بحث جديد وواسع النّطاق يؤكّد أنّ ردود فعل النّاس للأخبار السّلبيّة هي أقوى، ولكن يوجد أيضًا اختلاف كبير الأشخاص. لا عجب أنّ وسائل الإعلام حريصة على تلبية هذه الحاجة.
من المعروف، منذ عدّة سنوات، أنّ الإنسان يولّي أهمّيّة أكبر للأحداث السلبيّة، هي ظاهرة تعرف بالتّحيّز السّلبيّ؛ أي أنّ اهتمامنا بالأحداث السلبيّة أكبر من اهتمامنا بالأحداث الإيجابيّة أو المحايدة، فهي تؤثّر علينا بقوّة أكبر ويصعب علينا تجاهلها. عمليّة التّحيّز تتجسّد بالمقابل في مستوى التّفكير الإدراكيّ وفي ردود الفعل الجسديّة مثل النّشاط الفسيولوجيّ العالي. هذه الظّاهرة تبرز مثلًا عندما نتلقّى إطراءات على أدائنا لكنّنا نختار التّركيز على نقطة سلبيّة واحدة فيرتسم النّقد كلّه كصورة سلبيّة.
التّحيّز السّلبيّ قد يكون أحد أسباب إغراق عناوين الصّحف والتّلفزيون بأخبار سلبيّة، في حين أنّ الأحداث الإيجابيّة يتمّ تهميشها. بالإضافة إلى عوامل أخرى، كَدَور وسائل الإعلام بتوجيه النقد للحكومة، يؤثّر التّحيّز على اختيار المقالات المراد تغطيتها، ويمكن أن تؤثّر التّغطية السّلبيّة أيضًا على الرّأي العام. قد يكون للتّحيز السّلبيّ في التّغطية الإخبارية عواقب وخيمة، بما في ذلك معلومات سياسيّة مغلوطة، لامبالاة وعدم الانخراط السّياسيّ.
تحاول بعض النّظريّات تفسير هذه الظّاهرة: بحسب نظريّة التّطوّر، الاهتمام الكبير بالمعلومات السّلبيّة مهم للحفاظ على البقاء فهكذا يُلفَت انتباهنا للمخاطر. نظريّة أخرى تدّعي أنّ هذا التّفضيل متعلّق بالثّقافة، فهناك مجتمعات تفضّل استقبال المعلومات السّلبيّة. قد يكون هذا التّحيّز هو ميول شخصيّ، وقد يظهر كلّ شخص مستوى آخر من تفضيل المعلومات السّلبيّة.
تشمل الأبحاث في هذا الموضوع غالبًا عددًا قليلًا من المشاركين، معظمهم انجلوسكسونيون. ولكن في دراسة نشرت في مجلّة PNAS، شارك أكثر من 1000 شخص من 6 قارات و 17 دولة، بما في ذلك إسرائيل. هذه كانت الدّراسة الأكبر والأكثر شمولاً حتّى اليوم في موضوع التّحيّز السّلبيّ أثناء مشاهدة الأخبار.
حتى الآن، تم اختبار ردود الفعل على الأخبار السلبية في دراسات صغيرة جدًا فقط. عناوين مخيفة في الصحف | رسم توضيحي: Shutterstock
ليس كلّ شيء سلبيًّا
خلال هذا البحث، شاهد المشاركون سبعة مقاطع إخباريّة من شبكة BBC البريطانيّة. خلال المشاهدة، قام الباحثون بقياس مستوى التّوصيل الكهربائيّ الجلديّ، المتأثر بكميّة العرق الّتي ينتجها الجلد، وتمّ أيضًا قياس وتيرة نبض القلب. هذه المقاييس تشير إلى مستوى نشاط/إثارة المشتركين الفسيولوجيّ، والذي يرتبط بدوره بالأوضاع التي تتطلّب يقظة/استعداد، مثل "الكرّ والفرّ"- هي ردّة الفعل التي تحفَّز أثناء التّوتّر النفسيّ أو القلق.
وجد الباحثون أنّه أثناء مشاهدة الأحداث السلبيّة في الأخبار، كان الاختلاف في وتيرة نبض القلب والتّوصيل الجلديّ أعلى. بمعنى أنّ مستوى الإثارة/ النّشاط الجسديّ عند مشاهدة مقاطع فيديو سلبيّة كان أعلى. كانت هناك اختلافات كبيرة جدًا بين ردود فعل المشتركين. ومع ذلك، عند تحليل النتائج من مختلف الدّول، لم توجد اختلافات كبيرة بينهنّ.
تشير الدّراسة بالتّالي إلى وجود تحيّز سلبيّ واسع وعابر ثقافات ومع ذلك إلى عوامل شخصيّة أخرى. يلخّص الباحثون ويقولون: "إنّ الاختلافات الشّخصيّة في التّحيّز السّلبيّ تدلّ على وجود جمهور يسعى إلى تغطية أخبار أقلّ سلبيّة".