ليس الذَّهب وَحده ثمينًا. هُنالك فِلزَّات يُمكِن أن تُكلّف عَشرات الآلاف مَن الدّولارات للكيلوغرام، وهُنالك عَناصر مُشعّة أكثر تَكلفة. كَم عَدد المدّخرات الّتي يَجب عَليك سحبها لِشراء غرام البلوتونيوم؟

يَحوي الجَدول الدَّوري العَديد مِن العَناصر التي تَختلف اختلافًا كَبيرًا في انتِشارها وَسُهولة الحُصول عَليها وتكلفتها. إلى جانب الأكسجين (O) والنّيتروجين (N)، المُتاحين لَنا مجَّانًا في الهَواء الذي نَتنفّسه، أو العَناصر الشَّائعة وَغير المُكلفة مِثل الكَربون (C) والألومنيوم (Al)، هُنالك أيضًا عَناصر ذات قيمة كَبيرة للغاية الَّتي لا يُمكن الحُصول عَليها في الطَّبيعة أو إنتاجِها بكمّيّات كَبيرة. ما هِي هذه العَناصر الثَّمينة، وَلماذا هِي كذلك؟

 

المَبنى يُقَرِّر

أوّلًا، بَعض العناصر الّتي تُعتبر باهِظة الثَّمن، هي  في الواقع رَخيصة للغاية. الفِضَّة (Ag)، عَلى سَبيل المِثال، يُنظر إليه على أنَّهُ فِلزّ ثَمين وَلكِن سِعْره يَبلغ حَوالي 500 دولار للكيلوغرام، وهذا يساوي قَطرة في البَحر مُقارنةً بالأسعار التي سَنراها أدناه. بالمُناسبة، أحد العَناصر الأرخص في الجدول الدَّوريّ بالوزِن هُوَ الحَديد (Fe) الّذي يُكلّف عِدَّة مِئات مِن الدّولارات للطّنّ،  أي بثمن عَشرات السّنتات للكيلوغرام، كَما أنَّ الكبريت رَخيص جدًّا.

تعتبر بعض الأشكال (الحالات) لعناصر معيّنة غالية ومكلفة، مثال واضح الماس، وهو شكل نادر ومكلف لعنصر الكربون، حيث يتمّ ترتيب الذّرّات بداخله بشكل مختلف عن الأشكال الشّائعة للعنصر الأساس: الفحم أو الغرافيت. يصل ثمن الماس الطّبيعيّ الخالي من الشوائب ذي الجودة العالية إلى عشرات آلاف الدّولارات للغرام الواحد. 

مثال آخر هُوَ النَّظائر المُشعَّة للعَناصر التي لَها نَظائر مُستقرَّة. النَّظائر المُختلفة للعُنصر نَفسه هي ذرَّات لَها نَفس عَدد البروتونات وَلكن بأعداد مُختلفة مَن النّيوترونات في نَواة الذَّرّة. لا يُؤثِّر هذا التَّغيير عادة على الخَصائص الكيميائيَّة للعَناصر، وَلكِن فَقط عَلى خَصائِصها النّوويّة (على سَبيل المِثال، النَّشاط الإشعاعيّ) وَخصائِصها الفيزيائيَّة (مِثل الكَثافة).

عَلى سَبيل المِثال، التّريتيوم (T أو H3) هُوَ نَظير مُشعّ، مُفيد،نادر وَمُكلف للغاية من نظائر الهيدروجين  الّذي يعتبر عُنصرًا رخيصًا بِشكل عامّ. التّريتيوم مادّة نادرة للغاية قَد يَصل سِعره إلى 30.000 دولار للغرام . بالطَّبع، في مُعظم استخداماته تُطلَب كمّيّات قليلة  فقط.

