ما هو الهولوجرام؟ ما الفرق بينه وبين أساليب التّصوير والإسقاط الضّوْئيّ الأخرى؟ كيف يُنتَج الهولوغرام وما هي استخداماته؟

تَكشف عمليّة البحث عن المصطلح "هولوجرام" في متصفِّح جوجل عن نتائج متنوّعة، منها عرض ثلاثيّ الأبعاد في حاسوب "الرجل الحديديّ" في أفلام مارفل، نداء الاستغاثة الذي أرسلته الأميرة ليئا إلى فرسان الجي دي في "حرب النّجوم"، أو المطربون الذين يظهرون أمام الجمهور بعد موتهم. هناك أمثلة مشابهة في الثّقافة الشعبيّة أحدها فصلٌ من مسلسل المنتزه الجنوبيّ "ساوث بارك" الذي تُرسِل فيه شركة Happy Holograms هولوجرامًا لمايكل جاكسون إلى العرض، ثم تُرسل الشّركة هولوجرامًا لمغني الراب توباك شاكور، وهو يسرق سيارة يلاحق بها مايكل جاكسون بعد تورّطه مع الشرطة وهروبه. مثال آخر هو استبدال الحيوانات البرّيّة بالهولوجرام في السيرك.

جميع هذه الأمثلة ليست هولوجرامًا!

לא הולוגרמות: מימין - "איש הברזל" וידיד; באמצע –הנסיכה ליאה מבקשת סיוע; משמאל - טופאק מוכיח שבעסקי השעשועים יש חיים לאחר המוות, קואצ׳לה 2012
هذه ليست هولوجرامًا: عن اليمين - "الرجل الحديدي" وصديق؛ في الوسط - الأميرة ليئا تطلب المساعدة؛ عن اليسار - يُثبت توباك وجود الحياة بعد الموت، في الأعمال الترفيهيّة. كواتشيلا 2012
 

"هولوجرامات" الحيوانات في السيرك هي إسقاطات ضوئيّة أساسيّة ثنائيّة الأبعاد على شاشات شفّافة تقريبًا (Gauze Projection). عروض "الرّجل الحديديّ" والأميرة ليئا ليست إلّا أمثلة لعرض حجميّ (Volumetric Display) ثلاثي الأبعاد، لكن لا علاقة لها بمصطلح الهولوجرام بتعريفه الصحيح، حتّى وإن  لم تكن هذه عروضًا وهميّة من إنتاج أقسام التأثيرات الخاصّة في هوليوود. هناك نماذج أولية من العروض الحجميّة في الأسواق، ونماذج أخرى أكثر تقدّمًا قيد التطوير، إلّا أنّ هذه التكنولوجيا، بخلاف الهولوجرامات، ما زالت في بداية الطريق. 

תצוגת תלת-ממד נפחית של חברת Voxon לצרכי המחשה רפואית | צילום: Haggispizza, ויקיפדיה
عرضٌ حجميٌّ ثلاثيّ الأبعاد للتّوضيح الطبّيّ لشركة Voxon | تصوير: Haggispizza، ويكيبيديا
 

تبعُد "هولو جرامات" المطربين في عروضهم كلّ البعد عن أن تكون هولو جرامات حقيقيّة. فهي عبارة عن حِيَلٍ قديمة العهد تُسمّى "شبح بيبر" (Pepper’s Ghost)، على اسم العالِم الإنجليزيّ ابن القرن التاسع عشر جون هنري بيبر، تُجرى على منصات العروض. يعتمد هذا العرض الوهميّ على شاشة شفّافة توضع بين الجمهور وبين المنصة، بزاوية تتيح انعكاس إسقاط ضوئيّ للشخصيّة خارج مجال رؤية الجمهور، وتتكامل وتندمج مع ما يحدث على المسرح. ليست هناك أيّة علاقة بين هذا التأثير وبين الهولوجرام، وهو ليس تأثيرًا ثلاثيّ الأبعاد. احتلّ "أتيين جسبار روبرتسون" المنصّات الأوروبيّة في القرن الثّامن عشر عن طريق "أشباح بيبر"، من خلال عروضه للبِنتاسماجوريا متزوّدًا بالفانوس السّحريّ والشّاشة الشّفّافة، وذلك قبل أكثر من مئتي عام من قيام الشركة التي أنتجت "هولو جرامات" توباك ومايكل جاكسون، بتسجيل طريقة الإسقاط الضوئيّ خاصّتها كبراءة اختراع.

ما هو الهولوجرام؟ ما الفرق بينه وبين أساليب التّصوير العاديّة والإسقاط الضوئيّ أو العرض الحجميّ؟


عن اليمين: الرسم التوضيحي لـ "شبح بيبر" خلال عرض جون هنري بيبر في باريس، 1862. عن اليسار: الرسم التوضيحي لـِ "شبح بيبر" خلال عرض توباك في كواتشيلا،  2012، بالاعتماد على براءة الاختراع التي سجلتها الشركة المُشغِّلة. 

 

المعلومات التي يحتويها شعاع الضّوء

نشاهد الأجسام بواسطة الضوء العائد أو المنعكس عنها. يتغيّر الشّعاع الضوئيّ الذي يصل من الجسم إلى أعيننا، مع تغيير الزاوية التي ننظر منها إليه. بالمقابل، يُجمّدُ التّصوير العاديّ شدّة الضوء ولونه ،في كلّ نقطة من الشعاع الضوئيّ الذي يصل آلة التصوير، وتكون النتيجة أنّنا نرى الألوان وشدّة الضوء ذاتها من جميع الزوايا التي ننظر منها إلى الصّورة. تبقى الصورة على حالها عديمة العمق حتّى وإن تغيّرت زاوية النّظر. 

