تعرّفوا على "أولتراسات"، مقراب فضائيّ مبتكر طوّره معهد وايزمان للعلوم، واضعًا إسرائيل في طليعة علم الفلك الرصديّ

يوضّح البروفيسور إيلي فاكسمان، عالم الفيزياء الفلكيّة في معهد وايزمان، والباحث الرئيسيّ لمهمّة المقراب "أولتراسات"، وأحد أبرز القائمين على فكرة المقراب الفضائيّ الإسرائيليّ الأوّل، المُقرّر إطلاقه في عام 2025: "هذا المشروع هو بمثابة انطلاقة علميّة، سيضع إسرائيل في طليعة الأبحاث الفلكيّة، ويثبتها كقوّة صاعدة في مجال الأقمار الصناعيّة العلميّة، إذ سيوفر انكشافًا ممتازًا للصناعة الإسرائيليّة".كما أنّه يضيف: "الجميل في هذه المهمّة هو أنَّ ما يقودها هو العلم. لقد وضعنا أهدافًا في طليعة العلم، ولتحقيقها نحتاج إلى أن نكون الأوّل والأفضل".

תרשים התכנון של טלסקופ החלל אולטראסט | מקור: התעשייה האווירית לישראל
التعاون بين الأوساط الأكاديمية وطليعة صناعة التكنولوجيا الإسرائيلية. مخطط تصميم مقراب ألتراسات الفضائي | المصدر: صناعات الفضاء الإسرائيليّة
 

تمرّ الأحداث، يمرّ الإشعاع

ولدت فكرة المقراب الفضائيّ الإسرائيلي منذ أكثر من اثني عشر عامًا، على أثر محادثات بين فاكسمان والقائمين على معهد وايزمان وبين تسفي كابلان، الذي كان حينها مديرًا لوكالة الفضاء الإسرائيليّة، وأراد تطوير علم ريادي قائم على أساس الأقمار الصناعيّة الإسرائيليّة. بدأ الفريق الإسرائيليّ بمناقشة الأمر مع زملائه في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (Caltech)، وخلصوا إلى أنَّ النقص الرئيسيّ في علم الفلك الرصديّ هو القدرة على اكتشاف الأحداث الكونيّة القصيرة والعابرة فور حصولها، كانفجار النجوم الكبيرة أو المستعرات العُضمى، ثوران أشعّة غاما أو اندماج النجوم النيوترونيّة. الطريقة الوحيدة لدراسة مثل هذه الأحداث، والتي تستمرّ لبضعة أسابيع أو أيّام قليلة، وأحيانًا أقلّ من ذلك، هي اكتشافها في الوقت الحقيقيّ أيّ فور حصولها، ثمّ توجيه المقارب ذات القدرات المتنوّعة الموجودة على الأرض وفي الفضاء نحوها. لكنَّ الفضاء ضخم، وفرص اكتشاف مثل هذا الحدث في الوقت الحقيقيّ من خلال المراقبة العشوائيّة ضئيلة للغاية. لذلك كانت الفكرة هي إطلاق مقراب فضائيّ ذي قدرة على تغطية واسعة المجال، أي بإمكانه تصوير منطقة واسعة نسبيًّا من السماء في أيّ لحظة، بالتالي تمكين مشغّليه من اكتشاف مثل هذه الأحداث العابرة فور حصولها، والتي يُطلق عليها علماء الفيزياء الفلكيّة، "الأحداث العابرة -Transients".

كانت الخطوة التالية هي اختيار نوع الإشعاع الذي على المقراب اكتشافه. تبعث النجوم أشعّة كهرومغناطيسيّة في جميع نطاقات الطاقة، من الأشعة السينيّة وأشعّة غاما، مرورًا بالضوء المرئيّ وحتّى موجات الراديو. في نهاية الأمر، قرر الباحثون اختيار مقرابًا حسّاسًا للأشّعة فوق البنفسجيّة (UltraViolet أو بالمختصر UV). يشرح الدكتور يوسي شفرتسولد من معهد وايزمان للعلوم، عالم مشروع "أولتراسات": "هناك العديد من مسوحات السماء في المجال الواسع، لكن لا يوجد أيّ منها في مجال الأشعّة فوق البنفسجيّة. هذا التلسكوب هو مقدّمة علم الفلك في الوقت الحقيقيّ. بفضل التكنولوجيا المتقدّمة والتواصل الفوريّ، يمكننا في غضون 15 دقيقة اكتشاف حدث عابر باستخدام مقراب "أولتراسات" وتحديد موقع الحدث بالتحديد وتوجيه المزيد من المقارب في اتّجاهه".

