البروتينات هي وحدات البناء الأَساسيّة للبيولوجيا، وهي الوسيطة، المنتِجَة والمـُمَكّنة لكلّ التّفاعلات البيوكيميائيّة الّتي تحدُثُ في الخليّة. المعلومات المطلوبة لإنتاج بروتينات مُشَفَّرة في المادّة الوراثيّة (DNA). تُنسَخُ المعلوماتُ الموجودة في الـ DNA بواسطة مُنشِّطٍ بروتيني يُدعى RNA بوليميراز، والّذي يُنتِجُ جزيئاتِ مرسال ال RNA (بالانكليزية: messenger RNA). تشبِهُ جزيئات مرسال الـ RNA جزيئات الـ DNA كثيرًا، لكن خلافًا لجزيئات الـ DNA المحتوية على معلوماتٍ لإنتاج بروتينات كثيرة، ومعلومات إضافيّة لا تُنسَخُ وهي على ما يبدو ضروريّة لمراقبة نشاط الخليّة، فإنّ جزيئات مرسال الـ RNA تحتوي على معلوماتٍ مطلوبة لإنتاج بروتينات فقط. وفي مرحلة لاحقةٍ، تَصِلُ جزيئات مرسال الRNA إلى مصانع بناء بروتينات في الخليّة – المسمَّاة ريبوزومات. حَصَلَتِ البروفيسور عادَة يونات من معهد وايزمان على جائزة نوبل في الكيمياء، على فَكِّ مبنى الرِّيبوزوم عند البكتيريا. أَحد الأَسبابِ الّتي جَعَلَت فكَّ مبنى الرّيبوزوم يحظى باعتراف كبيرٍ إلى هذا الحدّ، هو احتمالُ إنتاج أدوية تُعيقُ الرّيبوزوم البكتيريّ فقط (بدون إعاقة الرّيبوزوم البشريّ)، وذلك لأَنَّ الخليّة لا يمكِنُ أن تَعيشَ، وبالتّأكيد لا يُمكِنُ أن تنقَسِمَ بدون القدرة على إنتاجِ بروتينات، وإعاقة ريبوزومات البكتيريا، يمكِنُ أن تُعالِجَ المرَضَ الّذي تسبِّبُهُ.
صورة من ويكيبيديا
وَبِسَبَبِ الأَهمّيّة الكبيرة للبروتينات، حاوَلَت أَبحاثٌ كثيرة معرفَةَ كمّيّتها في الخليّة، ولأَنَّ البروتينات هي مجموعة متنوِّعة ومُعقَّدَةٌ جدًّا، فالتَّعامُلُ معها ليس سهلاً دائِمًا، ولهذا السَّبَبِ اختارت أَبحاثٌ كثيرة التَّعامُلَ مع خلايا أَبسط مثل خلايا البكتيريا والخميرة وليس خلايا بشريّة، والّتي مِنَ الصَّعب تنميَتُها، وهي مُعقَّدة أكثر، وغالبًا ما تكونُ الخلايا الوحيدة الّتي يُمكن تنميتها هي خلايا سرطانيّة، والّتي يكونُ فيها ميزانُ البروتينات أصلاً، مختلِفًا عن خليّة بشريّة عاديّة. وأَظهرَت هذه الأَبحاثُ أنّه من كلِّ جزيء RNA رسول يُنسَخُ ما معدَّلُهُ 4000-5000 نسخة بروتين في خلايا الخميرة، مقابل 900 في خلايا الثّديّات و 500 في خلايا البكتيريا. وعلى الرّغم من هذه الاختلافاتِ، وُجِدَ أنَّ تركيز البروتينات المهمّة يميلُ لأَن يكونَ متشابهًا بين المخلوقات المختلِفَة. وَوُجِدَ في بحثٍ تناوَلَ خلايا الثّديّات أنَّ كمّيّة النُسخ لزلالٍ في الخليّة، تتعلَّقُ بوظيفة البروتين، فعندما كانت كمّيّة البروتينات المستخدمة كمُستقبِلاتٍ بمُعدَّلِ أَقلّ من 100 نسخة، كانت كمَيَة المنشِّطات (الإنزيمات) أكبر بكثير 1000-10000 نُسخة في الخليّة، وَتَصِلُ بروتينات البناء إلى كمّيّة هائلة تَصِلُ إلى 810 نسخة في الخليّة، ووُجِدَ بحثٌ تناوَلَ خلايا النّيماتودا ( Caenorthabditis elegans) أنّهُ يوجد في الخليّة 16323 نوعًا مِنَ البروتينات المختلفة. وُجِدَ في خلايا الخميرة 50 مليون جزيءَ بروتين في الخليّة، وهنالك بحثٌ تناول البكتيريا، وَجَدَ أنَّ تركيز البروتينات في الخليّة هو 2.3 ميللي مولارًا.
