البعوض هو القاتل الأكثر فتكًا في الكرة الأرضيّة، وهو كيميائي ماهر ويمتلك مجسّات متطوّرة جدًّا وتفوق قدرته على تحديد مواقع الأوعية الدمويّة قدرات أكثر أطبّاء الجراحة مهارة وخبرة

نبتهج كثيرًا عند قدوم الربيع وينغص قدوم البعوض معه بهجتنا. نقدّم لكم، بمناسبة بدء موسم اللسعات، مجموعة من الحقائق غير المعروفة، ربّما، عن هذه المخلوقات المزعجة: 

إنّها البعوضات
يتغذّى ذكر البعوض، كالفراش، على رحيق الأزهار وهو كائن مسالِم. وتتغذّى إناث البعوض على الدم إذ تمتصّه وتحصل منه على البروتينات التي تستخدمها في إنتاج المزيد من البيض.

توجد للبعوض مجسّات غاز دقيقة
تتمتّع أنثى البعوض بحاسّة مميّزة تمكّنها من تحديد موقع الضحيّة: إنّها تستشعر تركيز غاز ثنائي أكسيد الكربون (CO2) المنبعث من تنفّس الحيوانات. تبحث البعوضة ، كما يشتمّ كلب التحقيق الروائح، عن المكان الأوفر بهذا الغاز حيث تتواجد ضحاياها. تُشَغّل البعوضة حواس أخرى عند اقترابها من الضحيّة: تستشعر الحرارة المنبعثة من الجسم (على شكل أشعة تحت الحمراء)، وتشتمّ رائحة المواد المنبعثة منه في التنفّس والتعرّق. 

نشاهد في الفيديو التالي كيف تمّ توصيل الخلايا العصبية الموجودة في أنتينات البعوضة الحسّيّة بالكترود، وذلك لمشاهدة (وسماع) فعاليّة الأعصاب عند النفخ عليها - عندما تستشعر البعوضة ثنائي أكسيد الكربون، أو عندما تُقرَّبُ منها مواد أخرى من تلك التي تنبعث من جسم الإنسان:

تبيّن من خلال دراسة أجريت سنة 2004 أنّ البعوض ينجذب إلى النساء الحوامل قدر ضعفي انجذابه إلى الأشخاص الآخرين. يعود ذلك، على ما يبدو، إلى ازدياد كمّيّة ثنائي أكسيد الكربون المنبعثة من المرأة الحامل وارتفاع درجة حرارة جسمها مقارنةً بغيرها.

يتمتّع البعوض بحاسة تذوّقٍ انتقائيّة
تُفَضّل البعوضة رائحة حمض اللاكتيك الموجود في عرق بعض الأشخاص على رائحة حمض البوتيريك. أُدخِلَ عشرات من المتطوّعين ذوي أنواع دم مختلفة، في دراسة أجريت في العام 2004، إلى غرفة تعجُّ بالبعوض. فضّلت البعوضات الأشخاص حاملي الدم من النوع O.

تستطيع البعوضات استشعار المواد الموجودة في اللعاب أو على الجلد والتي يتأثّر نوعها بنوع الدم. كشفت الدراسات عن عوامل أخرى تؤثّر على مدى انجذاب البعوضة إلى الأشخاص المختلفين، منها تركيز المواد الناتجة من تحلّل الكوليسترول، وتعاطي الغَوْل (المشروبات الكحولية) والطرز الجينيّ (الوراثيّ) وأنواع البكتيريا الموجودة على الجلد.

يَحقِنُ البعوض موادَّ إلى الجسم
تستخدم البعوضة الأنابيب الموجودة في خرطوم الامتصاص الذي لديها في حَقْن مواد داخل الجسم جنبًا إلى جنب مع امتصاص الدم منه. تُدخل البعوضة مواد تعيق تخثّر الدم كي تطول المدّة للامتصاص قبل أن يتخثّر. تُطلق خلايا الجسم، بتأثير هذه المواد، الهيستامين بالقرب من موضع اللسعة. يؤدّي الهيستامين إلى توسيع الأوعية الدمويّة وانبعاث السوائل منها فيحدث الانتفاخ في موضع لسعة البعوضة. ويؤثّر الهيستامين على الجهاز العصبيّ وينجم عن ذلك الإحساس بالحكة في موضع اللسعة.

خرطوم البعوض خبير المِلاحة
قام علماء من معهد باستير الفرنسيّ بتصوير ما يحدث تحت جلد الفئران المُخدّرة عندما يخترقه خرطوم البعوضة. يتّضح من خلال التصوير أنّ خرطوم الامتصاص لدى البعوضة يتمتّع، مثل خرطوم الفيل، بقدرة عالية على الحركة، إذ بمقدوره الانطواء ب 90 درجة. يستدلّ خرطوم البعوضة على أقرب وعاء دمويّ إليه بالاستعانة بالمجسّات الموجودة على سطحه الخارجي وتبدأ وجبة الامتصاص والحقن لحظة تحديد موقع الوعاء الدمويّ واختراقه. يمكن مشاهدة الصور المذهلة من خلال الفيديو التالي (حذارِ: قد تكون الصور صعبة للمشاهدة):

تأكل البعوضة الدم ولا تشربه
تقوم البعوضة بتصفية الماء الموجود في الدم الذي تمتصّه وتخرجه، على شكل قطرات، من الجانب الخلفيّ من جسمها. تستهلك البعوضة، كما ذُكر آنفًا، البروتينات التي في الدم لتنتج البيوض وتتكاثر. لا يغذّيها الماء الموجود في الدم بل يُشكّل عبئًا عليها وتقوم بتصفيته وإخراجه بسرعة. 

