تخيلوا أنّ بإمكاننا التخلّص عمّا يزيد عن 170 مليون طنّ من مكافئ ثاني أكسيد الكربون! وذلك فقط عن طريق إعادة تدوير مخلّفات الطعام.
عالميًا، يقدّر هدر وتبذير بـِ %30 من الطعام، ما يعادل 775 سعرة حراريّة للشخص الواحد يوميًّا! وهذا يعادِل تقريبًا 12 بيضةً متوسطةَ الحجم أو 26 جزرةً كبيرةً يوميًّا. بصرف النظر عن الآثار الاجتماعيّة والاقتصاديّة لهذه الممارسات، فإنّ الكمّيّة المريبة من مخلّفات الطعام لها عواقب بيئيّة وخيمة. بمجرّد أن ينتهي بها الأمر في مكبّات النفايات، تلوّث النفايات المياه الجوفيّة والهواء، حيث تنتج عمليّة التحلّل كمّيّات كبيرة من الميثان - أقوى بـ 25 مرة من ثاني أكسيد الكربون في حبس الحرارة في الغلاف الجويّ.
ما الفرق بين تبذير/فقدان الطعام وهدر الطعام؟
هدر الطعام:
-
انخفاض كميّة أو جودة الأغذية الناتجة عن القرارات والإجراءات التي يتّخذها تجّار التجزئة ومقدّمو خدمات الأغذية والمستهلكين.
-
إلقاء المُستهلك/ التاجر للطعام بسبب فقدان معايير المُنتج، من حيث الشكل أو تاريخ الصلاحيّة.
-
عادةً ما يكون نتيجة الإهمال أو القرار الواعي للتخلّص من الطعام.
-
أكثر شيوعًا في البلدان المتقدمة.
تبذير الطعام:
-
الطعام الذي يتم التخلص منه وتتراجع جودته قبل وصوله إلى المستهلك.
-
يحدث عادةً أثناء مراحل الإنتاج والتخزين والمعالجة والتوزيع.
-
عادةً ما يكون نتيجة غير مقصودة لعمليّة زراعيّة أو قيود تقنيّة في التخزين والبنية التحتيّة والتعبئة و/ أو التسويق.
-
أكثر شيوعًا في البلدان النامية.
التأثير البيئيّ لهدر الطعام:
إحدى عواقب هدر الطعام الذي ينتهي به المطاف في مكبّات النفايات، هو إنتاج كمّيّات كبيرة من غاز الميثان - وهو غاز دفيئة أقوى من ثاني أكسيد الكربون. ولمن لا يعرف، فإنّ الكمّيّات الزائدة من غازات الدفيئة مثل الميثان وثاني أكسيد الكربون والكلوروفلور كربون تمتصّ الأشعة تحت الحمراء، وتسخّن الغلاف الجوّيّ للأرض، ممّا يتسبّب في الانحباس الحراريّ العالميّ وتغيّر المناخ.
وبما أنّ الزراعة تستهلك 70% من المياه المستخدمة في جميع أنحاء العالم، فإنّ هدر الطعام يمثّل أيضًا إهدارًا كبيرًا لموارد المياه العذبة والمياه الجوفيّة. ويُقال إنّ المياه المستخدمة لإنتاج الطعام الذي لا يُؤكل كلّ عام تبلغ 21 ميلًا مكعبًا. من خلال هدر كيلوغرام واحد من لحم البقر، يُهدر 50000 لتر من المياه التي استُخدمت لإنتاج هذا اللحم. وعلى نفس المنوال، يُهدر أكثر من 1000 لتر من المياه عندما تسكب لترًا واحدًا من الحليب في البالوعة.
تعتبر عمليّة إعادة تدوير بقايا الطعام إحدى الوسائل الفعّالة للتقليل من النفايات وتحقيق الاستدامة البيئيّة. عندما نتحدّث عن بقايا الطعام، نشير إلى الأطعمة التي لم تُستهلك بالكامل في المنازل، المطاعم أو المزارع. هذه البقايا، إذا لم تُدار بشكل صحيح، قد تؤدي إلى تراكم النفايات وزيادة الانبعاثات الكربونيّة نتيجة تحلّلها في مدافن النفايات.