تتمُّ عمليّات بيوكيميائيّة في الخلية بمساعدة منشِّطاتٍ بروتيّنية تُسمَّى إنزيمات. يبدأ كلّ تفاعل بيوكيميائيّ بموادَّ تُسمَّى متفاعلاتٍ، وينتهي بالنّواتج. وفي كُلِّ تفاعل بيوكيميائيّ حالةُ اتّزان بين تركيز الموادّ المتفاعلة وتركيز النّواتج. يميلُ الاتّزان إلى الجهة الّتي توجَدُ فيها الموادّ في حالةٍ أثبت. أي أَنَّهُ إذا كانَتِ النّواتجُ أثبَتَ مِنَ الموادّ المتفاعلة، فَسَيحدُثُ التّفاعل في نهاية الأمر ويزداد تركيز النّواتج. لكن لو كانَتِ النَّواتج في التّفاعل أثبَتَ مِنَ الموادِّ المتفاعلة، فإنّه يتوجَّبُ أن يمُرَّ التّفاعل عن طريق حاجز طاقة، الّذي ينبُعُ من إثارة الموادِّ المتفاعلة وتحويلها إلى مادّة وسطيّة غير ثابتة، قبل أَن تتحوَّلَ إلى نواتج. وظيفةُ الإنزيم هي تثبيت الحالة الوسطيّة عند الانتقال من موادَّ متفاعِلَة لنواتِجَ، وهكذا يتمُّ تخفيضُ حاجِزِ الطّاقة، وتنشيطُ وتيرة الوصول إلى اتّزانٍ، بشكلٍ جوهريّ، والّذي يتحدَّدُ حسب النِّسبة بين ثبات الموادّ المتفاعلة والنّواتج. بفضل الإنزيمات، تكونُ وتيرةُ العمليّات البيوكيميائيّة في الخليّة أَعلى بكثير من وتيرة التّفاعلات العفوِيّة الّتي تحدُثُ بدون منشِّطٍ مناسب.
في بحثٌ قد قام بِفحصِ تأثير بعض الإنزيمات المختارة، وجد أَنَّ العمليّاتِ حدثت بسرعةٍ أَعلى بـ 610 - 1710 بوجود الإنزيمات. تُقاس وتيرة عمل الإنزيم حسب وتيرة إنتاج جزيئات النّاتج، في الوقت الّذي تتواجد فيه الموادُّ المتفاعلة في حالة فائضٍ لوحدة زمن. هذه الوتيرة، بالنّسبة لمعظم الإنزيمات، تَصِلُ إلى 1-104 جزيئات ناتج للثّانية، وتتعلّق بدرجة الحرارة وبظروف بيئيّة إضافيّة مثل الملوحة والحموضة. على أساس هذه المعطيات الّتي وجدناها، نستطيع إجراء تقديرٍ فظٍّ جدًّا، والتّقدير أنّهُ في الخليّة الّتي يوجد فيها 5000 إنزيم، والّتي تُنتِجُ ما مُعدَّلُهُ 10 جزيئات ناتج في الثّانية، يحدُثُ 50 ألف تفاعل بيوكيميائيّ في الثّانية.
أُخِذَت مُعظَمُ القِيَمِ العدديّة الّتي ذُكرت من موقعٍ يختصُّ بالأَعداد البيولوجيّة والّذي كان د. رون ميلو من معهد وايزمان، شريكًا مركزيًّا في تطويره.