يوضّح الدكتور ديفيد بوليشوك من معهد وايزمان للعلوم، منسّق الإتاحة العلميّة لمهمّة "أولتراسات"، ويقول: "تنبعث الأشعّة فوق البنفسجيّة من الظواهر الفلكيّة 'الساخنة'، بما في ذلك اصطدامات الكتل الكبيرة جدًّا، كالثقوب السوداء والنجوم النيوترونيّة، فضلًا عن انفجارات النجوم وظواهر أخرى، كما أنّه يضيف: "لا يمكننا التقاط هذه الأشعّة بالمقارب الموجودة على الأرض، لأنّ الغلاف الجوّيّ يقوم بترشيحها، لذلك يتعيّن علينا استخدام مقراب قائم في الفضاء".

התנגשות של שני כוכבי נייטרונים | הדמיה: NASA/Swift/Dana Berry
اصطدام النجوم النيوترونية: اكتشاف مبكر ودراسة متعمقة للأحداث الكونية السريعة والباعثة للطاقة. اصطدام نجمين نيوترونيّن | تجسيد مرئي: NASA/Swift/Dana Berry

قدّم العلماء في معهد وايزمان للعلوم إلى الإدارة الوطنيّة للملاحة الجوّيّة والفضاء - ناسا (NASA)، عدّة مقترحات مشتركة لتطوير المقراب، بالشّراكة مع علماء من معهد كاليفورنيا للتقنيّات (كالتيك)، الذين كان عليهم صناعة كاميرا الأشعة فوق البنفسجيّة الخاصّة للقمر الصناعيّ، وبعدها مع مختبر الدفع النفاث التابع لناسا (JPL). لكن لم يتمّ اختيار هذه المقترحات للتطوير. في نهاية المطاف، تمّ الاتّفاق مع مركز الأبحاث الألمانيّ DESY على توفير الكاميرا، وهي واحدة من أغلى المكوّنات في المقراب، مقابل تعيين علماء تابعين له في فرق البحث الخاصّة بالمقراب. تمّ توفير باقي التمويل من معهد وايزمان للعلوم ووكالة الفضاء الإسرائيليّة التابعة لوزارة العلوم.

انضمّ للمشروع المركّب، الذي تقدّر تكلفته الإجماليّة بحوالي 100 مليون دولار، عدّة شركات أخرى من الجبهة الصناعيّة الإسرائيليّة. من بينها شركة ElOp، المملوكة لشركة Elbit Systems، التي تبني المقراب نفسه، شركة Tower وبالتعاون مع شركة AnalogValue، التي تطوّر مستشعرات الضوء في الكاميرا التي ستلتقط عمليًّا الأشعة فوق البنفسجيّة، والصناعات الجوّيّة، التي تخطّط وتبني القمر الصناعيّ والحاسوب الخاصّ به.

להיות הטובים ביותר. החוקר הראשי אלי וקסמן (במרכז), מדען הפרויקט יוסי שורצולד (משמאל) ומרכז ההנגשה דוד פולישוק | צילומים, מכון ויצמן למדע, איתי בלסון
نسعى لنكون الأفضل. الباحث الرئيسي إيلي فاكسمان (في الوسط)، العالم المسؤول عن المشروع يوسي شورتسولد (في اليسار) ومركِّز الإتاحة والتيسير دافيد بوليشوك| تصوير: معهد وايزمان للعلوم، ايتي بيلسون

ابتكار مثمر للجميع

المقراب الفضائيّ هو مقراب مثبّت على قمر صناعيّ يدور حول الأرض، أو في بعض الحالات حول الشمس، مثل مقراب جيمس ويب الذي تمّ إطلاقه في أواخر عام 2021. لهذه المقارب عدّة مزايا أساسيّة: لا يقتصر نشاطها على ساعات الليل، غير متأثّر بالغيوم والطقس، والأهمّ من ذلك: أنَّ القمر الصناعيّ متواجد فوق الغلاف الجوّيّ الذي يعيق مرور أنواع معيّنة من الإشعاع، وحتّى أنّه يبتلعها بالكامل تقريبًا، كالأشعة فوق البنفسجيّة. يقول بوليشوك: "إنّ هذا الترشيح ضروريّ لحماية الحياة على الأرض، لكنّه يُصعِّب عمل علماء الفلك".

