في هذه التجربة سوف نستخرج الحمض النووي (DNA) الموجود داخل الخلايا الحيّة بواسطة أدواتٍ بيتية، وبواسطة ما تبقى من أجزاء الخلية، سنكتشفُ معًا كيف يبدو شكلُ الحمض النووي بل وسنتمكن من لمسه.

من المفضل الاستعانة بشخصٍ بالغٍ في وقت تطبيق التجربة !

الأدوات:

  • توت أرضي (بالإمكان أيضًا استعمال بازيلاء مجمدة، سبانخ، برعم القمح، موز، كبد وغير ذلك - لكن التوت يعطي النتيجة الأجمل)
  • خلاط كهربائي، خفاقة، أو معالِج غذاء. من لا يمتلك هذه الامكانيات يستطيع استبدالها بشوكة لسحق التوت حتى الحصول على توت مهروس.
  • قمع
  • قطعة قماش (شاش) للترشيح
  • مصفاة صغيرة (ليست ضرورية، يمكنكم الاكتفاء باستخدام القمع)
  • ملعقة صغيرة
  • سائل جلي الأطباق
  • كحول بتركيز 96% ( يمكنكم الحصول عليه في الحوانيت الكبيرة في قسم المشروبات الكحولية) تمّ تبريده مسبقًا في الثلاجة لمدة أربع ساعات قبل بدء التجربة
  • ثلاثة أكواب زجاجية
  • عود أسنان طويل أو سيخ خشب (ليس ضروريًا، يمكنكم استبداله بمقبض ملعقة رفيع)

سير التجربة:

بإمكانكم مشاهدة مراحل التجربة في الفيديو المصوّر التالي:

ملاحظات:

1. كما ذكرنا سابقًا إن لم يتوفر لديكم خلاط في المنزل، بإمكانكم الاستغناء عنه وهرس التوت بواسطة شوكة طعام.
2. يُوصى بالانتظار لخمس دقائق بعد إضافة الصابون لهريس التوت، كي يتسنى للصابون إذابة أغشية الخلية بشكل جيد، وبالتالي الحصول على نتائج أفضل. تابعوا الشرح المفصل لاحقًا.
3. على الكحول أن يكون بحرارةٍ باردة جدًا- يوصى بوضعه في الثلاجة لمدةٍ لا تقل عن أربع ساعات قبل بدء التجربة. لا يتمدد الكحول عند تجميده مثل الماء لذلك لا داعي للقلق حيال القنينة التي تحتوي على الكحول؛ إذ إنها لن تنفجر في الثلاجة.

شرح:

الحمض النووي (DNA) هو جزيء عملاق يوجد في مركز معظم الخلايا الحية، من حيث الرؤية الكيميائية فإن الحمض النووي عبارةٌ عن "بوليمير"، وهي كلمة يونانية الأصل مركبة من ( بولي- متعدد، مير- وحدة)، أي جزيء متعدد الوحدات المكررة لآلاف المرات. يتألف الحمض النووي لدى العديد من الكائنات الحية من مئات ملايين الوحدات (قواعد الحمض النووي) المترابطة مع بعضها البعض.

من حيث التركيبة البيولوجية والبيوكيميائية، فإنّ الحمض النووي يحمل بصورةٍ مشفّرةٍ بداخله كل المعلومات التي تلزم الخلية لإتمام وظائفها الحيوية، وبكلماتٍ أخرى كل ما يلزم الكائن الحي ليبقى على قيد الحياة. لكلّ كائنٍ حي حمضٌ نوويٌ خاصٌ وحصريٌ به وحده، وكذلك الحال لدى البشر، فلكلّ إنسانٍ على كوكب الأرض حمضٌ نوويٌ خاصٌ به وحده يميّزه عن سائر البشر، ما عدا التوائم المتماثلة التي تتشارك الحمض النووي ذاته.

يتألف الغشاء الخلوي الخلايا الحية بالأساس من جزيئاتٍ دهنية، وتكمن وظيفته في حماية محتوى الخلية وتشكيل طبقةٍ عازلةٍ عن البيئة المحيطة بالخلية. يستقرّ الحمض النووي في معظم الخلايا داخل "نواة الخليّة"؛ وهي مبنًى موجودٌ في مركز الخليّة، وهي الأخرى محاطةٌ بغشاءٍ دهنيّ يعزلها عن سائر المباني في الخلية. كل هذا يقودنا للاستنتاج بأننا إذا ما أردنا استخلاص الحمض النووي واستخراجه من الخلايا الحيّة  يترتب علينا أولًا إذابة الغشاء الدهني العازل.

