خلافًا للادّعاءات السابقة، وجدت دراسة جديدة أنّ استخدام خاصّيّة الغفوة (Snooze) في المنبّه لا يسبّب التعب، بل وربّما يساعد على أن نكون أكثر يقظين

كيف تستيقظ في الصباح؟ هل تقفز من السرير فور سماع صوت المنبّه، أم تتدثّر بالبطانيّة وتحاول تجاهله؟ ربّما تستخدم خاصّيّة الغفوة في هاتفك الذكيّ، حتّى تتمكّن من العودة إلى النوم لبضع دقائق إضافيّة؟

إذا كنت تفعل ذلك، فأنت لست وحدك. يبدأ العديد من الأشخاص حول العالم يومهم مع غفوة إضافيّة في الصباح، وأنا اعترف بأنّني أنتمي لهذه الفئة. مع ذلك، سمعنا في السنوات الأخيرة أنّ هذه الطريقة للاستيقاظ تضرّنا. ينبع هذا من الادّعاء بأنّ الغفوة الصباحيّة قد تقلّل من يقظتنا أثناء النهار، كما كتبت المواقع الإلكترونيّة وفيديوهات "التيك توك". تناولت هذه الادّعاءات أنّ الغفوة الصباحيّة تؤدّي إلى قصور النوم (Sleep inertia) بحيث نكون متعبين خلال النهار، ما يتطلّب منّا على الأقلّ 4 ساعات لتخطّي هذه الأعراض. لذلك، يجب علينا التخلّص من هذه العادة الضارّة إذا أردنا الاستيقاظ من النوم بنشاط وحيويّة.

ولكن هل هذا صحيح؟ ليس بالضرورة. نُشرت مؤخّرًا دراسة من قبل باحثين من السويد وأُستراليا، والّتي أجرت فحوصات إدراكيّة لأشخاص بعد وقت قصير من استيقاظهم من النوم. أظهرت هذه الدراسة أنّ الأشخاص الّذين سمح لهم باستخدام خاصّيّة الغفوة كان أداؤهم جيّدًا في الاختبار بشكل مماثل لأولئك الّذين طُلب منهم الاستيقاظ فورًا بعد سماع المنبّه، وحتّى في بعض الحالات حقّقوا نتائج أفضل. تُعتبَر هذه الدراسة صغيرة، وأُجرِيت فقط على الأشخاص الّذين عادة ما يستخدمون زرّ الغفوة في الصباح، لذا يجب أخذ ذلك بعين الاعتبار. مع ذلك، قد تشير هذه النتائج إلى أنّ هذه العادة ليست ضارّة كما كنّا نعتقد.  


الضغط على زرّ الغفوة والعودة للنوم: هل هو عادة مزعجة أم شائعة وغير ضارّة؟ رجل نائم يطفئ المنبّه | Shutterstock, fizkes

"أشخاص خاصّيّة الغفوة" يقِظون 

سعى الباحثون في الجزء الأوّل من الدراسة إلى تحديد مدى شيوع استخدام زرّ الغفوة. تبيّن في استطلاع أجاب عنه  1792 شخصًا، أنّ 69% منهم يضغطون على زرّ الغفوة على الأقلّ من حين لآخر. يميل "أشخاص خاصّيّة  الغفوة" إلى أن يكونوا من فئة الشبّان، وليس من المستغرب أن يكون الكثير منهم "أشخاصًا ليليّين"، وبالتأكيد ليسوا أشخاصًا صباحيّين. أفاد 60% من بين مستخدمي زرّ الغفوة أنّهم دائمًا، أو على الأقلّ في معظم الحالات، ينامون بين رنّة المنبّه والأخرى. إذا كان الأمر كذلك، فمن المؤكّد أنّ استخدام زرّ الغفوة هو أمر شائع.

جنّد الباحثون 31 مشتركًا يستخدمون زرّ الغفوة بشكل منتظم، وطلبوا منهم النوم في مختبر النوم لمدّة ثلاث ليالٍ، بهدف اختبار تأثير هذه العادة في أدائهم اليوميّ. طُلِب من بعضهم الاستيقاظ فورًا عند سماع المنبّه، بينما طُلِب من البقيّة ضبط المنبّه نصف ساعة أبكر من المجموعة الأولى، في حين يمكنهم استخدام زرّ الغفوة كلّ عشر دقائق طوال النصف ساعة.

