عابِر أو مُزمِن، نتيجة إصابة، مرض، أو اضطراب في النّشاط العصبيّ- الشعور بالألم هو جزء لا يتجزّأ، بل وأساسيّ، من حياتنا
يُرافِق الألمُ الإنسان منذ فجر التاريخ. فهو شُعور يشعر به الجميع- عادة ما يأتي لفترة قصيرة ثمّ يَمُرّ، ولكنّه يُرافقنا أحيانا لفترات طويلة من الزمن. الألم ضروريّ للحفاظ على صحّتنا وسلامة أجسامنا، ولكن في بعض الأحيان تؤدّي الإصابة الجسديّة الخطيرة أو تعطيل آليّة استشعار الألم في الجسم إلى زيادة هذا الألم إلى مستوى قد يضيّق على حياتنا بشكل كبير. مع تراكم المعرفة الطبيّة حول هذا الموضوع، تزداد العلاجات الّتي تساعد على تقليل الألم الّذي نشعر به، ولكن لا يزال لدينا الكثير لنتعلّمه حول هذا الشعور الصّعب والأساسيّ.
التّفكير بالألم
الألم هو شعور يُرافِقنا في حياتنا، ويُعتَبَر رسالة تحذيريّة مهمّة للجسم، تسعى للفت انتباهنا إلى الضرر الّذي لحق به بغية تشجيعنا على الراحة للسّماح له بالشفاء.
لم يفهم البشر دائمًا أهميّة الشّعور بالألم. كان الاعتقاد السّائد في أوروبا في العصور الوسطى، أنّ الألم هو عقاب من الله ووسيلة للتكفيرعن خطايا البشر. في القرن السابع عشر، اقترح الفيلسوف الفرنسيّ رينيه ديكارت (Descartes) تفسيرًا بديلًا لأصل الألم. وفقًا لمُقاربته، المعروفة باسم الثنائيّة الديكارتيّة، يمكن للشخص أن يعاني من ألم ناتج عن ضرر جسديّ، أو ضرر نفسيّ، بدون تأثير أحدهما في الآخر.
أشار ديكارت أيضًا إلى الغدّة الصنوبريّة (Pineal gland)، الّتي تقع في مركز الدماغ، باعتبارها المكان الّذي اعتَقَدَ أنّ الروح تسكنه، و تتشكّل فيه الأفكار والأحاسيس، بما في ذلك الألم. بالإضافة إلى ذلك، أشار ديكارت إلى ظاهرة الألم الوهميّ (Phantom pain)، حيث يشعر الشخص الّذي يفقد أحد أطرافه بألم في طَرَفه المبتور. استنتج ديكارت- بحقّ- أنّ الإحساس بالألم ينشأ في الدماغ نفسه وليس في العضو المبتور، وبالتالي، كان أوّل من نسَبَ إلى الدماغ مسؤوليّة استشعار الألم ومُعالجته.
واصل الفلاسفة مناقشة الإحساس بالألم بعد ديكارت. ففي القرن الثامن عشر، على سبيل المثال، عرّف الفيلسوف الاسكتلنديّ ديفيد يوم (Hume) الألم بأنّه استجابة عاطفيّة لتحفيز جسديّ. بعد ذلك بحوالي قرن، أوضح جون ستيوارت ميل (Mill) أنّ السعادة الّتي نطمح إليها هي في الواقع غياب الألم.
رسالة تحذير مهمّة من الجسم. امرأة تعاني من ألم في ساقها| المصدر: encierro ، Shutterstock
لماذا نشعُر بالأَلَم؟
من الممكن أن يكون الألم قصير الأمد بحيث يظهر بشكل مؤقّت بسبب إصابة جسديّة أو مرض ما. عادة ما يختفي هذا الألم مع الشفاء. في حالات أخرى، قد يكون الألم مُزمنًا ويستمرّ لأشهر أو حتّى لسنوات، بعد مرض مستمرّ، إصابة خطيرة، أو التهاب مزمن. غالبًا ما يُصبح هذا الألم عقبة يوميّة لمن يعانون منه.
الألم هو شعور شائع، و له تأثير عميق في حياتنا. في الولايات المتّحدة وحدها، أفاد ما يُقارب الخمسين مليون شخص أنّهم يعانون من آلام مزمنة، وكشفت دراسة أُجريت في فنلندا أنّ حوالي 40 في المائة من التّوجّهات للمُساعدة من الأطباء ناتجة عن الألم.
في الوضع الطبيعيّ، ينتج الإحساس بالألم عن ضرر يلحق بأنسجة الجسم، وعادة ما تتوافق شدّة الألم مع شدة الضّرر، لذلك على سبيل المثال، إصابة خطيرة ستؤدّي إلى ألم أكثر شدّة مقارنة بالخدش السطحيّ. يتمّ تلقّي المعلومات حول الإصابة من خلال الخلايا العصبيّة الموجودة في الجلد، العضلات، المفاصل، ومعظم الأعضاء الداخليّة. تُسمّى هذه الخلايا مستقبلات الإنذار أو مستقبلات الألم.
هناك عدّة أنواع من مستقبلات الإنذار، والّتي تتكيّف مع المُحفّزات المُختلفة. يستجيب بعضها لموادّ كيميائيّة معيّنة، بينما يتمّ تنشيط البعض الآخر استجابة للتغيّرات في درجة الحرارة. وبالطبع، هناك أيضًا مستقبلات تستجيب للتّلامس الشّديد، كالضّربة، أو الضغط القويّ المُمارَس على الجلد.
