بعدَ أكثرِ من عام ونصف على أوّل عمليّة زراعة عين كاملة في التّاريخ، رغم نجاح جسم المريض في تقبُّل العين المزروعة وظهور مؤشّراتٍ حيويّة إيجابيّة، إلّا أنَّ المريض لم يستعد قدرته على الرؤيّة في العين المزروعة.
تعرّض آرون جيمس (James) أثناء عمله إلى تيّارٍ كهربائيٍّ عالي الشِّدّة، فقد على إثرِه إحدى عينيّه وأجزاء أخرى من وجهه. في أيّار 2023، خضع جيميس لعمليّةٍ جراحيّةٍ استثنائيّةٍ لزراعة عين كاملة وأجزاءً أخرى من الوجه، من متبرّع واحد. استغرقت العمليّة نحو 21 ساعة، وشارك فيها أكثر من 140 شخص من الطّاقم الطِّبّيّ. نظرًا لتعقيد الجراحة، أجرى الجرّاحون، كجزءٍ من التّدريب، ما لا يقلّ عن 15 تجربة جراحيّة على جثث مختلفة. خلال العمليّة، تمّ ربط عين المُتبرع بالعصب البصريّ الّذي يُعدّ حلقة الوصل بين العين والدّماغ.
كان ربط العين الجديدة بالأوعيّة الدّمويّة وضمان تدفُّق الدّم إليها، أحد أهمِّ تحدّيات الجراحة. لذلك، في إجراءٍ ثوريّ، سارع الجرّاحون إلى ربط الشّريان الرّئيسيّ لعين المتبرّع بشريانٍ كبير في منطقة الرّقبة لجسم المتلقّي (جيمس). بالإضافة إلى ذلك، ومن أجل تحفيز تعافي الرّوابط العصبيّة، قام الجرّاحون بحقن العصب البصريّ بخلايا جذعيّة من جسم المتبرّع، أملاً في أن تحلَّ محلّ الخلايا التّالفة في الجهاز العصبيّ.
تُظهِر العين المزروعة علامات حيويّة تدلّ على أنّها في حالة جيّدة ومستقرّة، لكنّها لا تنقل المعلومات إلى الدّماغ، على الأرجح بسبب الانقطاع العصبيّ | تصوير: Paolo De Gasperis, Shutterstock
بعد مرور أكثر من عامٍ ونصفٍ على الجراحة، من الممكن القول أنّ الزّراعة قد تكلّلت بالنّجاح من النّاحية التّقنيّة. فقد أظهرت الفحوصات أنَّ المؤشِّرات الحيويّة للعين طبيعيّة، بما في ذلك تدفُّق الدّم وضغطُه. كما وأنَّ الشّبكيّة تستجيب للضّوء بشكلٍ طبيعيّ، كما أفادَ جيمس بأنّه بدأ يستعيد الإحساس في المنطقة المحيطة بالعين، ممّا قد يشير إلى نموّ خلايا عصبيّة جديدة في هذه المنطقة. رغم ذلك، لم تنجح العين حتّى الآن في نقل الإشارات البصريّة للدّماغ ولم تستعد قدرتها على الإبصار.
من المبكّر جدًّا توقّع عودة البصر إلى العين المزروعة. وذلك بسبب عدم فهم آليّات التّعافي للخلايا العصبّية في الجهاز العصبيّ المركزيّ. حتى الآن، لم يكن واضحًا للمتخصّصين ما إذا كانت العين قادرة على إنشاء روابط عصبيّة مع الدّماغ في هذه المرحلة من حياة جيمس. ومع ذلك، تُعدّ هذه الجراحة نقطة انطلاق مهمّة في مجال زراعة العيون الكاملة. فبعد نجاح إجراء جراحيّ مُركَّب من هذا النّوع، تزداد فرص تمكُّن الطّواقم الطِّبّيّة من تكرار مثل هذه العمليّات وربّما من تحسينها. في حال تمكّن العلم من فهم خصائص الخلايا العصبيّة بشكلٍ أعمق، قد يصبح من الممكن إعادة ربط الأعضاء الحِسّيّة، كالعيْن مثلا، بالدّماغ، ممّا يفتح آفاق جديدة للمرضى باستعادة حواسِّهم المتضرّرة.