سيختبر رائد الفضاء إيتان ستيفا مهمة تقنية إسرائيلية من شأنها أن تتيح تنمية اللحوم المستزرعة في محطة الفضاء الدولية، في مساعٍ نحو تزويد رواد الفضاء باللحوم الطازجة في مهمات فضائية بعيدة وطويلة الأمد.

في كتاب "المطعم في نهاية الكون"، وجد الكاتب دوغلاس آدامز حلًا للإشكاليات الأخلاقيّة المتعلّقة بأكل اللحوم: بقرة مُهندسة جينيًا صُنعت لكي تؤكل، وتريد أن تؤكَل. بل وتشجّع زبائن المطعم على اختيار القطعة التي يريدونها، لمساعدتها على تحقيق رسالتها. في العالم الواقعيّ، الأقلّ مثاليّة، لا تريد الأبقار أن تؤكل، لكن الإنسان لا يزال يريد تناول اللحوم، وفي العالم الغربيّ، يستهلك كلّ فرد بالمعدّل عشرات الكيلوغرامات من شرائح اللحم، الهامبرغر ومنتجات لحم بقريّ أخرى في السنة.
 
لتناول اللحم البقريّ آثار بيئيّة جسيمة. وجدت الأبحاث أنّ تربية الأبقار من أجل اللحوم هو قطاع إنتاج الأغذية الأكثر تلويثًا للبيئة، ليس فقط مقارنة بزراعة النباتات، إنّما أيضًا مقارنةً بالمنتجات الحيوانيّة الأخرى كالحليب والبيض، ومقارنةً بتربية حيوانات أخرى من أجل لحومها. تتطلّب زراعة الأغذية للأبقار مساحات شاسعة وكمّيّات كبيرة من الماء، وتتسبّب بانبعاث كمّيّات هائلة من غازات الدفيئة التي تزيد من الاحتباس الحراريّ. على سبيل المثال، تربية الأغنام والماعز والأبقار مسؤولة عن %14.5 من ثاني أكسيد الكربون، الذي يُطلق إلى الغلاف الجوّيّ، أي أكثر ممّا يطلقه قطاع المواصلات. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الميثان، الذي ينبعث نتيجة عمليتيْ الهضم والتخمّر المعويّ في جسم الحيوان، هو غاز دفيئة أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون، ويؤثّر بشكل كبير على الاحتباس الحراريّ.
 
كما في مجالات عديدة أخرى، فإنّ حلّ هذه المشكلة سيأتي من العلم. المعرفة المتراكمة في السنوات الأخيرة في مجال زراعة الخلايا الحيّة والأنسجة الكاملة، إلى جانب التطوّرات التكنولوجيّة مثل الطباعة المتطوّرة ثلاثيّة الأبعاد، تدفعنا قدمًا نحو ثورة في الطبّ، مثل التنمية المختبريّة للأعضاء بهدف الزراعة أو العلاجات الملائمة خصيصًا للمريض وللمرض. تنتقل هذه الثورة أيضًا إلى عالم الغذاء، نحو عصر لن نضطرّ فيه إلى تربية الأبقار لأكلها- سيكون بالإمكان إجراء زراعة تكاثريّة فقط للأنسجة التي نريد أن نأكلها، بدون تلويث البيئة، وبدون المشكلة الأخلاقيّة المترتّبة على ذبح الحيوانات.
 
هذا اللحم المُستزرع لن يحلّ جزءًا كبيرًا من المشاكل الغذائيّة على سطح الكرة الأرضيّة فحسب، إنّما في الفضاء أيضًا. على سبيل المثال، سيتمكّن روّاد الفضاء الذين يخرجون في مهام طويلة من زراعة الخلايا في المركبة الفضائيّة، وتناول لحم طازج على بعد مئات ملايين الكيلومترات من بيوتهم، في رحلات فضائيّة تدوم سنوات طويلة بعيدًا عن الكرة الأرضيّة. هذه التكنولوجيا هي محور إحدى التجارب الشيقة التي سيجريها رائد الفضاء الإسرائيليّ إيتان ستيبه في مهمّة "رَكيع" في محطة الفضاء الدوليّة، بقيادة صندوق رامون ووكالة الفضاء الإسرائيليّة في وزارة الابتكار، العلوم والتكنولوجيا.