من الممكن إنتاج عمق وهميٍّ في الصّورة، عن طريق التصوير من نقطتين تناسبان المسافة بين العينين واستخدام نظارات خاصّة، تتيح لكلّ عين من العينين مشاهدة إحدى الصّورتين. هكذا يتمّ تصوير الأفلام "ثلاثية الأبعاد" ومشاهدتها مع أنّ ذلك ليس ثلاثيّ الأبعاد حقًّا، إنّما دمج بين صورتين مُسطّحتين. لن نرى مشهدًا مختلفًا للأجسام التي في الصورة، عندما نتحرّك من جانب إلى آخر، ولن نلاحظ اختلاف الحركة أو انزياحها (بارالاكسا) - التّحرّك السّريع للأجسام القريبة والتّحرّك البطيء للأجسام الأكثر بعدًا. 

يجب خزن كامل المعلومات الموجودة في الشّعاع الضّوئيّ الذي يصل شريط التصوير، للحصول على صورة حقيقيّة ثلاثيّة الأبعاد. إذا نجحنا بعد ذلك في استعادة الشّعاع الضوئيّ كاملًا من الصّورة، لن نستطيع التّمييز حينئذٍ بين الشّعاع المُستعاد والشعاع الأصلي، لذا، لن نتمكّن من التمييز بين الجسم الذي في الصورة والجسم الأصليّ. 

أدرك الفيزيائيّ المجري دينيس جابور في العام 1947 أنّه من الممكن تنفيذ ذلك عن طريق ظاهرة التداخل التي تحدث في الأمواج. عُرض في الرّسم التوضيحيّ التّالي مثال بسيط لظاهرة التّداخل: يمكن أن تتضاعف شدّة كلّ واحدة من موجتين متطابقتين عندما تلتقي قممها معًا ("في نفس الطَّوْر") ويكون ذلك تداخلًا بنّاءً، أو أن تُبطل الموجة شِدّة الموجة الأخرى إذا التقت قمّة الأولى مع مُنخَفض الأخرى ("الطّوْر المتضاد") ويكون ذلك "تداخلًا هدّامًا"، أو أن تلتقيا بأطوار وسطيّة مختلفة.


يمكن أن تقوى شِدّة الأمواج أو أن تَبطُل شِدّتها. أُطرٌ مختلفة من التداخل | الرسم التوضيحي: قولو أور

 

يحاكي الرسم المتحرّك المحوسب التالي قالبًا من التداخل، يحدث في بركة فيها مصدران يُكوّنان أمواجًا متطابقة. تُمّثّل الألوان ارتفاع سطح الماء. تبقى العوامة الموضوعة في نقطة التداخل الهدّام والملوّنة باللون الأزرق السماويّ ساكنةً تمامًا، حتى وإن كوّن المصدران أمواجًا عاليةً جدًّا. تتذبذب، بالمقابل، العوامة الموضوعة في نقطة التداخل البناء بشدّة تبلغ ضعفَيْ شدّة كلّ واحدة من الأمواج الصّادرة من المصدر.  

תבנית התאבכות של שני מקורות גלים זהים | איור: Oleg Alexandrov, ויקיפדיה, נחלת הכלל
قالبٌ من تداخل أمواج متطابقة تصدر من المصدر الذي يُكوّنها | الرسم التوضيحي: Oleg Alexandrov، ويكيبيديا، متاحٌ للجميع
 

يحوي الشّعاع الّذي يصل فيلم التصوير عند توجيه الكاميرا نحو جسم ما كميّةً هائلة من المعلومات: يصل الضّوء بأطوال أمواج (ألوان) كثيرة وشدّةٍ متفاوتة وأطوار مختلفة من كلّ نقطة في الجسم، إلى كل نقطة على شريط التصوير. يتمّ الاحتفاظ باللّون والشّدّة فقط في التّصوير العاديّ، ولن نستطيع استعادة الشّعاع الأصليّ فيما بعد. أدرك "جابور" أنّه إذا استطعنا توثيق قالب التداخل، يمكننا  استعادة الشُّعاع  بكامله. أطلق "جابور" على هذا التوثيق اسم "الهولوغرافيّ"، المستقى من الكلمتين اليونانيتين "هولوس" (ὅλος)، التي تعني "(الصورة) بكاملها" و "غرافي" (γραφή) التي تعني التخطيط أو الرّسم/الصّورة. 

لقد طوّر "جابور" هذه التكنولوجيا أصلًا ضمن جهوده المُنْصبّة على تطوير مجهر الإلكترونات، وحاول تطبيقها في مجال الضّوء المرئيّ، إلّا أنّه فشل في ذلك. تُستخدَم هولوغرافيّ الإلكترونات فعلًا في مجال المجهريّة (الميكروسكوبية) تمامًا كما صاغها "جابور" في سلسلة من المقالات الرائدة التي نشرها ما بين الأعوام 1946 وَ1951، وحاز بفضلها على جائزة نوبل في الفيزياء في العام 1971. لم تكن هناك إمكانية تطبيق هذه التكنولوجيا في مجال الضوء المرئي قبل اختراع الليزر، بعد حوالي عشر سنين. 
 

كيف يُبنى الهولوغرام؟

تُوضّح الصورة التالية كيفيّة تصوير الهولوغرام بشعاع اللّيزر. تقوم مرآة نصف عاكسة بتفريق الشعاع، وتحويل نصف كمّيّة الضوء جانبًا وتمرير النّصف الآخر في مساره. يُسمّى الشعاع الذي يتابع مساره إلى شريط التّصوير مباشرةً "الشُّعاع المرجعيّ". ويتحوّل مسار الشعاع الآخر، "شعاع الجسم"، نحو الجسم المراد تصويره، ويصطدم به وينعكس منه إلى شريط التصوير. يتداخل الشعاع المرجعيّ مع الشّعاع المنعكس من الجسم.


