كيف تعرف النباتات متى تقوم بعملية التمثيل الضوئي، وفي أي وقت من اليوم تقوم بفتح الزهور؟ تعرفوا على الساعة البيولوجية للأشجار، الأعشاب وكل ما ينمو على سطح الأرض.

النباتات، كسائِرالكائنات الحية على سطح الكرة الأرضية، يمكنها أن تُميِّز في أي مرحلة من اليوم هي موجودة.   هذه القدرة ممكنة بفضل وجود آلية داخلية تسمى الساعة البيولوجية، أو "النظم الليلي النهاري". تستخدم الحيوانات، النباتات، وحتى البكتيريا، هذه الآلية لتقييم الوقت ولتخطيط العمليات الفسيولوجية والتطورية اللازمة لها وتنفيذها بشكلٍ منتظم ودوري. بفضل هذا الإحساس الداخلي بالوقت، تستطيع هذه الكائنات متابعة الوقت والاستعانة برموز من البيئة الطبيعية من أجل التكيف مع التغييرات.

تستعين الساعات البيولوجية بأدوات خارجية وتقوم بواسطتها بتوجيه نفسها . الأداة الأساسية التي تسمح بتشغيل هذه الساعة هي الحركة الدائرية للكرة الأرضية، التي تعرضنا لدَفْقٍ  من العوامل الثابتة، مثل الضوء، الظلام ودرجة الحرارة. هذه العوامل دورية، لذلك، فإنها تتكرَّر في نمط ثابت يمكن التنبؤ به. تستخدم الساعة البيولوجية مجموعة متنوعة من العلامات لتنظيم ساعات الاستيقاظ وساعات النوم للكائن الحي، بل لتحديد زمن القيام بفعاليات معينة، أيضًا.

 

تم إنتاج الفيديو ضمن إطار TEDed 

بالنسبة للنباتات، فإن االعلامتين الرَّئيسيَّتين اللتان تدفعان  الفعاليات التي يتم التعبير عنها على المستوى الجزيئي للنبات هماالضوء ودرجة الحرارة. تحتوي خلايا كُلٍّ من ساق النبات، الأوراق والزهور على مواد تُسَمَّى "صبغة نباتية"، مكونة من بروتينات ومواد حساسة للضوء. عند تعرض هذه المادَّة  للضوء تبدأ سلسلة من التفاعلات الكيميائية التي تقوم بإرسال الإشارة إلى النواة في الخلايا.

يوجد في داخل الخلية، أيضًا، بروتينات ترتبط بمقاطع الـ -DNA (حمض نووي ريبوزي منقوص الأكسجين) الموجودة على النواة وتؤدي إلى ترجمة الجينات والتعبير عنها. مزيج الصبغة النباتية مع البروتينات الموجودة في النواة، يُمَكِّنُ من  إنتاج البروتينات اللازمة لإجراء عمليات تعتمد على الضوء، مثل عمليَّة التمثيل الضوئي- تحويل الطاقة الضوئية إلى غذاء في النبات.

لا تستشعر الصبغة النباتية كمية الضوء التي يستقبلها النبات فحسب،بل تستشعر، أيضًا، التغيرات الطفيفة في توزيع الأطوال الموجية التي يمتصها النبات. هذه القدرة على التكيف لدى النبات تُمَكِّنُ من فك  شيفرة الوقت، بما في ذلك الاختلافات بين منتصف النهار والمساء، وحتى المكان الذي يُوجَد فيه: هل النبتة مُعَرَّضَة لأشعة الشمس المباشرة أم انها موجودة في الظل. هكذا تستطيع النبتة مُلاءَمة تفاعلاتها الكيميائية مع البيئة المحيطة.
 

العملية على أرض الواقع

كيفَ يحدُثُ ذلك؟  قبيل شروق الشمس بساعات قليلة، تكون النباتات نشطة بالفعل، وتُنتِج مشتقات من الحمض النووي DNA التي تحتاج إليها من أجل عملية التمثيل الضوئي. عندما تشعر الصبغة النباتية الخاصة بالنبتة أن أشعة الشمس تزداد قوة، تقوم بإعداد الجزيئات التي تلتقط الضوء، وهكذا تبدأ عملية التمثيل الضوئي، الضرورية لنمو النبتة. 

هذه العملية تتكوَّن من عدة مراحل تشمل تفاعل الماء مع ثاني أكسيد الكربون (CO2) لإنتاج السكريات التي تغذي النَّبتة. يعتمد الجزء الأول من التفاعل على وجود الطاقة الضوئية. بعد أن تكون النَّبتة قد استغلَّت  أشعة الشمس في الصباح، تستخدِم نواتج عملها لأجزاء أخرى من التفاعل، لا تعتمد على الضوء (أي أنها تحدث أثناء وجود الضوء وفي "وردية إضافية"، أثناء أجزاء اليوم الأخرى). نواتج هذه المراحل هي سلاسل طويلة من الطاقة، على شكل سكريات، تقوم النَّبتة بإنتاج الطاقة منها. بالإضافة إلى جزيئات السكر، ينطلق  أثناء هذا التفاعل الماء والأكسجين، أيضًا.

عند غروب  الشمس وإشراف يوم العمل على الانتهاء، تنتقل النبتة إلى  وردية أخرى. في ساعات الظلام تُرَكِّز النبتة على الأيض (Metabolism) والنمو، بواسطة استخدام  وحدات الطاقة التي قامت بإنتاجها خلال ساعات النهار.

 من المدهش أن نكتشف أنه بالإضافة إلى الإحساس بالوقت، تستطيع النباتات الإحساس بتغيُّر الفصول، أيضًا. مع حلول فصل الربيع، تكتشف الصبغة النباتية أن طول  النهار يزيد وأن الضوء يُصبِح أقوى . لم يقم العلم، بعدُ، بفك تشفير هذه الآلية بشكل كامل، وهي أليَّة تستطيع النَّبتة من خلالها أن تكتشف التغيرات في درجات الحرارة وتعرف  متى تقوم بفتح أزهارها.

بهذا الشكل، تُعتَبَر الساعة البيولوجية بمثابة خيط  يربط بين النباتات وبيئتها المحيطة. على الكرة الأرضيَّة، حيث يكون الدوران ثابتًا، تُتيح الساعة البيولوجية للنبات الالتزام بجداوله الزمنية.

الحيوانات، أيضًا، تستخدم الساعة البيولوجية التي تستند إلى التغيرات خلال  ساعات اليوم - مثلًا، ساعات النوم وساعات اليقظة لدينا، التي يتم التعبير عنها بمساعدة توازن هرموني مرن. بالإضافة إلى ذلك، هناك ساعات تعتمد على إيقاعات تختلف عن ساعات اليوم، مثل مواسم هجرة الطيور.
 

حاجيت نيسان موشيه
الترجمة للعربيّة: بنان مواسي

معهد دافيدسون للتربية العلمية
معهد وايزمان للعلوم

 

 

 

ملاحظة لمُتصفحي الموقع

إذا كنتم تعتقدون أنّ التفسيرات المرفقة ليست واضحة بشكلٍ كافٍ ، أو إذا كانت لديكم تساؤلات ذات صلة بالموضوع، ندعوكم للكتابة عن ذلك في المنتدى، وسنقوم  بالتطرق إلى ملاحظاتكم. نحن نرحب دائمًا، بكل سرور، باقتراحات لتحسين الموقع وبالنقد البناء.

 

0 تعليقات