أضاف العلماء أربعة عناصر جديدة للجدول الدّوريّ للعناصر

 يتكوّن عالمنا بأكمله من أقلّ من مئة عنصرٍ مختلف: هيدروجين، حديد، كربون، ذهب وأكسوجين، هذه بعض العناصر الّتي تشكّل تركيبتها الكون بدءًا من الشّمس والكواكب حتّى الحواسيب، نباتات، درّاجات هوائيّة وحيوانات. عام 1869 طوّر العالم الرّوسيّ ديمتري مندلييف جدولًا دوريًّا للعناصر (قائمة دوريّة للعناصر) مبنيًّا ومنظّمًا وفقًا لخصائص العناصر. اِفترض مندلييف، وقتها، بوجود عناصر أخرى في الكون، وهذا ما يفسّره بقاء فراغات غير مكتملة داخل الجدول. بعدها، بدأ العلماء باكتشاف العناصر واحدًا تلو الآخر، وتمّ إكمال الجدول في سنوات الأربعينيّات من القرن العشرين عندما بدأ العلماء باكتشاف أسرار الذّرّة، وأدركوا أنّ بالإمكان إنتاج عناصر جديدة بواسطة تجارب وإجراءات نوويّة.

 

الجدول الدّوريّ المحتلن | صورة عن Shutterstock

 تبيّن لاحقًا أنّ العناصر الّتي صَعُبَ اكتشافها، وتمّ تصنيعها في المختبر، موجودة في الطّبيعة بكمّيّات ضئيلة. وينطبق هذا على عنصر اليورانيوم الّذي يبلغ عدده الذّرّيّ 92 (نواته تحوي 92 بروتون). بالتّوازي مع اكتشاف العناصر "المفقودة" بدأ العلماء يتساءلون: ماذا لو صنعنا عناصر أثقل من اليورانيوم كالعناصر غير الموجودة في الطّبيعة؟ وفعلًا، عام 1940 استطاع علماء من جامعة بيركلي بواسطة مسرّع جُسيمات من إنتاج عنصر جديد تحوي نواته 93 بروتون، أُطلق عليه اسم نبتونيوم، وبعدها بوقت قصير أنتجوا عنصرًا آخر عدده الذّرّيّ 94، وهو أكثر ثباتًا بقليل، واسمه بلوتونيوم. تبيّن فيما بعد أنّ البلوتونيوم موجود في الطّبيعة بكمّيّات ضئيلة، لكنّ المعلومات حول ذلك، والمعلومات حول إنتاج البلوتونيوم، بقيت سرّيّة لسنوات بسبب استعماله في القنابل النّوويّة.

 مع تطوّر العلم والتّكنولوجيا في مجال تطوير مسرّعات الجسيمات، تمكن العلماء من إنتاج عناصر ثقيلة أخرى: يتمّ ذلك عن طريق جعل العناصر ذات النّواة الثّقيلة نسبيًّا تصطدم ببعضها بقوّة هائلة. هكذا تنتج نوًى لعناصر أثقل. تكمن المشكلة في كون هذه النّوى مزعزعة (غير ثابتة) إذ إنّها تتحلّل خلال ثوانٍ، لدرجة أنّ العلماء لم يستطيعوا التقاط هذه الذّرّات، لكنّهم استنتجوا أنّ هذه العناصر قد تشكّلت ولو للحظة واحدة. 

كلّما كانت ذرّات العناصر أثقل، صَعُبَ إنتاجها في المختبر، كما وأصبح اكتشاف عناصر جديدة في الطّبيعة أصعب. في سنوات الثّمانينيّات والتّسعينيّات من القرن العشرين أنتج العلماء ستّة عناصر جديدة (107-112)، وفقط عام 2011 صادق الاتّحاد الدّوليّ للكيمياء البحتة والتّطبيقيّة على وجود عنصرين إضافيين: 114، 116. ومؤخّرًا، فحص الاتّحاد أدلّة لوجود العناصر الأربعة النّاقصة في السّطر الأخير من الجدول الدّوريّ للعناصر، ووافق على اكتشاف هذه العناصر.

 بخصوص العنصر 113، تمّ إنتاجه على يد مجموعة باحثين من معهد ريكن في اليابان، وعلى الأرجح سوف يخلّدون اسم دولتهم مع اسم العنصر "جابونيوم". وبخصوص اكتشاف العنصرين 115، 117، يعود الفضل في اكتشافهما للتّعاون المشترك بين المعهد النّوويّ في دوبونا Dubna في روسيا، والمعهد الوطنيّ الأمريكيّ ليفرمور Livermore في كاليفورنيا، والمعهد الوطنيّ أوك ريدج Oak Ridge في تينسي. كما ويعود الفضل للمعهد الأوّل والثّاني في اكتشاف العنصر 118، وهو العنصر الأثقل الّذي تمّ إنتاجه حتّى الآن.

تتنافس المختبرات والمعاهد فيما بينها على إنتاج عناصر أخرى. يعتقد بعض الفيزيائيّين أنّ بالإمكان إنتاج العنصرين 119، 120، لكن يبدو أنّ التّنافر بين البروتونات داخلها يتغلّب على القوّة النّوويّة الّتي تمسكها وتثبّتها معًا، ولذلك لن تستقرَّ هذه العناصر حتّى ثانية واحدة.

 
 
 
 
 
الترجمة للعربيّة: هشام مزعل، خالد مصالحة
التدقيق والتحرير اللغوي: د.عصام عساقلة
الإشراف والتدقيق العلمي: رقيّة صبّاح أبودعابس

 

0 تعليقات