اكتشاف جديد يشير إلى أنّ الفيتامين الشّائع، المتّبعةِ إضافته للمحلول السّائل في هذه السّجائر، يؤدّي بطريقة ما إلى أمراض في جهاز التّنفّس لدى مستخدميها.
كشَفَ فحص مخبريّ أجراه مؤخّرًا مركز السّيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتّحدة (CDC)، على عيّنات من سائل رئويٍّ كانت قد أُخذت من مرضى مصابين بأمراضٍ رئويّةٍ مرتبطةٍ باستخدام السّجائر الإلكترونيّة، عن وجود مادّة "أسيتات فيتامين E" في جميع العيّنات. هذا الاكتشاف المفاجئ يثير الشّكوك حول ارتباطِ هذه المادة بوفاة بعض من مدخّني هذه السّجائر مؤخّرًا.
يثيراستخدام السّجائر الإلكترونيّة، الآخذ بالازدياد، مخاوف كبيرةً بشأن آثارها الصّحّيّة. في الأشهر الأخيرة، تلقّى مركز السيطرة على الأمراض أكثر من 2000 تقريرٍ عن "مرض المبخّرين"، وهو مرضٌ رئويٌّ يرتبط باستخدام السجائر الإلكترونيَّة وقد تكون أعراضه ضيق التّنفّس، السّعال وآلامًا في الصّدر، توفّي 39 من بين المرضى اللذين وردوا في التقرير.
نتيجةً لتزايد عدد المرضى، أخذ موظّفو المركز عيّناتٍ سائلةً من رئتي 29 مريضًا حيًّا (توفّي اثنان منهم لاحقًا) من عشر دولٍ في الولايات المتّحدة، وقد حوت جميع العيّنات مادة أسيتات فيتامين E المتّبعة إضافته إلى السّجائر الإلكترونيّة ليكون سائل التّبخير فيها أكثر كثافة. وُجِدت في حوالي 82% من العيّنات مادة THC، المادّة الفعّالة في نبات القنّب (Cannabis)، وكذلك تمّ الكشفُ عن مادة النيكوتين في %62 منها. في المقابل، لم تظهر في الفحص أيّ مادّةٍ كيماويّةٍ أخرى كان مشتبهًا أن تكون في السّجائر الإلكترونيّة، بما في ذلك الزّيوت النّباتيّة، مقطّرات النّفط والتيربينات (Terpene).
في الصّورة: جزيء فيتامين E، تمّ رصدهُ في موقع الإصابة، على الرّغم من عدم وجود صلة مباشرة بينه وبين المرض. مصدر الصّورة: Science Photo Library
المشتبه الرّئيسيّ
أسيتات فيتامين E موجودٌ في العديد من الأغذية، بما في ذلك الزّيوت النّباتيّة، الحبوب، اللّحوم، الفواكه والخضروات؛ كما أنّه يُستخدم ٍ كمكمّلٍ غذائيٍّ وفي العديد من مستحضرات التّجميل، كمرطّباتٍ للبشرة. تقول آن شوكات (Schuchat)، نائبة مدير مركز السّيطرة على الأمراض، "أنّ الفيتامينات بشكل عام ليست ضارّةً عند استهلاكها عن طريق الطّعام أو المستحضرات الجلديّة. في المقابل، نتائج جديدةٌ مقلقة تبيّن أنّ استنشاق الفيتامين يضعف من أداء الرئتين. ومع ذلك، لم تثبت بعدُ أيّ علاقةٍ مباشرةٍ بين الإثنين. وأضافت شوكات: "النّتائج تقدّم إثباتًا مباشرًا أنّ مادّة أسيتات فيتامين E موجودةٌ في موقع الإصابة الرّئيسيّ في الرّئتين". وقد وصفت نتائج الفحص أنّها خارقةٌ.
في مقابلة مع "الواشنطن بوست"، وصفت الكيميائيّة ميشيل فرانكل (Francl) أسيتات فيتامين E بأنّه شبيه بموادّ التّشحيم. وقالت "بسبب مبناه الكيميائيّ، يجب تسخينه كثيرًا كي يتبخّر - لحرارةٍ تصل حتىّ 184 درجة مئوية، أعلى بكثير من نقطة غليان الماء. تقوم عمليّى التّسخين بتفكيكه إلى موادّ ضارّةٌ للتّنفس". ويضيف جيم بيركل (Pirkle)، الّذي أشرف على الفحوصات المخبريّة في مركز CDC الأمريكي: "إنّها مادّةٌ لزجةٌ، مثل العسل، يمكن أن تعطّل قدرة الرّئتين على التوسّع ".
هنّأ خبراء الصّحة العامّة بالنّتائج، لكنّهم أوضحوا أنّ هناك حاجةً لإجراء مزيدٍ من الفحوصات، كأخذ عيّنات من المرضى من بلدان أخرى. تشدّد شوكات (Schuchat) أيضًا على أنّ المادّة لا زالت بحاجةٍ إلى فحصٍ، خاصّةً أنّ هنالك مستخدمو سجائر إلكترونيّةٍ لم يعانوا من أيّ إصابةٍ تنفّسيّةٍ، مضيفةً أنّ التّجارب على الحيوانات يمكنها أن تساهم في تفسير الآليّة الّتي من خلالها تضرّ المادّة بالرّئتين – في حال كانت تضرّ بالرّئتين فعلًا . يقول سكوت بيكر، مدير هيئة مختبرات الصّحّة العامّة في الولايات المتّحدة: : "على الرّغم من أنّ هذه خطوةٌ رئيسيّةٌ نحو فهم مسبّبات الإصابة الرّئويّة، فإنّ النّتائج لا تنفي تأثير موادّ أخرى، وقد يكون هناك أكثر من عاملٍ مسبّبٍ واحدٍ".
على ضوء هذه النّتائج، وإلى أنّ يتمّ توضيح العلاقة بين مادة أسيتات فيتامين E وموادّ أخرى وبين الأمراض الرّئويّة، يوصي مركز CDC الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، بعدم استخدام السّجائر الإلكترونيّة، وعدم إضافة موادّ لم تحدّدها الشّركات المصنِّعة أو تُشِر إلى أنّه يمكن إضافتها.
التدقيق اللغوي: ريم بغدادي
التدقيق العلمي: رقيّة صبّاح