ردّة فعل الجِسم المُفرطة بعد تلّوثٍ قد تؤدّي إلى حالةِ تسمّمٍ في الدّم، وهي حالة طوارئ صِحّيّة خطيرة قد تنتهي بالموت في غضونِ ساعاتٍ معدودة

هناك حالات طوارئ طبّيّة يمكن أن تكون كلّ دقيقة فيها حرجةً، تفصل بين الحياة والموت. إحدى أخطر هذه الحالات هي الإنتانُ أو تسمّم الدّم (Sepsis)، وهي ردّة فعل هائجة لا يَتحكّم بها الجسمُ بسبب التلوّث، ومن الممكنِ أن تتدهورَ الحالةُ الصّحّيّة في غضونِ ساعاتٍ قليلةٍ إلى انهيار أنظمة الجسم وحتّى الموت. هذه الظاهرة هامّة جدًّا؛ إذ وفقًا لبيانات جديدة، اقترب عدد حالات الوفاة في العالم في سنة 2017م بسبب تسمّم الدّم إلى خُمس مجمل الوفيات. على الرغم من ذلك، فإنّ مستوى الوعي في هذا الموضوع منخفضٌ جدًّا. معظم الناس لا يدركون هذا الخطر، بل يجهلون وسائل التعرّف على أعراض هذه الظّاهرة. هذا الجهلُ قد يجبي ثمنًا باهظًا، لأنّ الوعيَ والتّشخيص السريع قد ينقذَان الأرواح.

"لو كنّا على إدراكٍ أكبر، لأحضَرنا ابننا إلى المستشفى قبل 24 ساعة، لكنّنا لم نكن نعلم ذلك! اعتقدنا أنّها كانت إنفلونزا لا أكثر"، هكذا قال آدم جريمبرج، والد توبي، الولد الذي كاد أن يموت بسبب حالة تسمّم الدّم. بالنّسبة للأب، بدأت القصّة عندما وصلته مكالمةٌ هاتفيّة من مدرسة توبي، وطُلبَ منه الحضور حالًا لاصطحابِ ابنه من المدرسة. تدهورت حالة ابنه خلال وقت قصير، حيث عانى من ارتفاعٍ في درجة الحرارة ومن طفح جلديّ، ومع استمرار تدهور حالته الصّحّيّة اضطرّوا لنقلهِ إلى المستشفى. 

قَلِق الأطباء جدًّا على حياة توبي وقاموا بتخديره. استمرّ وضعه بالتّدهور، عندما بدأت الكلى والكبد في الانهيار، قرّر الأطباءُ توصيله بجهاز اكمو، وهو جهازٌ تنفسيٌّ متقدّم يكون بمثابة بديل عن عمل القلب والرِّئتيْن معًا. وقد نجا توبي، هذا الفتى الرياضيّ المعافى صغير السنّ، ومع هذا فقد احتاجَ إلى علاجٍ طبيّ وتأهيلٍ طويل. 

حَظِيت كيم سميث بحظٍ أقلّ من ذلك. فقد شعرت بِآلامٍ في ظهرها عند تواجدها في إجازةٍ في إسبانيا، وشخّص الطبيب إصابتها بالتهابٍ في الكلى. تمّ تشخيص حالتها عند وصولها إلى المستشفى بأنّها تعاني من حالة تسمّم الدّم، وسرعان ما تدهورت حالتها ودخلت في غيبوبة. أخبر الأطبّاء أفرادَ عائلتِها أنّه لم تتبقّ لها سوى بضع ساعاتٍ للعيش، وعليهم أن يستعدّوا للأسوأ. 

نجح الأطبّاء بعد جهدٍ كبير في الحفاظ عليها على قيد الحياة، لكن تضمّن ذلك ثمنًا باهظًا. اسوّدّت كفّتا رجليها ويديها بعد أسبوعٍ من دخولها إلى المستشفى، وأصابتها الغرغرينا بسبب نقصٍ في إمدادات الدم والأكسجين. اضطرّ الأطبّاء لبتر أطرافها الأربعة جزئيًّا للحفاظ على حياتها بسبب عدم وجود أيَّ خيارٍ آخر، وفقط بعد تسعةِ أسابيع متواصلة استطاعت أن تستيقظ من غيبوبتها. هذان مجرّد مثالين من بين ملايين الأمثلة للحالات التي تحدث في كلّ عام، والّتي ينتهي الكثير منها بالموت. 