צורה מעט שונה של החומר הנפוץ ביקום תעלה 30 אלף דולר לגרם אחד. טריטיום | צילום: ויקיפדיה, Teravolt
سَيُكلّف شَكل مُختلف قليلًا مِن المادَّّة الشَّائعة في الكَون 30000 دولار للغرام. التّريتيوم | الصّورة: ويكيبيديا، تيرافولت Teravolt 

أمثلة أُخرى على العَناصر التي تُعتَبر مُكلفة فَقط في أشكال مُعيَّنة هُوَ البورون (B) والفلور (F). هذه العَناصر رَخيصة وَشائعة جدًّا كَجُزء مِن المُركَّبات، ولكنّها مُكلِفة للغاية في شَكلها النّقيّ. مِن الصَّعب جدًّا إنتاج البورون كَعُنصر نَقيّ بدون شَوائب، في حين أنَّ الفلور نَشط جدًّا (تفاعليّ)، لذا فإنَّ تَخزينه بِدون أن يُتلِف (يأكل) الوعاء الّذي يُحْفَظ به، ويجعله يتآكل، يُعدّ مهمّة صعبة.. وَنتيجةً لذلك، يكلّف كِلاهما عِدَّة آلاف مِن الدّولارات للكيلوغرام لأولئك الّذين يَحتاجونَها كَعناصر نَظيفة (نقيّة).

السّيزيوم (Cs) والرّوبيديوم (Rb) هِي أيضًا فلزَّات نَشِطة جدًّا وبالتَّالي تَظهر في الطَّبيعَة فَقط كأملاح - مُركَّبات مِن أيّونات الفلزَّات مَع أيونات أُخرى. هذِه الأملاح غَير مُكلِفة نسبيًّا، لكِن أيّ شَخص يُريد هذِه العناصِر في حالتها النّقيّة سيضطرّ  إلى دَفع أكثر من عَشرة آلاف دولار للكيلوغرام، بِسبب صُعوبة إنتاجِها مِن أملاحها.

התרכובות זולות, החומרים הטהורים יקרים. גבישים של פלואור (מימין) ובורון | צילומים: Science Photo Library
المُركَّبات رَخيصة، والمَوادّ النّقيّة غالِية الثَّمن. بلّورات الفلور (على اليمين) والبورون | الصِّور: مَكتبة صُوَر العُلوم Science Photo Library

ليس كلّ ما يلمع ذهبًا

خِلافاً لهذه العناصر، جَميع العَناصر الثَّمينة الأُخرى في الجَدول الدَّوريّ الّتي تُكلِّف آلاف الدّولارات أو أكثر للكيلو هي فلزّات.

تَشمل المَجموعة الأولى مَجموعة البلاتين: الرّوثنيوم (Ru)، الرّوديوم (Rh)، البلاديوم (Pd)، الأوزميوم (Os) إيريديوم (Ir) وبالطّبع البلاتين (Pt). هذه العناصر مُتشابهة، وعادةً ما تَظهر معًا في الطَّبيعة ودائمًا بكمّيّات قليلة جدًّا وصَعبة الإنتاج، لذا فَإنَّ تعدينها ليس مربحًا اقتصاديًّا. لذلك، يَتِم إنتاجها كَمُنتجات ثانويَّة عند تعدين الفلزَّات الأخرى، خاصّة النّيكل (Ni).

يَتَحدَّد سعرها وفق ملاءمةٍ معيّنة. بِاستثناء الرّوثينيوم، تكلّف هذه العَناصر أكثر من عَشرة آلاف دولار للكيلوغرام، وَعادةً ما تَكون أضعاف هذا السّعر. العنصر ذو السّعر الأعلى هو الرّوديوم، على الرُّغم مِن أنَّ الأوزميوم هُوَ أكثر عُنصر نادر، في الواقِع، هُوَ العُنصر النَّادر والمُستقرّ في قشرة الأرض، إذ يتمّ إنتاج أقلّ من ألف كيلوغرام منه سنويًّا في العالم، ولذلك يًفضّل إيجاد بدائل أخرى مكانه، عندها يقلّ الطّلب عليه فينخفض سعره.  الرّوثينيوم رَخيص مُقارنةً بالعناصر الأخرى، وَيُكلِّف عِدَّة آلاف مِن الدّولارات للكيلوغرام. 