يمكن مشاهدة هذه العمليّة من خلال الفيديو التالي. نلاحظ انطلاق قطرة ماء في الزمن 2:08 (تُخرج البعوضة قطرات كثيرة) والانطلاق سريع جدًّا. نشاهد أيضًا، كما في الفيديو السابق، خرطوم الامتصاص يبحث عن الوعاء الدمويّ في الجسم:

قدرة مُذهلة على حمل الأثقال 
تستطيع البعوضة امتصاص حوالي 6 ميليغرام من الدم، التي قد تبدو لنا كمّيّة قليلة، ولكن وزنها يعادل وزن جسم البعوضة وقد يعلو عليه. تستطيع البعوضة الطيران عند انتهاء عمليّة الامتصاص على الرغم من وزن جسمها المضاعف وذلك بواسطة عضلات الطيران المهيّأة لهذه الحالة مسبقًا - مع العلم أنّها تطير بشكل أكثر بُطئًا، الأمر الذي يُسَهّل الإمساك بها وهي شبِعة.

صورة بعوضة بعد أن تناولت وجبة دسمة من الدم وامتلأ بطنها | צילום: Shutterstock
صورة بعوضة بعد أن تناولت وجبة دسمة من الدم وامتلأ بطنها | تصوير: Shutterstock

تبقى البعوضة على قيد الحياة بين لَسْعة ولَسعة
ترتاح البعوضة يومين إلى ثلاثة أيام بعد أن تلسع لسعتها وتهضم الدم الذي قامت بامتصاصه وتنتج بيوضًا متطوّرة، ثمّ تبحث عن مصدر مياه راكدة تضع فيه بيضها وتستدلّ عليه من خلال مجسّات أعدّت لهذا الغرض. تبحث البعوضة بعد ذلك، المرة تلو الأخرى، خلال فترة حياتها التي تقارب الشهر، عن ضحيّة جديدة لتلسعها ويمكنها فعل ذلك حوالي عشر مرات.

إنّها قاتلةٌ فتّاكة
ينشر البعوض الأمراض بسهولة لأنّ الإناث منه  تلسع عددًا من الأشخاص خلال فترة حياتها. إناث البعوض هي أكثر الكائنات الحية فتكًا وقتلًا في العالم - يلقى ما يقارب 750 ألف شخص حتفهم في كل سنة جراء الأمراض التي تنتقل من خلال لسعات البعوض - مثل الملاريا والحُمّى الصفراء وحُمّى دجاني و حُمّى النيل الغربي (الموجودة في البلاد) وفيروس زيكا.

لا بعوض بدون الماء
تتغذّى اليرقات التي تنبثق عن البيوض التي تضعها البعوضة في الماء على المواد العضويّة (مثل الأوراق المتعفّنة) الموجودة داخل المياه. تعيش خادرات البعوض هي الأخرى في الماء وينبثق عنها البعوض البالغ الجديد. لا يستطيع البعوض التكاثر بدون وجود المياه الراكدة التي توضع فيها البيوض. 

معالجة المشكلة عن طريق تجفيف المستنقع، وطرق أخرى 
تضع البعوضات البيض وتتطوّر في المياه الراكدة فقط وهي لا تفعل ذلك في الوديان والأنهار حيث يكون تيار الماء الجارية شديدًا. الطريقة الأكثر فاعليّةً في محاربة البعوض هي تجفيف مصادر المياه الراكدة، لكنّها ليست الطريقة الوحيدة. تُرش المواد الزيتية التي تطفو على سطح الماء في الأماكن التي يتعذر فيها تجفيف المياه. تَستخدم يرقات البعوض ما يشبه "الاشنركل" الذي يُطلُّ خارج الماء في عمليّة التنفّس. تمنع الطبقة الزيتيّة الطافية على سطح الماء "الاشنركل" من الوصول إلى الهواء فتختنق اليرقات ولا تتطوّر ولا تصبح بعوضًا بالغًا.

لا يطير البعوض بعيدًا
لا يطير البعوض بعيدًا - لا يبتعد البعوض عن الموقع الذي نشأ فيه إلّا بضع عشرات من الأمتار على الرغم من قدرته على الطيران لمسافة تصل إلى كيلومتر واحد. إذا رأيتم البعوض في مكان سكناكم فلا بدّ من وجود مصدر مياه قريب. يمكن أن يكتفي البعوض بصحن صغير فيه ماء موضوع تحت الأصيص وليس بالضرورة أن يكون مستنقعًا. لذا يستحسن إزالة مصادر المياه الراكدة لتجنب لسعات البعوض.

مَوّلَ جيش الولايات المتّحدة الأمريكيّة الحملة ضدّ البعوض
المادّة إن - إن ثنائي الاثيل تولوا ميد أو "ديت" (DEET) هي مادّة فعّالة في طرد البعوض. بادر جيش الولايات المتّحدة الأمريكيّة إلى تطوير هذه المادّة سنة 1944 بعد أن أصاب البعوض الجنود خلال الحرب مع القوات اليابانيّة في الجزر الاستوائيّة في المحيط الهادئ في الحرب العالميّة الثانيّة.  ما زالت "الديت" هي المادّة المصنّعة المستخدمة في طرد البعوض. يتم تطوير مدفع الليزر كوسيلة لمكافحة البعوض. يستشعر المدفع وجود البعوضة ويحدّد مكانها ويرسل إليها شعاعًا شديدًا قاتلًا، كما نرى في الفيديو التالي:

 
لغز عن البعوض

 

0 تعليقات