סטייק דק של חברת אלף פארמס מבשר מתורבת | צילום: Aleph Farms
لحوم بدون تلويث البيئة وبدون إيذاء الحيوانات. شريحة لحم رقيقة لشركة إيلِف فارمز من اللحم المُستزرع| تصوير: Aleph Farms
 

من المختبر إلى المطبخ

إحدى الشركات الرائدة في مجال اللحوم المستزرعة هي شركة إيلِف فارمز (Aleph Farms) من حديقة العلوم في رحوفوت. أقيمت الشركة في أعقاب بحث أجري في مختبر بروفسور شولميت ليفينبيرغ من التخنيون، والتي تعمل في هندسة الأنسجة لمجال الطبّ، وهي العالِمة الرئيسيّة للشركة. أقنعها طالب خُضريّ من المسار البحثيّ بالانخراط في مجال زراعة الأنسجة للاستهلاك الغذائيّ.

"أحد أهمّ العوامل في زراعة النسيج هو أنّه مكوّن من مختلف أنواع الخلايا، وليس من نوع واحد، ولكي ينمو على شكل ثلاثيّ الأبعاد، فهو يحتاج إلى هيكلٍ ما من مادّة خارج-خلويّة"، تشرح د. نيتاع لافون، المديرة التكنولوجيّة الرئيسيّة ومديرة مجال البحث والتطوير في إيلِف فارمز. "وجدت ليفينبيرغ وطلّابها طريقة لإنتاج هيكل كهذا من بروتين مصدره نباتي، وصالح للأكل".

استنادًا إلى هذه الطريقة، أقيمت شركة إيلِف فارمز في سنة 2017، بتمويلٍ أوّليّ من شركة شتراوس وسلطة الابتكار، وذلك في إطار The Kitchen- دفيئة شتراوس لدعم الشركات التي تطوّر تقنيات مبتكرة في مجال الغذاء. بقيادة المبادِر ومدير عام الشركة ديدييه طوبيا، سرعان ما جنّدت ملايين الدولارات من مختلف المستثمرين، من بينهم النجم الهوليووديّ ليوناردو دي كابريو، وأقامت مصنعًا يشغّل حاليًا 70 عاملًا. المنتج الأوّل للشركة كان عبارة عن شرائح رقيقة من اللحم البقريّ (Minutes Steak)، والذي سيطلق في الأسواق في نهاية سنة 2022. في الوقت نفسه، طُوّرت في مختبر ليفينبيرغ قطعة لحم أكثر سُمكًا، أشبه بالأنتريكوت ذي النَقش الرخاميّ، تحتوي على خلايا عضليّة وخلايا دهنيّة، وقد أنتجت باستخدام طابعة ثلاثيّة الأبعاد، على هيكل مصنوع من هُلام مائيّ (هيدروجِل)- وهي مادّة صلبة ومرنة ذات أساس مائيّ، يمكنها دعم الخلايا، وهي بالطبع صالحة للأكل.

ماذا عن مذاق شريحة اللحم المستزرعة من الخلايا، مقارنة بلحم أبقار المراعي؟ تجري الشركة حاليًا اختبارات تذوّق لمجموعات محدودة، لصحافيين ومستثمرين، ويقال إنّ كلّ من تذوّق اللحم- استمتع به. "هذا اللحم يحتوي على جميع الجزيئات الموجودة في اللحم الطبيعيّ: أحماض دهنيّة، بروتينات ومواد سريعة التبخّر، وعند طهيه، تحدث نفس العمليّات الكيميائيّة التي تمنح اللحم العاديّ مذاقه ورائحته"، تشدّد لافون. الإنتاج المراقَب يمكّننا أيضًا من التحكّم بالمكوّنات، ويمكننا صناعة فيليه قليل الدهون أو أنتريكوت مشبع بالدهون".

