مضروب ال 2 هو 1 * 2 أو 2 ومضروب ال 6 هو 1 * 2 * 3 * 4 * 5 * 6 أو 720. لكلّ n طبيعيّ، مضروب n هو حاصل ضرب جميع الأرقام الطّبيعيّة من 1 إلى n. لكن، كم يساوي مضروب الصّفر؟ وهل يوجد معنى لمضروب ال 1.5؟ شاهدوا تفسيرات الدّكتور جيمس غريم في الفيديو أمامكم من إنتاج Numberphile.

مشاهدة ممتعة!

الفيديو من إنتاج برادي هيرن من Numberphile. ضيف الحلقة: د. جيمس غريم.

ملاحظة مهمّة: هناك خطأ في عرض دالّة جاما في الفيديو. الصّيغة الصّحيحة هي:

$$\Gamma(n)=\int_0^\infty \mathrm{t}^{n-1}\;\;\mathrm{e}^{-t}\,\mathrm{d}t$$

رأينا في الفيديو أنّه من الممكن ومن الطّبيعيّ تحديد مضروب ال 0 على أنّه 1، بحيث يتمّ الحفاظ على قواعد الرّياضيّات لدالّة المضروب. بالإضافة إلى ذلك، تعرّفنا قليلًا على دالّة جاما، وهي نوع من امتداد دالّة المضروب لكلّ من الأعداد الحقيقيّة حتّى الأعداد المركّبة.

سوف نقوم بتعميق معرفتنا بدالّة جاما قليلًا. نبدأ بالدّالّة المعروفة والمألوفة – دالّة المضروب.

لكلّ n طبيعيّ يكون تعريف !n هو:

$$n! = n \times (n-1) \times (n-2) \times \dotsm \times 3 \times 2 \times 1$$

هكذا يبدو الرّسم البيانيّ لدالّة المضروب !n:

رسم بياني لدالّة المضروب

يتكوّن الرّسم البيانيّ من نقاط منفصلة، لكنّنا نستطيع الرّبط بينها في منحنى يحدّد، أيضًا، قيمة للأرقام الموجودة على مسافات بين النّقاط. في الواقع، هناك مجموعة واسعة من المنحنيات الممكنة الّتي تمرّ عبر هذه النّقاط.

خلال القرن الثّامن عشر، أجرت مجموعة مكوّنة من ثلاثة علماء رياضيّات مناقشات ومراسلات في محاولة للعثور على صيغة لدالّة تتناسب مع هذا المنحنى. عام 1725 تمّ تعيين كريستيان غولدباخ بروفيسورًا للرّياضيّات في جامعة سانت بطرسبورغ. اِلتقى هناك مع عالم الرّياضيّات السّويسريّ الشّهير صاحب الإنجازات المتعدّدة ليونارد أويلر فأثار اهتمامه بنظريّة الأرقام. بعد مرور ثلاث سنوات غادر غولدباخ الجامعة وعُيّن مدرّسًا خاصًّا لبيوتر الثّاني، اِبن القيصر.

اِستمرّ العصف الذّهنيّ الرّياضيّ بين الاثنين في الرّسائل المحفوظة. تسمح لنا هذه الرّسائل بمعرفة الكثير عن تاريخ وتطوّر البحث الرّياضيّ لغولدباخ وأويلر. عضو آخر في المجموعة كان عالم الرّياضيّات الهولنديّ دانيال برنولي، الّذي شغل، أيضًا، منصب بروفيسور في الرّياضيّات في سانت بطرسبورغ من سنة 1724-1733، ثمّ انتقل لاحقًا إلى بازل. تقاسم برنولي وأويلر شقّة في سان بطرسبورغ وتعاونا معًا في العديد من الأبحاث الرّياضيّة.

في أكتوبر 1729، أرسل كلّ من برنولي وأويلر رسائل إلى غولدباخ عُرض خلالها تمثيلين مختلفين لنفس الدّالّة. واصل أويلر بحثه فوجد المزيد من التّمثيلات للدّالّة بمساعدة التّكامل وخصائص مثيرة أخرى للدّالّة. تُسمّى هذه الدّالة بدالّة جاما على اسم الحرف اليوناني جاما$(\Gamma)$.

