تفشّي وباء الكورونا هذه السّنة كان مصحوبًا بتفشٍّ لوباء شديد آخر وهو وباء المعلومات الكاذبة والمزوّرة، والّذي انتشر ليس فقط من خلال شبكات التّواصل الاجتماعيّ، إنّما أيضًا من خلال وسائل الإعلام ورجال السّياسة.

أدّى فيروس الكورونا SARS-CoV-2، الّذي لا نعتبره بعدُ جديدًا، إلى مرض خطير بات وباءً عالميًّا، كما وساهم في انتشار وباء مدمّر آخر، يدعى ال Infodemic، أي جائحة المعلومات الكاذبة والمضلّلة.

يبدو أنّ المعلومات غير الموثوقة أو المغلوطة والأكاذيب منتشرة منذ بزوغ فجر الإنسانيّة، جالبة معها خرافات عن آلهة ووحوش، أوهامًا وقصص بطولة، تحريض وكراهيّة الّتي عادت على مخترعيها وناشريها الأوائل بالفائدة من حيث السّيطرة، المتعة والأرباح الاقتصاديّة. بعض ناشري الأكاذيب يستفيدون مباشرةً من الأمر، مثل زرع الخوف بشأن الّلقاحات لترويج منتجات كالمياه السّحريّة أو المكمّلات الغذائيّة. وقع البعض الآخر ضحيّة الدّجّالين؛ إذ لا يدركون أنّهم يقومون بنشر أكاذيب مدمّرة. آخرون، كبعض الإعلاميّين، المتحدّثين والسّياسيّين،يحرّفون المعلومات أو يتجاهلونها إن لم تتناسب مع معتقداتهم، مفاهيمهم أو مواقفهم، وينشرون عوضًا عنها "حقائق" بديلة.

ם הפצת מידע שקרי היא סוג של מגפה | צילום אילוסטרציה: Shyntartanya, Shutterstock
يعتبر نشر المعلومات الكاذبة أيضًا نوعًا من الوباء | صورة توضيحيّة: Shyntartanya, Shutterstock

تأثير الإنترنت

يعتمد تطوّر ناشري الأكاذيب في عصرنا إلى حدّ كبير على الإنترنت، وخاصة على شبكات التّواصل الاجتماعيّة والّتي بطبيعة الحال تُكشَف مشاركاتها الكاذبة أسرع وتصل إلى كمّ هائل من النّاس. وبالفعل، أظهرت دراسة نُشرت في عام 2018 أنّ احتمال تغريد الأخبار الكاذبة (عبر التويتر) أعلى ب %70 من تغريد الأخبار الحقيقيّة. غالبًا ما تكون القصص المزيّفة مؤثّرة أكثر وتحتوي على معلومات أجدد من القصص الحقيقيّة، لذا فإنّ احتمال ردّ فعل قرّائها بالاندهاش أو الغضب هو أعلى، ممّا يؤدّي إلى الإسراع في مشاركتها مع الآخرين. خوارزميّات شبكات التّواصل قادرة على تمييز هذه الظّاهرة وبالتّالي تعمل على زيادة عدد المشاهدات لهذه الأكاذيب. تعرّض هذه الشّبكات مستخدميها أيضًا لبروفيلات مزيّفة وبذيئة -هي برمجيّات الّتي تنتحل شخصيّات بشريّة وتقوم بنشر منشورات (posts)، ممّا يتيح لدول معادية - مثل روسيا، الصّين وإيران - باستخدام المعلومات الكاذبة كسلاح. كلّما تكرّر نشر الأكاذيب عبر البروفيلات والمصادر الأخرى، زاد مستوى الإقناع.