המושג הוצג לראשונה על ידי היפוקרטס ביוון העתיקה | מקור: Sheila Terry, Science Photo Library
تغيّر تعريف تسمّم الدّم عدّة مرات على مدار السنين. قُدّمَ هذا المصطلح لأول مرة على يد أبقراط في اليونان القديمة | مصدر: Sheila Terry, Science Photo Library 

 

"تعفّن داخليّ"

تسمّم الدّم مصطلح طبيّ قديمٌ جدًا، تمّ تداوله لأوّل مرّة على يد أبقراط، وهو من أبرز الأطباء في اليونان القديمة، قبل سنواتٍ طويلة من العلم بوجود البكتيريا والفيروسات. لقد رأى أبقراط في تسمّم الدّم عمليّة تحلّل بيولوجيّ خطير في جسم الإنسان ولذلك أطلق عليه اسم الإنتان- "سِبْسيس"، من الكلمة اليونانيّة sepsin والتي معناها "يسبّب التعفّن".

تغيّر تعريف الظّاهرة المسمّاة "تسمّم" الدّم عدّة مرات على مرّ السنين. في بداية سنوات التّسعين من القرن الميلاديّ الماضي، قامت مجموعة كبيرة من الأطبّاء والعلماء لأوّل مرّة بوضع تعريف طبّيّ متّفق عليه لهذا المصطلح، وتمّ تجديد هذا التعريف مرّة أخرى قبل ستّ سنوات مع تطوّر العلم في هذا المجال. 

يُعرّف تسمّم الدّم على أنّه حالة مُهدّدة للحياة، إذ يقوم الجسم بعمليّة ردّ فِعل غير منضبطة، وهائجة ومتطرّفة بسبب تلوّث غريب في الجسم مثل البكتيريا، أو الفيروسات أو الفطريّات. تؤدّي ردّة الفعل المفرطة إلى سلسلةٍ من الأحداث، وإلى أضرارٍ واسعةِ النّطاقِ للأنسجةِ والأعضاء، إلى حدّ فشل في الأنظمة المتعدّدة، الذي ينتهي في كثيرٍ من الحالات بالموت. 

عندما يكون التلوّث مُركّزًا في منطقةٍ معيّنة في الجسم، قد تظهر بداية التهاب مقتصر على المنطقة المحيطة بموقع دخول التلوّث. يمكن أن ينتقل التلوّث -إذا تفاقم- إلى مجرى الدم، ومن هناك قد ينتشر مسبّب التلوّث، البكتيريا أو الفيروس -على سبيل المثال- لمناطق أخرى في الجسم. يمكن أن تؤدي هذه الحالة المسمّاة تسمّم الدم (septicemia) إلى ردّة فعل مفرطة لجهاز المناعة وقد يتطوّر إلى الإنتان، وهي عمليّة التهابيّة في جميع أنحاء الجسم، وحالة أكثر خطورة من التلوّث الأوّليّ. 

זיהום חיידקי בדם (כחול), הרעלת דם | Dennis Kunkel Microscopy, Science Photo Library
يحدث الإنتان كردّة فعل هائجة للجهاز المناعيّ على اختراق تلوّث، ويكون عادةً ردّة فعل بسبب دخول مسبّبات التلوّث إلى مجرى الدم. تلوّث بكتيريّ في الدم (أزرق) (تسمّم دم) | Dennis Kunkel Microscopy, Science Photo Library 

 

هزّة خطيرة

يلعب جهاز المناعة دورًا هامًّا في الحفاظ على صحّتنا. كما يعمل بشكلٍ ناجعٍ جدًّا لكَشف دخول عوامل خارجيّة للجسم. وعندما يكشف مسبّب المرض فإنّه يقوم بتدميره، وإذا لزِمَ الأمر، فقد يعطّل السموم التي يفرزها أيضًا. لِذلك يقوم الجهاز باستخدام منظومّة مركّبة من أنواعٍ مختلفةِ الخلايا وجزيئيّات أخرى. يتواجد في مقدّمة هذه المنظومة جهازان لخلايا الدّم البيضاء المكمّلة لبعضها.

عندما يدخل عاملٌ غريب إلى الجسم، يتمّ تفعيلُ جهاز المناعة الطبيعيّ فورًا، والذي يهدف إلى تدمير أو تعطيل العامل الغريب قبل أن يتسبّب بأضرارٍ كبيرة. كما يعمل جهاز المناعة المكتسب لتكون فاعليّة ردّة الفعل الأولى محدودة. إنّ الخلايا في جهاز المناعة المكتسب تتعلّم تحديد العامل الغريب بشكلٍ خاصّ، وتعمل بفاعليّة وبشكل مركّز للوصول إليهِ وإلحاق الضرر به. بالإضافةِ إلى ذلك، يتمّ تفعيل منظومة من الذّاكرة المناعيّة المجهّزة لمنع تكرار المرض. 