تصوير الهولوغرام بواسطة التّداخل بين المُركِّبين المفروقَيْن من الشعاع | الرسم التوضيحي: قولو أور

 

يوَثّق الهولوغرام قالب التّداخل بين الشّعاع القادم من الجسم والشّعاع المرجعيّ. لا يوجد على شريط التّصوير، بخلاف التّصوير العاديّ، أيّ شيء يوحي إلى الجسم المراد تصويره، وإنّما يكون عليه نقاط داكنة بدرجات متفاوتة، تُمُِّثّلُ مدى التّداخل البنّاء أو الهدّام في كلّ نقطة. 

تتطلّب استعادة شعاع الجسم من قالب التداخل ومشاهدة الهولوغرام إضاءة شريط التّصوير بالشُّعاع المرجعيّ الذي تمّ استخدامه في التصوير. يمكن النّظر إلى ذلك من خلال المعادلة الرياضيّة التّالية: يُنتج قالب التداخل الذي تمّ حفظه على الهولوغرام (C) من جمع الشُّعاع المرجعيّ (A) مع شعاع الجسم (B)  أي: A+B=C. لذلك، يتوجّب علينا إرسال الشُّعاع المرجعيّ من الخلف (A-) نحو الهولوغرام (C) للحصول على شعاع الجسم ثانيةً، ذلك لأنّ: C-A=B.

على الشّعاع المرجعيّ المستخدم في استعادة الهولوغرام أن يكون مطابقًا للشّعاع المرجعيّ الّذي تمّ تصوير الهولوغرام به، ذلك هو مفتاح نجاح المهمة. يعود ذلك إلى أنّ شعاع الليزر يتّصف بالميزتيْن التّاليتين: أحادي اللون أي أنّ جميع أمواجه لها نفس الطول؛ و متساوق أي أنّ الأمواج تعلو وتنخفض معًا، بطَوْرٍ متطابق. الضّوء العاديّ ليس أحاديّ اللون ولا متساوقًا، فإذا استخدمناه في إنتاج الهولوغرام لن نقدر على استعادة قالب التداخل الذي تمّ الاستحواذ عليه. يسهل بالمقابل استعادة شعاع الليزر المرجعيّ الذي يتّصف بالتّرتيب الفائق. 

צולמה בתחילת שנות ה-60 באמצעות סוג הלייזר הראשון שהומצא (הליום-ניאון) | מקור: מאמר המחקר
من أوائل الهولوغرامات. تمّ تصويرها في بداية سنوات السّتين من القرن العشرين بواسطة أوّل نوع تمّ اختراعه من الليزر (هيليوم - نيون) | المصدر: مقالة الدراسة
 

المشاهدة بدون استخدام اللّيزر

يتوجّب استخدام أشعة اللّيزر في تصوير الهولوغرام، أمّا مشاهدته بدون استخدام الليزر فقد أصبح ممكنًا بفضل التقنيّة التي غزت العالَم. إنها "هولوغرام بنتون" على اسم مخترعها الدكتور ستيفن بنتون (Benton) من شركة بولارويد، والّتي عرضها في العام 1968. يعتمد هولوغرام بنتون، والمعروف بالاسم الشعبيّ - "هولوغرام قوس قزح"، على استخدام الهولوغرام كما استخدام المنشور المثلّث بحيث ينكسر كلّ لون من ألوان قوس قزح بزاوية أخرى

מנסרה מפצלת אור לבן לצבעים המרכיבים אותו | איור: Lucas Vieira, ויקיפדיה, נחלת הכלל
يُفرّق المنشور المثلّث الضّوء الأبيض إلى الألوان التي يتكوّن منها | الرسم التخطيطي: Lucas Vieira، ويكيبيديا، 
 

المبدأ الذي تعتمد عليه هذه التقنية هو تصوير هولوغرام الجسم بالليزر كالمعتاد، لكن من خلال شاشة فيها شقٌّ. عند إضاءة شريط التّصوير الجاهز بشعاع الليزر الأصليّ الّذي استُخدم في التصوير، ينكشف أمام أعيننا، من كلّ زاوية ننظر منها، شريطٌ ضيّقٌ من الجسم لا أكثر، ذلك الجزء من الجسم الّذي يُمكِن مشاهدته عند التصوير عبر الشقّ بالزّاوية نفسها. ينكسر كلّ لون من الألوان التي يتكوّن منها اللّون الأبيض (ألوان قوس قزح) بزاوية مختلفة، عند إضاءة هولوغرام بنتون بالضوء الأبيض، وذلك لأنّ شريط التّصوير المستخدم هو بمثابة منشور مثلث. هكذا نشاهد، من كلّ زاوية ننظر منها،  كلَّ جزء من الصورة باللون المناسب لِزاوية الانكسار، كما هو موضّحٌ في التّخطيط التّالي: 


التصوير من خلال الشقّ. بصريات هولوغرام قوس قزح. الرسم التوضيحي: قولو أور

 

تختلط الصّور ذات الألوان المختلفة فيما بينها، في حال لم يتمّ التصوير من خلال الشقّ. يعيق الشقّ حصول ذلك، حيث نرى اللون الذي مرّ من الشقّ بِنفس الزاوية التي ننظر منها فقط. تتغيّر صبغة اللون الذي نشاهده بشكل متواصل، على امتداد ارتفاع الصورة وفقًا للزاوية التي ننظر منها، ولذلك سُمّي هذا "هولوغرام قوس قزح".  

