خطوةٌ كبيرةٌ لدولةٍ صغيرة

تم إطلاق مركبة الفضاء "بريشيت" (الاسم يعني سفر التكوين باللغة العبرية) بنجاح لتبدأ رحلتها الطويلة إلى القمر. في تمام الساعة 3:45 صباحًا، أُطلق صاروخ فالكون 9 التابع لشركة SpaceX، وعلى متنه المركبة الفضائية الإسرائيلية، إلى جانب العديد من الأقمار الاصطناعية الاخرى. بعد دقائق قليلة من الإطلاق، تم فصل المرحلة الأولى من الصاروخ واستكمال هبوطها العامودي بنجاح - وهو إنجاز أصبح روتينيًا في السنوات الأخيرة. وقد استمرت الحمولة في المرحلة الثانية، وبعد 32 دقيقة من الإطلاق، انفصلت المركبة الفضائية بنجاح عن الصاروخ وانطلقت في طريقها.

حتى قبيل بدء عملية فصل المركبة عن الصاروخ، كانت المركبة الفضائية قد بدأت بنقل البيانات إلى غرفة التحكم في منشأة صناعة الطيران الاسرائيلية الموجودة في البلدة "يهود". بعد عملية الفصل، تم الانتهاء من الاختبارات الأولى لأداء المركبة الفضائية، وكذلك أتمّت خطوة مهمة أخرى - وهي فتح أرجل الهبوط. وقد قال هاريل لوكر، رئيس شركة صناعات الطيران الاسرائيلية "ما حدث حتى الآن هو إنجازٌ كبير، ونحن الآن نترقب الأسابيع القليلة المقبلة، لتحقيق الشيء الحقيقي. ولكن ما حقّقناه حتى الآن هو نجاح هائل لمنظمة SpaceIL، ولشركة صناعات الطيران الإسرائيلية ولدولة إسرائيل".

إطلاق صاروخ فالكون 9 من مركز الفضاء في كيب كانافيرال، فلوريدا:

المركبة الفضائية هي ثمرةُ مبادرة وتخطيط وتطوير منظمة SpaceIL. ومن المترقّب أن تهبط على سطح القمر في الحادي عشر من نيسان لتحرز وتسجل أرقامًا قياسية تاريخية كالتالي: هي أصغر مركبة فضائية تم إطلاقها للهبوط على سطح القمر، وكذلك الأرخص تكلفةً على الإطلاق. هي أول مركبة يتم إطلاقها إلى سطح القمر مع حمولة مشتركة أخرى، أي مع آلاتٍ أخرى على نفس الصاروخ كالأقمار الاصطناعية. هي أيضا أول مركبة فضائية تطلق الى القمر من قبل جهة خاصة بدلاً من وكالة فضاء حكومية، والوحيدة التي معظم أنظمتها غير زائدة عن الحاجة - أي أنها لا تملك نظام دعم احتياطي إضافي في حالة عطل او فشل تقني, وهذا لتوفير الوزن في الحمولة  وخفض تكاليف إطلاق الصاروخ.

في حديث له مع موقع دافيدسون قال ياريف باش, أحد المؤسسين الثلاثة لمنظمة SpaceIL : "إنّ هذا الإنجاز لمن دواعي البهجة،  ولكن الجزء الأصعب لا يزال أمامنا .. سيكون الهبوط على سطح القمر هو التحدي الأكبر. نأمل أن تمرّ الأسابيع المقبلة بسلام، بما في ذلك الهبوط. في الثاني عشر من نيسان سوف نكون جميعا أكثر هدوءا. لا شكّ أن جزءً من الضغط النفسي قد انخفض، لكنّه لم ينته بعد حتى إتمام العملية كاملةً بسلام".