פרופ' שולמית לבנברג, דידיה טוביה, ד"ר נטע לבון, ד"ר צביקה תמרי | צילומים: רמי שלוש, Aleph Farms

إحدى الشركات الرائدة في المجال. من اليمين: بروفيسور شولميت ليفينبيرغ، ديدييه طوبيا، د. نيتاع لافون، د. تسفيكا تماري | تصوير: رامي شالوش Aleph Farms

لحم صديق للبيئة

كيف نصنع مليارات الخلايا من الأبقار بدون إيذاء الأبقار؟ السرّ هو استخدام خلايا جذعيّة جنينيّة. تبدأ حياة كلّ جنين بخليّة واحدة ووحيدة- البويضة المخصّبة. تنقسم هذه الخليّة لخليّتين، وتنقسم كلّ منهما لخليّتين وهكذا دواليك. في مراحل النموّ الأولى هذه، تكون جميع الخلايا متشابهة. فقط عندما يبدأ الجنين بالنموّ، تبدأ عملية التمايز الخلويّ وتتّخذ الخلايا وظائف عينيّة، مثل الخلايا العضليّة والدهنيّة، الخلايا العصبيّة، خلايا الدم وما إلى ذلك. عند زراعة الخلايا خارج جسم الحيوان، في ظروف مراقَبة، فإنّ عملية انقسام الخلايا الجذعيّة الجنينيّة تستمرّ بشكل غير محدود تقريبًا. "بواسطة الخلايا التي نأخذها من بويضة مخصّبة لبقرة واحدة، يمكننا زراعة عشرات آلاف الجرعات من الخلايا، بحيث يمكننا استخدام كلّ منها لإنتاج آلاف الأطنان من اللحم المستزرع"، تقول لافون.

عندما تتوفّر كمّيّة كبيرة من الخلايا الجذعيّة، يمكن تغيير بيئة الزراعة وجعْل الخلايا تنمو وتتطوّر إلى الخلايا التي نريدها، على سبيل المثال، خلايا عضليّة وخلايا دهنيّة. في السابق، كان الباحثون يستخدمون مواد مستخلصة من العجول نفسها للقيام بهذه العمليّة. أجد الابتكارات لشركة إيلِف فارمز هو تطوير محلول زراعة يحتوي على فيتامينات، معادن وبروتينات غير حيوانيّة. تشرح لافون قائلةً: "أجرينا بحثًا شاملًا لنكتشف المواد الموجودة في المحاليل المستخرجة من العجول، أيّها ضروريّة لنموّ الخلايا والتمايز الخلويّ، وكيف يمكن إنتاجها في الكائنات الحيّة الدقيقة أو في النباتات، بدون استخدام الحيوانات".

للحم المستزرع في شركة إيلِف فارمز المزيد من الإيجابيات المهمّة. تُعالج المواشي حاليًا بواسطة كمّيّات كبيرة من المضادّات الحيويّة، لمنع الأمراض. تصل المضادّات الحيويّة إلى المياه الجوفية وتنتج بكتيريا مقاوِمة تشكّل خطرًا على حياة الإنسان. "في عملية الإنتاج لدينا، حيث نستخدم المفاعلات الحيوية، فإنّنا لا نستخدم المضادات الحيوية. بما أن عملية الإنتاج مغلقة بالكامل، فإنّ فترة صلاحية المنتج تكون أطول"، يقول د. تسفيكا تماري، مدير مشروع الفضاء في أيلِف فارمز. يضيف أيضًا أنّ "الإنتاج لا يتأثّر بالتغييرات الموسميّة، كما هو الحال عند تربية الأبقار من أجل الحصول على لحمها، ومن المتوقّع أن يكون التوريد متواصلًا".