في المرحلة الأولى من التجربة علينا فصل الخلايا عن بعضها البعض بطريقةٍ ميكانيكية بواسطةِ شفرات الخلاط. نضيفُ بعد ذلك في المرحلة الثانية سائل تنظيف الأطباق (مادّة تنظيف كيميائية فعّالة) بهدفِ إذابةِ الأغشية الخلوية ، وأغشية النوى التي بداخلها ؛ لكي يتسنى لنا استخراج الحمض النووي للبيئة الخارجية للخلية وإذابته بعد ذلك في الماء.

في المرحلة الأخيرة نضيفُ الكحول البارد، الذي يقوم بدوره بـ"ترسيب" جزيئات الحمض النووي من الماء وكشفها لأعيننا المجرّدة.  يعتبر الكحول مادّةً أقل قطبيّةً من الماء، ولذلك ووفق قوانين ذائبيّة المواد، فإنّه تقريبًا غيرُ قادرٍعلى إذابة الحمض النووي في داخله  (الحمض النووي هو جزيءٌ ذو قطبيّةٍ كهربائيةٍ عاليةٍ جدًا، بل هو مشحونٌ بشحنةٍ كهربائية)، ولذلك فإنّ إضافةَ الكحولِ تؤدي إلى حلّ الحمض النووي من المحلول  (Precipitation ) وترسّبه داخله، مما يشبه بصورةٍ ما إمكانيةَ تغييرالقطبيّة الخاصة بالمحاليل بواسطة إضافة الملح الذي يفصل بين البروتينات والمحلول.

كلّما كانت درجة حرارةِ الكحولِ منخفضةً أكثر، قلّت بدورها ذائبيّةُ الحمض النووي داخله، وبالتالي فإنّ كميّة أكبر من الحمض النووي ستنحلّ وتترسب من المحلول، وسنتمكن من رؤيته بصورةٍ أوضح للعين. لذلك من المستحسن جدًا استخدام كحولٍ بارد.

من حيث قواعد الكيمياء فإن الحمض النووي يرتبط عند إذابته في الماء بذرات الماء برباطٍ هيدروجيني. وعندما نضيف الكحول لهذا المحلول، تقوم ذرّات الماء بتشكيل الرباط الهيدروجيني مع الكحول بدلًا من الحمض النووي، ولذلك تتجمع جزيئات الحمض النووي مع بعضها البعض في كتلةٍ واحدةٍ وتنفصل عن ذرّات الماء في نقاط التماس بين الكحول والماء، كما نرى من خلال التجربة. تبريد الكحول لدرجات حرارةٍ منخفضةٍ يقلل بصورةٍ كبيرةٍ من قدرته على التذويب. بالإضافةِ إلى ذلك، من شأن درجات الحرارة المنخفضة أن توقف فاعليّةَ الإنزيمات المفككة الموجودةِ في الخلايا بشكل طبيعي، والتي من وظائفها تفكيك الحمض النووي لأحجار البناء الأساسية له وهي الأحماض الأمينية، وباستعمالنا لمادة الكحول الباردة نكون قد منعنا تفكيك الحمض النووي وحافظنا على جزيئاته سليمةً وكبيرة، ومن ثمّ نكون قد حسّنّا من النتائج المرتقبة.

من المثير للاهتمام

جزيء الحمض النووي ذو الأهمية الكبرى الذي نتحدّث عنه يبدو في الحقيقة أشبه بالمخاط، اللعاب، المربّى أو العصيدة. هذا هو بطبيعة الحال الشكل النمطي لبوليمير مذابٍ (بصورةٍ جزئية)، والسبب في تكوّن هذا الشكل هو أن سلاسل الجزيئات الطويلة المترابطة تحبس بينها القليل من جزيئات المذيب (وهو الماء في هذه الحالة)، تمامًا مثلما يتحول الحليب لحالةٍ أكثر لزوجةً وكثافة عند إضافةِ النشاء له أثناء تحضير العصيدة.
 

بودّي أن أتقدم بالشكر للدكتورة عينات شبرينتسك على لفتها لنظري حول هذه التجربة، للدكتورة ميخال سترولرسكي بن-نون على مساعدتها لي في ملاءمة هذه التجربة للتطبيق بأدواتٍ بيتية، وللدكتورة أوشريت نفون التي وافقت على عرض هذه التجربة في فيديو مصوّر وإنجازه خلال وقتٍ قصير.

الترجمة للعربية: رقيّة صبّاح أبودعابس

 

 

0 تعليقات