وقد أشار عيدو عنتيبي, الرئيس التنفيذي لـ -SpaceIL بدوره قائلًا  : "ازدادت عدد نبضات القلب, ارتفع الضغط, خصوصا أثناء انتظارنا تبادل الاتصال مع المركبة. الاتصال كان على ما يرام، وهذا مهم جدًا،  المركبة تعمل، سوف نكمل في طريقنا" وأضاف: "هناك الكثير من الإثارة لكن علينا أن نتذكر أن هذه مجرد البداية. سيكون لدينا الكثير من المرتفعات والمنخفضات في الطريق. لقد بدأنا رحلة بغاية التحدي. قبل الهبوط على المركبة أولًا  أن تصل إلى القمر. وهذا ليس بالسهل، لكنني متفائل".

كما وذكر عنتيبي أن المشكلة الوحيدة التي تمّ اكتشافها حتى الآن في المركبة الفضائية هي في أحد الأجهزة البصرية لتعقب النجوم، وهو جزء من نظام الملاحة الذي يسمح للمركبة الفضائية بتحديد موقعها وفقًا لقياسات الزوايا مع نجوم معينة. وفقا لعنتيبي، فإن المشكلة قابلة للحل، وعلى وجه التحديد لهذا الجهاز بالذات يوجد بديل. وأضاف أنه من المخطط أن تتم في يوم الأحد 24 من شباطـ،  المناورة الأولى للتغيير في مسار المركبة، وبحلول ذلك الوقت سيتم اختبار معظم أنظمة المركبة الفضائية عن كثب. وقد لخص عنتيبي كلامه بالقول "لقد انتهينا من هذه المرحلة الاساسية بطريقة نظيفة وسلسة".

ملخص الإطلاق: موريس كان, هاريل لوكر, عيدو عنتيبي وعوفر دورون يدلون بتصريحاتهم عن حالة المركبة الفضائية

وقودٌ للفرملة

حتى يومنا هذا, نجحت ثلاثُ دول عظمى فقط بالهبوط على سطح القمر. الاتحاد السوفيتي كان الأول في هذا, تليه الولايات المتحدة الأمريكية, والتي كانت الوحيدة التي قامت بإرسال بشر الى القمر, وفي السنوات الأخيرة انضمت ايضا الصين مع سلسلة مركبات فضائية غير مزودة بالملاحين, الأخيرة منها هبطت على القمر قبل بضعة أسابيع لتصنع التاريخ بزراعة أول نبتةٍ على القمر. كل هذه الدول استطاعت فعل هذا بفضل ميزانيات ضخمة مقارنة بميزانية المركبة الفضائية الاسرائيلية. "بيرشيت" هي أصغر مركبة فضائية تشقُّ طريقها إلى القمر, والأولى التي تموّل من قبل جهة خاصة – وليس من قبل وكالة فضاء دولية ذات ميزانية وقوة بشرية ضخمة.

"بريشيت" هي كما ذكر أصغر مركبة فضائية تسافر الى القمر, يبلغ طولها وارتفاعها حوالي متر ونصف وبلغ وزنها عند الإقلاع 585 كيلوجرام. مع هذا, وزن المركبة الصافي بدون وزن الوقود يبلغ فقط 165 كيلوجرام – أي أن ثلاثة أرباع وزنها عند الإقلاع هو وزن الوقود الذي تحتاجه لإكمال المهمة. أطلق صاروخ الإقلاع المركبة إلى مدارٍ بيضاوي جدًا: في أقرب مسافةٍ لها مرّت عبر نقطة تبعد 215 كيلومترًا فقط من الأرض، وفي أبعد مسافة مرت عبر نقطة تبعد حوالي 60000 كيلومترًا من هنا. كل دوران كهذا يستمر 19 ساعة. وفي جزئه الأقرب من الأرض تصل سرعة المركبة إلى حوالي 36000 كيلومترًا في الساعة.