يعتبر عدم اليقين والتّخوّفات المصحوبة لوباء كورونا نعمة بالنّسبة لناشري ال Fake News، فهم يملؤون فجوات اليقين بالأكاذيب، ويقومون بتحريف المعلومات الموجودة لمصلحتهم. بينما تنقذ المعلومات الحقيقيّة والموثوقة المنتشرة في زمن الوباء حياة النّاس، تعرّض الأكاذيب وال Fake News حياتهم للخطر، وتصعّب عليهم مواجهة الوباء والحفاظ على الصّحّة العامّة. تنتشر المعلومات الخادعة والزّائفة بسهولة كالفيروس وهي شديدة العدوى. أمّا تأثير التّباعد الاجتماعيّ والحجر الصّحّيّ عليها فهو بعكس تأثيره للحدّ من انتشار الفيروس، حيث يزيد من شدّة الجائحة المعلوماتيّة، بما أنّ المحافظة على التّواصل من خلال الشّبكات الاجتماعيّة والمراسلات الفوريّة تزداد أثناء الحجر، ممّا يكشف النّاس إلى معلومات مغلوطة أو زائفة.

 רובוט מתכתב במחשב | איור: Blue Planet Studio, Shutterstock
تساهم البوتات الرقميّة والبروفيلات الزّائفة بنشر الأكاذيب عبر شبكات التّواصل. مراسلات روبوت عبر الحاسوب | صورة توضيحيّة: Blue Planet Studio, Shutterstock

الحقيقة السّياسيّة

تلعب وسائل الإعلام "التّقليديّة" أيضًا دورًا مهمًّا في انتشار الجائحة المعلوماتيّة. يختار الصّحفيّون والمحرّرون من مختلف المجالات المهنيّة الإبلاغ عن معلومات لا أساس لها من الصّحّة حول الوباء من خلال: عرض صور مضلّلة لكنّها لافتة للانتباه، إتاحة اعتلاء المنصّة "للخبراء" الّذين لا تتغيّر مواقفهم رغم الأدلّة الّتي تتجدّد بشأن الوباء ويقومون بترديد الأكاذيب مرارًا وتكرارًا، أو نشر أكاذيب ومعلومات من اختراع رجال السّياسة.

في شهر آذار مثلًا، نشر أوليفييه فيران (Véran)، وزير الصّحّة الفرنسيّ، Fake News الّتي أذعرت النّاس من تناول الأدوية المضادّة للالتهابات مثل الإيبوبروفين أو الكورتيزون. ردّدت وسائل الإعلام حول العالم وفي البلاد هذا الادّعاء الّذي لا أساس له، إلى أن اضطرّت منظّمة الصّحّة العالميّة (WHO) أن توضّح بأنّ الخبر عارٍ من الصّحّة. في إسرائيل، حاول رجال السّياسة الّذين تنقصهم المعرفة والمسؤوليّة المناسبة الطّعن في مصداقيّة خبراء الصّحّة. مثلًا، حاولت يفعات ساسا بيتون، رئيسة لجنة الكورونا في الكنيست، الادّعاء بأنّه تمّ اختراع رقم التّكاثر الأساسيّ (R0)، وهو مصطلح قديم وأساسيّ في علم الأوبئة، لغرض التّخويف، وخاصّةً لشرعنة القيود المفروضة؛ بالإضافة إلى ذلك، نفى عضو الكنيست إيلي أفيدار وجود الوباء ونشر نظريّات مؤامرة حول اللّقاح ضدّ الكورونا وبنيامين نتنياهو، وقد قامت عضوة الكنيست أورلي ليفي أفكاسيس أيضًا بنشر معلومات زائفة وخطيرة حول مصدر الفيروس.

من أكبر ناشري ال Fake News هو رئيس الولايات المتّحدة الّذي على عتبة إنهاء الرّئاسة الحاليّة، دونالد ترامب (Trump). بعد مراجعة 38 مليون منشور باللّغة الإنجليزيّة في وسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونيّة، اتّضح أنّ ترامب هو المسبّب الرّئيسيّ في نشر معلومات كاذبة حول الوباء. حوالي %38 من أخبار الإعلام الّتي تضمّنت معلومات كاذبة أو خاطئة حول الوباء كانت مرتبطةً بترامب. فقط %16 من الخطاب الإعلاميّ تناول فحص الحقائق وتصحيح الأخطاء المعلوماتيّة.