دالّة جاما - عرض التّكامل

نُحدّد لكلّ عدد مركّب x يحتوي على جزء حقيقيّ أكبر من الصّفر:

$$\Gamma(x)=\int_0^\infty \mathrm{t}^{x-1}\;\;\mathrm{e}^{-t}\,\mathrm{d}t$$

حظيت دالّة جاما ببحث أكاديميّ على نطاق واسع، وقد وجد العديد من الباحثين على مرّ السّنين تمثيلات إضافيّة لها.

توفّر دالّة جاما للعدد الطّبيعيّ n:

$\Gamma(n) = (n-1)!$
أو
$n! = \Gamma(n+1) $

أي أنّ دالّة جاما توسّع نطاق دالّة المضروب بواسطة تحريك 1 (مضروب رقم طبيعيّ يساوي$\Gamma$ للرّقم الأكبر منه ب 1).

نلاحظ أنّه بالنّسبة لأيّ رقم حقيقيّ x يوجد جزء حقيقيّ موجب يتوفّر عندما يكون$\Gamma(x)$ حقيقيًّا أيضًا. يبدو الرّسم البيانيّ لِ-$g(x) = \Gamma(x+1)$ هكذا لكلّ x حقيقيّ،$x \gt -1$:

Gamma of x plus 1

الرّسم البيانيّ لِ-$g(x) = \Gamma(x+1)$، تمّ رسمه بواسطة برنامج GeoGebra

تشير النّقاط من A إلى F إلى قيم 0! حتّى 5! على التّوالي. يمكننا أن نرى في الرّسم البيانيّ أنّ هذه النّقاط موجودة على الرّسم للدّالّة$\Gamma(x+1)$.

نحسب، مثلًا،$\Gamma(4.8)$.

يتم حساب قيمة$\Gamma(4.8)$ حسب الصّيغة التّالية:

$$\Gamma(4.8)=\int_0^\infty \mathrm{t}^{3.8}\;\;\mathrm{e}^{-t}\,\mathrm{d}t$$

نحاول تقدير قيمة$\Gamma(4.8)=\Gamma(3.8+1)=g(3.8)$. وفقًا للرّسم البيانيّ. يمكننا الملاحظة أنّ قيمة الدّالّة في النّقطة 3.8 هو بين ال 15 وال 20. نحسب قربها لقيمة$\Gamma(4.8)$ باستخدام الآلة الحاسبة Wolfarm فنحصل على $\Gamma(4.8) \approx 17.8379$

حتّى الآن قمنا بتعريف دالّة المضروب فقط للأعداد المركّبة الّتي جزءها الحقيقيّ موجب. نودّ أن نوسّع مجال التّعريف ليشمل الأعداد المركّبة الّتي جزءها الحقيقيّ عدد سالب أو صفر.

على غرار دالّة المضروب الّتي توفّر المعادلة$n! = n (n-1)$، توفّر دالّة جاما المعادلة التّالية:  

$$\Gamma(x+1) = x \,\Gamma(x)$$

أو بتبادل الأطراف:

$$\Gamma(x) = {\Gamma(x+1) \over x}$$

نستخدم هذه المعادلة لتحديد دالّة جاما لجميع الأعداد المركّبة الّتي يكون جزءها الحقيقيّ سالبًا أو صفرًا، باستثناء الأعداد الصّحيحة غير الموجبة (0، 1-، 2 -، ....). في الأعداد الصّحيحة غير الموجبة لا يمكننا استخدام هذه المعادلة، لأنّه من غير الممكن القسمة على صفر. في هذه النقاط، حيث الدّالّة غير معرّفة، تؤول الدّالّة الى ما لا نهاية في قيمتها المطلقة. تُسمّى هذه النّقاط أقطاب الدّالّة. تعريف كهذا للدّالّة يكون باستخدام الدّالّة نفسها، للقيم المعروفة مسبقًا (تعريف f(x) باستخدام f(x+1) المعروفة مسبقًا)، يُسمّى التّعريف التّكراريّ Recursive .

لكي نوضّح ذلك نعطي هذا المثال: ما هو $\Gamma(-1/2)$؟ بدايةً نحسب $\Gamma(1/2)$ بمساعدة التّكامل أعلاه فنحصل على$\Gamma(1/2) \approx  1.7724$. بالتّالي،

$$\Gamma(-1/2) = {\Gamma(1/2) \over (-1/2)}\approx -3.5449$$

نستطيع الآن، أيضًا، حساب$\Gamma(-1.5)$ بواسطة$\Gamma(-1/2)$ الّذي قمنا بحسابه، وهكذا. 