سوف تنحرف المركبة عن مسارها بشكل تدريجي, وسوف تدور حول الأرض في مدارات بيضاوية آخذة بالتوسع أكثر فأكثر، حتى تصل إلى بعد يقدّر بحوالي 400 ألف كيلومتر عن كوكب الأرض، لتعبر في مدار القمر. في الدورة الثانية في هذا المدار، من المفترض أن تمر بالقرب من القمر نفسه، ثم تقوم بتشغيل المحركات لإبطاء سرعتها، لدخول مجال الجاذبية الخاص بالقمر وبهذا تستطيع دخول في مدار حوله. سوف تدور المركبة حول القمر عدة مرات في ارتفاع بضعة آلاف الكيلومترات, وقبل هبوطها  ستدخل مدارًا منخفضًا أكثر، ومنه إلى مسار الهبوط نفسه.

إذا سارت الأمور على ما يرام ،فمن المتوقع أن تهبط المركبةُ  في الحادي عشر من نيسان 2019 في منطقة تسمى "بحر الصفاء" (Sea of Serenity). الأسم الذي يشبه اسم المنطقة حيث هبطت أبولو 11 Sea of tranquility وتعني "بحر الهدوء". "بحر الصفاء" هي واحدة من أكبر الفوهات القمرية (على شكل وادٍ) على سطح القمر، وتقع ليس بعيدا من خط استواء القمر. في عام 1972 هبطت أبولو 17 في الطرف الشرقي من الفوهة.

لن يتم استخدام الوقود الذي تحمله المركبة الفضائية للوصول إلى القمر نفسه - فسيحدث ذلك بفضل استغلال قوة جاذبية الأرض. ستستخدم المركبة قليلاً من الوقود في المناورات التي ستأخذها إلى مدارات أبعد أكثر فأكثر. سيتم استهلاك معظم الوقود في التباطؤ اللازم للدخول في مدار حول القمر، ومن ثمة في عملية الهبوط نفسها. محدودية كمية الوقود التي يمكن أن تحملها المركبة هو ما يمليه هذا الطريق الطويل - حوالي 6.5 مليون كيلومتر على مدار 49 يومًا – الشيء الذي يميز "بريشيت" أيضًا باعتبارها المركبة الفضائية التي تقوم بأطول رحلة إلى القمر.

مدار بيضاوي آخذ بالاتساع، والعديد من اللفات حول القمر حتى إتمام عملية الهبوط. المسار المخطط للمركبة الفضائية الإسرائيلية| المصدر: SpaceIL

 

المركبة الفضائية التي بدأت كفكرة في الحانة

في تشرين الثاني عام 2010، كان يوناتان فاينتروب مهندسًا كهربائيًا شابًا يعمل في شركة صناعات الطيران الاسرائيلية، وقد علم عن مسابقة جوجل، Lunar X-Prize، التي عرضت جائزة بقيمة 20 مليون دولار لأي منظمة تستطيع ان ترسل مركبة فضائية إلى سطح القمر. من خلال معارفه الاجتماعية، انضم يوناتان لمهندسيٌن اثنين آخريٌن الذين تحمسا بدورهما من فكرة المشاركة في المسابقة، ياريف باش وكفير داماري، اجتماع هؤلاء الثلاثة في الحانة أنجب الفكرة الأساسية والرسومات الأولى للمركبة الفضائية. في غضون شهر ونصف تمكنوا من تأمين رسوم التسجيل وتقديم خطة أولية في آخر لحظة من الموعد الأخير للتسجيل.

في وقت لاحق, تلقى الفريق مساعدة مالية من مصنع “مابات حالال" التابع الـشركة صناعات الطيران الإسرائيلية, وهو مكان عمل فاينتروب في ذلك الحين, والذي مع الوقت أصبح شريكا لمسيرة SpaceIL. الإنطلاقة الحقيقية والكبيرة نحو الذروة كان عندما التقى الثلاثة بصاحب رأس المال موريس كاهن, والذي تحمس للفكرة وتبرع لهم بمبلغ 100 ألف دولار كدعمٍ ورأٍ مالٍ  للإنطلاقة الأولية في المشروع. في وقت لاحق عندما تضخمت ميزانية المشروع, قرر كاهن التبرع أكثر وقد تبرع بمبلغ لا يقل عن 40 مليون دولار لمشروع المركبة الفضائية الاسرائيلية, من أصل 100 مليون دولار تكلفة شاملة للمشروع. بعد إطلاق الصاروخ مع المركبة, صرح كاهن "انا محظوظ جدا, وانا اعتقد أننا سوف ننجح" كما وأردف قائلا: "الطريق ما زالت طويلة, لكنني واثق من أننا سننجح وفي الحادي عشر من نيسان سنجتمع للاحتفال".