لم تفاجئنا أكاذيب ترامب كثيرًا. حتّى قبل انتخابه رئيسًا، أعرب عن استخفافه بالخبراء وبالنّتائج العلميّة الّتي تتعارض مع مفاهيمه ومصالحه. يبدو أنّ الحكومة حاربت خلال فترة حكمه بكلّ قوّتها ضدّ العلم، لإخفاء حقائق ونتائج لا تتّفق مع مواقف الرّئيس. باستثناء موضوع تطوير اللّقاحات ضدّ الكورونا، استمرّ ترامب بمحاربة العلماء حتّى خلال الوباء،  وقد أوصى بتناول "علاجات" لا أساس لها من الصّحّة بل وخطيرة مثل ال hydroxychloroquine لعلاج الملاريا أو المحلول المُبيّض. كما وروّج الأكاذيب مرارًا وتكرارًا حول مدى خطورة وباء الكورونا مدّعيًا أنّه لا داعي للقلق وأنّه يشبه فيروس الإنفلونزا (الّذي هو بحدّ ذاته مسبّب لمرض خطير)، على الرّغم من أنّه على علمٍ أنّ فيروس SARS-CoV-2 معديًا وخطرًا أكثر. حتّى بعد الكشف عن الحقيقة، ادّعى ترامب أنّه لم يكذب. بالإضافة إلى ذلك، قام ترامب بنشر معلومات كاذبة حول مصدر الفيروس مدّعيًا  أنّه صُنع في أحد المختبرات في الصّين - إمّا صدفةً أو كسلاح بيولوجيّ.

 
הפגנה בקנדה במחאה על הפצת שקרים של נשיא ארצות הברית, טראמפ, 2018 | צילום: Louis.Roth, Shutterstock
"منشورات تدّعي أنّها حقيقيّة = أكاذيب" - مظاهرة في كندا احتجاجًا على نشر أكاذيب رئيس الولايات المتّحدة، ترامب، 2018 | تصوير: Louis.Roth, Shutterstock
 

دعاية سياسيّة

لم تقف الصّين مكتوفة اليدين ونشرت Fake News خاصّة بها لإخفاء مصدر التّفشّي العالميّ للوباء. نشرت مصادر صينيّة معلومات مضلّلة تفيد بأنّ مصدر الفيروس هو ليس صينيّا وإنّما صُنع في الولايات المتّحدة كسلاح بيولوجيّ. بالإضافة إلى ذلك، سجنت الصّين أو أخفت أشخاصًا الّذين أبلغوا عن وجود الوباء أو انتقدوا طريقة تعامل السّلطة معه، لإخفاء فشلها الأوّليّ في علاج الوضع. حكمت إحدى محاكم الصّين مؤخّرًا على صحفيّة من مدينة ووهان بالسّجن لمدّة أربع سنوات جرّاء إبلاغها عن اندلاع وباء الكورونا واختلاف صيغة سردها لأحداث الوباء عن الحكومة.

لم تتّهم إيران والعالم العربيّ الولايات المتّحدة في خلق وانتشار الفيروس فقط، إنّما اتّهمت أيضًا إسرائيل، كما هو متوقّع.

أحد المصادر الرّئيسيّة للأخبار المثيرة للخوف بشأن تطوير فيروس الكورونا كسلاح بيولوجيّ هو روسيا، الّتي تُعتبر خبيرة في نشر ال Fake News لإلحاق الضّرر بالدّول الأخرى وإضعافها. فقد استغلّت روسيا في الماضي انتشار وباء عالميّ آخر لإلحاق الضرر بحياة النّاس؛ إذ نشر الاتّحاد السّوفيتي منذ عام 1983، كجزء من حملة "العدوى" (Инфекция)، أخبارًا كاذبة حول الفيروس المسبّب للإيدز، والمعروف باسم HIV، أنّه سلاح بيولوجيّ طُوّرَ في Fort Detrick، قاعدة عسكريّة في ماريلاند. ساهم عالم الأحياء اليهوديّ من ألمانيا الشّرقيّة، جاكوب سيغال (Segal) وزوجته ليلي، في نشر نظريّة المؤامرة هذه، عارضين منشوراتهم كعلماء فرنسيّين. بينما دحض العلماء بسهولة منشوراتهم الكاذبة، الّتي نُشرت على نطاق واسع في وسائل الإعلام، وقد عانى وما زال العالم يعاني من عواقبها: أدّت نظريّات المؤامرة حول مصدر فيروس ال HIV وإنكار وجود مرض الإيدز إلى وفاة ما لا يقلّ عن 330 ألف شخص في جنوب أفريقيا.