הולוגרמת קשת על כרטיס אשראי | צילום: Dominic Alves, flickr
المحافظة على الفصل بين الألوان. هولوغرام قوس قزح على بطاقة اعتماد | تصوير:Dominic Alves, flickr
 

الذّاكرة الهولوغرافيّة

تتكوّن الصورة من معلومات. يقول المثل: "الصّورة أبلغ من ألف كلمة"، بينما تشير الحسابات البسيطة إلى أنّ الصّورة ذات دقّة التّمييز العالية، تعادلُ ملايين الكلمات من حيث كمّيّة المعلومات. انبثقت من هنا فكرة استخدام الهولوغرام في خزن المعلومات في العام 1963، إذ تُخزن المُعطيات في قالب التداخل، بدلًا من خزن الصّورة ثلاثيّة الأبعاد. يتمّ ترميز (تشفير) شعاع الجسم الليزريّ بالحاسوب لاحتواء المُعطيات المراد خزنها، بدلًا من احتوائه على المعلومات الخاصّة بالجسم المُراد تصويره. يمكن تغيير زاوية الشّعاع المرجعيّ وخزن مجموعة من المعلومات المختلفة في كلّ زاوية. تُقرأ المُعطيات المخزونة في الهولوغرام في آنٍ واحد، بخلاف طريقة عمل منظومات الخزن التي تقرأ "البايت" تلو "البايت". يكفي وميضٌ (فلاش) واحد من الليزر من زاوية مناسبة لكيِّ مجموعة كاملة من المُعطيات، داخل الهولوغرام أو لقراءة الهولوغرام. 

تكاد لا توجد أجزاء متحركة في المنظومة، وكلُّ ما نحتاجه هو تغيير بسيط جدًّا في زاوية الشعاع المرجعيّ، كلّما أردنا الوصول إلى مجموعة أخرى من المعلومات، بالإضافة إلى الدمج بين حجم التخزين الهائل والسرعة الفائقة في الكتابة والقراءة. تعتبر هذه أفضليّة كبيرة بالمقارنة مع محركات الأقراص الضوئيّة أو المغناطيسيّة، التي تتحرك فيها إبرة القراءة وتدور المحركات السريعة، وتؤدّي إلى التآكل والعُطل. توضيح مبدأ المنظومة من خلال الرسم المتحرك القصير التالي:

 

 

أعلنت عِدّة شركات، مع بداية سنوات الألفين، تطوير ذاكرات هولوغرافيّة تفوق سعتها وسرعتها سعة منظومات الذاكرة السائدة وسرعتها حينذاك بعدّة درجات، إلّا أنّ أيًّا من هذه المبادرات لم تبلغ درجة النضوج. لم تُبرّر التّكاليف الأوّليّة، على ما يبدو، الأفضليّات من جانب الزبائن. 

تغيّرت الظّروف في السنوات الأخيرة مع الانتقال المُعجّل للعمل في إطار سحابات الذاكرة وظهور "أزمة الذّاكرة". يصف الرّسم البيانيّ التّالي الفجوة بين الذاكرة المستخدمة في العمل المحوسب في العالم، وكمّيّة الذّاكرة المتوفّرة في سحابات الذّاكرة. نلاحظ بشكل واضح اتّساع هذه الفجوة، تزامنًا مع تعاظم الانتقال إلى خدمات سحابات الذّاكرة، وتولّد أزمة في حال عدم تطوير وسائل انقلابيّة للذّاكرة. 


تزيد الاحتياجات عن القدرة على الاستجابة لها. مُعطيات استخدام ذاكرة الحاسوب | المصدر: IDC

 

تَستخدم الشّركات التي تُزوّدُ خدمات سحابات خزن المعلومات حجومَ ذاكرة هائلة، وتحتاج إلى  سرعة الوصول إلى المعلومات وإلى المصداقيّة العالية. تبدو التقنيات التي هي بالنّسبة للمستهلكين العاديين ليست ضروريّة جديرةً بالاهتمام بالنّسبة لهذه الشركات. رصدت شركة خدمات سحابات الذاكرة، أزور، التّابعة لشركة مايكروسوفت ميزانيّات كبيرة في تطوير نوعين جديدين من الذّاكرة - الذاكرة الهولوغرافية والـ DNA

تبدو تكنولوجيا الذاكرة الهولوغرافيّة أكثر نضوجًا، وتتوقّع الشركة توفير المنتجات من هذا النوع في السنوات القادمة. ينتمي المستقبل البعيد، على ما يبدو، للتكنولوجيا التي تعمل على ترميز البيانات الرقميّة (البايتات) إلى الأحماض النوويّة الأربعة، التي تتكوّن منها المادة الوراثيّة في الكائنات الحيّة وبناء جزيئات DNA منها. تتمّ قراءة المعلومات المُخَزَّنة بهذه الطريقة بواسطة الرّصف الجينيّ، وهي تكنولوجيا مستخدمة في أيامنا هذه بشكل عادي في الكشف عن الطفرات في فيروس الكورونا أو التشخيص الطبّي. تسدُّ ذاكرة الـ DNA احتياجات الذاكرة المحوسبة لدى البشرية للأجيال القادمة إذ يمكن خزن حوالي مليون تيرا بايت (مليار جبجا بايت) من المعلومات في السنتمتر المكعب الواحد. لكن ما زالت الطريق طويلة لبلوغ هذه الغاية. صحيح أنّ شركة مايكروسوفت عرضت منظومة أوتوماتيكية لخزن معلومات DNA واسترجاعها إلّا أنّ عملها بطيء جدًّا وحجمها ضخم. تُشكّلُ الذاكرة الهولوغرافيّة، على ما يبدو، حلًّا في المستقبل المنظور إذ أنّه لا يلوح بالأفق مُنتج من تكنولوجيا DNA. 

