لماذا نستيقظ في الصّباح مع رائحة فم كريهة؟
تمّ تسجيل المقال من قبل المكتبة المركزية للمكفوفين وذوي العسر القرائي
للقائمة الكاملة للمقالات الصوتيّة في الموقع
يعاني معظم النّاس من رائحة الفم الكريهة عند الاستيقاظ، وعادةً ما يحلّ تنظيف الأسنان المشكلة. لكن حوالي 25 في المائة من السّكّان يعانون بشكل دائم من رائحة الفم الكريهة المزمنة (halitosis). هناك عدّة أسباب منطقيّة للغاية لتطوّر الرّائحة الكريهة، من بينها تراكم الطّعام والبكتيريا على اللّسان أو الأسنان، جفاف الفم، أمراض اللّثّة، تسوّس الأسنان، التّدخين، الإفراط في شرب الكحول أو مشاكل في الجهاز الهضميّ.
الكبريت في الفم
تعدّ بكتيريا الفم والبلعوم من الأسباب الرّئيسيّة والشّائعة لرائحة الفم الكريهة. يوجد حوالي 500 نوع مختلف من البكتيريا في تجويف الفم. توفّر درجة الحرارة (37 درجة مئويّة) والرّطوبة في تجويف الفم ظروفًا مثاليّة لنموّ وازدهار البكتيريا. تفرز البكتيريا مركّبات الكبريت المتطايرة وبالتّالي تسبّب رائحة كريهة مشابهة لرائحة البيض الفاسد أو البراز. لهذا السّبب، سوء نظافة الأسنان هي أحد الأسباب الرّئيسيّة لتطوّر رائحة الفم الكريهة.
هناك مسبّبات أخرى تسبّب رائحة الفم الكريهة مثل تدخين منتجات التّبغ، شرب القهوة، الإفراط في استهلاك الكحول وتعاطي المخدّرات. يحتوي دخان التّبغ على مركّبات كبريتيّة لها رائحة كريهة، إضافة إلى ذلك، يمكن أن يسبّب التهابات اللّثّة وسرطان الفم والبلعوم، ممّا يؤدّي، أيضًا، إلى الرّائحة الكريهة. يساهم استهلاك الكحول في تكوين رائحة الفم الكريهة، لأنّ المركّبات الموجودة في المشروبات الكحوليّة تتأكسد في تجويف الفم أو الكبد وتتحوّل إلى مركّبات متطايرة ذات رائحة كريهة. بالإضافة إلى ذلك، تعمل القهوة، الكحول والتّبغ، أيضًا، على تقليل إفراز اللّعاب ممّا يؤدي إلى رائحة كريهة في تجويف الفم. يحتوي اللّعاب على مركّبات مضادّة للبكتيريا ويساعد، أيضًا، على تنظيف تجويف الفم من بقايا الطّعام، وبالتّالي يمنع نموّ البكتيريا. كما أنّه يساعد في غسل، تخفيف وإزالة الموادّ ذات الرّائحة المتراكمة في تجويف الفم.
تُعدّ بكتيريا الفم والبلعوم من الأسباب الرّئيسيّة والشّائعة لرائحة الفم الكريهة. البكتيريا في تجويف الفم واللّسان | المصدر: Inspiring, Shutterstock
الأسباب الّتي تختبئ في علبة الدّواء
قد تسبّب أمراض مختلفة مثل مرض السّكّري غير المتوازن، أيضًا، في ظهور رائحة كريهة للفم. يتميّز مرض السّكّري بعدم قدرة خلايا الجسم على امتصاص الجلوكوز من الدّم بشكل فعّال. يعتبر الجلوكوز مصدرًا رئيسيًّا للطّاقة في العديد من أنواع الخلايا والأعضاء، ويتمّ التّعويض عن نقصه في الجسم بواسطة تفكيك الأحماض الدّهنيّة واستخدامها كمصدر للطّاقة. حمض أسيتو الأسيتيت (acetoacetate) هو أحد نواتج تفكيك الأحماض الدّهنيّة، حيث يتحوّل إلى أسيتون في الدّم، وهي مادةّ لا يستخدمها الجسم، ولكن يفرزها عبر الكلى والرّئتين. عندما يخرج الأسيتون من الجسم عبر الرّئتين، نشعر برائحته الكريهة في هواء الزّفير. علاوة على ذلك، إنّ المصابين بمرض السّكّري أكثر عرضة للإصابة بأمراض اللّثة الّتي تسبّب رائحة الفم الكريهة.