 כרזה הקושרת בין נגיף הקורונה לדור החמישי של טכנולוגגית תקשורת סלולרית | צילום: Ascannio, Shutterstock
السّياسة، التّكنولوجيا، الأوبئة والأكاذيب. ملصق يربط فيروس الكورونا بال5G لتكنولوجيا التّواصل الخلويّ | الصّورة: Ascannio, Shutterstock

استغلّت روسيا الوباء الحاليّ لتكثيف محاولاتها بإعاقة التّقدّم التّكنولوجيّ في العالم الغربيّ. حتّى قبل اندلاع فيروس الكورونا، حاولت روسيا من خلال الرّوبوتات، البروفيلات المزيّفة وشبكة الاتّصال الرّوسيّة لنشر الأخبار الكاذبة RT-Russia Today، إثارة الذّعر بشأن تقنيّة الاتّصالات الخلويّة، 5G. عندما بدأ فيروس كورونا بالانتشار، نشر الرّوس (ومعارضو التّطعيمات) أكاذيب سخيفة وواضحة متّهمين التّكنولوجيا باندلاع الوباء وليس الفيروس. في بريطانيا، قام بعض الأشخاص الّذين وقعوا بفخّ هذه الأكاذيب بحرق الهوائيّات الخلويّة جرّاء اعتقادهم أنّها هوائيّات 5G، وهاجموا تقنيّي شركات الهواتف.

بالإضافة إلى ذلك، تنشر روسيا أكاذيب مثيرة للقلق بشأن التّطعيمات ضدّ الكورونا، على الرّغم من أنّ التّقارير قد أفادت بمهاجمة القراصنة 

(Hackers) الرّوس للشّركات الغربيّة الّتي تعمل على تطوير التّطعيمات؛ وذلك لسرقة نتائج الأبحاث المتعلّقة بالتّطوير. وفقًا لأقوال جوزيف بوريل (Borrell)، الممثّل السّامي للاتّحاد الأوروبيّ للشّؤون الخارجيّة والسّياسة الأمنيّة، تستهدف الأخبار الكاذبة، الصّادرة عن روسيا، الدّول الّتي تريد أن تبيعها التّطعيم الّذي طُوّر فيها، وهو تطعيم لم تكتمل التّجارب السّريريّة لاختبار فعاليّته.

רופאה עם מסכה בצבעי דגל רוסיה וחיסון | צילום: Haris Mm, Shutterstock
هل أسباب نشر الأكاذيب ضدّ التّطعيمات الغربيّة اقتصاديّة؟ طبيبة ترتدي قناعًا بألوان العلم الرّوسيّ تمسك بيدها لقاحًا | تصوير: Haris Mm, Shutterstock
 

جائحة معلوماتيّة فتّاكة

يُعتبر نشر الأخبار الكاذبة خطيرًا، وخاصّة خلال فترة الوباء. توفّي مئات الأشخاص في إيران، جرّاء تسمّمهم بالميثانول- كحول مستخدَم في الصّناعة - بعد إقناعهم عبر شبكات التّواصل الاجتماعيّ بأنّ الكحول يعالج الكورونا. في الولايات المتّحدة، توفّي العديد من الأشخاص بعد تناولهم (دون استشارة الطّبيب) أدوية ضدّ الملاريا لعلاج أو الوقاية من COVID-19. تصديق الأخبار الكاذبة يزيد من احتمال مخالفة النّاس للتّعليمات الّتي تهدف إلى الحدّ من انتشار المرض، كما أنّ نشر الخرافات والحقائق الجزئيّة حول التّطعيمات يمكن أن يثير الخوف في نفوسهم بشأن تلقّي التّطعيم ويقومون في حماية أنفسهم وحتّى الآخرين من الكورونا، بالذّات الآن بعد أن تمّ وأخيرًا تطوير لقاحات فعّالة ضدّ الفيروس.