המכונה הראשונה לאחסון ואחזור מידע דיגיטלי ב-DNA (מימין). הכתם האדום משמאל מכיל 10,000 גיגהבייט של מידע בפורמט DNA | מקור: מצגת של המדען הראשי בחברת Azure
عن اليمين: أوّل آلة لخزن واسترجاع المعلومات الرقمية في الـ DNA. عن اليسار: تحتوي البقعة الحمراء على 10000 جيجا بايت من المعلومات على شكل فورمات DNA. المصدر: معروضة العالِم الرئيسي في شركة Azure
 

استخدام الهولوغرام في عرض المعلومات ثلاثيّة الأبعاد

يتطرّق العرض ثلاثيّ الأبعاد عادةً، كما ذُكر في بداية المقالة، في الرأي العام الشعبيّ إلى الشاشات ذات الحجم الكبير مثل تلك الموجودة في أفلام "Avengers" و "Star Wars". يكون حجم العرض في مثل هذه الشاشات مقسّمًا إلى "بيكسيلات" ثلاثية الأبعاد تُسمّى "فوكسيلات" (Voxels)، تكون شفّافة وهي مطفأة، ويمكن تشغيلها بحيث تُكوِّن مجتمعةً صورةً ثلاثية الأبعاد. 

يمكن تطبيق الشاشات ذات الحجم الكبير بعدّة وسائل. مثلًا، استخدام اللّيزر شديد القوّة يعمل بالأشعة تحت الحمراء، ويُطلق نبضاتٍ إلى نقاط مختلفة في الهواء، بحيث تستمّر كلّ نبضة جزءًا من المليار من الثانية، وتجعل الهواء كرة بلازما متوهجة عند النقطة المحوريّة لليزر. يمكن أن يؤدّي الانحراف السريع في الليزر، بواسطة مرايا تَحرِف الشّعاع وعدسة تُغيّر النقطة المحوريّة، إلى تشغيل وإضاءة تصل إلى 100 فوكسل في الثانية بحجم متر مكعب واحد، وذلك في التكنولوجيا المتوفّرة. تعتمد طريقة أخرى للحصول على ذلك على تقاطع شعاعات فوق بنفسجيّة داخل محلول يحتوي على جزيئات خاصّة تضيء في نقاط التقاطع فقط

هناك طريقة أخرى مختلفة تمامًا، للحصول على صورة ثلاثيّة الأبعاد، يتمّ فيها تحريك شاشة شفّافة بسرعة ذهابًا وإيابًا، عشرات أو مئات المرات في الثانية، وتُعكس عليها صورة ثنائيّة الأبعاد تتغيّر مع الحركة. تعمل ظاهرة الثبات البصريّ أو استمرار الرؤية على دمج جميع المقاطع ثنائيّة الأبعاد المُسقطة جنبًا إلى جنب، لتجعلها تبدو في عين الناظر كائنًا واحدًا ثلاثيّ الأبعاد

ما زال هذا النوع من العروض الحجمية محدودًا، ويتطلّب تجهيزات معقّدة وغالية الثمن. أمّا الهولوغرام فيكون عبارةً عن صحيفة شريط تصوير تمكن مشاهدته بواسطة مصدر ضوء أبيض، إذا كان التطبيق صحيحًا. يمكن لفّ الهولوغرام  الكبير ليصبح رزمةً صغيرة يمكن فتحها أينما نشاء، وتتيح مشاهدة الصورة ثلاثية الأبعاد لعدد من الأشخاص في آن واحد، ومن جميع جوانبها. يمكن استخدام مثل هذه الهولوغرامات سهلة التخزين والحمل والمشاهدة في مجالات تطبيقيّة شتّى، عسكريّة، هندسيّة، طبّيّة وغيرها. 

قرّرت سُلطة الدراسات والتطوير المتقدّم في وزارة الدفاع الأمريكية، DARPA، الاستثمار في تطوير هذا المجال، نظرًا للفائدة التي تُجنى من إيداع الهولوغرامات المفصلة لِمناطق الحروبات لدى المحاربين في ساحة القتال. ينصبُّ اختصاص هذه الوكالة على تشخيص التكنولوجيا المستقبليّة والاستثمار فيها، وقد مهّدت الدراسات التي أجرتها في الماضي الطريق إلى انقلاب في المجال التكنولوجيّ مثل شبكة الإنترنت، وواجهات المستخدم البيانيّة، وأجهزة الـ GPS المتوفّرة في جيب كلّ شخص تقريبًا. 

ساهمت DARPA في مجال الهولوغرامات في تطوير Urban Photonic Sandtable Display (أو UPSD) الذي يتيح مشاهدة الهولوغرام الملوّن بـِ 360 درجة بواسطة الضّوء الأبيض، واختارت مجلّة Time إدراج UPSD ضمن القائمة المرموقة، لأفضل 50 اختراع نُشرت في عام 2011. 

نشاهد في الفيديو القصير التالي تمثيلًا للفروق بين الخريطة البلديّة العاديّة والتصوير الجوّي والهولوغرام UPSD لنفس المنطقة. يتيح الهولوغرام إلقاء نظرة على كلّ بناية من كلّ زاوية نريدها، برالكسا (انزياح أو تخايل) تامّة وفهم خطوط المساحة بشكل حقيقيّ.

