أنتج تضافر جهود عشرات المختبرات قائمةً طويلةً من الأدوية المقترحة الّتي من الممكن أن تستهدف فيروس كورونا، 27 دواءً منهم يُستخدَم بالفعل لعلاج أمراضٍ أخرى، وبالتالي فإن الموافقة عليهم لا تتطلب أجراء اختبارات السلامة.

ولا يزال سباق العثور على علاج لمرضى جائحة  فيروس كورونا الجديد مستمراً بشكل مطّرّد، بل وقد ارتقى هذا السباق الآن  إلى مرحلة جديدة . عندما يهاجم الفيروس خلايا الجسم، فإنّه يُدخل مادّته الوراثيّة إلى الخلايا. يحتوي فيروس كورونا الجديد، SARS-CoV-2، على 29 جيناً  يترجمون إلى بروتينات. تعمل هذه البروتينات الـ 29 داخل خلايانا، ويساهمون في إنتاج آلاف الفيروسات الجديدة الّتي ستنطلق من الخليّة المصابة لتصيب آلاف الخلايا الأخرى. لإتمام هذه العملية ، تجنّد بروتينات الفيروس بعض بروتينات الخليّة لمساعدتها. تتمثّل إحدى الإستراتيجيّات الرامية إلى تطوير أدوية ضدّ الفيروس  بإستهداف بروتينات الفيروسية، وهذه مسألة معقّدة وقد تستغرق وقتًا طويلاً، ولكن هناك العديد من الفِرَق البحثية حول العالم، تسعى جاهدةً لتحقيق ذلك. تتمثل استراتيجية أخرى للعلاج في استهداف البروتينات البشرية الّتي تساعد بروتينات الفيروس داخل الخلايا.

ناڤان كروجان (Krogan) من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو (UCSF) هو خبير في مجال التّفاعل  والترابط بين البروتينات، خاصّة أنّه يمتلك نظرةً شاملةً لمجمل البروتينات في أوضاع خلويّة مختلفة. تعاون كروجان مع عشرات المختبرات من UCSF وجامعات أخرى في الولايات المتّحدة وأوروبا. اهتم  الفريق الموحّد بتحديد يّ من البروتينات الموجودة في خلايا الإنسان تساعد بروتينات فيروس كورونا. استعان هؤلاء الباحثون بالهندسة الجينية لتعديل خلايا بشريّة مُستنبتة في المختبر، حيث أن كل مجموعة من الخلايا تقوم بإنتاج بروتين فيروسيّ معيّن   وقد نجحوا في إنتاج 26 بروتينًا من بين 29 بروتينًا للفيروس. بعد عزل البروتين الفيروسيّ من الخلايا، اختبروا من خلال اختباراتٍ كيمائية-حيوية أيّ من البروتينات البشرية لا يزال مرتبطًا بالبروتينات الفيروسيّة. تمّ نشر الدّراسة على سيرفر (خادم) biorxiv المعني بتوفير الدراسات قبل نشرها في مجلّات علميّة.

 

ابتداءَ من السّرطان وحتّى الصلع

وجد الباحثون 332 بروتينًا يرتبط ب 26 بروتينًا فيروسيًّا. هذه النّتائج تكسبنا الكثير من المعرفة عن طبيعةالفيروس الحيوية،كأيّ من الآليّات الخلوية   يستطيع الفيروس أن يفعّلها ويستغلها في تكاثره، وما هي الآليّات المناعية الّتي يعطّلها الفيروس في الخلية. ومع ذلك، فما زلنا نجهل ما هي أهميّة هذه التّفاعلات البروتينية في تكاثرالفيروس. . ستكون هناك حاجة إلى المزيد  من الدّراسات لتقييم أهميّة كلّ من هذه البروتينات الـ 322. حين بعد المزيد من التقصّى والدراسة لهذه البروتينات ، من الممكن السّعي لإيجاد أدوية تستهدفها لتعطّل عملها، آملين بتعطيل قدرة الفيروس على التكاثر داخل الخليّة. فحص الباحثون التلاؤم  بين قائمة البروتينات مع قائمة الأدوية المتاحةفي الأسواق وقائمة الأدوية التي لا تال في مرحلة التّجارب السريرية أو ما قبل السريرية ، ووجدوا 69 دواءً محتملاً يستهدف 66 من البروتينات في القائمة. 27 دواءً من ضمن الأدوية الواردة في القائمة ، يُستخدَم لعلاج أمراض أخرى، ولذلك لا توجد حاجة لإخضاعها  اختبارات السلامة - باستثناء التّجارب السّريريّة، الّتي ستفحص فعاليّة هذه الأدوية ضد فيروس الكورونا.