للمنتج أيضًا فوائد بيئية بارزة. كما جاء أعلاه، فإنّ تربية الأبقار من أجل الحصول على لحمها هي قطاع إنتاج الأغذية الأكثر تلويثًا، وزراعة اللحم المصنّع سيحدّ من التلوّث وسيقلّل من استهلاك المياه والأراضي، ومن انبعاثات غازات الدفيئة بشكل كبير. تُزرع في المصنع أيضًا الأنسجة التي تؤكل، وبالتالي، لا حاجة لتربية بقرة كاملة والتخلص من أجزاء منها. بالإضافة إلى ذلك، تسمح طريقة الإنتاج هذه بإعادة تدوير جزء من المكوّنات، بالتالي، التقليل من النفايات وخفض التكاليف. إحدى الفوائد البيئيّة الأخرى لشركة ألِف فارمز نابعة من نهج العمل القائم على التخطيط المسبق. "نصبو نحو إنتاج آلاف الأطنان من اللحم خلال بضع سنوات، ليس فقط في إسرائيل، بل في جميع أنحاء العالم"، تقول لافون. "إقامة المصانع في أماكن أخرى ستمكّننا من نقل أقلّ كمّيّة ممكنة من اللحوم. بدلًا من شحن أطنان من اللحوم، نرسل إلى المصنع بضعة أنابيب اختبار وخلايا لبدء عمليّة الإنتاج، الأمر الذي يحدّ من البصمة البيئية لعمليّاتنا الإنتاجيّة".

האסטרונאוט איתן סטיבה מתבונן במיקרוסקופ בביקור במפעל אלף פארמס | צילום: נוי עינב, Aleph Farms
ملايين الأطنان من اللحم المستزرع من خليّة واحدة. رائد الفضاء إيتان ستيبه ينظر عبر المجهر في زيارة له في مصنع إيلف فارمز| تصوير:نوي عيناف، Aleph Farms

 

فصل البقرة عن الأرض

بالإضافة إلى تطوير تقنيات زراعة النسيج اللحميّ، كان التحدّي الأكبر أمام إيلِف فارمز الانتقال من عمليّات الإنتاج المخبريّ، الذي لا يتعدّى بضع شرائح، إلى الإنتاج التجاريّ الذي يمكّنها من تسويق آلاف الأطنان من اللحوم. "التحدّي الأساسيّ كان خفض التكاليف، لنتمكّن من إنتاج اللحم بكمّيّة كبيرة دون أن يطرأ ارتفاع حادّ على سعر المستهلك"، تقول لافون.

ما "يرتفع" حقًّا هو اللحم نفسه. طريقة الإنتاج التي تستند إلى زراعة الخلايا في بيئة مراقَبة وبالطباعة العضويّة ثلاثيّة الأبعاد يمكن أن تنفّذ في أيّ مكان، وبالتالي، فهي تتيح المجال لإنتاج اللحم لرواد الفضاء في المهام الفضائيّة البعيدة والطويلة، حيث لا يمكن الحصول على اللحم بشكل جارٍ من الكرة الأرضيّة. "كما تُزرع النباتات بطريقة الزراعة المائيّة فوق طبقة سائلة، بدون تربة، فإنّ طريقتنا أيضًا تفصل البقرة عن الأرض"، تقول لافون.

"بما أنّنا نستغني عن الحاجة لإشغال مساحات من الأراضي واستغلال موارد المياه، نطمح إلى توفير الغذاء في أي مكان في العالم وخارجه أيضًا"، يقول تماري. "في الوقت الحالي، تتلقّى الطواقم في محطة الفضاء كلّ بضعة أشهر إمدادات من الغذاء الطازج من الكرة الأرضيّة، ولكنّهم متواجدون على بعد 400 كم فقط فوقنا، وتكاليف إطلاق الغذاء إلى هناك تصل إلى عشرات آلاف الدولارات للكيلوغرام. لتزويد رواد الفضاء بغذاء طازج في أثناء مهامهم في أعماق الفضاء، يجب إنتاج اللحم في الفضاء بأقلّ كمّيّة ممكنة من الموارد. هذا هو هدفنا".

