فحصَ بحثٌ علميّ جديد كيف يفهم الأطفال والأولاد طبيعة العلاقة بين الأشخاص، ووجد أنّ عمليّة تبادل اللّعاب، مثل الأكل سويًّا من نفس قطعة الطعام، توفِّر لهم دلالة على قرب وخاصيّة العلاقة.

تتكوّن حياتنا الاجتماعيّة من علاقاتٍ ذات درجات تقارب مختلفة. تربطنا علاقةٌ قريبةٌ جدًّا ببعض الناس، مثل: الوالدَين، أولادنا وإخواننا، أزواجنا وزوجاتنا وأصدقائنا المقرّبين. يتواجد في دوائر بعيدةٍ أكثر الأصدقاء الّذين تربطنا بهم علاقة متينة أقلّ، مثل: زملاء في العمل، أبناء العائلة الموسّعة، جيران ومعارف. يتعلّم ويدرك الأولاد هذه العلاقات من جيل مبكّر- هذا الإدراكُ ضروريّ لهم من أجل نجاعة التوجيه في المجتمع. لكن كيف يمكن للأولاد أن يعلموا بين أيّ شخصَين توجد علاقةٌ قويّة؟ أحد الرموز لهذا التساؤل حسب بحث علميّ جديد، هم أولئك الأشخاص الّذين لا يهمّهم تبادل اللّعاب مع بعضهم البعض.

أظهرت الأبحاث أنّه في كثير من المجتمعات، تبادل اللّعاب في نشاط ما، مثل القبلات أو الأكل المشترك في نفس أدوات الأكل أو قطع الطعام، غالبًا ينحصر بين الناس الّذين تربطهم علاقة مقرّبة جدًّا. "هذا ما جعلنا نتساءل إن كان الأطفال يميّزون بين علاقاتٍ مختلفة، وإن كانت عمليّة تبادل اللّعاب تعتبر كرمز مناسب يمكن أن يستعملوه لكي يميّزوا بين علاقات مقرّبة"، قالت أشلي توماس (Thomas)، قائدة البحث. 

שלושה ילדים שותים מכוס אחת | Jack Frog, Shutterstock
الأكل المشترك في نفس الأدوات بين ثقافات مختلفة محدود للناس الّذين تربطهم علاقة قويّة، ثلاثة أولاد يشربون من نفس الكأس |  Jack Frog, Shutterstock
 

أين الرابط الأكثر قوّة؟

فحص الباحثون قدرة الأطفال الصغار، من جيل خمس حتّى سبع سنوات، أن يميّزوا إن كان تبادل اللّعاب يعتبر رمزًا لعلاقةٍ مقربّةٍ جدًّا،ا عرض الباحثون على الأطفال رسومات فيها تشرب فتاة عصيرًا بواسطة قشّة، وإلى جانبها فتاتان أخرَيان. شُرح للأطفال أنّ إحدى الفتاتين هي أختها، والثانية هي صديقتها. بعدها سُئلوا مع من، حسب رأيهم، ستشارك الفتاة الأولى العصير. أجابَ أغلب الأطفال أنّها ستشاركُ أختها في ذلك. بينما اختار الأطفالُ الأخت أو صديقتها بشكل متشابه، عندما عُرضت عليهم رسومات للفتاة وهي تلعبُ بلعبةٍ أو أكلت من طعامٍ يمكن تقطيعُ جزءٍ منه ومشاركته دون تبادل اللّعاب. فهم الأطفال على ما يبدو أنّ عمليّة الشرب من نفس القشّة مخصّصة للناس المقرّبين بشكل خاصّ، كالأخوات.

فحص الباحثون في التجربة الثانية رضّعًا تتراوح أعمارهم بين 8 حتّى 10 أشهر، وأطفالًا أعمارهم بين 16 حتى 18 شهرًا.استخدم الباحثون طريقة أخرى لسؤال الرضّع والأطفال، كونهم لا يتكلّمون كالأولاد بجيل خمس سنوات. عرضوا على الرضّع والأطفال مقاطع فيديو أكلت فيها دمية شريحةَ برتقالٍ وتقاسمته مع ممثّلة، ولعبت بالكرةِ مع ممثّلة أخرى. وفي الفيديو الأخير جلست الدمية بين ممثّلتين وهي تبكي بصوتٍ عالٍ.

أراد الباحثون أن يفصحوا توقّعات الأطفال - مَن مِنَ الممثّلتين يتوقّعون أن تهدِّئ وتواسي الدمية؟ نظر الأولاد أوّلًا إلى الممثّلة الّتي شاركت الدمية بالبرتقالة، ونظروا إليها فترة زمنيّة أطول من الممثلّة الثانية - على ما يبدو أنّهم توقّعوا منها أن تتدخّل. استنتج الباحثون من ذلك أنّ الأطفالَ يدركون أنّ العلاقةَ القويّةَ كانت بين اللتين أكلتا سويًّا من نفس شريحة البرتقال. من أجل النقد، عرض الباحثون أيضًا عليهم مقطعَ فيديو تظهرُ فيه الدمية الباكية مختلفة عن تلك الّتي شاركت الطعام مع الممثّلة. في هذا المثال، عندما لم يكن لديهم أيّة معلومات عن العلاقة بين الدمية وبين الممثّلتين، نظر الأولاد إلَيهما بنفس المقدار.

"القدرة على تعلّم الروابط الاجتماعيّة مهمّة جدًّا"، قالت توماس. "التمييز بين علاقةٍ متينةٍ وبين علاقة أقلّ قوّة مهمّة جدًّا للأطفال، وحتّى أكثر من ذلك عند أطفال البشر الّذين يعتمدونَ على البالغين لكي يعتنوا بهم لفترةٍ زمنيّةٍ أطول مقارنة مع الحيوانات. قد يكون هذا التمييز طريقة جيّدة لإدراك من يمكنه تزويدك بالدعم الّذي تحتاجه".

تفسير النّظرات

هذا البحث قابل للتفسيرات، مثل كلّ بحث أُجريَ على الأطفال - لا يمكننا أن نقرّر بشكل مؤكّد ماذا أدرك الأطفال وماذا فكّروا، ونحاول أن نفسّر قدر المستطاع تصرّفاتهم، وفي هذه الحالة نفسّر نظراتهم. اعتمد الباحثونَ على تناول الطعام المشترك كدليلٍ على استنتاج الأطفال طبيعة العلاقة بين الدمية والممثّلة. هذا التفسير منطقيّ جدًّا، وقدّموا أيضًا مراجع لدعمه، ولكنّه لا يزال في سياق التفسيرات. كذلك أيضًا، على ما يبدو، يعتمدُ الأطفالُ لإدراك طبيعة العلاقة بين الناس، على رموزٍ وليس فقط على تبادل اللّعاب - لكن من أجل أن نستوضح الأمر علينا الانتظار لأبحاث أخرى.

أحد التقييدات الإضافيّة لهذا البحث أنّه أُجري على الأطفال في الولايات المتّحدة فقط. قالت الأخصائيّة النفسيّة الأمريكيّة دربي ساكسبي (Saxbe) في مقابلة لموقع ScienceNews  إنّ نتائجه مذهلة، ولكنّه من المثير للاهتمام أن يتمّ فحص ردّة فعل الأطفال والأولاد في هذه الحالات بين ثقافاتٍ توجد بها قواعد مختلفة للنظافة، أو تقاليد طعام مختلفة. 

باحثتان تشرحان عن البحث ( مقطع فيديو باللغة الانجليزيّة):

0 تعليقات