ومع بالغ الأسف؛ لا توجد هناك حصانة ضدّ المعلومات الكاذبة. في بعض الأحيان يكون كبار السّنّ، الّذين هم أكثر عرضة لخطر الوفاة من COVID-19، أكثر عرضة للوقوع بفخّ ال Fake News. في حالات أخرى، يصدّق جيل الشّباب (الّذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 29 عامًا) الأخبار المضلّلة بسهولة أكبر. يمكن أن تحمينا المعرفة أحيانًا من فخّ الأكاذيب، ولكن في المواضيع الّتي فيها انقسامات وفقًا للهويّة السّياسيّة أو الدّينيّة، يميل حتّى ذوو المعرفة الأكبر إلى التّشبّث بمواقف مجموعاتهم السّياسيّة أو الدّينيّة. لذلك، تتطلّب محاربة ال Fake News جهدًا، وتوفير الأدوات الّتي تساعد في التّغلب على نزعة تصديق المعلومات المنشورة.

 

איראן בתקופת הקורונה | צילום: Amir Mardani, Shutterstock
يمكن أن تؤدّي منشورات شبكات التّواصل الاجتماعيّة إلى تصرّفات خطيرة. مستشفى في طهران، إيران خلال فترة كورونا | تصوير: Mardani, Shutterstock

محاربة الوباء

منذ بداية انتشار وباء كورونا، أدركت منظّمة الصّحّة العالميّة خطورة الجائحة المعلوماتيّة وشرعت في التّعامل معها كما تتعامل مع الجائحات العاديّة: تمييز الخطر، تحليل تأثيره، واتّخاذ خطوات للحدّ من تأثيره وانتشاره. ولهذا الغرض، شكّلت المنظّمة فرقًا تعمل على مدار 24 ساعة لتمييز ودحض الشّائعات والأخبار الكاذبة. يعمل فريق "مدمّرو الخرافات" التّابع للمنظّمة مع أكبر شركات التّواصل مثل Google،Facebook،Twitter،YouTube،Tiktok للحدّ من انتشار المعلومات الكاذبة ونشر معلومات موثوقة بدلًا منها. تعهّدت هذه الشّركات بالعمل معًا في مواجهة جائحة المعلومات المزيّفة، وأضافت لوائح تحذير للمنشورات الّتي تمّ تمييز مضمونها كمزيّف، وقامت حتّى بحذف أكاذيب خطيرة.

تعاونت العديد من الحكومات حول العالم مع منظّمة الصّحّة العالميّة لمحاربة جائحة المعلومات. أمّا إسرائيل، حتّى مؤخّرًا، لم تحارب وزارة الصّحّة المعلومات المزوّرة والأخبار الكاذبة حول وباء الكورونا. حتّى في التّفشّيات السّابقة للأمراض - تفشّي شلل الأطفال في 2013 والحصبة في 2019-2018 - لم تحارب وزارة الصّحّة الأكاذيب الّتي نشرها معارضو التّطعيمات وتمّ إغلاق فجوة المعرفة من خلال الأفراد والجمعيّات الّتي تهمّها الصّحّة العامّة فقد قاموا بدحض أكاذيب معارضي التّطعيمات ومنكري الخطر الكامن بالأمراض، وأجابوا على أسئلة الأشخاص الّذين تردّدوا في تلقّي التّطعيم إثر تعرّضهم لمعلومات مزوّرة. في فترة الكورونا أيضًا، يقع الجهد بالأساس على أكتاف الأفراد والجمعيّات للحدّ من انتشار المعلومات الخاطئة عن المرض، الفيروس، الوقاية منه والآن أيضًا عن اللّقاح. تساعد وسائل الإعلام أحيانًا، وتحارب الأكاذيب الّتي هي نفسها قامت بنشرها. انضمّت وزارة الصّحّة مؤخّرًا أيضًا إلى الجهود المبذولة للتعامل مع الـ Fake News.