يتكوّن في الجسم التهاب مصحوب بعوارض كالاحمرار، وحرارة، وانتفاخ وألم كجزء من الصراع بين الجهاز المناعيّ الطبيعيّ والتلوّث. عادةً ما تقتصِر ردّة الفعل هذه على منطقة التلوّث فقط. لكن في بعض الأحيان، تكون ردّة فعل الجسم مبالغًا فيها وبدونِ أيّ ،وتؤدي إلى ردّة فعلٍ عامّةٍ لأجهزة الجسم، أي كالتي تحدث في جميع أنحاء الجسم ولا ترتكز فقط على منطقة التلوّث. بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الحالات التي لا يستطيع فيها الجسم العودة إلى حالته الطبيعيّة، وتستمر عمليّة الالتهاب حتّى بعد أن يقوم جهاز المناعة بتدمير التّلوّث بشكل نهائيّ. في مثل هذه الظروف يلحق الضرر بخلايا وأنسجة الجسم، وفي الحالات الخطيرة يكون الضّرر الناتج مستديمًا.

 

حالة مركّبة ومُميتَة

تَنتُج حالة تسمّم الدّم بسبب تدهور لا يمكن السيطرة عليه، لدى المرضى الذين يعانون من أمراضٍ شائعةٍ مثل الالتهاب الرّئويّ، والأنفلونزا، والتهاب في المسالك البوليّة والكلى، والتهاب في الأمعاء وغيرها. في بعض الحالات، يمكن أن يتطوّر جرح عاديّ في الإصبع أو طفح جلديّ لحالة تسمّم الدّم. تشير الدراسات الحديثة إلى أن العديد من المرضى المصابين بوباء الكورونا أظهروا بعض خصائص تسمّم الدّم. 

وفقًا لمعطيات مركز مراقبة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتّحدة (CDC)، فإنّ المعرّضين بشكلٍ خاصّ للإصابة بتسمّم الدّم هم البالغون من العمر 65 سنة وأكثر، والأشخاص الذين يعانون من تثبيط جهاز المناعة لديهم، ومرضى السكري، ومرض السرطان وأمراض مزمنة في الجهاز التنفسيّ والكلويّ. كذلك يتواجد الأطفال تحت جيل السّنة تحت دائرة الخطر المرتفع. مع ذلك، قد يُصاب الشباب والأصحّاء أيضًا بتسمّم الدّم، بسبب أيّ تلوّث لم يتمّ علاجه بالشّكل الصّحيح.

عندما لا يُكشَف عن تسمّم الدّم في الوقت المناسب، ولا يُعالَج بالشكل الصحيح، يمكن أن يؤدي ذلك بسرعةٍ إلى وفاة المريض. وجد بحثٌ أجريَ في سنة 2020م، وجمع معطيات من جميع أنحاء العالم، أنّ حوالي خُمس حالات الوفاة في العالم ناتجة عن تسمّم الدّم. يظهر من البيانات أنّه في سنة 2017م توفّيَ 11 مليون شخص حول العالم لإصابتهم بتسمّم الدّم، من مجمل 48.9 مليون حالة وفاة. هذا التقدير يُعتبر ضِعفًا لتقديرات مُتعارف عليها سابقًا. 

أظهر تقرير الـ CDC أنّ 87% من حالات تسمّم الدّم تتطوّر في المنزل، أو أثناء علاجٍ في مراكز صحّيّة مجتمعيّة. غالبًا ما يرتبط التّدهور السّريع في حالة العديد من المرضى، عند وصولهم إلى المستشفى، بكونِ حالتهم الصّحّيّة خطيرة جدًّا، وأنّ الخيارات العلاجيّة المتاحة للطّاقم الطّبّيّ في المستشفى قليلة ومحدودة. وفقًا لذلك، فإنّ فُرصَ بقاء المرضى على قيدِ الحياة منخفضة أيضًا. ويمكن القول إنّ نحو ثُلث حالات الوفيّات في المستشفى نابع من تسمّم الدّم.

