين من الـ DNA النوويّ ومئات النسخ من الـ DNA الميتوكوندريّ، وينجو بعضها خلال موت الخليّة. لذلك لا يزال من الممكن استخراج عيّنة من هذا الـ DNA من الشعرة، حتّى لو لم نملك جذرها.

מהשערה אפשר להפיק בעיקר DNA מיטוכונדרי, אם אין לנו את השורש. שערה כראייה משטרתית | צילום: Science Photo Library
من الممكن استخراج الـ DNA الميتوكوندريّ بشكل أساسيّ من الشعرة، إذا لم يكن لدينا الجذر. الشعر كدليل بوليسيّ | تصوير: Science Photo Library

 

هل من الممكن الكشف عن شخص حسب الـ DNA الميتوكوندريّ الخاصّ به؟

نحصل على الـ DNA من الأب والأم أيضًا، وعندما تتشكّل الحيوانات المنويّة والبويضات، فإنّها تحرص على إضافة مرحلة أخرى من الخلط تُسمَّى إعادة التركيب الجينيّ (التأشيب): حيث يتبادل كلّ كروموسوم أجزاءً من الـ DNA مع زوجه. على سبيل المثال، الكروموسوم رقم 2 الّذي نحصل عليه من الأب، يحصل على جزء من الـ DNA للكروموسوم رقم 2 الّذي نحصل عليه من الأم؛ نتيجة لذلك، باستثناء كروموسوم Y الّذي يكون زوجه كروموسوم X مختلفًا تمامًا، وإعادة التركيب الجينيّ بينهما محدودة، فإنّ جميع الكروموسومات تختلف من جيل إلى جيل. على الرغم من أنّنا حصلنا على نصف الكروموسومات من والدتنا، فإنّ أيًّا منها لا يشبه الكروموسومات الّتي حصلَت هي عليها من والدتها، لأنّها جميعًا تبادلت الـ DNA مع الكروموسومات الّتي حصلت عليها من والدها.

تؤدّي هذه العمليّة إلى تباين كبير جدًّا في الـ DNA النوويّ. هناك مناطق معيّنة في الجينوم، خاصّة تلك المسؤولة عن إنتاج البروتينات المهمّة الّتي يمتلك فيها جميع البشر تقريبًا نفس التسلسل الجينيّ بالضبط. ولكن هناك أيضًا العديد من المناطق الّتي يكون فيها التباين كبيرًا بشكل خاصّ. يتسبّب التكاثر والتزاوج وإعادة التركيب الجينيّ في اختلاف الجينوم الخاصّ بنا حتّى عن جينوم أفراد عائلتنا. بواسطة مقارنة عدد كافٍ من المواقع ذات التباين الكبير على طول الجينوم، من الممكن- بدرجة عالية من اليقين- تحديد هُويّة الشخص الّذي وصلَت منه عيّنة من الـ DNA النوويّ.

في المقابل، نحصل على الـ DNA الميتوكوندريّ من الأم فقط، وهو غير خاضع لإعادة التركيب الجينيّ. هذا يعني أنّ الـ DNA الميتوكوندريّ الخاصّ بنا مطابق لذلك الّذي يملكه إخوتنا وأخواتنا وأمنا وإخوتها وأخواتها وأبناء أخواتها، ومطابق للّذي تمتلكه أمّ والدتنا وإخوتها وما إلى ذلك. هناك حدّ لهذا، لأنّه في مرحلة ما تحدث طفرة عشوائيّة تنتقل إلى الجيل التالي. لهذا السبب، يُستخدَم الـ DNA الميتوكوندريّ عندما نريد اختبار النَّسَب الأموميّ لشخص معيّن.

ماذا عن الكشف؟ يحوي الـ DNA الميتوكوندريّ أيضًا اختلافاتٍ ناتجة عن الطفرات الّتي تحدث فيه. يُتيح لنا فحص المناطق شديدة التباين على طول الكروموسوم أن نقول على وجه اليقين أنّ شخصًا معيّنًا لديه تسلسل مختلف في هذه المواقع، هو ليس الشخص الّذي جاءت منه العيّنة- ولكن من الصعب جدًّا التحديد لأيّ شخص تنتمي. حتّى لو فحصنا جميع المواقع المحتملة (وليس هناك الكثير منها على الكروموسوم القصير لدى الميتوكوندريا) فلا يزال هناك الكثير من الأشخاص الّذين قد يتشاركون نفس التسلسلات، ويمكن أن تكون العيّنة لأيّ شخص منهم.

في كثير من الحالات يكون من الصعب تحديد عدد الأشخاص الّذين يتشاركون التسلسل المعيّن، لذلك لا نعرف ما هو الاحتمال أنّ الاختبار سيُظهِر تطابقًا بين العيّنة والشخص العشوائيّ الّذي لا علاقة له بها. في أفضل التقديرات، قد تكون هذه الفرصة عالية جدًّا، مثل واحدة من بين ألف أو أكثر.

​הרצף יכול להיות זהה אצל אלפי אנשים, וקשה לקבוע למי הוא שייך. DNA מיטוכונדרי | צילום: Science Photo Library
قد يكون التسلسل متطابقًا عند آلاف الأشخاص، ومن الصعب تحديد لمن ينتمي. DNA ميتوكوندريّ تصوير: Science Photo Library

 

هل من الممكن إدانة المشتبه بهم استنادًا إلى الـ DNA الميتوكوندريّ؟

على الرغم من ذلك، يستعين المحقّقون باختبار لتحديد هُويّة الجثث أو بقاياها، عندما يكون هناك دليل آخر غير جينيّ للاشتباه في أنّه شخص معيّن. إذا كان هناك تطابق في الـ DNA الميتوكوندريّ، فسيكون بمثابة دليل داعم إضافيّ لتحديد الجثّة ذاتها. هكذا على سبيل المثال، تمّ التعرّف على عظام الملك ريتشارد الثالث باستخدام اختبارات الـ DNA الميتوكوندريّ لأقارب عائلته من جهة والدته الّذين هم على قيد الحياة اليوم.

ماذا عن الدلائل في المحكمة؟ في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، تمّ تقديم نتائج اختبارات الـ DNA الميتوكوندريّ في المحكمة في قضايا الاغتصاب والقتل منذ التسعينيّات. على مرّ السنين، أدّت إلى تبرئة العديد من الأشخاص الّذين أُدينوا سابقًا، كان أوّلها ويليام جريجوري الّذي أُدين بالاغتصاب ومحاولة الاغتصاب في سنة 1993م. حيث تمّ إطلاق سراحه في سنة 2000م بعد أن اكتشفوا أنّ الشعر الموجود على الضحيّة لم يحو DNA ميتوكوندريًّا مطابقًا لنفس الحمض النوويّ. 

تمّ استخدام دلائل الـ DNA الميتوكوندريّ أيضًا في الإدانات، لكنّ الخبراء يحذّرون من أنّه لا يمكنهم تقديم سوى دلائل داعمة: "قطعة أخرى في اللغز" إلى جانب دلائل إضافيّة. اختبارات الـ DNA الميتوكوندريّ وحدها يمكنها استبعاد وجود صلة بين عيّنة وشخص معيّن، ولكنّها لا يمكنها إثبات مثل هذه الصلة.

 

استجابة واحدة

  • 🦂

    مقال رائع و مميز فيه معلومات

    مقال رائع و مميز فيه معلومات رائعه ..