تُنتَج الهولوغرامات التناظريّة بواسطة إضاءة الجسم بِشعاع من الليزر، وتوثيق قالب التداخل على شريط التصوير. لا تبدأ الهولوغرامات الرقميّة من نوعيّة UPSD من الجسم الفيزيائيّ مُطلقًا، إنّما تبدأ من ملف مُصاغٍ بتنسيق رسم بيانيّ ثلاثيّ الأبعاد، مثل الملفّات المستخدمة في الطباعة ثلاثيّة الأبعاد، أو في مخطّطات التصميم المبرمجة. يتمّ حساب قالب التداخل اللازم لإنتاج الهولوغرام رياضيًّا، من خلال المُعطيات ثلاثيّة الأبعاد الموجودة في الملف، ثم تُطبع بدقة تمييز عالية على شريط التصوير، باستخدام ثلاثة ليزرات بثلاثة الألوان الأساسيّة.  

النتيجة هي صورة ذات دقّة تمييز عالية يبلغ مقاس قطرها 1.8 مترًا، وتصل فروق الارتفاع المعروضة فيها حتّى 50 سنتمترًا ارتفاعًا مُدرَكًا، وحتى 50 سنتمترًا عمقًا مُدرَكًا. تُعدُّ تكلفة إنتاج مثل هذا الهولوغرام رخيصةً، إذ تتراوح ما بين 1500 وَ 3000 دولارًا للهولوغرام الواحد. 

طوّرت DARPA منظومة الـ LIDAR خاصّتها كذلك لرسم خرائط ثلاثيّة الأبعاد للمساحات من المروحيّات باستخدام ماسح الليزر. تُنتج هذه المنظومة مُعطيات تتيحُ إنتاج الهولوغرام لأيّ مساحة نريد، ومن المعلوم حتّى الآن أنّه تمّ إنتاج 13000 صورة UPDS لصالح الجيش الأمريكيّ. تَعرض شركات كثيرة خدمات مشابهة للسوق المدنيّ أيضًا، مثل الطباعة الهولوغرافيّة لِلنّماذج المعماريّة والهندسيّة ثلاثية الأبعاد. 
 

الفيديو الهولوغرافيّ

كان بنتون، مُخترع هولوغرام قوس قزح، أوّل من عرض فيديو بدائيّ من الهولوغرامات الرقميّة، وذلك في سنوات التّسعين من القرن العشرين. على الرّغم من أنّ بنتون أنتج أفضل ما يمكن إنتاجه باستخدام الموارد المحدودة المتوفّرة آنذاك، فإنّ قوّة الحوسبة والالكترونيّات وهندسة المواد لم تنضج في تلك الفترة، ولا خلال ثلاثين عامًا مضت بما يكفي ليصبح الفيديو الهولوغرافي مُنتجًا يمكن عرضه وتسويقه، إلّا أنّنا قريبون من تلك الغاية أكثر من أيّ وقت مضى.

لقد أصبح تطبيق التصوير الهولوغرافيّ متاحًا في سنوات الستين من القرن العشرين، بعد اختراع الليزر بوقت قصير، وذلك بفضل نضج تكنولوجيا أشرطة التصوير التي استخدمت في التصوير العاديّ. تمتاز أشرطة التصوير بدقّة تمييز هائلة، وهي صفة ضروريّة لإنتاج الهولوغرام لأنّ خزن قالب التداخل اللازم لِلهولوغرام يتطلَّب فوكسل ميكروسكوبيّ. أمّا الفيديو الهولوغراميّ فَيحتاج إلى حتلنة قيم الفوكسلات أربعًا وعشرين مرّة على الأقلّ في الثانية، وشريط تصوير لا يمكن محوه. نحن بحاجة لمواد خاصّة تتيح الحتلنة السريعة للفوكسلات، بدقّة تمييز عالية جنبًا إلى جنب مع قوّة حوسبة هائلة، وذلك لمواكبة هذه الكمّيّات الهائلة من المعلومات. 

أُجريت دراسات كثيرة في هذا المجال عبر السنين، وتوجد اليوم شاشات تتيح عرض فيديو هولوغرافيّ بتردّد تحديث يبلغ 60 صورة في الثانية وبدقّة تمييز تعادل 8K (أكثر من 30 مليون بيكسل). يبلغ اليوم سعر الشاشة الأكثر تواضعًا وذات دقّة تمييز غير عالية بشكل خاصّ حوالي 6000 دولار أمريكيّ، إلّا أنّ التكنولوجيا تتقدّم بخطى سريعة، ويتوقّع هبوط الأسعار في العقد القريب. 

تَعرض بعض الشركات باقات كاملة تتيح التفاعل المتبادل بين الشاشة وبين المستخدم، مثل الاستدارة والتكبير وغيرها من التلاعب في الشريط الهولوغرافيّ، واستخدام قفّازات خاصّة أو بواسطة كاميرا تصوير تُرَكّبُ على الشاشة، وتقوم بمعالجة حركات المستخدم وتحليلها. فحص المعلومات الطبّيّة ثلاثيّة الأبعاد هو أحد التطبيقات المعروضة.