كُلّ هذِه العَناصر خاملة كيميائيًّا أي أنَّها لا تَتفاعل بِسُهولة مَع عَناصر أُخرى وبالتَّالي لا تَتَأكسد وَلا تتآكل، وهي العَمَليَّة التي يُصبِح بِها الحَديد، عَلى سَبيل المِثال، صدأ عند تَفاعُله مَع الأكسجين. تُساهِم هَذِه الميزة في ارتفاع تَكاليفِها واستخداماتِها. عَلى سَبيل المثال، المتر المعياريّ والكيلوغرام المعياريّ، اللّذان يُستخدمان  لِتَحديد وتعريف الوِحدات مَصنوعان مِن سَبائك البلاتين والإيريديوم.

يُستَخدم البلاتين، بِشَكل أساسيّ، في صِناعة المُجوهرات، ولذلك  يُشار إليه بِاسم "الذَّهب الأبيض"، وَلكن لَهُ أيضًا استِخدامات في مجالَي الصّناعة والطّبّ. يَتِم استِخدام العَناصر الأُخرى في المَجموعة بِشكل رئيسيّ في الصِّناعة، على سبيل المثال كَمُحفِّزات في المُحوَّلات الحفَّازة - تحفيزيّة (فلتر البيئة)، المَوجودة في كُل سيَّارة، وَيتمثّل دورِها في  تَقليل تَلوُّث (تنقية) الهَواء المُنبعث.

فِلزّ آخر عالي التَّكلِفة هُوَ، طبعًا، الذَّهب المعروف (Au). إنَّهُ عُنصر خامل كيميائيًّا ومكلف،  وَلكن لَهُ خَصائِص كيميائيَّة مُختَلِفة عن مَجموعة البلاتين وَلا يَظهر في الطَّبيعة مَع الفِلزَّات مِن هَذِه المَجموعة.

يَتَراوح سِعر الذَّهب بَين 40 و30 أَلف دولار للكيلو الواحد، عادةً يَكون أَرخص من البلاتين والرّوديوم، وَلكنَّهُ أغلى مِن الفِلزَّات الأُخرى في مَجموعة البلاتين، وذلك اعتمادًا على تَقلُّبات الأسعار في السّوق. الرّينيوم هُوَ فلِزّ نادر وَمُكلِف، لكنّ سِعرهُ أقلّ، ويصل إلى  آلاف الدّولارات لِكُلّ كيلوغرام.

 

הזהב הלבן. פלטינה משמשת לא רק בייצור תכשיטים, אלא גם ברפואה ובתעשייה | צילום: Science Photo Library
الذَّهب الأبيض. لا يُستخدم البلاتين في صُنع المُجوهَرات فَحسب، بل أيضًا في مجالَي الطِّبّ والصِّناعة| مَكتَبة الصِّور العِلميَّة Science Photo Library

 

عناصر صعبة المنال

هناك مَجموعة أُخرى مِن الفِلزَّات الثَّمينة والنّادرة في الطَّبيعة أو يَصعب إنتاجِها. غالبًا ما تَظهر بِتركيزات مُنخَفِضة جدًّا، إلى جانب عَناصر مُشابهة لِخصائصها، بِحيثُ لا يَتِمّ استِخراجها بِسُهولة مِن ركاز المادة الخام.

تَشمل هَذِه المَجموعة سكانديوم (Sc) الّذي يُشبِه الألومنيوم في خَصائصه. إنَّهُ عُنصر نَشِط كيميائيًّا وَليس نادرًا جدًّا. تَنبع صُعوبة العثور عَليه وإنتاجِه لأنّه  لا يتركّز بكمّيّات كَبيرة في مكان واحد، وَهذا هُوَ السَّبب في أنَّه باهظ الثَّمن أيضًا: أكثر من 10,000 دولار للكيلوغرام.

التّاليوم (Tl) هُوَ عُنصر سامّ لأنَّ الجِسم يُواجه صُعوبة في تَمييزه عَن البوتاسيوم، وَهُوَ أمر ضَروريّ للعَديد مِن العَمليَّات البيولوجيَّة. إنَّهُ مُكلف للغاية بِسبب صُعوبة إنتاجه وندرته، إذ يُكلَّف عِدَّة آلاف مِن الدّولارات للكيلوغرام الواحد. تَبلُغ تَكلفة اللانثينيدات (وهي مَجموعة من الفلزَّات يَتراوح عَددها الذَّرّيّ بَين 57 و 71): اللّوتوثيوم (Lu) والتّاليوم (Tm) حوالي 10000 دولار. كان إنتاج اللّوتوثيوم أكثر صُعوبة في الماضي، وبالتَّالي كان أكثر تَكلفة، وَهُوَ أيضًا اللّانثينيد الأخير الّذي اكتُشِفَ في الطّبيعة، وَواحد  مِن آخر العَناصر المُستقرَّة المَوجودة. كُلّ هذه العناصر مُكلفة للغاية وغير مربحة اقتصاديًّا، ، وَلذلك يَتِمّ إنتاجها فَقط كَمُنتجات ثانويَّة عند إنتاج الفلزّات الأخرى.

