هل فكّرتم مثلًا إذا ما كانت تختلف بصمة الفلافل عن بصمة الشّوارما؟

هل فكّرتم مثلًا إذا ما كانت تختلف بصمة الفلافل عن بصمة الشّاورما؟ ماذا لو عرفنا بصمة ما ندخله إلى بيوتنا؟

لنبدأ أوّلًا من منبع فكرة البصمة، وعلى وجه التّحديد البصمة الكربونيّة.

وُلد مفهوم البصمة الكربونيّة كجزء من البصمة البيئيّة، والّتي تعتبر مؤشّرًا على تأثير بني البشر على كوكب الأرض. لاقت هذه الفكرة رواجًا وشعبيّة في عام 2003 فقط، عندما أطلقت شركة النّفط والغاز البريطانيّة حملة إعلانيّة، تسأل الناس في الشّارع عن بصمتهم الكربونيّة.


يمرّ الغذاء برحلة طويلةٍ قبل وبعد أن يصل إلى بيوتنا، ولهذه الدائرة من الإنتاج والتّصنيع وحتى إعادة التدوير تبعاتٌ عديدة| المصدر:Sutterstock

ما هي البصمة الكربونيّة؟

نظرًا للآثار الكارثيّة لتغيير المناخ، علينا أن نبدأ بخطوات عمليّة للتّقليل من تأثيرنا على الأرض، تتمثّل إحدى الإستراتيجيّات بتقليل بصمتنا الكربونيّة، وهو مقياس مجمل انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ، ليس فقط من قيادة المركبات أو استخدام الكهرباء، إنّما أيضًا من خيارات نمط الحياة، مثل الملابس الّتي نرتديها والطّعام الّذي نتناوله.

على الرّغم من وجود العديد من الطّرق، لتقليل البصمة الكربونيّة، فإنّ إجراء تغييرات في النّظام الغذائيّ يعدّ  بداية جيّدة. حيث أنّ الغذاء مسؤولٌ عن حواليْ ربع (25%) انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ من كلّ عام. لذلك ، فإنّ إحدى أفضل الطّرق للمساعدة في الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراريّ، والمساعدة في معالجة حالة الطوارئ المناخيّة، هي تقليل البصمة الكربونيّة من طعامنا.

في الواقع، تُظهر بعض الأبحاث أنّ تحويل النّظام الغذائيّ الغربيّ، إلى أنماط أكل أكثر استدامة، يمكنه أن يقلّل انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ بشكلٍ ملحوظ بنسبةٍ تصل حتّى 70%، واستخدام المياه بنسبة 50%.
 

كيف يمكننا حساب بصمتنا الكربونيّة؟

تقاس البصمات الكربونيّة لإنتاج الغذاء، بعدد الكيلوغرامات من غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث من إنتاج كيلو غرام من الغذاء. تحوي بعض الأطعمة انبعاثات أعلى بكثير من غيرها، حتّى لو حاولت القيام بكلّ شيء، لتقليل تأثيرها. لذلك فإنّ تجنّب هذه الأطعمة قدر الإمكان هو أمر رائع، لتقليل تأثير المناخ على نظامك الغذائيّ.

مع تقدّم التّكنولوجيا، تطوّرت أيضًا تطبيقات ومواقع لحساب البصمة الكربونيّة للأطعمة، كطريقة لرفع الوعي واستراتيجيّة للتّقليل من انبعاثات غازات الدّفيئة.

مثال: وجبة برجر من 75 غرامًا، بمعدل 1-2 في الأسبوع، على مدار عام كامل، تساهم بما يقارب 604 كغم من انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ السنويّة، وهذا يعادل: قيادة سيارة بنزين عاديّة 2,482 كم.

واستغلال حوالي 1,735 مترًا مربّعًا من الأرض، أي ما يعادل مساحة 6 ملاعب تنس.

ما لو احتسينا كوبيْن من القهوة يوميًّا، على مدار عام كامل، كم يكلّفنا ذلك من بصمات؟

يساهم استهلاكك في 155 كغم من انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ السّنويّة.

وهذا يعادل قيادة سيارة بنزين عاديّة 640 كم. 

يعتبر لحم البقر من أكثر الأطعمة تلوّثًا الّتي يمكنك تناولها. تأتي غالبيّة الانبعاثات من غاز الميثان، الّذي تطلقه الأبقار خلال حياتها، أما الفلافل اللّذيذة، فهي أكثر ودًّا و"صداقة" للبيئة، وتصل البصمة الكربونيّة لما يقارب  0.64 كغم من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، لإنتاج كيلوغرامٍ واحد من الحمّص، أي ما يعادل قيادة سيارة 2.5 كم.

