تُعتبرُ الحرائقُ جزءًا من دورة الحياة في الغابات. فمثلاً، هنالك أنواعٌ معيّنة من السّرو تُطلِقُ بذورها من أكوازها فقط بعد حرق الشّجرة فقط، ولهذا فهي بحاجة للحرارة العالية حتّى تتكاثر. كذلك، فإنّ الشّروط الحياتية تصبحُ ممتازة بعد الحريق لنموّ البذور. إنّ المسبِّب الرّئيسيّ للحرائق في أيّامنا هذه هو العامل البشريّ (أي يد الإنسان)، وأمّا العوامل الطّبيعيّة الّتي تسبِّبُ الحرائق في العالم كصعقة البرق، فنسبتها ضئيلة جدًّا (حوالي %5). هنالكَ عواملُ إنسانيّةٌ أخرى تهدِّدُ الغابات، مثلَ قطع الأشجار، أوِ المطر الحامضيّ النّاتج عن تلوّث البيئة، وهو من المشكلات البارزة في دُوَلٍ ممطرة أكثر ممّا في إسرائيل. 

إنّ الغاباتِ مهمّةٌ جدًّا للإنسان، فالأشجارتنتجُ الأكسجين لتنقيةِ الهواء، وتُعطي الظِّلَّ لتحمِيَ الأرض من الجفاف أو الانجراف من الأمطار. من المهمّ جدًّا أن نفهمَ ديناميكيّة الغابات، وتأثُّرها بعوامل اخرى.

لهذه الغاية، طوَّرَ عُلماءُ الرّياضيّات نماذجَ لفَهمِ كيفيّة تطوّر الغاباتِ ونموِّهَا. هنالك نماذجُ كثيرةٌ، قسمٌ منها معقَّدٌ جدًّا، ونماذجُ أخرى تتطوَّرُ دائمًا. أحدُ النّماذج البَسيطة (لكنها ليسَت تافهة) هوُ نموذج "الخلايا ذاتيّة السُّلوك".

الخلايا ذاتيّة السُّلوك مبنيّةٌ من شُعيرات خلويّة، كلُّ واحدةٍ منها يمكِنُها أن تكونَ في حالاتٍ مختلفة. على سبيل المثال، تُمثِّلُ كلُّ خليّة مكانًا لشجرةٍ واحدةٍ، وَمِنَ الممكن أن تكونَ في إحدى الحالات الثّلاث الآتية: "فارغ"، "مليء" (شجرة معافاةٌ)، "مُشتعلة". تُوصَفُ حالةُ الغابةِ في لحظة معيّنة، وَفقَ الحالةِ الموجودة في جَميعِ الخلايا. في كلّ لحظةٍ، يتمُّ تحديثُ عمل الخلايا بحسبِ القوانينِ المحدَّدَةِ مسبقًا. عددُ القوانينِ قليلٌ نسبيًّا، والقواعدُ الّتي تحدِّدُ زمنَ انتقالِ الخلايا من حالةٍ إلى أخرى بسيطةٌ. فيما يلي أمثلةٌ حولَ هذه القواعدِ، بما يختَصُّ بالغابة:

• تُصبِحُ المنطقةُ مشتعلةُ منطقةً فارغةً.
• تُصبحُ الشَّجرةُ السَّليمةُ مُشتعِلةً، إذا كانَ أحدُ جيرانها، على الأقلِّ، عاملاً قابلاً للاشتعال.
• تُصبحُ الخليّة الفارغةُ خليّةً سليمةً باحتمال r) r : هو عاملُ التّكاثر لدى الأشجار).
•  تشتعِلُ الشَّجرةُ السَّليمة باحتمال f، حتّى ولو لم يشتعلْ أيُّ واحدٍ من جيرانها. 


صورة تمثِّلُ تطوُّر الغابات | الصُّورة مأخوذةٌ من ويكيبيديا. صاحب الصُّورة يُدعى كلاوديو روكيني

تُعتبَرُ هذه النَّماذجُ مثالاً تجسيديًّا لِمَا يُسمَّى في مجالِ الأنظمة المركّبة بـِ "نظام الإنتاجِ الذّاتيّ النَّقد" (Selforganized Criticality )، وهو نِظامٌ من المحتملِ أن ينتقِلَ إلى حالةٍ جِديَّة خَطِرَة (كالحرائقِ الكُبرى مثلاً)، أو أن يتغيَّر بشكلٍ ملحوظٍ دونَ أيِّ تدخُّلٍ من عاملٍ خارجيّ. يَتعلَّقُ تطَوُّرُ هذا النَّظامِ بقواعِدَ أساسيَّة جدًّا، تكونُ متشابهةً بالنِّسبة لكلِّ عضوٍ (أي خليّة) في المنظومة.

بمساعدةِ هذِهِ النَّماذج، يمكِنُنا تصوُّرُ مراحلِ نموِّ الغابات، ومراقبةُ التَّغييرات الَّتي تحلُّ بها عن طريقِ البارامترات. والقصدُ في هذه الحالة، هو عَنِ احتمالِ اشتعال الأشجار، ونسبة نموِّها من جديد.

يُعتبَرُ هذا النّموذجُ نموذجًا بسيطًا. لقد طوَّرَ علماءُ الرّياضيَّاتِ نماذِجَ أكثرَ تركيبًا، مثلَ نموذج الفُسيفِسَاء الدَّوريّ (Cyclic Succession )، والّذي يُدخِلُ في حساباتِهِ جِيلَ الأشجار، بحيثُ توجَدُ في الوقتِ نفسِهِ، غاباتٌ في مراحِلِ نُمُوٍّ مختلفة.

هل تعلمون؟ لقد تمّ نَشرُ هذا النَّموذجُ، أي "الخلايا ذاتيّة السُّلوك"، بفضلِ لُعبة الحياة لِجُون كوني، في السَّبعينِيَّات من القرنِ الماضي.

تطبيقٌ محوسَبٌ للغابات NetLogo

تطبيقٌ يُمكِّنُ فَحصَ نُموِّ غابةٍ كدَالَّةٍ لمعدَّل تنميَة الأشجارِ واحتمالِ اشتعالها

 نموذَجٌ احتماليٌّ لحرقِ الغابات wokfram Wolfram

 

0 تعليقات