גם נדיר, גם קשה להפקה, גם רעיל וגם עולה אלפי דולרים לק"ג. פיסה זעירה של תליום | צילום: Science Photo Library
نادر، ويَصعب إنتاجه، وسامّ، وَيُكلِّف آلاف الدّولارات للكيلوغرام. قِطعة صغيرة من التّاليوم | تصوير: مَكتَبة الصَّور العِلميَّة Science Photo Library 
 

الحذر، أشعّة !

تَتَكوَّن المجموعة الثَّالِثة مِن الفلزَّات الثَّمينة من العَناصر المُشعَّة. هُناك عَدد غَير قَليل مِن العَناصر المُشعَّة في الطَّبيعة، وَلكن اليورانيوم (U) والثّوريوم (Th) يَظهران فقط بكمّيّات كَبيرة وَرَخيصة جدًّا. لا يُمكن الحُصول على جَميع العَناصر المُشعَّة الأُخرى، بِاستثناء البلوتونيوم، بكمّيّات بِكميَّات تَتَجاوز عِدَّة كيلوغرامات. مُعظَم الكمّيّات الإجماليَّة المُنتجة تَبلُغ بِضعة غرامات، إن لَم تَكُن أقلّ.

بَعض هذه العَناصر نادِرة جدًّا إذ تتواجد بكمّيّات قليلة، ومنها الأكتينيوم (Ac) والإستاتين (At). في الواقع، يَتِمّ إنتاج البعض الآخر بِكَثرة في المفاعلات النّوويّة، ةُ وعادة لا يَتِمّ فَصلِها عن بَقيَّة النّفايات النّوويّة مثل  التكنيتيوم (Tc) والنافتونيوم (Np). على عكس بعض العناصر، هي لا تتواجد في الطَّبيعة على الإطلاق، وَيَتِمّ إنتاجِها فَقَط في المفاعلات النّوويّة بكمّيّات قليلة. عَلى سَبيل المِثال، يَبلُغ إجماليّ كمّيّة الأموريتسيوم (Am) والكيريوم (Cm) الّتي تَمَّ إنتاجِها على الإطلاق في العالم بِضعة كيلوغرامات،  وتمّ إنتاج عَناصر أثقل مِنها بكمّيّات أقلّ.  

تعمل المفاعلات النّوويّة في العالم على إنتاج الكهرباء. وكلّ عنصر ثقيل من البلوتونيوم يتمّ إنتاجه، يكون، عادةً، منتجًا ثانويًّا - ومرغوبًا أحيانًا - من منتجات المفاعل. توزيع ونشر هذه العناصر محدود، وفقط مختبرات مرخّصة تستطيع الحصول عليها. مثلًا، لو أردتم الحصول على البلوتونيوم لتشغيل آلة الزّمن في سيّارتكم الدّلوريان، فلن تستطيعوا الحصول عليه بشكل قانونيّ في الولايات المتّحدة وإسرائيل.

إذا أنشأتم مؤسّسة لمعالجة الموادّ المشعّة، كمعهد الأبحاث أو الجيش، فعليكم أن تدفعوا كثيرًا. كم ستدفعون؟ الكثير.