إلى جانب هذه المزايا، فإنَّ للمقارب الفضائيّة هناك أيضًا سلبيات. إنّها محدودة الحجم، وعادةً ما يمكنها العمل فقط لبضع سنوات حتّى تتعطّل بسبب البيئة "المعادية"، ولا يمكن إصلاحها أو صيانتها تقريبًا في حالة حدوث أعطال. عيب آخر ملحوظ هو سعرها المرتفع مقارنةً بالمقارب الأرضيّة. ارتفعت تكلفة تطوير مقراب جيمس ويب، الذي حطّم أيضًا الأرقام القياسيّة في هذا المجال مع مرور السنين، إلى أكثر من عشرة مليارات دولار. تبلغ ميزانيّة "أولتراسات" حوالي واحد في المائة فقط مقارنةً به.

يؤكّد إيلي فاكسمان: "نثبت أنّه من الممكن القيام بمهام بميزانيّات معقولة، وأن تكون ثابتًا في طليعة العلم، بفضل التصميم الصحيح والمبتكر للمقراب". ويضيف: "على سبيل المثال، هيكل فريد للمقراب الذي تقوم ببنائه شركة ElOp، وأجهزة الاستشعار فوق البنفسجيّة التي طوّرناها مع شركة Tower، التي لم تتوفّر حتّى سنوات قليلة التكنولوجيا المناسبة لبنائها". ستسمح المستشعرات، التي تعدّ جوهر النظام البصريّ للمقراب، بتحديد الضوء بالمجال فوق البنفسجيّ على المدى القريب (أطوال موجيّة ما بين 230 إلى 290 نانومتر)، بحساسيّة أعلى بكثير من تلك الموجودة في مقارب الأشعة فوق البنفسجيّة الأخرى. يشرح يوسي شفارتسولد ذلك، ويقول: "هناك عدد قليل جدًّا من المواد التي تمرّر الضوء فوق البنفسجيّ. لقد طوّرنا مع شركة Tower العديد من الطلاءات المخصّصة لترشيح الإشعاع بالطريقة الأمثل، وأنتجنا ثلاث مواد كهذه، وبناءً على تجاربهم العديدة، قمنا بتطوير مرشّح ضوئيّ يتكوّن من عدّة طبقات من المواد، كلٌ منها بسمكٍ مختلف، مصمّم خصيصًا لهذه المهمّة".

פיתוח מקורי: חיישני על-סגול שעד לפני כמה שנים לא הייתה טכנולוגיה מתאימה לבנות אותם. דגם טכני לניסויים של חיישני טלקסופ החלל | צילום: DESY

التطوير الأصليّ: أجهزة استشعار الأشعّة فوق البنفسجيّة التي لم توفّر التكنولوجيا المناسبة لبنائها حتّى سنوات قليلة مضت. نموذج تقنيّ لتجارب مستشعرات المقراب الفضائيّ  | الصورة: DESY
 

اصطدامات وانفجارات

تجديد هامّ آخر في المقراب هو عرض مجال رؤيته: 200 درجة مربّعة. يشير ديفيد بوليشوك: "للمقارنة، يبلغ قطر البدر في السماء حوالي نصف درجة. مثل هذا المجال الواسع يسمح للمقراب بتصوير جزء كبير جدًّا من السماء في كلّ مرّة".

مهمّة مقراب "أولتراسات" المركزيّة هي تحديد الأحداث قصيرة العمر أو العابرة ودراستها، تلك التي تحدث في الكون بسرعة كبيرة بالمعايير الفلكيّة، من بضعة أسابيع حتّى أيام، ساعات أو دقائق. من بين هذه الأنواع من الأحداث، تصادم الأجسام الثقيلة جدًّا (فائقة الكتلة)، كالثقوب السوداء والنجوم النيوترونيّة.