يحتفلون بالنجاح بالبالونات. نموذج ل"بريشيت" المصنوع من بالونات ملونة والموجود في منشأة صناعات الطيران الاسرائيلية | تصوير: ايتاي نيفو

خلال سنوات العمل على المركبة الفضائية، نمت الجمعية وتطورت، وجندت عمال ومديرين مهنيين، وابتعد المؤسسون الأساسيون قليلأ عن العمل الجاري على المركبة نفسها. فقد واصل فاينتروب دراسته للحصول على الدكتوراه في الفيزياء الحيوية من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا. أما المؤسس الثاني كفير دامري فقد كان أحد مؤسسي شركة السايبر(الفضاء الالكتروني) Tabookey، والتي تعمل في مجال التشفير, أمن البيانات وإدارة المخاطر. أما المؤسس الثالث يائير باش فقد أنشأ شركة Flytrex لتوصيل حمولات صغيرة عن طريق طائرات صغيرة تعمل بدون طيار، وبعدها اضطر للتعامل مع تحدٍ مختلف تمامًا، ففي بداية عام 2017، أصيب بجروح خطيرة بسبب حادث تزلج ليصبح مقعدا على كرسي متحرك. في الوقت الذي كان فيه يتلقى العلاج لإعادة التأهيل عاد للعمل وللعمل في منظمة SpaceIL.

جندت المنظمة باقية الميزانية من متبرعين آخرين, من ضمنهم شيلدون اديلسون. قسم صغير فقط من التمويل جاء من وزارة العلوم, بضعة ملايين الشواقل, وهذا وفقا لقوانين المسابقة التي تقيّد كمية التمويل الحكومي المسموح للمتسابقين بتجنيده. على الرغم من أن تكلفة المشروع وصلت الى 100 مليون دولار, مما يبدو مبلغا كبير, إلا أنه في الحقيقة صغير جدا بالمقارنة مع مشاريع موازية أخرى. كما ذكر, حتى الآن استطاعت الدول العظمى فقط الهبوط على سطح  القمر, وتكلفة مشاريعهم كانت على مستوى مليارات الدولارات.

"لقد أعدنا تعريف حجم الميزانية المطلوبة لإرسال كيلوغرام حمولة الى القمر. وحتى لو لم تنجح المركبة بالهبوط على سطح القمر لسبب او لأخر ,فهذا إنجاز استثنائي بحد ذاته". هذا ما قاله يجال هرئيل الأسبوع, رئيس برنامج الفضاء في SpaceIL.

صورة: بداية بعيدة. ياريف باش (من اليمين) ، ويونيتان وينتراوب (في الوسط) وكفير دامري مع النموذج الاولي للمركبة الفضائية | تصوير: ألون هدار