يَتطلَّب إنتاج البلوتونيوم للأسلِحة النّوويّة إنشاء مَفاعل وَمَرافِق مُخصَّصة لِفَصل البلوتونيوم. لِذلك،  ربّما يصل سِعر البلوتونيوم عالي الجودة الّذي يُستخدَم لأغراض عسكريّة إلى مِئات الدّولارات للغرام، إنْ لَم يَكُن أكثر، أي مِئات الآلاف من الدّولارات للكيلوغرام، وَهُوَ أكثر تَكلفة من الذَّهب بعشرات المرّات. يتطلّب 4 كيلوغرام من البلوتونيوم لصناعة قنبلة نوويّة، وتصل تكلفتها لأكثر من مليون دولار. . وَكما ذَكرنا سابقًا، لا يُوجَد سوق لِهذه المَوادّ تقريبًا، ولذلك إنتاجها مُكلف.

يَتِم تَخصيب اليورانيوم إلى مُستوى الأسلحة، مِمَّا يَعني أنَّ 93 في المائة مِنهُ على الأقلّ هُوَ نظير اليورانيوم المُشِعّ 235، وَهُوَ أرخص بِكثير وَيُكلِّف نَحْوَ ضِعف الذَّهب - يَصِل إلى مائة ألف دولار للكيلو. المسألة هنا هي تكلفة الإنتاج، إذ تَخضع المادّة للمُراجعة الدّقيقة، ولا يُمكِن لِشَركة خاصَّة أو تِجاريَّة الحُصول عَليها.

ما تبقّى من عناصر مشعّة، لا يمكن تسعيرها بالكيلوغرام، لأنّ كلّ الكمّيّة المنتجة تصل إلى بضعة كيلوغرامات أو أقلّ. تكلفة الكيريوم والأميريتسيوم، اللّذين يُستخدمان تجاريًّا في أجهزة الكشف عن الدّخان، مساوية لتكلفة البلوتونيوم أو أكثر بقليل: مائتا دولار لغرام الكيريوم، وألف دولار للأميريتسيوم. وبسبب أنّ كاشف الدّخان يحوي أقلّ من مليون غرام  أميريتسيوم، فإنّ تكلفة استخدامه منخفضة جدًّا.  

الكاليفورنيوم (CF) هو أثقل عنصر له استخدامات صناعيّة خارج المختبر، وهو مكلف للغاية: جزء واحد من المليون من الغرام تكلّف عشرات الدّولارات، أي عشرات الملايين من الدّولارات للغرام الواحد. على أيّة حال، الكمّيّة المنتجة الكاملة من كاليفورنيوم تقاس بالغرام، وكلّ استخداماته تعتمد على انبعاث النّيوترونات القويّة منه بسبب نشاطه الإشعاعيّ، ولذلك تكفي كمّيّات قليلة منه. في الماضي، بلغ الاستهلاك السّنويّ العالميّ 150 ملليغرام، ولذلك هذه الاستخدامات ليست باهظة الثّمن.

الباركليوم (BK) هو العنصر الأخير والأثقل من اليورانيوم، وهو عنصر يمكن إنتاجه في المختبر بكمّيّات كبيرة تصل إلى عشرات حتّى مئات الملليغرامات، لكن لا استعمال له خارج المختبر. هو أغلى من الكاليفورنيوم- حوالي 200 دولار لكلّ واحد في المليون من الغرام، أي أغلى بخمسة مليون من سعر الذّهب بوزن مشابه.

من العناصر المشعّة والأخفّ من اليوراونيوم، والوحيد الّذي يُستخدم على نطاق واسع خارج المختبرات، هو عنصر البولونيوم (Po)، في شكل نظير البولونيوم 210. هو عنصر عالي التّكلفة وأغلى من الذّهب بمئات أو آلاف المرّات. اِستخداماته على نطاق ضيّق، وتقتصر على كمّيّات قليلة من الملليغرامات. مع ذلك، الإنتاج السّنويّ للبولونيوم كبير نسبيًّا لعنصر صناعيّ مثل هذا، إذ يبلغ الإنتاج السّنويّ للبولونيوم حوال 100 غرام، ويتمّ إنتاجه عمدًا لأنّه ليس منتجًا ثانويًّا للمفاعلات النّوويّة، كما ويتطلّب جهدًا خاصًّا لإنتاجه. وجدير بالذّكر أنّه تمّ استخدام البولونيوم في اغتيال الجاسوس الرّوسيّ ألكسندر ليتفيننكو.