الهولوغرامات في خدمة الطّبّ

أتاح الهولوغرام اختراقات حقيقيّة في المجالات الطبّيّة، إلى جانب دوره في عرض المعلومات الطبّيّة واستخدامه أداة مساعدة في التدريس

  • تصوير رونتجن (أشعة X):

يحتاج عادةً فحص العيّنة البيولوجيّة بواسطة أشعة رونتجن إلى معالجة العيّنة وتجهيزها، وكثيرًا ما تؤدّي المعالجة والتجهيز إلى إحداث تغيير فيها، وإلحاق الضرر بجزء من صفاتها. يتيح ليزر أشعة رونتجن، وهو غالبًا ما يكون ليزر سيلينيوم طول موجته قصير جدًّا (20 نانومتر)، إنتاج هولوغرام رونتجن للعيّنة بوضعها الأصليّ، بدون أي حاجة للتجهيز أوالتحضير. أظهرت التجارب أنّه يمكن التصوير حتّى داخل جسم الكائن الحيّ بهذه الطريقة. يتمّ استقبال صورة تَداخُل  شعاع الجسم والشعاع المرجعيّ من ليزر الرونتجن، على مِجسّ رونتجن رقميّ وتُنقل إلى الحاسوب المتّصل به. يتمّ بناء نموذج ثلاثيّ الأبعاد للعيّنة من قالب التداخل بدرجة تمييز عالية، تصل إلى جزء من ألف من المليمتر (1μm)، وذلك باستخدام تقنية رياضية تُسّمى تحويل فورييه. يستطيع الأطباء تفحّص الهولوغرام بالتكبير المناسب من أي زاوية يشاؤون ومتى يشاؤون ببثّ حيّ مباشر. 

  • المِجهرية (الميكروسكوبيّة) الهولوغرافيّة:

التصوير الهولوغرافيّ ليس جراحيًّا، ويتيح مشاهدة مجهريّة مستمرّة للعيّنات الحيّة أيضًا. تتيح الهولوغرافيا، لأنّها تحتوي على جميع المعلومات عن واجهة الموجة، استخدام الصورة التي يتمّ الحصول عليها، لإجراء تصوير مقطعيّ للأجسام (طوموغرافيا)،  أي للحصول على صورة لكلّ مقطع منها بأي زاوية نريد. 

أضف إلى ذلك، أنّ تكلفة المجهريّة الهولوغرافيّة منخفضة نسبيًّا، لأنّ الحصّة الأكبر من تكاليف المِجهرات العادية تُستثمر في عدسة الجسم، التي تعمل على تكبير الصورة المتكوّنة في مستوى بؤرة المجهر. لا حاجة لمثل هذه العدسة بتاتًا في المجهر الهولوغرافيّ، لأنّ الصورة تتكوّن في مستوى بؤرة المجهر على المجسّ الرقمي مباشرةً، ويقوم الحاسوب ببناء النموذج ثلاثيّ الأبعاد للجسم المُصَوّر. 

הולוגרמה מיקרוסקופית דיגיטלית של תאי דם אדומים חיים | צילום: Egelberg, Wikipedia
تصوير غير جراحيّ. هولوغرام مِجهريّ رقميّ لخلايا الدّم الحمراء | تصوير: Egelberg, Wikipedia
 

  • قياس التداخل (Interferometry)

يمكن اكتشاف الحركات الصغيرة لجسمٍ ما أو خشونة سطحه، من خلال قياس الفروق بين زمن وصول موجتين قادمتين منه إلى الكاشف، حيث أنّ هذه الحركات الصغيرة أو الخشونة هي التي تُؤخّر وصول إحدى الموجتين إلى الكاشف. تُسمّى هذه الطريقة قياس التداخل (Interferometry) الّتي تُستخدم مثلًا في الأرصاد الفلكيّة التي تستعين بِأمواج الجاذبيّة. وتستخدم هذه التقنية أيضًا، بالأمواج الصّوتيّة، في تشخيص هياكل أو تراكيب داخل الأذن، والأورام السّرطانيّة وغيرها. 

يمكن استخدام هذه الطريقة أيضًا في تشخيص تغييرات بسيطة، في مادّة ذات درجة معيّنة من الشفافيّة. يحصل تداخل بين الشُّعاعات الضوئيّة التي تمرّ من خلال النقطة التي تكون فيها جيوب أو مناطق لها معامل انكسار مختلف، حتّى وإن بقي الضوء بشدّة ثابتة. يمكن رسم خريطة المادّة وصفاتها بهذه الطريقة. تستخدم طريقة قياس التداخل الهولوغرافيّ، على سبيل المثال، في فحص خواص مختلفة في قرنيّة العين - مدى التّمدّد النابع من الضّغط داخل العين، مرونة القرنيّة، وتغيّرات في تبلور المواد فيها وغير ذلك. 

  • التّنظير الباطنيّ (Endoscopy)

يمكن تكوين هولوغرام لِلتجويفات الباطنية في الجسم، استعانة بالألياف البصريّة الدّقيقة. تعتمد إحدى الطّرق إدخال جهاز التصوير مُصغّر الحجم إلى الجسم، وتكوين الهولوغرام في طرف الليف البصريّ داخل العضو المراد تصويره. تعتمد طريقة أخرى إدخال ليفَيْن بصريّين إلى الجسم، ويمكن عندها تفريق الشّعاع إلى شعاع الجسم والشّعاع المرجعيّ، ويتم تصوير الهولوغرام خارج الجسم. 

تمتاز الهولوغرامات التي يتمّ تصويرها بهذه الطّريقة بدقّة تمييز تصل بضعة ميكرومترات، وذلك فإنه من الممكن تمييز الخلايا المنفردة، وقد نستغني حتّى عن الحاجة لاستئصال خزعة من نسيج الجسد (Biopsy) لتشخيص الأورام. تستخدم هذه التقنية عند دمجها مع تقنية قياس التداخل، في فحص مرونة جدار الأمعاء والمثانة، إذ تشير التغيّرات التي تحصل عليها إلى وجود ورم سرطانيّ. 