تنتظرُ عادةً المرضى المحظوظين والنّاجين من تسمّم الدّم فترةُ تأهيلٍ مركّبة وَصعبة، بسبب الأضرار التي لحقت بهم جسديًّا، وبمهارات التّفكير ومعالجة المعلومات لديهم. بيّنت دراسةٍ ألمانيّة شاملة في العام الماضي مدى خطورة هذه المشكلة. إذ كشفت متابعة لأكثر من مئة ألف شخص مصاب بتسمّم الدّم، أنّ ثلاثة أرباع النّاجين عانوا لاحقًا من مشاكل صحيّة، أو نفسيّة أو صعوبة في الذاكرة والتفكير لم تكن مألوفة لهم من قبل. ثُلث المرضى تقريبًا كانوا بحاجةٍ إلى مساعدة تمريضيّة، وتوفيّ أكثر من 30% منهم في غضون سنة بعد الشفاء. لم تقتصر هذه الظّاهرة على كبار السن فقط، فقد أصابت أكثر من نصف الأشخاص المتعافين الذين تقلّ أعمارهم عن 40 سنة. أما تكلفة علاج المتعافين من تسمّم الدّم فهي هائلة، حيث تصل إلى حوالي 30 ألف يورو في السّنوات الثّلاث المقبلة. 

 

أعراض تسمّم الدّم

هناك بعض إشارات التحذير التي يمكن أن تشير إلى أنّ العمليّة الالتهابيّة خرجت عن السيطرة، وتتدهور إلى حالة تسمّم في الدّم. تصدر هذه الإشاراتُ عن العمليّة الالتهابيّة نفسها. على سبيل المثال، تحتاجُ خلايا جهاز المناعة إلى اختراق جدران الأوعية الدّمويّة، للوصولِ إلى مركز التلوّث. فيتمّ إفراز موادّ إلى مجرى الدم تؤدي إلى توسّع الأوعية الدمويّة، وأن تصبح أكثر نفاذيّة. والنتيجة هي انخفاض في ضغط الدم- إحدى علامات تسمّم الدم. 

بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي زيادةُ تخثّر الدّم إلى تسرّب السّوائل إلى الأنسجة، ومعاناة المرضى من التّورّم. عند حصول خللٍ في تزويد الدّم والأكسجين لأعضاء الجسم، وخصوصًا في الأعضاء الحيويّة مثل القلب، والدّماغ، والكلى والرئتين، فإنّ ذلك يؤدي إلى ارتفاع معدّل ضربات القلب والنبض وتسريع وتيرة التنفّس.

يؤدّي تسمّم الدم أَيضًا إلى ضررٍ في وظيفة الكلى، المسؤولة عن تصفية فائض الماء والسّموم من الدّم. نتيجةً لذلك، يعاني هؤلاء المرضى من قلّة التّبوّل. وقد يؤدّي انخفاضُ تزويد الأكسجين للمخّ إلى تغييراتٍ فيه، تظهرُ من خلال الارتباك والكلام غير الواضح لدى المريض. كما أنّ ردّة فعل آليّات تنظيم حرارة الجسم عند حدوث الالتهاب تتجلّى بارتفاع درجة حرارة الجسم والقشعريرة. وفي الحالات القصوى، تحدث صدمة تلوّثيّة إنتانيّة (Septic Shock)، وهي حالةٌ تتميّز بانخفاضٍ في ضغط الدم وتزويده لأعضاءٍ حيويّة، ما يؤدي إلى فشل متعدّد الأجهزة، تنتهي به أكثر من نصف الإصابات بالموت. 

 

أهمّية الاكتشاف المبكّر

من المتبّع تزويد المرضى بالمضادّ الحيويّ واسع الانتشار، عندما يتمّ التّشخيص المبكّر لحالة تسمّم الدّم، قبل حصولِ أيّ تلفٍ للأعضاء الحيويّة. هذا العلاج يوفّر الفرصة لأغلب المرضى أن يتعافوا حتّى بدون دخول المستشفى. تتطلّبُ الحالات الخطيرة دخول المستشفى للمراقبة في وحدة العناية المركّزة، وتلقّي كمّيّة كبيرة من المضادّات الحيويّة عن طريق الوريد. 

يقوم الأطبّاء بمراقبة حالة المرضى بالتّزامن مع العلاج بالمضادّات الحيويّة، وإذا لَزِمَ الأمر فإنّهم يقدّمون لهم موادّ لرفع ضغط الدّم لديهم. هناك ضرورة لإجراء فحوصاتِ الدمّ المتكرّرة لمراقبة تطوّر العمليّات الالتهابيّة ووجود التلوّث. ويتمّ ربط المرضى الذين يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسيّ أو الكلى بجهاز التنفّس الاصطناعيّ إذا لزم الأمر، أو يخضعون للعلاج بواسطة جهاز غسيل الكلى. 

