النار التي تشتعل بدون مصدر خارجيٍّ للحرارة

جميعنا نعرف النار التي تشتعل بواسطة مصدر حرارة خارجي كأي نار أخرى (إشعال الورقة بواسطة عود الثقاب)، الشرارة الكهربائية، الاحتكاك أو تركيز أشعة الشمس بواسطة العدسة المُكَبّرة. هناك طريقة أخرى لإشعال اللهب وهي عبارة عن تفاعل كيميائي كما يمكن مشاهدته في المقطع التالي:

التفسير العلمي

لاشتعال النار هناك حاجة لثلاثة عوامل تسمى مثلث النار: وجود مادة وقود قابلة للاحتراق (كالخشب، الوقود أو الفحم) ووجود مادة مُؤكسِدة (عادة أكسجين من الهواء، ولكن توجد مُؤكسِدات أخرى) وحرارة عالية. إذا نقصِ أحد هذه العوامل لا يمكن للنار أن تشتعل. وإذا وُجدت هذه العوامل الثلاثة تشتعل النار وتستمر بالاشتعال دون علاقة بما يحدث حولها. في التجربة التالية عُرِضَ "ضلعان" فريدان من نوعهما لمثلث النار. الضلع الأولى هو استعمال مادة مُؤكسِدة ليست أكسجين الهواء بل كلورات البوتاسيوم، KClO3  ، (والمعروف بلقب "ملح بارثوليت" Berthollet Salt). عند خلط هذه المادة مع مادة قابلة للاشتعال وتسخين المخلوط تتكون نار تماماً كما يحدث في المقطع الذي يعرض السائل الذي يحرِق كل ما يلامسه. المادة المشتعلة في تجربتنا هذه هي السكر، وقد تم خلطه مع كلورات البوتاسيوم.

الضلع الفريد الثاني من أضلاع مثلث النار الثلاثة هو مصدر الحرارة: تندلع النار تلقائياً بدون مصدر حرارة خارجي. يتم الحصول على الحرارة في هذه الحالة عن طريق تفاعل كيميائي بين حامض الكبريتيك المركّز (H2SO4) وبين كلورات البوتاسيوم وينتج منه الحامض الكلوراتي (HClO3) وذلك بحسب الصياغة التالية:

 2KClO3 + H2SO4 → 2HClO3 + K2SO4

الحامض الكلوراتي هو مُؤكسِدُ فعّال قوي جداً قليل الثبات. يؤدي مجرد تلامس هذه المادة مع مادة عضوية قابلة للاشتعال، كالسكر، إلى تفاعل كيميائي قوي ونشِط جداً تنطلق معه حرارة كثيرة تؤدّي إلى تكوّن اللهب. تعمل النار التي تكوّنت على تزويد الطاقة لإكمال مثلث النار - إلى أن يحترق السكر كلياً.

لقد أنتجت أول عيدان ثقاب في بداية القرن التاسع عشر من قبل المخترع الفرنسي لان شانسل (Chancel) الذي طوّرَ الإصدار الأول سنة 1805 ثم قام البريطاني جونز (Jones) بإتقانه عن طريق إدخال تعديلات عليه سنة 1828. تكونت هذه العيدان من خليط من الكبريت والسكر والمطاط (وهي مواد قابلة للاشتعال) مطلي بكلورات البوتاسيوم. تم إشعال عود الثقاب بواسطة إدخال رأسه إلى قنينة صغيرة تحتوي على حامض الكبريتيك، أو كما في الإصدار المعدّل، بواسطة كسر فقاعة زجاجية صغيرة بحامض الكبريتيك مما يؤدي إلى اشتعال فوري لعود الثقاب. ما زالت كلورات البوتاسيوم في أيامنا مُرَكِّباً مركزياً في رؤوس عيدان الثقاب، ولكن في عيدان الثقاب الآمنة الحديثة يتم الحصول على الحرارة اللازمة للاشتعال عن طريق احتكاك رأس عود الثقاب بحافة العلبة التي يوجد عليها عنصر الفوسفور.

في انتفاضة وارسو والتي قامت خلالها العصابات البولندية بأعمال ضد الاحتلال النازي في الحرب العالمية الثانية تم استعمال القناني الحارقة بشكل واسع، والتي سميت حينئذٍ بقناني أو كوكتيل المولوتوف نسبة لفياتشيسلاف مولوتوف وزير خارجية الاتحاد السوفيتي في تلك الفترة. اشتعلت هذه القناني من تلقاء ذاتها عند إصابتها لسطحٍ ما، وذلك بالطريقة التي تم عرضها في مقطع الفيديو. احتوت كل قنينة زجاجية على حامض الكبريتيك المخلوط مع الوقود، والجزء الخارجي للقنينة مغلّف بقماش عليه خليط من كلورات البوتاسيوم والسكر. عند تحطّم القنينة تختلط جميع هذه المُركِّبات وتندلع النار.

 

 

الترجمة للعربيّة: خالد مصالحة

استجابة واحدة

  • אנונימי

    🐔