מחצבים עשירים באורניום (משמאל) ותוריום. חומרים יחסית זולים, אבל בפיקוח הדוק | צילומים: Science Photo Library
متحجراتٌ غنيّة باليورانيوم (على اليسار) والثّوريوم. موادّ رخيصة نسبيًّا، لكن تحت رقابة صارمة. الصّور: مكتبة صور العلوم Science Photo Library
 

أن نكون كيميائيّين

حَلِم الكيميائيّون في العُصور الوُسطى بِتَحويل الرَّصاص إلى ذَهب. هَل مِنَ المُمكِن اليوم إنتاج عَناصر نادِرة ومُكلِفة مِن عَناصر أرخص، مِثل إنتاج عَناصر ثَقيلة من اليورانيوم في المُفاعلات النّوويّة؟ 

على الرّغم من أنّ تحويل الرّصاص إلى ذهب هي عمليّة غير مربحة اقتصاديًّا، فمن ناحية نظريّة، يمكن تصنيع وإنشاء معظم الفلزّات (المعادن) غالية الثّمن في المختبر من عناصر أخرى.

هناك طريقتان للقيام بذلك. الأولى تستند على كون الفلزّات الخفيفة من مجموعة البلاتين - روثينيوم، روديوم، بلاديوم - هي أيضًا منتجات للانشطار النّوويّ، ولذلك هي موجودة في النّفايات النّوويّة. بعبارة أخرى، يمكن اعتبار الانشطار النّوويّ عمليّة تحويل يورانيوم رخيص إلى معادن ثمينة. عمليّة إنتاج هذه المعادن بالانشطار النّوويّ، إضافة إلى إنتاج معدن الفضّة، تمّت درا ستها في الماضي. مع ذلك، ونظرًا لصعوبة التّخلّص من التّلوّث الإشعاعيّ لهذه المنتجات، إضافة إلى تكلفتها العالية، ومواجهة المخلّفات (النّفايات) المشعّة جدًّا، يبدو أنّ عمليّة إنتاجها ليست مربحة اقتصاديًّا.

الطّريقة الثّانية تستند على بثّ إشعاع عنصر في نيوترونات عنصر ما لتحويله لعنصر آخر، عادة ما يكون على بعد خانة أو خانتين في الجدول الدّوريّ للعناصر. في هذه الطّريقة أحد النّيوترونات الّذي تمّ امتصاصه لداخل النّواة يتحوّل إلى بروتون (ينبعث إلكترون)، وهكذا يثقل العنصر أكثر. تكمن المشكلة في كون العناصر الثّمينة، كما رأينا، قريبة من بعضها، لذلك من أجل إنتاج عنصر ثمين بهذه الطّريقة يجب البدء بعنصر أرخص، لكن في الواقع هو ثمين في حدّ ذاته. مثلًا، لإنتاج ذهب نحن بحاجة للبلاتين، ولكنّه مكلف للغاية، أو إنتاج الزّئبق الّذي يؤدّي إلى إنتاج نظائر مشعّة من الذّهب.  

تشمل الخيارات الأخرى الّتي نُظر فيها تحويل التّنغستن (W) إلى رينيوم (Re)، رينيوم إلى أوزميوم  (Os)، أوزميوم إلى إيريديوم (Ir)، إيريديوم إلى بلاتين، روثينيوم إلى روديوم. لم يتمّ تنفيذ هذه العمليّات لأهداف تجاريّة، ولا يبدو أنّها ستكون مربحة اقتصاديًّا في المستقبل القريب. والأسباب لذلك واضحة، وهي: الطّريقة مكلفة للغاية، وقد ينتج عنها تلوّث إشعاعيّ في المنتج، الأمر الّذي يُخفض قيمته. مع هذا، يبقى الأمل واردًا بأنّنا سنكون قادرين في المستقبل على تطوير وتحسين هذه الطّرق لإنتاج معادن ثمينة من معادن رخيصة. بعبارة أخرى: أن نكون كيميائيّين.  

 
 
 
 
الترجمة للعربيّة: رغدة سمارة
التدقيق والتحرير اللغوي: د. عصام عساقلة
الإشراف والتدقيق العلمي: رقيّة صبّاح أبودعابس
 

0 تعليقات