الهبوط الصباحي

يدوم يوم قمري واحد حوالي 29 يومًا أرضيا، مما يعني أن نهاره يستمر أسبوعين أرضيين، ومن ثم يستمر  ليله على مدارِ أسبوعين أرضيين اخريّن. في "ظهيرة" القمر تصل درجة الحرارة على سطحه إلى أكثر من 120 درجة مئوية، ولكنها تنخفضُ في الظلام إلى 170 درجة تحت الصفر. نظرًا لوجود القمر في ظروفِ "تقييد مدّي" مع الأرض، فهذا يعني  أّن الجهة (أو المنطقة)ذاتها من القمر تقابل الأرض. قرر مخططو المهمة الهبوط على هذه المنطقة ذاتها، والتي تقابل بشكل مباشر الأرض، ولتنفيذ عملية الهبوط خلال "صباح" القمر, وهذا للسماح للمركبة الفضائية بتوليد الطاقة باستخدام ألواحها الشمسية الصغيرة نسبيًا، ومن ناحية أخرى السماح للعمل على القمر قبل انخفاض درجات الحرارة. من المفترض أن تعمل المركبة الفضائية لمدة ثلاثة أيام فقط، لنقل صور بانورامية للقمر وصور "سيلفي" ذاتية من كاميرا ذات عدسة عريضة, ومقاطع فيديو للهبوط وأيضأ بيانات علمية.

إلى جانب الإنجاز التاريخي المتمثل في هبوط سفينة الفضاء التي تحمل العلم الإسرائيلي على سطح القمر، فإن المركبة الفضائية لديها أيضًا مهمة علمية، والتي بدأها وقادها البروفيسور عوديد آرونسون من معهد وايزمان للعلوم. والتي تحاول أن تفهم كيف تشكلت الصخور الممغنطة على سطح القمر، وأيضا الإجابة على السؤال:  ما الذي يمكن تعلّمه من عملية تكوين الصخور هذه.

وفي حديث لآرونسون مع موقع دافيدسون, قال:" في قشرة القمر يوجد صخور ممغنطة، مثل الصخور على الأرض، ولكن على عكس الأرض، التي لها مجال مغناطيسي بسبب اللب الحديدي، ليس هناك للقمر مجال مغناطيسي كهذا ،ومن غير المعروف كيف تشكلت الصخور الممغنطة ومتى حدث ذلك". "أحد الاحتمالات هو أنه في الماضي ، كان للقمر مجال مغناطيسي، لكنه تلاشى، واحتمال آخر هو أن الحقول المغناطيسية تكونت بسبب اصطدامات كويكبات كبيرة مع القمر، وإذا استطعنا تحديد عمر الصخور الممغنطة ومصدرها الجيولوجي، سنفهم أكثر أي احتمال وارد أكثر, مما يسمح لنا بمحاولة فهم العمليات التي أنجبت هذه الصخور الممغنطة".

لقياس الحقل المغناطيسي للصخور، تم تجهيز المركبة الفضائية بمقياس مغناطيسي صغير، يزن أقل من كيلوغرام واحد، والذي تم بناؤه في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA). "باستخدام الجهاز، سنقوم بقياس المجال المغناطيسي على سطح كبير في اللفات ما قبل الهبوط, اثناء الهبوط وبعده أيضا. يمكننا أيضًا تقدير عمر الصخور ومصدرهم وفقًا للصور التي ستلتقطها كاميرات المركبة, وفقا للخرائط الجيولوجية الموجودة للقمر وبحسب مواقع الصخور، سواء كانت بالقرب من الفوهات القمرية أو بالقرب من مناطق بركانية على سبيل المثال".

سيتم تحليل البيانات التي تجمعها المركبة الفضائية على يد فريق دولي المكون من باحثين من جامعات رائدة متخصصة في دراسة المجال المغناطيسي للقمر. سيتم بعد ذلك اتاحة المجال لكافة المجتمع العلمي بالوصول الى هذه البيانات. وقال أرونسون: "من المهم أن يكون لمثل هذه السفينة الفضائية، والتي هدفها الأساسي هو كونها نشاطًا تثقيفيًا ، أن تسهم أيضا كمهمة علمية، والتي عن طريقها سنتعلم أيضًا شيئًا جديدًا وهامًا عن القمر". "كنت فردًا من طاقم القسم العلمي في العديد من الرحلات الفضائية، وهذه المرة الشعور مختلف وخاص, وهذا بسبب كون المهمة إسرائيلية."

