كرة القدم ليست احد فروع الرياضة الاكثر شعبية في العالم فحسب، بل يمكن استخدامها كأداة مثيرة للإهتمام تُفحص بواسطتها ظواهر فيزيائية كثيرة من الحياة اليومية. سنحاول في المقال الذي أمامنا فحص عدد من قوانين الفيزياء الأساسية وسنرى كيف ينعكس ذلك في لعبة كرة القدم.

قانون نيوتن الأول - قانون الإستمرارية
حسب قانون نيوتن الاول، كل جسم يستمر بالتحرك بنفس السرعة التي يتحرك فيها ما دامت لا تؤثر عليه أي قوة. معنى ذلك انه يجب تشغيل قوة كي يُغير الجسم حركته. لهذا الغرض، تتواجد الكرة بحالة ساكنة على العشب الأخضر، أي أن سرعتها ثابته ومساوية لصفر، عندما نقوم بركلها بقوة فاننا نُشغل عليها قوة وهكذا نتسبب بتغيير سرعتا حسب اتجاه الركلة وقوتها. بعد الركلة، تستمر الكرة بالتحرك بسرعة آخذة بالتناقص وذلك بسبب قوة معاكسة مصدرها الهواء وفيما بعد العشب الأخضر – الا وهي قوة الإحتكاك، وتستمر هذه القوة حتى تنخفض سرعتها الى الصفر أخيراً. لو كنا نلعب كرة قدم في الفضاء، ستتحرك الكرة بسرعة ثابتة بعد الركلة، ولأن الاحتكاك قليل جداً لاستمرت الكرة بنفس السرعة لمسافة هائلة، ونظرياً الى ما لا نهاية.

قانون نيوتن الثاني – قانون القوة، الكتلة والتسارع 
حسب قانون نيوتن الثاني، يرتبط تسارع الجسم بعلاقة طردية لمحصلة القوى المؤثرة عليه. تعلمنا من قانون نيوتن الاول أنه عندما نركل كرة فانها تُغير سرعتها. يسمى هذا التغيير تسارع وهو مرتبط بشدة القوة التي تم تشغيلها عليها وباتجاهها. عندما نركل الكرة بشدة، ترتفع سرعتها خلال فترة قصيرة من صفر الى السرعة القصوى، لذلك يُقال أن تسارعها كبير بعد الركلة فان القوة التي تم تشغيلها لم تعد مؤثرة عليها ويتوقف تسارع الكرة. بالمقابل فان قوة احتكاك الهواء وبعدها الاحتكاك مع العشب الأخضر تؤثر على الكرة بعكس اتجاه الكرة، مما يتسبب بتباطئ الكرة وانخفاض سرعتها حتى الصفر.

اذاً هنالك قوتان رئيسيتان تؤثران على القوة – قوة الركلة، التي سببت تسارع كبير، وقوة الاحتكاك التي سببت تباطؤها حتى سرعة صفر. سنضيف الآن الى للمعادلة معامل اضافي – الكتلة. الكتله تعبير عن كمية المادة، وعلى سطح الكرة الأرضية يمكن التعامل معها مثل الوزن. وكلما كانت الكتلة أكبر تحتاج الى قوة اكثر من اجل زيادة التسارع، وبالطبع هذا منطقي ولان معظم كرات القدم لها نفس الكتله تقريباً، يمكن تجاهلها في المثال الذي أمامنا، لكن اذا نظرنا الى القوة التي تُشغَّل على كرة قدم مقارنة بالقوة المشغلة على كرة حديدية مثلاً، سنكتشف أننا بحاجة الى قوة أكبر بكثير من اجل تحريك الكرة الحديدية لنفس السرعة ونفس المسافة.

قانون نيوتن الثالث – قانون الفعل ورد الفعل 
حسب قانون نيوتن الثالث، لكل فعل رد فعل مساوٍ له بالقوة ومعاكس له بالإتجاه. معنى ذلك هو انه عندما يركل لاعب ضربة جزاء للمرمى ويقفز حارس المرمى ويوقفها، يتسبب حارس المرمى بتخفيض سرعة الكرة من سرعة كبيرة الى الصفر دفعة واحدة، اي يُشغِّل عليها قوة صد. من جهة أخرى، فان الكرة تُشغِّل قوة على اللاعب مساوية بشدتها ومعاكسة بالاتجاه. ولأن كتلة اللاعب اكبر بكثير من كتلة الكرة، فان القوة التي تُشغلها الكرة على اللاعب لا تُؤثر على حركته تقريباً ومع ذلك يمكن ان يشهد حراس مرمى بأنهم يشعرون بقوة ملموسة تصيب أيديهم عندما يصدون ركلة باتجاه المرمى، وأحياناً قد تدفعهم الى الخلف.

لمشاهدة الفيلم القصير عن قوانين الحركة الثلاثة لنيوتن.