  • التخزين ثلاثيّ الأبعاد الفعّال

قد تكون إمكانيّة توثيق المعلومات ثلاثية الأبعاد الخاصة وتخزينها بالشخص المعالَج فعّالة في حالات كثيرة. يمكن استخدام مثل هذه المعلومات، مثلًا، في المتابعة الطبّيّة في مجال طبّ الأسنان، وذلك للقياسات التي تُشكّل جزءًا من إعداد قطع تقويم الأسنان، ولأغراض قانونيّة وفي التشخيص الجنائيّ. تُعتبر عمليّة تحضير مسبوكات منظومة أسنان كاملة مرهقةً وغير لطيفة وتستوجب مساحةً للتخزين، لذا يصعب تطبيقها بأعداد كبيرة. يحلّ التخزين الهولوغرافيّ، الرقميّ بشكل خاصّ، هذه المشاكل ويُسَهل القياسات وتحضير قطع تقويم الأسنان

  • التّصوير الهو التوموغرافي

يتيح الدّمج بين المِجهريّة الهولوغرافيّة وقياس التّداخل والحسابات الرياضيّة المعقّدة، إنتاج خريطة ثلاثيّة الأبعاد لانكسار الضوء في جسم معيّن، مثلًا خليّة حيّة. يتمّ الحصول على مثل هذه الخريطة من خلال  الهولوغرامات  الرّقميّة الكثيرة، التي يُصَوّرُ كل ّواحد منها عندما يصطدم الشعاع بالجسم من زاوية أخرى، ثم تُعالَج بحلول رياضيّة تحسب تبعثر الضوء من جميع الزوايا. تشبه هذه الخوارزميّة تلك المستخدمة في الحصول على صورة CT من عدد كبير من صور الرونتجن، التي تُصوّر من زوايا مختلفة.   

يمكن بذلك تكوين نموذج ثلاثيّ الأبعاد للجسم الشفاف، دون الحاجة للوسم الملون (labelling) أو التلاعب الجينيّ، مثل إدخال جين مضيء (فلورسنتي)، إذ تُلحق هذه التقنيّات ضررًا في العيّنة، ولا تُظهِر الصورة النهائيّة الجسمَ المُصَوّر في حالته الطبيعيّة . 

 

הולוטומוגרפיה של תא דם לבן מסוג מאקרופאג | צילום: Moofaca, Wikipedia
بدون وَسم مُلوّن وبدون الإضرار بالمادة الحيّة. تصوير هولتوموغرافي لِخليّة دم بيضاء من النوع ماكروفاج | تصوير: Moofaca, Wikipedia 
 

الهولوغرام في المِحفظة وفي التحليات

شكّل استخدام المادّة من النوعيّة المقاومة للضوء في تصوير هولوغرام قوس قزح مرحلةً حاسمةً في تطوّر الهولوغرام. 

يَخزن شريط التصوير العاديّ قالبًا من النقاط الدّاكنة والفاتحة، بينما يُخزن قالب التداخل في المادّة المقاومة للضوء على شكل خريطة ثلاثيّة الأبعاد من النتوءات والخدوش. يمكن صنع قالب قاسٍ لخريطة النتوءات والخدوش على مثل هذا الهولوغرام بواسطة الصبّ، ويتيح هذا القالب إنتاج أعداد كبيرة من النسخ من الهولوغرام بسرعة وبتكلفة رخيصة، عن طريق الصبّ أو الختم.   

שלב מכריע בפיתוח ההולוגרפיה. תקריב במיקרוסקופ אלקטרונים של תבנית התאבכות על פוטו-רזיסטור | מקור: מאמר המחקר
المرحلة الحاسمة في تطوّر الهولوغرافيا. صورة مُقَرّبة لِقالب التّداخل في مجهر الإلكترونات على مادة مقاومة للضوء | تصوير: مقال البحث 
 

أتاحت هذه العملية ختم هولوغرامات قوس قزح  على بطاقات الاعتماد والقطع النقديّة عالية القيمة لتُصعّب التزوير وتصنيع ورق الجدران والملصقات والكثير من عناصر الديكور والزخارف. هكذا تحوّل الهولوغرام من غرضٍ مقصور على فئة معيّنة وصعب الإنتاج، إلى عنصر موجود في كلّ حقيبة ومِحفظة. هذا الاستخدام هو الأكثر رواجًا اليوم، ويُشكّل حصّة الأسد في تقييم السوق لهذه التقنيّة الذي يبلغ حوالي 16 مليار دولار أمريكي في السنة وينمو بمعدل يفوق الخمسة بالمئة في السنة.   

אלמנט שנמצא כיום בכל ארנק. מדבקות בטיחות הולוגרפיות למכירה, שני ש״ח למטר רבוע | מקור: indiamart.com
العنصر الموجود اليوم في كلّ محفظة. ملصقات الأمان الهولوغرافية المعروضة للبيع، 2 شيكل للمتر المربّع | المصدر: indiamart.com 

يعرض الفيديو الإرشادي لقناة Applied Science من العام 2020 ختم مثل هذه الهولوغرامات على الشوكولاتة باستخدام وسائل بيتيّة بسيطة. تعرض صور الشّاشة أدناه، المأخوذة من الفيديو، عجائب الهولوغرام: شوكولاته خالصة مئة بالمئة معروضة عليها صور مُلوّنة ثلاثية الأبعاد، على الرغم من عدم وجود اللون أو أية مادّة أخرى عليها، وعلى الرغم من نعومة سطحها الخارجيّ وملمسه. إنه السّحر الهولوغرافي: نتوءات وخدوش ميكروسكوبيّة تجعل الأمواج الضّوئية تتداخل الواحدة مع الأخرى بصورة دقيقة جدًّا. 

בלי חומרי צבע או חריטה. הולוגרמות מודפסות בשוקולד | מקור: סרטון הדרכה של ערוץ Applied Science
بدون أصباغ وبدون نُقْش. الهولوغرامات المطبوعة على الشوكولاتة | المصدر: الفيديو الإرشادي لقناة Applied Science 

 

0 تعليقات