הדמיה של חללית דרגון במשימת AX-1 עוגנת בתחנת החלל הבינלאומית | מקור: NASA, נחלת הכלל
تكاليف إطلاق الغذاء حاليًّا تصل إلى عشرات آلاف الدولارات للكيلوغرام الواحد من الغذاء الطازج. محاكاة لمركبة سبيس إكس دراجون AX-1 ترسو في محطّة الفضاء الدوليّة | المصدر: NASA، ملكية عامّة

 

شرائح اللحم في رَكيع

قبل نحو سنتين، حقّقت إيلِف فارمز إنجازًا تاريخيًّا عندما أجرت التجربة الأولى لزراعة اللحم في الفضاء. الخلايا التي زرعتها الشركة أرسلت إلى محطّة الفضاء، وبواسطتها، تمكّن رائد الفضاء أوليغ سكريبوتشكا (Skripochka) من طباعة قطعة لحم صغيرة بالطباعة البيولوجيّة ثلاثيّة الأبعاد لهذه الخلايا في محطّة الفضاء. لم يأكل روّاد الفضاء قطعة اللحم، بل أرسلوها إلى الكرة الأرضيّة لتمكين علماء إيلِف فارمز من فحص أداء الخلايا في ظروف الجاذبيّة الصغرى، للتحقق من أنّ زراعة اللحم في الفضاء ممكنة.

في مهمّة "رَكيع"، التي سيشارك فيها رائد الفضاء إيتان ستيبه، اختارت اللجنة العلميّة للمهمّة تجربة شركة ألِف فارمز لتكون إحدى التجارب العلميّة التي ستنفّذ في محطّة الفضاء. هذه المرّة، ستفحص الشركة المرحلة المُبكرة لعمليّة إنتاج اللحم- زراعة الخلايا والتمايز الخلويّ في ظروف الجاذبيّة الصغرى. "ستكون التجربة آليّة تمامًا وستنفّذ في 'مختبر على رقاقة' طُورَ في شركة 'سبيس فارما' الإسرائيليّة، يقول تماري. "إنّها رقاقة بحجم بطاقة ائتمان، وتحتوي على مئات آلاف الخلايا المأخوذة من بقرة. ستقوم منظومة من الأنابيب والمضخّات بتزويد الخلايا بمحلول نموّ ملائم لكلّ مرحلة، وذلك لكي تنمو الخلايا كخلايا عضليّة".

הקוסמונאוט אולג סקריפוצ'קה בעבודה על הניסוי של אלף פארמס בתחנת החלל הבינלאומית ב-2019 | מקור: Roscosmos
اختبار الجدوى الأوليّة. رائد الفضاء أوليغ سكريبوتشكا أثناء إجراء تجربة إيلِف فارمز في محطّة الفضاء الدوليّة في 2019 | المصدر: Roscosmos

بما أنّ التمايز الخلويّ الكامل من خليّة جذعيّة إلى خليّة عضليّة يستغرق نحو ثلاثة أسابيع، ومهمّة "ركيع" ستستمر لأسبوع واحد فقط، فإنّ الخلايا لن تُكمل كامل دولة النموّ في هذه التجربة. في الوقت نفسه، سيقوم باحثو إيلف فارمز بتشغيل منظومة تجربة مماثلة على سطح الكرة الأرضيّة، وعند استعادة منظومتهم بانتهاء مهمّة "رَكيع"، يمكنهم المقارنة بين التجربتين، بحيث أنّ الفرق الوحيد بين التجربتين هو أنّ إحداهما أجريت في ظروف الجاذبيّة الصغرى والأخرى على سطح الكرة الأرضيّة، ليفحصوا ما إذا أثّرت الظروف في الفضاء على عمليّات تمايز ونموّ الخلايا، وكيف أثّرت.