هناك أهميّة قصوى لِتوقيت بداية العلاج. فقد أظهرت دراسة علميّة التي تابعت مرضى يعانون من وضعٍ صحيّ خطير، وتطوَّرَ تسمّمُ الدّم لديهم إلى حالة صدمة تلوّثيّة، أنّه إذا تلقوا العلاج في غضون ساعة، فمن المُتوقّع أن ينجوا حتى 80% منهم؛ كلّ ساعة إضافيّة قلّلت من فرصة نجاتهم بنحو ثمانية بالمائة. 

تابعت دراسةٌ، نُشِرت مؤخّرًا، مرضى مسنّين وصلوا إلى غرفة الطوارئ، بسبب اشتباهٍ بوجود حالة تسمّم الدم لديهم، ورقدوا في المستشفى وتلقّوا العلاج بالمضّادّات الحيويّة على مدار يوم كامل. وجد الباحثون أنّه على الرغم من التّشخيص المبكّر نسبيًّا، وأنّ 88% من المرضى تلقّوا العلاج بالمضّادّات الحيويّة في غضون خمس ساعات من وصولهم إلى المستشفى، فإنّ حالة أكثر من 7% من المرضى تَدَهورت إلى صدمة تلوّثيّة. قام الباحثون بعملية حسابيّة، فوجدوا أنّ كلّ ساعة تأخير تزيد من احتمال حدوث صدمة تلوّثيّة بنسبة أربعة بالمئة إضافيّة، وهذا مثالٌ آخر على الأهمّيّة البالغة للتّشخيص السّريع، وبدء العلاج الطارئ في أقرب وقت ممكن. 

لسوء الحظّ، ما تزال هناك فجوةٌ كبيرة بين التقدّم الهائل، في فهم العمليّات التي تحدث في حالة تسمّم الدّم وبين الصّعوبات العديدة في تطوير علاجات مركّزة، التي من شأنها أن تخفّف من ردّة فعل الجهاز المناعيّ المفرطة، وإعادة الجسم إلى وظيفته السّليمة. 

يحاول الباحثون الآن تطوير خوارزميّة تعتمد على الذّكاء الصناعيّ للتّنبُّؤ أو تشخيص تسمّم الدّم في مرحلةٍ مبكّرة. بالإضافة إلى ذلك، تُجرى دراسات علميّة هدفها تحديد إشاراتٍ بروتينيّة تظهرُ على خلايا الجهاز المناعيّ في حالة تسمّم الدّم. يمكن لهذه الدراسات -إذا نجحت- أن تساعد في المستقبل في تشخيص تسمّم الدّم بسرعةٍ، وتطويرِ علاجاتٍ جديدة وأكثر فاعليّة. 

يظهر في العديد من الدراسات الوبائيّة أنّ نسبة انتشار تسمّم الدّم ارتفعت بشكلٍ كبير في العقود الأخيرة، بينما انخفض معدّل الوفيات. مع ذلك، هناك دراساتٌ تشير إلى الاتّجاه المعاكس. قد يكون التحسّن في طرق التّشخيص، والزّيادة في عدد الاختبارات والتّغيير في التّعريف السّريريّ للمرض، قد أثّر في هذه التّقييمات، وأنّ معدّل انتشار تسمّم الدّم والوفيّات النّاجمة عنه بقيت مستقرّة، على الأقّل في العقد الأخير. 

مهما كانت الاتّجاهات، فإنّ منظَّمة الصّحّة العالميّة تدعو إلى تخصيص موارد للبحث العلميّ والتّوعية. وقد أعلن مركز مراقبة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتّحدة الأمريكيّة في سنة 2017م عن حملة جماهيريّة واسعة لزيادة وعي الجمهور والطاقم الطبيّ بخصوص تسمّم الدّم، وتشجيع الناس للتوجّه إلى العلاج الطّبّيّ في أقرب وقت ممكن، إذا ظهرت علامات تشير إلى حالة تسمّم الدّم. 

 

علامات تحذير شائعة لتطوّر حالة تسمّم الدّم:
درجة حرارة مرتفعة أو منخفضة عن المعتاد
قشعريرة وتعرّق
انخفاض ضغط الدّم
ارتفاع عدد ضربات القلب وَوتيرها 
تنفّس سريع
ارتباك، كلام غير مفهوم
آلام شديدة
في الحالات الشّديدة:
صعوبة في التنفّس
انخفاض في كمّيّة البول
غثيان، إسهال وتقيّؤ
ضعف والشّعور بالإغماء
تورّم
تغييرات في نشاط القلب
انتبهوا! قد تشير معظم هذه الأعراض أيضًا إلى حالات طبّيّة أخرى، ما يجعل عمليّة التّشخيص صعبة.

0 تعليقات