توجد، أيضًا، أدوية مثل مضادّات الاكتئاب، مدرّات البول والأدوية الخافضة للضّغط الّتي تسبب رائحة الفم الكريهة، لأنّ أحد آثارها الجانبيّة هو خفض كمّيّة اللّعاب المنتجة في الفم. أمّا الأدوية الأخرى فتنشر مركّبات متطايرة في الدّم عند تفكّكها، الّتي تخرج من الجسم عبر الرّئتين عند الزّفير، فتنتج الرّائحة الكريهة. تشمل هذه الأدوية النترات والنتريت المستخدَمة في علاج الذّبحة الصّدريّة (Angina Pectori). إضافة إلى ذلك، تتميّز الأطعمة المختلفة، خاصّة الخضار، مثل البصل والثّوم، بكونها تنتج مركّبات متطايرة تسبّب رائحة الفم الكريهة.
تنظيف الأسنان غير كافٍ
تشخيص الأسباب المؤدّية للرّائحة الكريهة هي أهمّ خطوة لمعالجتها. عند تحديد الأسباب، يمكن تكييف العلاج الأكثر فعاليّة للمشكلة.
عند النّوم ، يسمح انخفاض كمّيّة اللّعاب في الفم للبكتيريا بالنّموّ. البكتيريا الّتي تسبّب رائحة الفم الكريهة | المصدر: Science Picture Co / Science Photo Library
في معظم الحالات، يعتبر الحفاظ على نظافة الفم حلًّا فعّالًا لتقليل رائحة الفم الكريهة. إنّ لتنظيف الأسنان بالفرشاة بشكل منتظم وصحيح مدّة دقيقتين، مرّتين في اليوم، والاستخدام اليوميّ لخيط تنظيف الأسنان وشطف الفم بغسول مضادّ للبكتيريا وخالٍ من الكحول، أهمّيّة في إزالة بقايا الطّعام، والقضاء على البكتيريا الّتي تتراكم على اللّسان والأسنان، وبالتّالي تقليل رائحة الفم الكريهة.
إذا كان سبب الرّائحة الكريهة هي مشاكل في الجهاز الهضميّ، فعليك استشارة الطّبيب. أمّا في حالات تسوّس الأسنان أو التهاب اللّثّة، فيكمن الحلّ عند طبيب الأسنان أو عند مختصّ في حفظ الأسنان. وإذا كان السّبب هو التّدخين أو الإفراط في شرب الكحول، فإنّ الإقلاع عن التّدخين والتّقليل أو التوقّف عن الشّرب سيحلّ المشكلة، ويساهم في الحفاظ على صحّتك.
من ناحية أخرى، إنّ الدّراسات الّتي فحصت التّغييرات في النّظام الغذائيّ أو مضغ العلكة أو استخدام معاجين الأسنان المحتوية على الزّنك، لم تشر إلى تحسّن كبير في منع رائحة الفم الكريهة. لذلك، يمكن أن يؤدّي عدد كبير من العوامل إلى تكوين رائحة كريهة عند الاستيقاظ في الصّباح. على سبيل المثال، عدم تنظيف أسنانك بالفرشاة قبل النّوم يؤدّي إلى تراكم الطّعام والبكتيريا وبالتّالي يمكن أن يؤدّي إلى تفاقم الرّائحة. يؤدّي النّوم مع فتح الفم أو الشّخير أو انقطاع التّنفّس أثناء النّوم (sleep apnea) إلى جفاف الفم، وبالتّالي هو، أيضًا، جزء من أسباب تفاقم الرّائحة في الصّباح. الخطوة المهمّة هي فهم سبب الرّائحة، عندها سيكون من الممكن تكييف العلاج الأكثر فعاليّة.