كيفَ تتحوَّلُ البيضة إِلى عُجَّة؟ يوني

السُّؤال الأَصليّ: عند تسخين الزّلاليّات، تضعُفُ أَربطتها البين-جزيئيّة ويحدُثُ تخثُّرٌ. عند تحضير عُجَّةٍ من بيضة، فَمِن جهةٍ أُولى، عندما تكون البيضة في حالة سائلة فإِنَّها تسخُنُ، وترتفع الطَّاقة الحركيَّة للجُسَيمات، وتضعُفُ الأَربطة الّتي تُثبت الزّلال، ومن جهةٍ أُخرى تتحوَّل البيضة من سائلٍ إِلى صُلبٍ، على شكلِ عُجَّة مخفوقة. هل هذا منطقيّ؟ فعندما أَقومُ بغليِ الحليب فإِنَّه يتبخَّر، وعندما أَقومُ بغليِ حليبِ الصُّويا فإِنَّه يتبخَّر أَيضًا. هذا غير مفهومٍ بالنِّسبة لي. 

من أَجل فهم لماذا تتحوَّل البيضة السَّائلة إِلى عُجَّة عند تسخينها، يَجِبُ فهم كيف تُبنى الزّلاليّات.

الزّلاليّات هي سلاسِلُ مِنَ الحوامض الأَمينيّة المشفَّرة بواسطة الشِّيفرة الوراثيَّة (جزيئات الDNA الّتي في أَنوية الخلايا). سلسلة الحوامض الأَمينيّة المشفَّرة بواسطة تسلسل الـDNA تُسمَّى "المبنى الأَوّليّ للزّلال". ترتبط الحوامض الأَمينيّة فيما بينها بأَربطة قوِّيَّة جِدًّا، تُسمَّى أَربطة كوفلنتيّة، والّتي لا تتحلَّل نتيجة التَّسخين الّذي يحدث عند قلي بيضة. تتركَّب هذه السِّلسة من ذرَّات الكربون (C) والنَّيتروجين (N) المتَّصلة فيما بينها بتسلسُلٍ ثابتٍ، N-C-C-N-C-C-...-، والّذي مصدره مِنَ الجزء المتشابه في كلّ الحوامض الأَمينيّة والمتَّصلةُ به المجموعة المتغيِّرة (والّتي مِنَ المعتاد الإِشارة إِليها بالحرف R)، والّتي تحدِّدُ نوع الحامض الأَمينيّ.

لأَمينيّ.

حامضٌ أَمينيّ واحد | مخطَّط: ويكيبيديا

واحدة من كلّ ذرَّتَيِ الكربون مرتبطة برابط مزدوج بذرَّة أُكسجين (O)، وبإِمكانه تكوين رابط كيميائيّ يُسمَّى رابطًا هيدروجينيًّا مع ذرّة الهيدروجين (H)، والمرتبط بكلّ ذرّة نيتروجين في سلسلة الحوامض الأَمينيّة. تُنتِجُ هذه الأَربطة الهيدروجينيّة مبانِيَ لولبيّةً تُسمَّى أَلفا هالكيس، أَو مبانِيَ خطِّيَّةً تُسمَّى بيتا شايطس، وذلك حسب شكل المجموعات المتغيِّرة الـ (R) المرتبطة بالسِّلسلة. تكوِّن هذه المباني "المبنى الثّانويّ للزّلال". ولأَنَّ المبنى الثّانويّ تحدِّدُهُ أَربطة كيميائيّة ضعيفة نسبيًّا (أَربطة هيدروجينيّة)، تُهدم هذه الأَربطة عند تسخين البيضة.

مراحل التفاف الزّلال | مخطَّط: ويكيبيديا

بالإِضافة إِلى ذلك وكما ذكرت، تتَّصل بالسِّلسلة الرَّئيسيَّة مجموعاتٌ مصدرها الحوامض الأَمينيّة المشفَّرة في تسلسل الـDNA . يوجد في الطَّبيعة 20 حامضًا أَمينيًّا كهذا. لهذه المجموعات شكلٌ كيميائيّ مختلف: بعضها مشحون، وبعضها الآخر مُحِبٌّ للماء (هيدروفِيليّ) وبعضها الثّالث يرفُضُ الماء (هيدروفوبيّ). تلتفُّ معظم الزّلاليات بطريقة تكون فيها المجموعات الرّافضة للماء مرتبطةً في نواة الزّلال، بينما تتَّجِهُ المجموعات المحِبَّة للماء باتّجاه الخارج، وتُكسِبُ الزّلال ثباتًا في البيئة المائيّة الّتي يتواجد فيها.

تُكوِّن الأَربطة بين المجموعات المتغيِّرة المبنى الثُّلاثيّ للزّلال، والّذي يُهدم هو الآخر أَثناء التَّسخين. أَحيانًا يوجَدُ للزّلاليّات مبنًى رباعيّ والمعَّرف بأَنَّهُ ارتباطُ عدّةِ مبانٍ ثلاثيّة. وبالطَّبع فهو يهدم أَثناء التَّسخين.

إِن كان الأَمر كذلك، فإِنَّ تسخين البيضة يهدم كلّ مباني البيضة باستثناء المبنى الأَوَّليّ، وهو سلسلة الحوامض الأَمينيّة مع مجموعات متغيِّرة مكشوفة. يُسمَّى هذا الهدم لمبنى الزّلال تخثُّرًا. المجموعات المتغيِّرة رافضة الماء المكشوفة أَثناء التَّخثُّر ليست ثابتةً وَحدَها، لذلك فهي ترتبط مع مجموعاتٍ متغيِّرة أُخرى رافضة للماء مصدرها سلاسل زلاليّة أُخرى. ولأَنَّ هذه الأَربطة تتكوَّن بشكلٍ عفويّ بين سلاسل زلاليّة مختلفة، يتكوَّنُ مبنًى كبيرٌ، والّذي يربط بين كلّ السَّلاسل الزّلاليّة الّتي في البيضة. العَجَبُ العُجَاب - هذا هو بالضَّبط العُجَّة.

يتركَّبُ الحليب بمعظمه مِنَ الماء، لذلك فالّذي يتبخَّر في التّسخين هو الماء وليس الزّلاليّات. عمليّة مُشابهة لتلك المؤَدِّية إِلى تكوين العُجَّة تحدُثُ عندما يتجبَّنُ الحليب.

رأَينا أَنَّهُ عندما يتضرَّرُ الالتفاف الأَصليّ للزّلاليّات، فإِنّها تُكوِّن فيما بينها أَربطةً عفويّة. أَحيانًا يمكِنُ الاستفادة من ذلك، كما في قليِ العُجَّة، لكن إِذا حدثت عمليّة مشابهة- لا سمح الله- في الجسم، فَمِنَ الممكن أَن يسبِّبَ ذلك مُشكلاتٍ كثيرة.

ردٌّ - والعودةُ إِليك
هل يمكِنُ أَن تجد أَمراضًا مرتبطة بتغيُّراتٍ في مبنى الزّلاليّات؟