تمّ إخضاع المشاركين مباشرة بعد الاستيقاظ من النوم، ومرّة أخرى بعد 40 دقيقة، لأربعة اختبارات إدراكيّة قصيرة، حيث كان عليهم أن يتذكّروا 12 كلمة وإضافة أرقام مكوّنة من خانتَين، والمزيد. تعتبر هذه الاختبارات الإدراكية حسّاسة جدًّا ليقظة المشاركين: فالأشخاص المتعبون يحقّقون نتائج أقلّ بكثير.

في ثلاثة من أصل الاختبارات الأربعة، سجّل الأشخاص الّذين استخدموا الغفوة نتائج أفضل من أولئك الّذين استيقظوا على الفور، أمّا في الاختبار الرابع، لم تكن هناك فروق بين المجموعتَين. لقد تبيّن أنّ الغفوة لم تضرّ بيقظة مستخدميها، وربّما العكس. قام الباحثون أيضًا باختبار متغيّرات أخرى، بما في ذلك الحالة المزاجيّة للمشاركين، مدى شعورهم بالتعب، ومستويات هورمون الكورتيزول، الّذي يرتفع عندما نستيقظ من النوم. لم يتمّ العثور على اختلافات في أيّ منها بين مجموعتَي المشاركين.


هل تواجه صعوبة في أدائك الصباحيّ؟ لا يقع اللّوم على الأرجح على زرّ الغفوة. امرأة متعبة مع فنجان من القهوة | Shutterstock, Prostock-studio

التغلّب على قصور النوم

لا يُعتبَر قصور النوم الناتج عن استعمال زرّ الغفوة، كما هو مذكور في فيديوهات "التيك توك"، اختلاقًا- بل هو ظاهرة حقيقيّة، حيث يستيقظ الناس مع شعور بالتعب، ويواجهون صعوبة في الشعور باليقظة. قد تنشأ هذه الظاهرة نتيجة للاستيقاظ في مرحلة معيّنة من النوم. نمرّ خلال الليل بعدّة دورات من أربع مراحل من النوم، من بينها مرحلة حركة العين السريعة (Rapid eye movement sleep أو باختصار REM)، وهي المرحلة الرئيسة الّتي نحلم فيها. لذلك، إذا انطلق المنبّه خلال مرحلة حركة العين السريعة، أو في المرحلة الأعمق للنوم، قد نشعر بالتعب والضبابيّة.

ولكن وفقًا للباحثين، فإضافة إلى أنّ الغفوة الصباحيّة لا تسبّب قصور النوم فحسب، بل قد تكون قادرة على تقليل أعراضها. ,وذلك لأنّه إذا عدنا للنوم فورًا بعد سماع المنبّه، فيمكننا الدخول في مرحلة نوم أخفّ، والاستيقاظ منها بشكل يقظ أكثر. كتب الباحثون في المقال: "فترة قصيرة من استعمال زرّ الغفوة يمكن أن يخفّف قصور النوم، دون الإضرار بشكل كبير بالنوم".

وفي بيان صحفيّ، أضافت تينا ساندلين (Tina Sundelin)، الّتي قادت البحث :" تُظهر النتائج أنّه لا يوجد سبب للتوقّف عن الغفوة الصباحيّة إذا كنت تستمتع بذلك، لكن ليس لأكثر من نصف ساعة". " في الواقع، يمكن أن تساهم هذه العادة في مساعدة الأشخاص الّذين يعانون من التعب في الصباح على أن يكونوا أكثر يقظة عندما يبدؤون  يومهم".

مع ذلك، توضّح ساندلين أنّ الغفوة ليست بالضرورة مناسبة للجميع. يجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ هذه الدراسة صغيرة، وأُجريت فقط على الشبّان الّذين يستخدمون زرّ الغفوة بشكل منتظم وربّما اعتادوا عليه ويعتقدون أنّه مفيد لهم. لذلك، هناك حاجة لإجراء دراسات أكبر، والّتي ستفحص أيضًا الأشخاص الّذين يميلون إلى الاستيقاظ فورًا بعد سماع المنبّه، قبل أن نعرف بالضبط مدى تأثير الغفوة صباحًا في نومنا، والأهمّ من ذلك، في  يقظتنا وأدائنا اليوميّ.

 

0 تعليقات