نلاحظ أنّه لكلّ رقم حقيقي x لا يساوي صفرًا أو عدد صحيح سالب، يكون$\Gamma(x)$ حقيقيًّا أيضًا. يبدو الرّسم البيانيّ للدّالّة$\Gamma(x)$ للأرقام الحقيقيّة بما في ذلك الأرقام السّالبة كما يلي:

دالّة جاما. تمّ الرّسم بواسطة البرنامج GeoGebra
دالّة جاما. تمّ الرّسم بواسطة البرنامج GeoGebra

من الجدير ذكره أنّه يمكن تعريف دالّة جاما ليس فقط بواسطة صيغة التّكامل والتّعريف التّكراريّ، ولكن، أيضًا، بواسطة ما يسمّيه علماء الرّياضيّات "الاستمراريّة التّحليليّة في المستوى المركّب". يعطي هذا التّعريف في النّهاية الدّالّة نفسها بالضّبط، لكن قد نوضّح ذلك في مناسبة أخرى.

من الدّالة النّظريّة إلى التّطبيقات العمليّة

لدالّة جاما العديد من الاستخدامات المتنوّعة في مجالات أخرى في الرّياضيّات (باستثناء نظريّة الأعداد)، في العلوم الدّقيقة، في علوم الحياة، في الهندسة وحتّى في العلوم الاجتماعيّة. في الإحصاء، على سبيل المثال، يمكن العثور على الدّالّة في عدّة صيغ، إحداهنّ تُسمّى توزيع جاما. سنعرض هنا بعض الأمثلة للمجالات الّتي نستخدم فيها توزيع جاما:

العمليّات المبنيّة على وقت الانتظار بين الأحداث

  • تدفّق المنتجات في خطوط الإنتاج وخطوط التّوزيع
  • التّحميل على خوادم الإنترنت
  • الأعطال في الأنظمة الإلكترونيّة

الخدمات الماليّة

  • حجم مطالبات التّأمين 
  • حجم القروض غير المسدّدة

المناخ

  • كمّيّة الأمطار المخزّنة في خزّانات المياه.

في كلّ مجال من هذه المجالات، وفي العديد من المجالات الأخرى (مثل الفيزياء، علم الأحياء، نظريّة المعلومات وما إلى ذلك)، يتيح لنا توزيع جاما إنشاء نموذج رياضيّ يتصرّف بشكل مشابه للواقع. يسمح لنا النّموذج الرّياضيّ بتحليل سلوك النّظام وتقييم مقاييس مختلفة مثل متوسّط ​​عدد الزّبائن المنتظرين في الطّابور، متوسّط ​​وقت انتظار الزّبون أو المخاطرة في إعطاء القروض. تتيح لنا هذه البيانات الاستعداد بشكل أفضل: تحسين خدمة الزّبائن، تقصير أوقات الأدوار وأوقات الانتظار، توفير التّكاليف وتقليل المخاطر.

رأينا في المقالة كيف يمكننا توسيع مفهوم المضروب (المتنقّلة) إلى دالّة على المستوى المركّب كلّه تقريبًا. بالإضافة إلى ذلك، رأينا كيف أنّ دالّة جاما، الّتي وُلدت كامتداد نظريّ لمفهوم المضروب، حظيت بالعديد من التّطبيقات المتنوّعة في عالم الرّياضيّات والعلوم.

 

يفعات أدلر وآري شفيف
معهد دافيدسون للتّربية العلميّة
معهد وايزمان للعلوم


ملاحظة لمتصفّحي الموقع
إذا كنتم تعتقدون أنّ التّفسيرات ليست واضحة بما فيه الكفاية، أو إذا كانت لديكم أيّة أسئلة تتعلّق بالموضوع، فأنتم مدعوّون لكتابة ذلك في المنتدى. سوف نأخذ ملاحظاتكم بعين الاعتبار، ونقوم بالرّدّ عليها. نرحّب دائمًا باقتراحات التّحسين والنّقد البنّاء.

0 تعليقات