منظومة التجربة نفسها مغلقة ومستقلّة، لذلك فإنّ تشغيلها بتطلب بذل جهد قليل جدًا من قِبل رائد الفضاء، الذي سيكون إيتان ستيبه. عليه فقط بدء التجربة والإشراف على تقدّمها. بنظرة للمستقبل، فإنّ ميزة هذه المنظومة تكمن في احتوائها جميع الموارد المطلوبة، وصيانتها وتشغيلها لا يتطلّبان وقتًا طويلًا.

איתן סטיבה בסיור במפעל אלף פארמס לקראת משימת רקיע | צילום: נוי עינב, Aleph Farms
جهد قليل جدًا من قِبل رائد الفضاء. إيتان ستيبه في جولة في مصنع ألِف فارمز استعدادًا لمهمة "ركيع"| تصوير:نوي عيناف، Aleph Farms

غذاء المستقبل

إلى جانب تجربة مهمّة "ركيع"، تسارع شركة ألِف فارمز لخوض التحدي القادم، وهو تطوير منظومة على نطاق أوسع، بحيث يمكنها أسبوعيًا توفير شرائح اللحم المستزرع لطاقم مكوّن من أربعة رواد فضاء، وذلك في مهمة ستستغرق ثلاث سنوات. تطوّر الشركة هذه المنظومة بالتعاون مع شركة الأغذية الأمريكيّة Astreas. سيرورة التطوير المشتركة انتقلت إلى المرحلة الثانية في التحدي الذي أطلقته الإدارة الوطنيّة للملاحة الجوّيّة والفضاء- ناسا لـ تطوير أغذية لمهام في أعماق الفضاء.

"يدور الحديث حول منظومة يبلغ حجمها بضعة أمتار مكعّبة، تلائم حجم المركبات الفضائيّة في المهام الطويلة"، يشرح تماري. "هدفنا هو أن تقوم هذه المنظمة بإعادة تدوير كامل كمية المياه تقريبًا المستخدمة في زراعة اللحم داخلها، لتحتاج بذلك لكمّيّة قليلة جدًّا من الموارد الخارجيّة. بالإضافة إلى ذلك، ستمكّن هذه المنظومة رواد الفضاء من التداخل في السيرورة، واختيار التوابل ونكهة اللحم. تسمح أيضًا بتغيير مكوّنات اللحم حسب الحاجة، على سبيل المثال، إضافة بروتينات معيّنة أو تقليل كمّيّة الدهن المشبع.


رؤية بعيدة المدى. محاكاة لمزرعة لحوم مستزرعة على سطح المريخ، بواسطة تكنولوجيا قيد التطوير في التخنيون ورحوفوت | تصوير: Aleph Farms

"اخترنا لشركتنا هذا الاسم، 'إيلِف'، لأنّه الكلمة تعني "ذكر البقر" بالعبرية، والحرف "ألف" بالعبرية القديمة يرتكز على صورة رأس ذكر البقر"، يشرح تماري. "الحرف الأولى ترمز إلى القيادة والطلائعية، وهذا هدفنا: أن نكون طلائعيّين ورائدين في سوق اللحم المستزرع، وبواسطته، تحسين جودة الحياة على الكرة الأرضيّة وتمكين بني البشر من الحصول على غذاء ذي جودة عالية في أي وقت وفي أي مكان يتواجدون فيه".

هل أعجبكم المقال؟ ندعوكم لتجربوا حل اللغز الذي حضرناه لكم حول تربية اللحوم المستزرعة في مهمة "ركياع" على وجه الخصوص وفي الفضاء عامة

 

0 تعليقات