تصاحب وباء الكورونا شائعات عديدة لا أساس لها من الصّحّة، تُنشر في شبكات التّواصل الاجتماعيّ. فيما يلي بعض القواعد البسيطة لمعرفة الرّسائِل المُزيَّفة
وصلتكم رسالة عبر الواتس أب، تخبركم بقصّة مؤلمة عن طبيب من الصّين يشارككم بخبر وجود طريقة للوقاية والحدّ من عدوى الكورونا، قصّة مخيفة عن مؤامرة عالميّة تهدف إلى إيذائنا، مجموعة نصائح من طبيب محترم من جامعة أمريكيّة، أو مجرّد مقطع صوتيّ من جارتكم سمعته من صديقتها الّتي تعمل في المستشفى. قبل أن تقوموا بنشرها توقّفوا للحظاتٍ واسألوا أنفسكم: هل محتوى الرّسالة صحيح؟
نتلقّى الكثير من الرّسائل عبر الواتس أب، خاصّة في الآونة الأخيرة. ينقل لنا الأصدقاء وأبناء العائلة الرّسائل ضمن نوايا طيّبة منهم. في أيامٍ كهذه، نعيش كلّنا تحتَ ضغطٍ نفسيٍّ وحالةٍ من عدم اليقين، لكنّ المعلومات الّتي تُنقل إلينا في أحسن الأحوال غير دقيقة، وفي أسوأ الأحوال خاطئة. قبل أن تغريكم فحوى الرّسائل وتميلوا إلى تصديقها، إليكم بعض القواعد البسيطة تساعدنا في تقييم الرّسائل قبل نشرها، أو محوها.
1. كثرة استعمال علامات التّرقيم وإفراط في الأيقونات التّعبيريّة (Emoji) :
على الأغلب، لا يحوي النّصّ الاحترافيّ (مهنيّ، رسميّ)، الصّادر من مؤسّسة رسميّة، رموزًا تعبيريّة أو علامات ترقيم بكثرة. هذه العلامات هي محاولة لإثارة مشاعرنا وتشجيعنا على نشر هذه الرّسالة. على الأغلب، تقوم المؤسّسات الرّسميّة بصياغة رسائلها بطريقة رسميّة، منظّمة ودقيقة.
2. صياغة خاطئة
مصدر الرّسائل المزيّفة الّتي تُنشر عبر الإنترنت، هو رسائل مزيّفة تمّت ترجمتها من لغات أجنبيّة. بشكل عامّ، تكون التّرجمة غير دقيقة، وأحيانًا تكون قد تمّت عبر برنامج جوجل للتّرجمة (google translate)، فتكون النّتيجة ترجمة ركيكة تحوي كلمات بالإنجليزيّة. هذه الصّياغات هي ضوء أحمر لصحّة (صدق) المعلومات.
3. رائِحة المُؤامَرة
يسبّب عدم اليقين تجاه الوضع بشكل عامّ، والمرض بشكل خاصّ، في ظهور عدّة شائعات تدور وتصبّ في دوائر نظريات المؤامرة: على سبيل المثال، مؤامرة صينيّة لإلحاق الضّرر بالاقتصاد الغربيّ، أضرار بيولوجيّة خارجة عن السّيطرة، مؤامرة عالميّة لوضع تقنيّات متقدّمة، تخفيف عدد السّكّان وغيرها. بشكل عامّ، كلّما كانت نظريّة المؤامرة أكثر تعقيدًا، واشترك فيها عدّة أشخاص، قلّ احتمال حدوثها (وعليه يجب أن يقلّ احتمال تصديقها). في عالمنا اليوم من الصّعب الاحتفاظ بالأسرار، خاصّة إن كان عدد حافظي الأسرار كبيرًا. تُشعل رائحة المؤامرة ضوءًا أحمر كبيرًا بخصوص صحّة وصدق الرّسالة. إضافة لذلك، هل يمكن إخفاء المؤامرة بشكل جيّد، بينما الفارّ أو المتمرّد الصّينيّ نفسه، أو مصدر غير معروف، قرّر نشر المعلومات عبر الواتس أب؟ لا يُعقل.
4. تصريحات وَزارة الصّحّة
تُفتتح الكثير من الرّسائل بالافتتاحيّة التّالية: "اِختصاصيّ بالفيروسات مشهور من جامعة ستانفورد"، أو "اِختصاصيّ من جامعة جونز هوبكنز"، أو "وزارة الصّحّة الفرنسيّة". هذا توجّه نحو السّلطة الرّسميّة، ويُقصد به استخدام شخصّيّة أو مؤسّسة رسميّة موثوق بها لنقل معلومات غير موثوقة (مزيّفة). لنبدأ من حقيقة مفادها كالتّالي: لو ذُكر أنّ وزارة الصّحّة صرّحت بذلك، فهذا لا يعني أنّها فعلت ذلك حقًّا. فحص سريع في جوجل يكشف، وبسهولة، إن كانت الرّسالة صادرة من وزارة الصّحّة أو من جانب هيئة أخرى.
5. توصيات طبّيّة
تحوي الكثير من الرّسائل توصيات عديدة ومختلفة لتنفيذ ممارسات كأخذ نفس عميق لتشخيص الكورونا، غرغرة بمياه مالحة، تناول فيتامين سي، تناول توابل مختلفة وغيرها. حتّى كتابة هذه السّطور لم يتمّ اكتشاف لقاح أو علاج ناجع لفيروس الكورونا، رغم العديد من المحاولات. في نهاية المطاف، سوف يتمّ إنتاج دواء، وتطوير لقاح وقهر المرض. إذا تلقّيتم رسالة تخبركم بعلاج ما، أو تقدّم لكم توصية معيّنة، فإنّ توصيتنا الدّافئة لكم هي التّحقّق من صدق الرّسالة. يحوي موقع وزارة الصّحّة معلومات محتلنة مع توصيات طبّيّة علائقيّة (ذات علاقة) للجمهور. التّوصيات الواردة في الواتس أب، وغير واردة في الموقع، هي غير موثوقة.
قد تتلقّون رسالة تبدو للوهلة الأولى مهمّة، منطقيّة، مصوغة ببلاغة وقابلة للتّصديق. توقّفوا للحظةٍ قبل نشرها وابحثوا عنها في جوجل. هناك العديد من المبادرات لفحص صحّة المعلومات مثل موقع منظمة الصحة العالمية WHO ، وبالطّبع "موقع دافيدسون" ومجموعتنا في الفيسبوك . إن لم تجدوا إجابة هناك، فبإمكانكم البحث باللّغة الإنجليزيّة في مواقع التّحقّق من المعلومات مثل snopes. في بعض الأحيان يستغرق الأمر وقتًا حتّى تظهر إجابات دقيقةٌ فيها.
وإذا لم يكُن لديّ الوقت أو الرّغبة في التّحقّق؟
الحلُّ بسيط جدًّا. نمحو الرّسالة ولا ننقلها، ففي هذه الحالةِ "درء المفاسد أولى من جلب المصالح" !
قال الكاتب الأمريكيّ مارك توين في هذا السّياق:
تستطيع الكذبة أن تجوب نصف العالم قبل أن تنتعل الحقيقة حذاءها.
التدقيق اللغوي والتحرير: د. عصام عساقلة
الإشراف والتحرير العلمي: رقيّة صبّاح أبو دعابس