المشروبات الحلوة، الحامضيّة، والغازيّة: ليست الشوكولاتة والحلويات وحدها ما يضرّ بأسناننا، بل أيضًا عدّة أنواع من المشروبات، حتى غير المحلّاة

تُعتبَر الأسنان ذات أهمّيّة كبرى. فبالإضافة إلى المضغ، تمكّننا أسناننا من التكلّم والتلفظ بالحروف السّاكنة بشكل صحيح. حتّى إنّها تصقل مبنى الوجه. وللأضرار الّتي تلحق بالأسنان عواقب عديدة، تتضمن الألم، الإضرار بالصورة الذاتية، وقلة الإنتاجيّة في العمل. تُعتبر أمراض الأسنان واللّثة شائعة بشكل خاصّ، وتكشف البيانات من الولايات المتّحدة أنّ أكثر من 80 في المئة سيعانون من ثقب/ نخر في سنّ واحدة على الأقل قبل الرابعة والثلاثين من عُمرهم. كما ترتبط أمراض تجويف الفم بأمراض مزمنة أخرى مثل السّكّري وأمراض القلب.

يميل الكثيرون إلى الاعتقاد بأنّ الحفاظ على صحّة الأسنان ممكن بمجرد فرك الأسنان مرّتين في اليوم، وباستعمال خيط الأسنان أو المسواك. لا شكّ أنّ لفرك الأسنان أهمية كبيرة، لكن الالتزام ببعض القواعد البسيطة الأُخرى الّتي تتعلّق بالطّعام الّذي نستهلكه يساهم كثيرًا في الحفاظ على صحّة الأسنان.

العدوّ الأكبر: السّكّر

شهدت السّنوات الأخيرة تزايدا كبيرا في الوعي للأضرار الّتي تلحق بالأسنان نتيجةً للسكّر. وقد أوصى مركز مكافحة الأمراض واتقائها في الولايات المتّحدة (CDC) بالامتناع عن المشروبات المحلّاة والتقليل من استهلاك الحلويات الغنيّة بالسّكّر. إنّ الضّرر الكبير الّذي يمكن أن يسبّبه السّكّر للأسنان ناتج عن بكتيريا الفم الّتي تتغذّى على السّكّر وتكوّن بالتّالي مادّة حامضيّة تُضِرّ بمبنى السّن. ما دامتكميّة السّكّر معتدلة، يتمّ امتصاص المعادن الموجودة في اللّعاب إلى السّن، التي تحافظ على مبناها السليم. أمّا عندما تكون كميّة السّكّر كبيرة، فتفرز البكتيريا مزيدًا من الحامض، والمعادن الموجودة في اللّعاب لا تكفي للحفاظ على مبنى الأسنان – ممّا يؤدّي إلى تكوّن النّخور.

كشفت الدّراسات الّتي أُجرِيت في الولايات المتّحدة وبريطانيا عن وجود علاقة مباشرة بين الاستهلاك الكبير للمشروبات المحلّاة وبين ضرر الأسنان. كما أظهرت أنّ التّقليل من استهلاك هذه المشروبات يؤدّي إلى انخفاض في عدد الثّقوب/ النّخور في الأسنان وعدد حالات خلع الأسنان. من المهمّ أن نتذكّر أنّه حتّى المشروبات الّتي تُعتبر صحّيّة، مثل عصائر الفواكه، تحتوي على نسبة عالية من السّكّر، وبالتّالي قد تضرّ بصحّة الأسنان. لذا يوصي الـ CDC بالاكتفاء بكأس واحدة في اليوم من العصير.

العدوّ الصغير: حامضيّة المشروب

إن الزّيادة في حموضة الفم لا تسبّبها فقط البكتيريا الّتي تفرز الحامض، بلأيضًا المشروبات الخفيفة: العصائر، المشروبات الغازية، وما شابه. أصبحت المشروبات الخالية من السّكّر أو منخفضة السّكّر شائعة للغاية في السّنوات الأخيرة بينالأشخاص الّذين يحاولون تقليل استهلاكهم للسّكّر، إلّا أنّ هذه المشروبات أيضًا تشكّل خطورة على الأسنان. والسّبب هو أنّ مستوى الحموضة فيها قد يكون  عاليا جدًّا، حتى دون صلة بالبكتيريا.

فحصت مجموعة من الباحثين من الولايات المتّحدة مستوى الحموضة لمئات المشروبات الخفيفة الشائعة (ذات pH منخفض). ووجد الباحثون أنّه من بين 379 مشروبًا، كان 354 شديد الحموضة، أي بدرجة pH أقلّ من 4. وهذا يعني أنّ أكثر من 90 في المائة من المشروبات الخفيفة يمكن أن تلحق الضّرر بصحّة الأسنان بسبب حموضتها. عمليًّا، هذا هو نفس التّأثير الضّارّ النّاتج من البكتيريا - حامض يؤدي إلى تآكل بنية السّنّ.

 להסתפק בכוס אחת ליום של מיץ סחוט | צילום אילוסטרציה: Shutterstock
في الصّورة: الاكتفاء بكأس واحدة في اليوم من العصير. تصوير توضيحيّ: Shutterstock

 

العدوّ الفوّار: الصودا

نظرًا إلى التّوصيات المتكرّرة بالامتناع عن المشروبات الخفيفة، يختار بعض الأشخاص التّنويع وشرب الماء الفوّار- أي الصودا. مع ذلك، حتّى الماء الفوّار يمكن أن يلحق الضّرر بالأسنان بسبب درجة حموضته العالية.

للحصول على الغازات في الصودا، وكذلك في المشروبات الغازيّة الأخرى، يتمّ إدخال غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2) إلى السّائل. يتفاعل ثاني أكسيد الكربون الموجود في المشروب مع الماء لتكوين حمض الكربونيك (H2CO3). مع ذلك، يبقى ماء الصودا أقلّ حامضيّة من المشروبات الخفيفة، وقد وجدت الدّراسات أنّه أقلّ إضرارًا بميناء السّن.

لا تعني هذه التّوصيات أنّه يُمنَعشرب أيّ شيء غير الماء، بل أنّ من المفضّل تقليل استهلاك المشروبات الخفيفة ذات درجة الحموضة العالية قدر الإمكان. للقيام بذلك، يمكنقراءة الملصق والانتباه إلى قيمة الـ pH في المشروب. من المستحسن أيضًا شرب كميّات أقلّ من عصير الفاكهة والصودا. وإذا اخترت في بعض الأحيان الاستمتاع بكأس من عصير البرتقال الطّازج المليء بالفيتامينات، فمن المفضّل استخدام القشّة (التي تُستخدَم عدة مرات) لتقليل ملامسة المشروب للأسنان، عدم إبقاء المشروب لفترة طويلة في تجويف الفم، ثمّ غسل الفم بماء من الحنفيّة.

 
 
 
الترجمة للعربيّة: د. ريتا جبران
التدقيق اللغوي: أ. موسى جبران
التدقيق العلمي والتحرير: رقيّة صبّاح أبودعابس
 

0 تعليقات