 
שלט אזהרה מפני פייק ניוז בנמל התעופה של דיסלדורף, גרמניה | צילום: HeimatPlanet, Shutterstock
مفضّل عدم تمرير الرّسائل المشكوك بصحّتها. لافتة تحذير من الأخبار الكاذبة في مطار دوسلدورف، ألمانيا | الصورة: HeimatPlanet ، Shutterstock
 

مع ذلك، فإنّ دحض الأكاذيب يتطلّب جهدًا أكثر بكثير من اختلاقها. يعتبر اختراع Fake News على يد الهيئات والأفراد سريعًا جدًّا وأمّا عمليّة دحضه فتتطلّب سعيًا دائمًا وراءها. لهذا السّبب، فإنّ أفضل طريقة لمنع الأخبار والرّسائل الكاذبة هي توجيه النّاس كيفية تمييزها وحثّهم على عدم نشر معلومات لم تُفحص صحّتها.

للمساهمة في ذلك، نشرت منظّمة الصّحّة العالميّة تعليمات واسعة يمكن أن تساعد في تمييز ال Fake News و"تسطيح منحنى جائحة المعلومات"، مثل فحص مصدر المنشور أو الرّسالة، عدم قراءة العنوان فقط، فحص النّاشر وتوقيت النّشر، التّأكّد من وجود مصادر أخرى تدعم الخبر وغيرها من التّعليمات. في معهد دافيدسون أيضًا، نشرنا نصائح لتمييز الرّسائل الكاذبة، مثل تكرار علامات التّرقيم أو الرّموز التّعبيريّة Emoji، الصّياغة اللّغويّة المشوّشة، أخطاء لغويّة لتضليل خوارزميات شركات التّواصل ("لفاح" أو"لقاخ" بدلاً من"لقاح")، رسائل تبدو أنّها تآمريّة، مراجع غير واضحة ("كتب باحث في ستانفورد") أو بدون رابط للمصدر ("بحسب وزارة الصّحّة") وتوصيات طبّيّة غريبة ("الغرغرة بالماء والملح" ، "تناول دواء ضدّ الملاريا").

 حتّى وإن بدا الخبر مقنعًا، يتعيّن على القارئ قضاء بعض الوقت لفحص صحّته. غالبًا، لا يتطلّب الأمر سوى بضع النّقرات لمعرفة ما إذا كانت القصّة حقيقة أو اختراع. يمكن أيضًا التّأكّد من موثوقيّتها أو السّؤال عنها من مصادر موثوقة مثل منظّمة الصّحّة العالميّة، كتّاب المقالات الصّحّيّة والعلميّة وبالطّبع معهد دافيدسون للتربيةّ العلميّة.

وإذا لم يكن وقت لفحص ذلك؟ من الأفضل عدم تمرير الرّسالة - وهذا أشبه بعمليّة الحجر الصّحّيّ للحدّ من انتشار الفيروس. يجب التّمهّل والتّفكير قبل تمرير معلومات يمكن أن تكون خاطئة، فمثل هذه المعلومات يمكن أن تكون خطيرة تمامًا كوباء الكورونا. وإذا بلغتنا رسالة ذات محتوى كاذب؟ يُنصح بمواجهة مُرسليها وإعلامهم بأنّهم ينشرون Fake News لمنع تناقلها بين أشخاص لا يعلمون كيفيّة تمييز صحّة الرّسائل بسبب عدم قراءتهم للمقال.

التدقيق اللغوي: إسراء زعبي

0 تعليقات