اكتسبت دراسة مثل هذه الظواهر زخمًا في السنوات الأخيرة بفضل اكتشافها بأجهزة الكشف عن موجات الجاذبيّة، لكنّ لهذه الكواشف العديد من القيود. يوضّح شفارتسولد: "بفضل تكنولوجيا مقراب "أولتراسات"، التي تجمع بين المجال الواسع والحساسيّة للعمق، يُمكِّنه أنّ يحدد الموقع والأبعاد بدقّة أكثر من هذه الكواشف". ويُضيف: "في غضون 15 دقيقة من تلقّي تنبيه من كاشف الموجات الثقاليّة، يمكننا توجيه المقراب باتّجاه الحدث. وهذا يسمح لنا أيضًا بتصوير مراحله الأولى، حيث تحضر الانبعاثات الكبيرة للأشعة فوق البنفسجية، وإعلام مجتمع علم الفلك العالميّ بأسره على الفور، بالموقع الدقيق للحدث، والذي يمكنهم من توجيه مجموعة واسعة من المقارب وأدوات القياس الأخرى. سيمهّد جمع البيانات والتعاون الدوليّ الطريق لفهم العمليّات التي تحدث في مثل هذه الاصطدامات وتأثيرها، بشكلٍ أفضل."

نوع آخر من الأحداث الكونيّة التي يمكن استكشافها بمساعدة مقراب فضائيّ هو المستعرات العُظمى - انفجارات النجوم الكبيرة التي تحدث عند انتهاء "حياتها". عندما تستنفد النجوم وقودها النوويّ، ينهار لُبّها إلى الداخل بسرعة، وهو حدث يؤدّي إلى تكوين موجة انفجار صدميّة ضخمة، وبالتالي إلى انفجار ضخم للنجم. هذه الانفجارات لها تأثير كبير على الحياة في الكون كما نعرفها، لأنّها على الأرجح مصدر تكوين جزء كبير من العناصر الثقيلة، بما في ذلك تلك التي تتكوّن منها الحياة.

הדמיה של סופרנובה - פיצוץ של כוכב גדול | איור: NASA
التحقق من الانفجار بسرعة قبل أنّ يختفي حطامه. تصوير تجسيديّ للمستعر الأعظم - انفجار نجم كبير | رسم توضيحي: وكالة ناسا NASA
 

تتمثّل إحدى الصعوبات في دراسة المستعرات العُظمى في القدرة على اكتشاف هذه الانفجارات في الوقت الحقيقيّ، وإتاحة الوقت لدراستها قبل اختفاء بقاياها. يوضّح ديفيد بوليشوك: "في هذه الأحداث، ينبعث الكثير من الأشعة فوق البنفسجيّة، خاصّة في مراحلها الأولى". ويُضيف: "بفضل مجال الرؤية الواسع، سيكون 'أولتراسات" قادرًا على اكتشاف العديد من هذه الأحداث، وتصويرها باستمرار وتوجيه المقارب الأخرى إليها. نتوقّع أن نكتشف بمساعدة أولتراسات حوالي 250 مستعرة عظمى سنويًّا، وأيضًا متابعة مراحلها الأولى بفضل المراقبة المستمرّة. ستمكّننا هذه الدراسة من أن نفهم وأخيرًا الآليات الانفجاريّة للمستعرات العُظمى من أنواع مختلفة ونظام الطاقة لهذه العمليّات".

خلال نشاطه اليوميّ، وخلال عمليّات القياس لمثل هذه الأحداث، سيتمّ استخدام المقراب لمسح سمائيّ للأجسام الباعثة للأشعة فوق البنفسجيّة. سيقوم المقراب بتصوير السماء كلّ خمس دقائق، ويجمع المعلومات عن ملايين النجوم والأجرام السماويّة الأخرى. سيسمح ذلك للباحثين بجمع كمّيّات هائلة من المعلومات، وإنشاء خريطة أساسيّة يمكن مقارنة الصور الجديدة بها، بالتالي تحديد الأحداث الجديدة بسرعة. بفضل سرعة التصوير وقدراته العالية، من المتوقّع أن يزيد المقراب من معدّل اكتشاف الأحداث العابرة 300 مرّة، بالتالي تزويد الباحثين ببيانات ذهبيّة لدراسة العديد من الظواهر.

