لماذا يبدو وكأنّ كلّ لمسة بريئة على باب السّيّارة في بعض فصول السنة تنتهي بـ "صعقة" كهربائيّة مؤلمة؟

نُلاحظ أنّه  في بعض فصول العام، تنتهي كلّ لمسةٍ لباب السّيّارة بصعقة ألم مفاجئة. تحدث هذه "الصّعقة" بسبب عدم التّوازن بين الشّحنة الكهربائيّة الموجودة على جلدنا والشّحنة الكهربائية التي يحملها جسم السّيّارة.  الشّحنات الكهربائيّة السّالبة، مثل شحنة الإلكترونات المحيطة بنواة الذّرّات، والشّحنات الكهربائيّة الموجبة مثل بروتونات نواة الذّرّة نفسها، تجذب بعضها. عندما تحوي مادّة معيّنة أو سطح معيّن إلكترونات أكثر من البروتونات، فإنَّ المادّة تكون سلبيّة الشّحنة، والعكس صحيح: عندما يكون هناك عدد أكبر من البروتونات، فإنّها تكون موجبة الشّحنة.

لا تقتصر هذه الظّاهرة على السّيّارات. يُسمّى تراكم الشّحن الكهربائيّة على سطحٍ ما "بالكهرباء السّاكنة". عندما يكون لدينا سطحان ذوا شحنة كهربائيّة معاكسة، ويتمّ إعطاء فرصة لشحناتهما بالمرور بينهما (على سبيل المثال بسبب اتّصال مباشر بينهما أو قيام شخص ما بتوصيل موصل) فسوف تنتقل إلكترونات من جسم إلى آخر حتّى تتوازن شحناتها الكهربائيّة. جدير بالإشارة، إلى أنّ دراسات من السّنوات الأخيرة، وجدت أنَّه يتم أحيانًا مرور جسيمات إضافيّة أيضًا. حركة الإلكترونات هذه هي في الواقع تيّار كهربائيّ، وعندما يمرّ التّيّار عبر جلدنا نشعر بإحساس مزعج. هذه هي "الصّعقة" أو تفريغ الكهرباء السّاكنة (Electrostatic discharge).

אדם פותח דלת של מכונית | צילום: LFO62, Shutterstock
تحظى الشّحنات الكهربائيّة بفرصة التّوازن، ونتلقّى نحنُ صعقة كهرباء ساكنة. رجل يفتح باب السّيّارة | الصورة: LFO62, Shutterstock
 

إيجابيّات الرّطوبة 

يرجع عدم التّوازن بين الشّحنات الكهربائيّة إلى ظاهرة تسمّى تأثير كهرباء الاحتكاك (Triboelectric effect)، وهي حالةٌ يكون فيها السّطح مشحونًا كهربائيًّا بعد ملامسته سطح آخر أو الاحتكاك به. يمكن أن يحدث الشّحن بسبب انفصال إلكترونات عن مادّة أو جسيمات مشحونة أكبر، مثل الذّرّات أو الجزيئات. عندما نحتكّ بمقعد السّيّارة أثناء القيادة، تنتقل الإلكترونات والجزيئات المشحونة الأخرى تدريجيًّا من المقعد إلى الجسم وتتراكم فيه. يحدث الشّيء نفسه عند فرك بالون ببعض الموادّ العازلة، مثل قطعة قماش، فإنّنا  هكذا نشحنه. إذا قمنا بعد ذلك بلصق البالون بشعر رأسنا، فإنَّ اختلاف الشّحنات بين البالون والشّعر سيوجِد تجاذبًا كهربائيًّا بينهما، وسيظلّ البالون ملتصقًا برأسنا ولا يسقط.

تنتشر ظاهرة "الصّعق" من السّيّارات بشكلٍ خاصّ في الأيّام الباردة والجافّة، والتّي تكون كثيرةً في المواسم الانتقاليّة في البلاد. يحوي الهواء الرّطب والسّاخن كمّيّةً عالية من بخار الماء، ويميل هذا البخار إلى امتصاص الإلكترونات من الأسطح المعرّضة للهواء، مثل الجلد، وبالتّالي تفريغ فائض الشّحن الكهربائيّة الّتي بدأت تتراكم في الجلد عند الاحتكاك بمقعد السّيّارة. بالإضافة إلى ذلك، عندما يتكثّف البخار ويتحوّل إلى قطرات ماء على ظهر الأسطح، فإنّها  تُشَتّت فائض الشّحنة الكهربائيّة قبل أنّ تتراكم في مكان واحد.

في المقابل، في الهواء البارد والجافّ، هناك تراكم أكبر للإلكترونات على الجلد، وبالتّالي هناك فرصة أكبر لتفريغها السّريع والمؤلم عند ملامسة سطحٍ مشحون آخر، مثل السّيّارة. بالنّسبة لأولئك الّذين يريدون إنقاذ أنفسهم من ضربة التّيّار غير اللّطيفة بعد الخروج من السّيّارة، من المستحسن المواظبة على ملامسة جسم السّيّارة أثناء الخروج منها. بهذه الطّريقة، ستنتقل الشّحنة الّتي من المفترض أن تنتقل إلى جسمك من الاحتكاك المتزايد بالكرسيّ مباشرة إلى جسم السّيّارة قبل أن تتراكم شحنة كهربائيّة كبيرة بما يكفي لتوليد تيّار كبير على جلدك.

عندما يتواجد سطحان، على سبيل المثال سحابة وأرضيّة - بين شحناتهما الكهربائيّة فجوة كبيرة بما يكفي، يمكن أن ينتج تيّار كهربائيّ حتّى من خلال الهواء، رغم أنّ الهواء عادة ما يكون مادّة عازلة. هذا التّيّار المفاجئ، الّذي تصاحبه شرارة من الضّوء، نعرفه جميعًا باسم "البرق".

 

0 تعليقات