أحد هذه الأدوية ،و الّذي تصدّر عناوين الصّحف في الأيّام الأخيرة، هو الكلوروكين، وهو دواء مضادّ للملاريا. يعطّل هذا الدّواء عمل بروتين يدعى SIGMAR1، الّذي يرتبط ببروتين فيروسيّ تكمن وظيفته -على الأرجح- يمنع خلايا الجسم من تحطيم  بروتينات الفيروس و وفقاً لفيروس السارس من 2003). وقد تكون هذه هي الطريقة التي يضعف فيها الكلوروكين قدرة الفيروس على التكاثر.من بين الأدوية الأخرى الّتي برزت في الأبحاث هناك أدوية لعلاج الالتهابات البكتيرية ، السّرطان، ضغط الدّم، الحساسيّة، السّكّري،  الرفض المناعي للأعضاء المزروعة، الفصام وحتّى الصّلع.

אריזת גרסה גנרית של אחת התרופות על בסיס כלורוקווין | צילום: JOSH SHER / SCIENCE PHOTO LIBRARY
هل من المحتمل أن يكون ناجعاً  ضدّ فيروس الكورونا؟ عبوة لأحد الأدوية القائمة على الكلوروكين| الصّورة من: JOSH SHER / SCIENCE PHOTO LIBRARY
 

أمل في  نتائج سريعة

وفقًا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، بدأت بعض الفِرَق البحثيّة بفحص 22 مركّبًا من القائمة على خلايا مستنبتة مخبرياً. في الأيام القليلة المقبلة،  نتوقع الحصول على نتائج أوّليّة للتّجارب الّتي تفحص ما إذا كانت الأدوية قادرة على إيقاف تكاثر الفيروس في مستنبتات الخلايا. إذا اتّضح أنّ بعض الأدوية المُعتمدة  تعطّل من تكاثر الفيروس في هذه الخلايا ، فسيكون من الممكن أن مباشرة التّجارب السّريريّة. وبالتّالي، وفي هذه الحالة من المحتمل طرح علاج خلال بضعة أشهر.

بعد نشرهذه الدّراسة، نُشِر في biorxiv مقال لباحثين كوريّين، درسوا فيه  تأثير الأدوية على تكاثر فيروس كورونا في مستنبتات الخلايا . أحد الأدوية الّتي فحصوها، دواء Camostat،  هو من قائمة الأدوية الـ التي اقترحتها الدّراسة الّتي أُجرِيت في UCSF، والتي شملت 69 دواءً. وبحسب نتائج الدّراسة الكوريّة فإنّ الدّواء لم يمنع تكاثر الفيروس. في المقابل، وجدت الدّراسة الكوريّة دواءَين غير مدرّجَين في القائمة، وهما أيضاً فعّالان ضد الفيروس في مستنبت الخلايا،غير سامّين للخلايا. أحد الأدوية هو سيكليسونيد (ciclesonide واسمه التجاري  ألباسكو)، ويستخدم لعلاج الرّبو، أما الآخر فهو نيكلوساميد (niclosamide)، و يستخدم لعلاج الدّيدان المعويّة.

غرّد ستيفن فلور (Floor)، أحد الباحثين المشاركين ، على التويتر: "لم ينتبني هذا الشّعور قط عندما كنت أنظر إلى قائمة التّفاعلات بين الجينات. بينما أنا معزولٌ الآن بالحجر الصّحّيّ، وأتساءل  عمّا إذا كانت عائلتي ستنقل إليّ العدوى. تنتصب خطورة هذه الجائحة أمام عينيّ وأنا أقرأ عن هذه التّفاعلات وطرق تعطيلها".

لقد أدّت قدرة عشرات المختبرات على دمج القوى  والتّعاون معًا في هذا المشروع إلى الحصول على نتائج  بسرعة البرق، والتي أثمرت عن قائمة تشمل نحو 70 دواءً محتملاً في غضون أشهر من تفشّي جائحة كورونا  - ومرةً أخرى تتجلّى قوّة العلم.

 

 

 

 

الترجمة للعربية: د. ريتا جبران
التدقيق اللغوي والعلمي: أ. أريج أبو رميلة
 

0 تعليقات