إذن كيف يمكننا إعادة تدوير الطعام؟ هناك عدّة طرق:
-
التحويل إلى سماد عضويّ (الكومبوست): هذه العملية تتضمّن تحويل بقايا الطعام عبر تكديسها وحفظها في ظروف مناسبة إلى سماد غنيّ بالمغذّيات التي يمكننا استخدامه في الزراعة. تقوم الميكروبات بتحليل الموادّ العضويّة، ممّا يؤدّي إلى إنتاج سماد يساعد في تحسين جودة التربة وزيادة إنتاجيّة المحاصيل.
-
استخدامها كعلف للحيوانات: بعض بقايا الطعام يمكن إعادة استخدامها كعلف للحيوانات، خاصّةً تلك التي تحوي نسبةً عاليةً من البروتين والألياف. هذه الطريقة تقلّل من الهدر وتوفِّر مصدر غذاء إضافيّ للحيوانات.
-
إنتاج الطاقة الحيويّة: يمكن استخدام بقايا الطعام في إنتاج الغاز الحيويّ، وهو مصدر متجدّد للطاقة. من خلال تكنولوجيا الهضم اللاهوائيّ، يمكن تحويل بقايا الطعام إلى غاز حيويّ يمكن استخدامه كوقود للطهي أو توليد الكهرباء.
-
إعادة تصنيع منتجات جديدة: بعض الشركات تُعيد تدوير بقايا الطعام إلى منتجات جديدة مثل الأسمدة العضويّة أو حتّى منتجات تجميليّة.
إعادة تدوير بقايا الطعام ليست فقط خطوة نحو التقليل من النفايات، بل هي أيضًا وسيلة لتحقيق الاستدامة الاقتصاديّة والاجتماعيّة. فعبر تبنّي ممارسات إعادة التدوير، يمكن للأفراد والمجتمعات المساهمة في حماية البيئة وتحقيق فوائد اقتصاديّة من خلال تحويل بقايا الطعام إلى موارد قيّمة.
التسميد هو أحد أكثر أشكال إعادة تدوير النفايات الغذائيّة شيوعًا| الصورة مأخوذة من الموقع
وماذا عن التكلفة المادّيّة؟
تعتمد تكلفة تدوير الطعام على عدّة عوامل، بما في ذلك حجم المواد الغذائيّة المراد تدويرها، التقنيات المستخدمة، البنية التحتيّة المُتاحة والنطاق الجغرافيّ. هنا بعض العوامل الرئيسيّة التي تؤثّر على التكلفة:
-
التقنية المستخدمة:
- التحويل إلى سماد عضوي (الكومبوست): هذه الطريقة قد تكون منخفضة التكلفة نسبيًّا إذا كانت تتمّ على نطاق صغير مثل المنازل أو المجتمعات الصغيرة. ولكن على نطاق صناعيّ، يمكن أن تتطلّب استثمارات في معدّات متخصّصة ومحطّات معالجة، ممّا يزيد من التكلفة.
- إنتاج الغاز الحيويّ: تتطلّب تكنولوجيا الهضم اللاهوائيّ استثمارات كبيرة في البنية التحتيّة والمعدّات. يمكن للتكلفة أن تكون مرتفعة، خاصّة في البداية، لكن يمكن تعويضها جزئيًا من خلال إنتاج الطاقة التي يمكن بيعها أو استخدامها. -
البنية التحتيّة: إذا كانت هناك بُنية تحتيّة موجودة مثل محطات معالجة النفايات العضويّة، فإنّ التكلفة قد تكون أقلّ بالمقارنة مع بناء بُنية تحتيّة جديدة.
-
النقل: نقل بقايا الطعام إلى مواقع إعادة التدوير قد يكون مكلفًا، خاصّة إذا كانت المواقع بعيدة عن أماكن جمع النفايات.
-
العمالة والتشغيل: تكلفة العمالة والصيانة هي جزء كبير من التكاليف الجارية في عمليّة التدوير. قد يتطلّب الأمر موظّفين مدرّبين لإدارة العمليّات وضمان الجودة.