הדמיה של כוכב לכת עם אטמוספרה במערכת שמש מרוחקת | מקור: ESO
محاولة تحديد الكواكب التي قد تكون مناسبة للحياة، ووصف تركيبة غلافها الجوي. تصوير تجسيديّ لكوكب ذي غلاف جوي في مجموعة شمسيّة بعيدة | المصدر: ESO
 

يضمّ الفريق العلميّ الموسّع للمقراب عشرات الباحثين من إسرائيل ودول أخرى، منظّمين في 13 مجموعة عمل، للاستفادة من إمكانيّات المقراب العديدة. ستدرس إحدى المجموعات، بقيادة شفارتسولد، أنظمة شمسيّة أخرى وكواكبها. يوضّح شفارتسولد أنَّ: "عمليّات الرصد بواسطة الأشعّة فوق البنفسجيّة ستسمح لنا بتحديد المجموعات الشمسيّة، والتي قد تكون مناسبة للحياة من حيث مستوى الإشعاع المنبعث من النجم". ويُضيف: "كما يمكننا محاولة تحديد كواكب جديدة خارج المجموعة الشمسيّة، ومحاولة توصيف تركيبة الغلاف الجوّيّ للكواكب في مجموعات شمسيّة أخرى". ستستخدم مجموعة أخرى ملاحظات 'أولتراسات' للتحقيق في الأحداث التي تحدث عندما يبتلع ثقب أسود كبير جدًّا (حدث عابر، باللغة العلميّة) النجوم ويمزّقها، وهي عملية تنبعث منها أيضًا أشعّة فوق البنفسجيّة التي يمكن اكتشافها بواسطة المقراب، وفهم بشكلٍ أفضل، الآليّات التي تقوم عليها العمليّة التي ما زالت غير واضحة تمامًا. ستقوم مجموعة أخرى بدراسة النجوم الزائفة (Quasar)، وهي الأجرام السماويّة التي تنبعث منها الكثير من الطاقة. وستركّز مجموعة أخرى، بقيادة بوليشوك، على استخدام المقراب لدراسة مجموعتنا الشمسيّة، للتمييز في المقام الأوّل بين الأنواع المختلفة من الكويكبات، عن طريق انعكاس الأشعّة فوق البنفسجيّة، الذي يعبّر عن محتواها من الحديد.

הדמיה של כוכב נקרע כשחור שחור בולע אותו | איור: Sophia Dagnello, NRAO/AUI/NSF
سيفتح المقراب الجديد نافذة لدراسة مجموعة واسعة من الظواهر الفلكية والأحداث الكونية. صورة نجم تمزّق عندما ابتلعه ثقبٌ أسود. رسم توضيحي: Sophia Dagnello, NRAO/AUI/NSF
 

تعاون تنافسيّ

سيتمّ تثبيت مقراب "ألتراسات" على قمر صناعيّ يزن حوالي طنًّا. ما يُقارب نصف الوزن عبارة عن وقود، الذي سيمكّنه من دخول مساره بعد الإطلاق، على ارتفاع حوالي 36 ألف كيلومترًا. تدور الأجسام على هذا الارتفاع حول الأرض بحوالي 24 ساعة، وهو بالطبع الوقت الذي تدور فيه الأرض حول نفسها. وهذا يعني أنّ مثل هذا القمر الصناعيّ سيكون دائمًا فوق نفس النقطة على الأرض، لذلك يُطلَّق عليه اسم المدار الجغرافيّ الثابت بالنسبة للأرض، ممّا يعني أنّه "ثابت بالنسبة إلى الأرض". في هذا المسار، عادةً ما تكون أقمار الاتّصالات، لأنّها تسمح بالاتّصال الدائم والمستمرّ مع المحطات الأرضيّة. هذا هو بالضبط سبب إرسال مقراب "ألتراسات" إلى هذه النقطة تحديدًا. من هناك، سيكون قادرًا على نقل المعلومات في الوقت الحقيقيّ إلى المحطّة الأرضيّة، والتي ستوجّهه إلى غرفة التحكّم التي يتمّ بناؤها في معهد وايزمان للعلوم. وبالتالي، مع أيّ اكتشاف لأيّ حدث عابر مهمّ، سيكون من الممكن توجيه المقراب إليه على الفور تقريبًا.