قوة الدفع
قوة الدفع مقياس لاتجاه حركة جسم وشدتها، وتُقاس بواسطة حاصل ضرب كتلته وسرعته. عندما يمرر لاعب الكرة لزميله فانه ينقل قوة دفعه الى الكرة، أي تتحرك رجله، تصيب الكرة، وفي اعقاب ذلك تتحرك الكرة بالاتجاه وبالقوة التي تلقتها من الرجل. عندما تصل الكرة الى اللاعب الثاني، فانه يوقفها بلطف وهو بحالة حركة، عملياُ فانه يقلل قوة دفعها الى صفر. وبعد ذلك يقوم اللاعب بركل الكرة ثانيةً ويعطيها قوة دفع مرة اخرى، وبقليل من الحظ وكثير من المهارة ربما تصيب الشبكة. عامل آخر يقلل قوة دفع الكرة هو الإحتكاك مع العشب الأخضر ومع الهواء.

الحركة الباليستية
عندما نرفع الكرة بركلة، فانهل تتحرك بشكل قوسي وأخيراً تهبط على العشب الاخضر. يحدث هذا الأمر لأننا صحيح نركل الكرة بزاوية معينه في الهواء، لكن تؤثر على الكرة قوة أخرى – قوة جاذبية الكرة الأرضية. عندما نركل الكرة فاننا نعطيها قوة باتجاهين: الى الاعلى والى الأمام. تبتعد الكرة عنا، لذا لا تتلقى منا مزيداً من القوة. ولكن تستمر قوتان بالتأثير عليها، قوة الإحتكاك التي تبطئ سرعتها الى الامام وقوة الجاذبية التي تؤثر عليها من الاعلى الى الأسفل. وفي أعقاب ذلك تخسر الكرة من ارتفاعها وتصبح الكرة على شكل قوس. نفس الظاهرة تراها في قصف قذائف من مدفع او بالتصويب للسلة في لعبة كرة السلة.

لمشاهدة الفيلم القصير عن الحركة الباليستية.

تأثير ماجنوس
في دوري لكرة القدم أقيم سنة 1997 ركل اللاعب البرازيلي روبيرتو كارلوس ضربة حرة مدهشة عن بعد 30 متر، تجاوز سداً من اللاعبين جانبا وسجل هدفاً مدهشاً وقد بدا وكأنه يناقض قوانين الفيزياء. لا شك انها ضربة تتطلب الكثير من التمرن والمهارة، ولكن فيزيائيتها بسيطة جداً.

عند ركل الكرة من طرفها وليس من مركزها، نجعلها تدور حول نفسها، وتُكوِّن حولها ما يُشبه دوامة هواء، وهكذا اللاعب أيضا لم يعد مُؤثراً على حركتها مباشرة، يمكن للكرة ان تغيير إتجاهها في الهواء. عندما تقل سرعة حركة الكرة بسبب الإحتكاك مع الهواء، الدوامة التي تكونت حولها تُؤثر على مسار حركتها وتتسبب بتغيير اتجاهها بشكل قوسي. وقد يبدو للمُشاهد وكأن للكرة إرادة خاصة. تُسمى هذه الظاهرة "تأثير ماجنوس".

 

هكذا يعمل تأثير ماجنوس | المخطط من ويكيبيديا , أنتج بواسطة Magog the Ogre
هكذا يعمل تأثير ماجنوس | المخطط من ويكيبيديا، أنتج بواسطة Magog the Ogre

ركلة كارلوس الشهيرة بالتصوير البطيء. انتبهوا لحركة الكرة ومنعطفها في وسط الطريق.

هنالك مبادئ فيزيائية كثيرة أخرى يمكن تعلمها من لعبة كرة القدم – على سبيل المثال كيف يؤثر مكان مركز الثقل على الثبات (ربما هذا السبب عدداً لا بأس به من لاعبي كرة القدم قصار القامة)، تأثير الموجة التي تمر عند الجمهور في المباريات الكبيرة، وحتى كمية الهواء المثالية في الكرة من اجل اداء مثالي. لذا عندما تشاهدون كرة قدم في المرة القادمة، حاولوا التعرف على ظواهر فيزيائية مثيرة للإهتمام، وخاصة لدى النجوم البارعين الكبار، لا تشعروا بالحرج لتصليح أي شخص يقول "هذا مناقض لقوانين الفيزياء".

مادة للتفكير – وعودة اليكم
كيف سيؤثر تغيير في ظروف البيئة على الظواهر التي تكلمنا عنها، على سبيل المثال كرة اثقل، ملعب املس أو مباراة بظروف انعدام جاذبية؟ 

3 تعليقات

  • عبدالباري

    شكرا جزيلا

    شكرا جزيلا
    هل تزودونا بمصادر عن قوة الدفع وشكرا

  • אנונימי

    تتا

    تت

  • אנונימי

    هههههههه

    هههههههه يع علبكم