-
التوعية والتعليم: برامج توعية الجمهور لتشجيع فصل بقايا الطعام عن النفايات الأخرى قد تضيف تكاليف إضافيّة، ولكنّها ضروريّة لنجاح برامج التدوير.
-
التشريعات والدعم الحكومي: في بعض الدول، قد تُقلّل التكاليف من خلال الدعم الحكوميّ أو الحوافز للمشاريع البيئيّة. في حالات أخرى، قد تتسبّب التشريعات الصارمة في زيادة التكاليف بسبب الحاجة للامتثال للمعايير البيئيّة.
بشكل عامّ، يمكن أن تتراوح تكلفة تدوير الطعام من منخفضة نسبيًّا في المشاريع الصغيرة والمجتمعيّة، إلى عالية في المشاريع الصناعيّة واسعة النطاق. لتحقيق النجاح الاقتصاديّ، غالبًا ما يُدمج تدوير بقايا الطعام في أنظمة إدارة النفايات المتكاملة، حيث يتمّ تقاسم التكاليف والعوائد عبر عمليات متعددة مثل إنتاج الطاقة، السماد، أو المنتجات الجديدة.
إضاءة تغذويّة ونصيحة ذهبيّة:
كلّ ما ذُكر أعلاه هو لإعادة التدوير، ولكن علينا أن نتذكّر أنّ من المهمّ التفكير والتخطيط مسبقًا لوجبات طعامنا حتّى لكي نتجنّب التدوير أصلًا.
أمّا من الناحية التغذويّة، وجب التنويه أنّه يمكننا الاستفادة من بقايا الطعام وتحضير أطباق شهيّة أخرى، وبذلك نكون قد وفّرنا مجهودنا في المطبخ في الوقوف ساعات إضافيّة لتحضير وجبة جديدة، كما لا ننسى الجانب الاقتصاديّ طبعًا!
إليكم بعض الأفكار التي يمكننا تطبيقها كنوع من التدوير المطبخيّ:
كعك (مافين) الموز والعسل
هذه الوصفة مثالية لاستخدام الموز الناضج. يمكننا أيضًا استخدام فواكه أخرى تحتاج إلى الاكل، مثل التفاح والتوت البريّ والبرتقال والكمثري.
المكونات:
-
150 جرام موز مقطّع إلى قطع صغيرة
*الموز البنّيّ المرقّط الذي يجب تناوله يعتبر مثاليًّا لهذه الوصفة. -
250 جرام دقيق
-
100 جرام سكّر ناعم
-
5 مل ملعقة عسل
-
10 جرام ملعقة بيكنج باودر
-
250 مل حليب
-
1 بيضة
-
90 مل زيت
الطريقة:
-
تسخين الفرن إلى 180 درجة مئويّة.
-
ننخّل الدقيق والبيكنج باودر في وعاء كبير، ثم نضيف السكّر.
-
نخفق البيض في وعاء صغير.
-
نسكب الحليب والزيت والعسل والبيض في خليط الدقيق ونخلط جيّدًا لتكوين عجينة.
-
نضيف قطع الموز.
-
نضع الخليط في صواني الكعك
-
الخبز لمدة 20 دقيقة حتى ترتفع وتكتسب اللون البني الذهبي.
مافينز الموز والعسل | شترستوك
مرقة الخضار:
بدلاً من استخدام الماء لتحضير الشوربة، حضّروا مرق الخضار الخاصّ بكم. العمليّة أسهل بكثير مما تتخيّلون! كلّ ما عليكم هو تجميع الخضراوات التي قاربت على التلف (يمكنكم حتّى استخدام قشور الخضار وسيقان البروكلي) ثمّ أضيفوا كمّيّة كافية من الماء لغمر الخضراوات والتوابل المفضلة لديكم، ثم دعوا المزيج يغلي بهدوء لعدة ساعات (فقط تذكروا أن تتحققوا من مستوى المياه بين الحين والآخر) والنتيجة هي مرق طبيعي غنيّ بالنكهات تستطيعون استخدامه لتحضير الشوربات أو الأرز.
إعادة تدوير الخضار لتحضير مرقة الخضار | شترستوك