بشرى جديدة في مجال زراعة الأعضاء: لأوّل مرّة، تمّت زراعة عين بشريّة كاملة
آرون جيمس، 46 عامًا، جنديّ متقاعد من ولاية أركنساس في الولايات المتّحدة، تعرّض لحادث خطير في عام 2021. لمس أثناء عمله كابلًا كهربائيًّا مكشوفًا بطريق الخطأ، وتلقّى تيّارًا كهربائيًّا قويًّا في وجهه. ونتيجة للاصابة، فقد يده اليسرى حتّى أسفل المرفق، بالإضافة إلى أجزاء كبيرة من وجهه، بما في ذلك أنفه، شفتيه وعينه اليسرى. تمّ نقل جيمس إلى مركز لانغون الطّبّيّ (Langone) في نيويورك، حيث بدأ الفريق الطّبّيّ في معالجته لترميم أعضائه المصابة. عاد آرون مؤخّرًا إلى المستشفى في ظلّ ظروف سعيدة: في أوّل عمليّة من نوعها، تمّ زرع عين له من متبرّع.
على الرّغم من أنَّ عمليّات زرع القرنيّة أصبحت شائعة نسبيًّا، إلّا أنَّ عمليّات زرع العين الكاملة تعدّ حدثًا جديدًا. العين عضو معقّد، موصولة بالدّماغ عن طريق العصب البصريّ، الّذي يرسل إشارات الدّماغ من العين ويسمح لها بفكّ وتحليل ما تراه. تنبع التّحدّيات في الجراحة المبتكرة من حقيقة الاتّصال بين العين الجديدة والدّماغ، والحاجة إلى إمداد العين الجديدة بالدّم، ومن الاستجابة المناعيّة للجسم، الّتي قد ترفض العضو المزروع.
عندما تمّت إزالة عينه المتضرّرة بعد الإصابة، قام الجرّاحون بقطع العصب البصريّ في أقرب مكان ممكن من العين للحفاظ على أكبر قدر ممكن منه، على أمل أن تكون هناك إمكانيّة لإعادة تأهيله في المستقبل، على الرّغم من أنَّ مثل هذا الإجراء لم يتمّ تنفيذه سابقًا.
رأى الأطبّاء أنّ جيمس هو المريض المثاليّ للجراحة الجديدة. وإضافة إلى استعداده العالي لعمليّة الزّراعة، وقدراته التّحفيزيّة على تحسين حالته، فقد سبق أن عولج بأدوية تثبّط جهازه المناعيّ، لأنّه اضطرّ إلى إجراء عمليّات زرع إضافيّة في منطقة وجهه. تعتبر هذه الأدوية ضروريّة حتّى لا يرفض الجهاز المناعيّ العضو الجديد.
وفقًا للأطبّاء، فقد أوصوا بإجراء الجراحة معتقدين أنّه حتّى لو لم تعمل العين، فإنّها سوف تُحسّن على الأقلّ مظهر وجهه بشكلٍ ملحوظ.
المرشّح المثاليّ للجراحة. جيمس بعد العمليّة ورئيس الفريق الطّبّيّ المعالج له الطّبيب إدواردو رودريجيز | الصّورة: NYU LANGONE STAFF
قد تعود الرّؤية
تمّ إجراء العمليّة الكبيرة والمعقّدة في مايو 2023، بمشاركة أكثر من 140 من أفراد الطّاقم الطّبّيّ. اِستغرقت العمليّة 21 ساعة، تمّ خلالها زرع أجزاء الوجه لجيمس، بما في ذلك الأنف والشّفتين وبالطّبع العين الجديدة، إلى جانب الأنسجة الّتي تحيط بها وتثبّتها في مكانها - كلّ ذلك من متبرّع واحد. بالإضافة إلى ذلك، تمّ حقن الخلايا الجذعيّة من جسم المتبرّع في عصب آرون البصريّ. قد تصبح الخلايا الجذعيّة خلايا جديدة تحلّ محلّ الخلايا المتضرّرة من الحادث.
كانت العمليّة ناجحة، ويبدو أنَّ العين الجديدة تتلقّى بالفعل إمدادًا دمويًّا مناسبًا من جسد جيمس ومتّصلة به بشكل صحيح. حتّى الآن، أبريل 2024، لا يزال جيمس غير قادر على الرّؤية من خلالها، لكن بحسب أطبّائه، فإنَّ عمليّة الشّفاء والتّواصل مع الدّماغ سوف تستغرق وقتًا، وقد يعود البصر لاحقًا. حاليًّا هم راضون من التّحسّن الجماليّ لجيمس، وهم يراقبون تعافيه من العمليّة.
تقدّم كبير في عمليّات الزّرع. صورة من العمليّة الجراحيّة الّتي استمرّت 21 ساعة | الصّورة: JOE CARROTTA / NYU LANGONE STAFF
تشير العلميّة إلى التّقدّم الكبير الّذي حدث في عمليّات زرع الأعضاء على مرّ السّنين، وقد يُعلّمنا الكثير عن التّبرّع بالأعضاء المرتبطة بالدّماغ. ولا يسعنا إلّا أن نأمل أن تكون عمليّات زرع العيون في المستقبل استراتيجيّة مجدية وقابلة للإجراء في حالات الإصابات أو الأمراض، وأن تكون قادرة على استعادة نور أعين المرضى.