هل هي عُشبةُ تتبيلٍ مُقدّسة أم أنها خُضرةُ الشياطين بطعمِ الصّابون؟ تكمنُ الإجابةُ في المورِثات (الجينات). هل أنتم من هُواةِ العشبة المُخضَرَّةِ أم من كارهيها؟ أدلوا بأصواتكم وأثّروا.

يثيرُ السّؤالُ البسيط "ما رأيك في الكُزبرة؟" جدالًا حادًّا ومَقيتًا. يهوى الكثيرون طعمَها ويحتارُ آخرون كيفَ يمكن تناولُ هذا الشّيء الّذي يشبه طعمُه طعمَ الصابون. 

كِلاهُما صادقٌ!

يشعرُ البعضُ فعلًا بطعمِ الصّابون. لكنَّ البعضَ الاخر، وهم مُحِبّوها، لا يشعرون بأيِّ ذِكرٍ لطعمٍ صابونيّ. كيف يمكن ذلك؟ يتعلّقُ ذلك بالمورِثات (الجينات).

راودَ الشكُّ كثيرًا من الباحثين لمدةٍ طويلةٍ أنَّ كراهيةَ الكزبرةِ هي أمرٌ وراثيّ إذ تختلفُ نسبةُ كارهي هذه العشبةِ الخضراء اختلافًا كبيرًا في المجموعات السُّكانيّةِ المختلفة. يُشكّلُ كارهو الكُزبرةِ خُمسَ السّكّانِ في شرق آسيا في حين أنَّ 3-7% فقط من سُكّانِ الشرق الأوسطِ وأمريكا اللاتينيةِ يشْكُون من طعمِ الصّابون المُرافق لتناولِ الكُزبرة. يُشارُ إلى أنّه اتّضحَ من خلالِ دراسةٍ أُجريت على التّوائمِ توافُقُ التّوأميْنِ المُتشابهَيْن الحاملَيْن لنفس الشّحناتِ الوراثيّة في طعمِ الكُزبرةِ، بينما يقلُّ مدى اتفاقِ التّوأمَيْن غيرِ المُتشابهَيْن، الّذَيْن يتشابهان في نصفِ كميّةِ الـ DNA، على الطّعم.

 

 

صدرَ في السّنواتِ الأخيرةِ العديدُ من الدّراساتِ الّتي أظهرت وجودَ تبايُنٍ وراثيٍّ، أي صيغٍ جينيّةٍ مختلفةٍ، لدى أولئك الّذين يشعرون بطعمِ الصّابونِ عندما يأكلون الكُزبرة. يُنسَبُ أحدُ هذه التّباينات الوراثيّةِ إلى المورثةِ (الجين) الّتي يُرمَز لها QR6A2 والّتي تُؤثّرُ على حاسّةِ الشمّ - ومن الطّبيعي أنَّ لها دَوْرٌ مُهمٌّ في حاسّةِ الذّوقِ كذلك. ليس من المُحتّم أن يكرهَ الشّخصُ الّذي يرِثُ نُسختَيْن من هذا التّبايُن الكُزبرةَ لأنّ ذلك يتعلقُ بمورِثاتٍ أخرى ولكنْ يزدادُ الاحتمالُ أن يمقُت هذا الشّخص عشبةَ التّتبيل هذه ويكرهَها. 

تُنسَبُ إحدى المشاكلِ في الدّراساتِ الّتي تُجرى في هذا المجال إلى أنَّ هناك من لا يشعرون بطعمِ الصّابون عندما يأكلون الكُزبرةِ ولكنّهم، مع ذلك، يكرهون طعمَها. يبدو أنّه يتوجّبُ علينا إيجادُ فحصٍ أكثرَ موضوعيّةِ لتذوّقِ عشبةِ الكُزبرة ليكونَ بديلًا للسّؤال "هل تُحبُّ/ين الكُزبرة؟"  قبلَ أنْ يتسنّى لنا أنْ نعرفَ بشكلٍ مُؤكّدٍ ماهي المورِثات (الجينات) التّي تُؤثِّرُ على هذه الصِّفة. إننا لن نحصُلَ، حتّى بعد ذلك، على جوابٍ بسيطٍ وواضحٍ عمّا إذا كانت مورِثةٌ واحدةٌ أو اثنتان أو حتّى  ثلاث هي التّي تُحدِّدُ بشكلٍ قاطعٍ ما الّذي نُفضّله: يتأثّرُ حُبُّ الكُزبرةِ أو كُرهُها، كصفاتٍ كثيرةٍ أخرى، بمورِثاتٍ كثيرةٍ ومُتنوّعة.

0 تعليقات