 
يعتبر اللحم البقريّ من أبهض الأغذية ثمنًا من حيث البصمة الكربونيّة نظرًا لانبعاث الغازات الكبير من الأبقار أثناء التربيّة وأيضًا بعد الذبح وخلال التصنيع| المصدر:Sutterstock

طرق بسيطة لتقليل بصمتك الكربونيّة:

1.     توقّفْ عن هدر الطّعام: تعتبر نفايات الطّعام من العوامل الرئيسة، المساهمة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ. لأنّ الطّعام الّذي يتمّ التّخلّص منه يتحلّل في مقالب القمامة، وينبعث منه غاز الميثان، وهو أحد غازات الدفيئة القويّة بشكل خاصّ. فعلى مدى 100 عام، يقدّر أنّ للميثان تأثيرًا أكبر بـ 34 مرّة من ثاني أكسيد الكربون على ظاهرة الاحتباس الحراريّ. تشير التّقديرات إلى أنّ نسبة هائلة، تبلغ 25% من جميع المواد الغذائيّة، وهذا يعادل 6% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ العالميّة.

2.     قلِّلْ من استهلاك اللّحوم: الانبعاثات من الإنتاج الحيوانيّ - وخاصّة الأبقار الحلوب - تمثّل 14.5% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ التي يسبّبها الإنسان في العالم. ما تزال الانبعاثات من الدّجاج والبيض (اثنان من منتجات اللّحوم ذات الانبعاثات المنخفضة)، أعلى مرّتين من بدائل اللّحوم الشّائعة مثل الفلافل والتّوفو. الحبوب والبقوليّات، بما في ذلك البازلّاء والخضراوات المختلفة، جميعها أيضًا لها انبعاثات أقلّ بكثير.

3.     قلِّلْ من منتوجات الألبان: إنتاج الألبان هو مساهم رئيس في تغيير المناخ. تنبعث من ماشية الألبان وروثها غازات الدّفيئة، مثل الميثان وثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتريك والأمونيا.

4.     جرِّب إدخال البروتين النّباتيّ في بعض وجباتك: يمكن أن يؤدّي تناول المزيد من البروتين النّباتيّ، إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ بشكل كبير. البروتينات النّباتيّة: البقوليّات والمكسّرات والبذور، ومع ذلك، هذه ليست دعوةً إلى قطع البروتين الحيوانيّ من نظامك الغذائيّ بشكلٍ مطلق.

5.     تناول الطّعام الموسميّ: تناول الأطعمة في موسمها، يقلّل بشكل كبير من تأثير الكربون لهذه الأطعمة. تتطلّب زراعة الأطعمة خارج الموسم إنشاء البيئات المناسبة بشكل مصطنع. هذا يستهلك المزيد من الطّاقة، ممّا يؤدّي حتمًا إلى زيادة الانبعاثات الإجماليّة للطّعام.

6.     ازرعْ في بيتك: يمكن أن تؤدّي زراعة المنتجات الخاصّة بك مثلًا في حديقة مجتمعيّة أو الحديقة الخلفيّة لمنزلك، بغضّ النّظر عن حجمها، إلى تقليل انبعاثات الكربون أيضًا. لأنّ زراعة الفواكه والخضراوات، تقلّل من استخدامك للعبوات البلاستيكيّة، واعتمادك على المنتجات المنقولة لمسافات طويلة.

7.     تجنَّبْ المنتجات المشحونة جوًّا: الانبعاثات من الشّحن الجوّيّ أعلى بكثير من النّقل البرّيّ والبحريّ. حيث تصل نسبة الانبعاثات 12% من انبعاثات النّقل الغذائيّ، تأثيرات شحن الخضراوات الطّازجة جوًّا، أعلى بحواليْ خمس مرات من تلك المنتجة محلّيًّا.

8.     قلِّل من استعمال البلاستيك: يعدّ البلاستيك أحاديّ الاستخدام مساهمًا رئيسًا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ.


باتّباع خطواتٍ واعيةٍ وبمتناول اليد يمكننا تقليل "بصمتنا الكربونيّة" وبالتّالي الإسهام بجعل بيئتنا أكثر استدامة| المصدر: Shutterstock

 

0 تعليقات