من المقرّر إطلاق المقراب في أوائل عام 2025. بعد دخوله المدار، سيتمّ تخصيص الأشهر الأولى من المهمّة لمسحٍ أوّليّ للسماء، لتجميع خريطة تكون بمثابة مرجعيّة التي يمكن من خلالها تحديد الأحداث. في المحصلة، من المتوقّع أن يعمل القمر الصناعيّ لمدّة 6-3 سنوات، ممّا سيوفّر ثروة من المعلومات العلميّة الغنيّة، والتي ستملأ العديد من الثّغرات في معرفتنا بالكون وخباياهِ. في نهاية المهمّة، سيستخدم القمر الصناعيّ الوقود المخصّص مسبقًا لإطلاق نفسه الى مدار أعلى، لضمان عدم اصطدامه بأيّ جسم آخر في المستقبل، وعدم إنتاج المزيد من الحطام الفضائيّ.

"سيكون من المثير جدًّا رؤية الصور من هذا القمر الصناعيّ. كانت هناك محطّات عديدة جدًّا على طول الطريق التي كان قد تشعرنا باليأس وتدفعنا للاستسلام، على سبيل المثال، عندما لم تتمّ الموافقة على عرضنا، وقد تطلَّب الأمر الكثير من التصميم والإيمان للحفاظ على الشركاء والاستمرار قدمًا. يقول فاكسمان: إنّه شعور مُرضٍ للغاية أنّنا وصلنا إلى هذا الحدّ، وسوف ننجز ذلك. جميع الفلكيّين في الدولة تقريبًا شركاء في هذا المشروع، وسيتغيّر ذلك مكانة علم الفلك في البلاد حتمًا".

הדמיה של חדר הבקרה של אולטראסט (למטה) ושל מרכז המבקרים הצמוד אליו, המתוכננים במכון ויצמן למדע | מקור: מכון ויצמן למדע
نحاول النجاح معًا لفهم الكون بشكلٍ أفضل. تصوير غرفة التحكم في مقراب ألتراسات (أدناه) ومركز الزوّار المجاور له، المخطّطين في معهد وايزمان للعلوم | المصدر: معهد وايزمان للعلوم
 

يضيف شفارتسولد: "التعاون في هذا المشروع كان استثنائيًّا. إنّه أكبر تعاون من نوعه بين الصناعة والأوساط الأكاديميّة في البلاد، وهناك أيضًا تعاون فريد بين العلماء أنفسهم". يُضيف "هناك الكثير من المنافسة بين العلماء، لكنّنا نحاول جميعًا النّجاح معًا، بهدف مشترك وهو فهم الكون بشكل أفضل".

بالإضافة إلى المهمّة العلميّة للمقراب الفضائيّ، فإنَّ لديه دور تربويّ يقوده معهد دافيدسون للتربيّة العلميّة، الذراع التربويّ لمعهد وايزمان للعلوم. يقول فاكسمان: "أعتقد أنَّ لهذا المقراب سيكون أثر تربويّ كبير". "إنَّ الإنكشاف الكبير سيشجع على تعليم العلوم والتكنولوجيا، وسيساعد في تشجيع الشباب والشابات على دراسة العلوم والهندسة، وسيساهم في توسيع مجتمع الفضاء المدنيّ في إسرائيل". قبل فترة من استعداد "ألتراسات" للشروع في مساره التاريخيّ، والبحث عن أماكن بعيدة في الكون، بحث فاكسمان وزملاؤه عن أهداف أبعد من ذلك بكثير. 

يختتم فاكسمان قائلًا: "نحن نهدف إلى إبقاء مقراب إسرائيليّ في الفضاء طوال الوقت، وقد بدأنا بالفعل في التفكير في المشروع التالي، ربّما مقراب أشعّة إكس السينية ذو مجال واسع". "إسرائيل بحاجة إلى إطلاق مثل هذا القمر الصناعيّ كلّ خمس سنوات. سنثبت أنّه من الممكن القيام بذلك بمثل هذه الميزانية، ودفع العلم إلى الأمام".

0 تعليقات