صورة: الحفاظ على الاتصال مع المركبة الفضائية. غرفة التحكم في منظمةSpaceIL في منشأة صناعات الطيران الاسرائيلية | تصوير: SpaceIL

لضمان عمل وصحة الاتصال بالمركبة الفضائية حتى لو هبطت بوضعية التي فيها تكون هوائياتها بزوايا غير مثالية ، فقد سمحت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" لـ SpaceIL باستخدام شبكة ناسا لمراقبة الفضاء العميق (Deep space) والتي تتكون من هوائيات حساسة للغاية المصممة للتواصل مع المركبات الفضائية البعيدة. في إطار هذا التعاون، تم تركيب عاكس ليزر على المركبة الفضائية، مما سيتيح لوكالة الفضاء تحديد موقعها على سطح القمر بعد الهبوط.

لتحقيق الأهداف الأصلية للمنافسة، على المركبة الفضائية ليس فقط الهبوط, بل وأيضا السير لمسافة 500 متر على سطح القمر. الخطة الأصلية لتحقيق ذلك كانت من خلال "الارتداد" - أي الاقلاع من عن سطح القمر والهبوط مرة اخرى بشكل مراقب. ولكن بتصريح ليجال هارئيل هذا الأسبوع, قال: "نحن نناقش ما إذا كنا سننفذ هذة المناورة على أي حال". "فإذا سارت عملية الهبوط بشكل جيد، فربما لا ينبغي لنا أن نجازف بإجراء مناورة معقدة قد تفشل، ولكن من ناحية أخرى، نريد أن نثبت أيضا أننا كنا قادرين على تلبية الشروط الأصلية للمنافسة"

 

مركبةٌ فضائيةٌ صغيرٌ وذكية

تحتوي المركبة الفضائية "بريشيت" على عدد غير قليل من الابتكارات التكنولوجية، والتي تم تطوير العديد منها على يد مهندسي منظمة SpaceIL. على سبيل المثال، يعتمد نظام الدفع على محرك رئيسي كبير المحاط بثمانية محركات صغيرة المصممة بالأساس لتصحيح وتدوير المركبة الفضائية. إن هذا النوع من المحركات يستخدم لإدخال الأقمار الاصطناعية للاتصالات في مدارها، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اختبار هذا النظام في مهمة في عمق الفضاء، بدلاً من دوران في مدار حول الأرض.

يعتمد نظام الملاحة الخاص بالمركبة الفضائية على نظام بصري الذي يحدد مكان بعض النجوم المعينة في السماء ويحسب موقع المركبة بحسب إحداثيات تلك النجوم. اشترى مهندسو المنظمة هذه المستشعرات الضوئية من شركة متخصصة في هذا المجال، لكنهم طوروا بأنفسهم لاحقا الخوارزمية لتحليل بياناتهم ولحساب موقع المركبة الفضائية. في مجال البصريات أيضا  أضاف مهندسو SpaceIL تطويراتهم الخاصة ونجحوا في تحويل معدات التصوير الموجودة إلى نظام من شأنه أن يساعدهم في عملية هبوط المركبة الفضائية، وبالطبع توثيق المهمة.

بالإضافة إلى المركبة الفضائية نفسها، تعد منظمة SpaceIL أيضًا مبادرة تعليمية تهدف إلى تشجيع الأطفال والشباب على تعلم مواضيع العلوم والهندسة وزيادة اهتمامهم في مجال الفضاء. أسست الجمعية مناهج تعليمية للأعمار المختلفة وأنتجت أيضا العديد من المحاضرات العلمية لعامة الناس. "لكل طفلٍ يقرأ  هذا المقال، أود أن أشجعك على أن تتجرأ وتُقدم على بناء المركبة الفضائية القادمة، على القضاء على مرض السرطان, حل مشكلة الاحتباس الحراري أو أي مشكلة أخرى تهمك" ، كما يختتم فاينتروب كلامه بالقول "للقيام بذلك، ستحتاج إلى دراسة العلوم والهندسة، وهذا مكان جيد للبدء."

 

 

 

الترجمة للعربيّة: فادي شيبان