تنقل المُستقبلات المعلومات حول المُحفّز كإشارة كهربائيّة من موقع الإصابة إلى الدماغ. أوّلاً، يتمّ تحليل الإشارة في منطقة من الدماغ تُسمّى المهاد (Thalamus)، حيث تمرّ المعلومات من أجل معالجة متقدّمة في عدّة مناطق أخرى. القشرة الحسّيّة الأوّليّة، على سبيل المثال، مسؤولة عن ربط الألم بالموقع ذي الصلة في الجسم، بينما تتيح لنا القشرة الأماميّة فهم معنى الشُّعور. تُشارك مناطق أخرى في معالجة شدّة الألم وتأثيره العاطفيّ.
من المُتعارف عليه، التمييز بين ثلاثة أنواع أساسيّة من الألم. ألم ناتج عن مُحفّزات مُؤلمة (nociceptive pain) وهو ناتج عن تلف أنسجة الجسم، كالحُرق أو كسر العظام، والغرض منه هو التحذير من المزيد من الضرر. ينتج النوعان الآخران من الألم عن عيوب في عمل الجهاز العصبيّ. يحدث ألم الاعتلال العصبيّ (neuropathic pain) عندما تُبلّغ الأعصاب التالفة عن الألم بطريقة لا تصف بدقّة الضرر الّذي لحق بالأنسجة. غالبًا ما يُوصف الألم بأنّه إحساس بالحَرق، الوخز، الحَكّة، أو تيّارات كهربائيّة. يحدث الألم المركزيّ عندما يتمّ تضخيم الرسالة الحسّيّة المتعلّقة بالألم بشكل كبير في الدماغ. يمكن تشبيه هذا الألم، والّذي يُميّز، ضمن أمور أخرى، مرضى الألم العضليّ الليفيّ (fibromyalgia)، بمُضخّم الغيتار الكهربائيّ الّذي يُضخّم أصواته إلى مستوى مُفرط وصاخب.
تكتشف مستقبلات الإنذار حافزًا ضارًّا وتنقل المعلومات. رسم توضيحيّ لتفاعل الجهاز العصبيّ مع النار، من كتاب De Homine بقلم رينيه ديكارت| المصدر: جورج برنارد / مكتبة صور العلوم.
مُسكّنات الألم
في جسمنا آليّات داخليّة لتخفيف الآلام. فاستجابةً للألم، تقوم الغدّة النُّخاميّة بإفراز الإندورفينات- وهي هرمونات يتمثّل دورها في حجب إشارة الألم وعدم السماح لها بالوصول إلى خلايا الدماغ الّتي ستحلّلها وتُعطيها أهميّة. لهذا الغرض، ترتبط الإندورفينات بالمُستقبلات الموجودة في الخلايا العصبيّة، والّتي من المفترض أن تنقل الإحساس بالألم، أو في تلك الّتي من المُفترض أن تتلقّاها، بطريقة تمنع إطلاق الموادّ اللازمة للتواصل بين الخلايا. بالإضافة إلى ذلك، يثير الإندورفين الشعور بالنشوة، ما يساعدنا على التأقلم مع الألم نفسيًّا.
إحدى أكثر الطرق فعاليّة لزيادة إفراز الإندورفين هي القيام بنشاط بدنيّ. لكنّ ذلك ليس ممكنا دائمًا- على سبيل المثال، عندما يكون الألم ناتجًا عن إصابة خطيرة- وفي بعض الأحيان، لا يوفّر الشّعور اللّطيف المُرافق لمثل هذا النشاط استجابة كافية لشدّة الألم. في مثل هذه الحالات لا يوجد خيار سوى تناول الدواء.
لاستخدام المُسكّنات تاريخ طويل. تشير الاكتشافات الأثريّة إلى أنّ الأفيون (opium) كان يُستخدم بالفعل لتخفيف الآلام لدى المصريّين القدامى. كما تمّ توثيق الاستخدام الطبيّ للأفيون في القرن السابع عشر في أوروبا. في القرن التاسع عشر، بدأ استخدام الإيثر والكلوروفورم أيضًا- مسكّنات الألم الّتي كان تأثيرها قويًّا بما يكفي للسماح لأوّل مرّة بإجراء عمليّات جراحيّة معقّدة وطويلة، والّتي كانت ستسبّب ألمًا لا يطاق للمرضى بدونها.
المسكّنات المسبّبة للإدمان والّتي تؤدّي إلى وفاة عشرات الآلاف من الأشخاص سنويًّا في الولايات المتّحدة. أفيونيات| المصدر: Stock Footage Inc ، Shutterstock
في القرن العشرين، بدأ الاستخدام الواسع للمورفين (المورفيوم)، والّذي يشبه الأفيون إلى حدّ كبير في تركيبته الكيميائيّة، ويرتبط مثله بالمُستقبلات الّتي ترتبط بالإندورفين أيضًا، وبالمُخدّر هيروين المشتقّ منه. كان الهيروين مسكّنًا قويًّا وفعّالًا للآلام، ولكن تبيّنَ أيضًا أنّه يسبّب الإدمان بدرجة كبيرة لدى أولئك الّذين يستخدمونه.
في سنوات الثمانين، انتشر الاعتقاد بين الأطباء، وخاصّة في الولايات المتّحدة، بأنّه لا دليل كافٍ على أنّ الموادّ الأفيونيّة- وهي مجموعة من الموادّ الشبيهة بالأفيون والّتي تشمل المورفين، الهيروين، الأوكسيكودون، والمسكّنات الاصطناعيّة كالفنتانيل والميثادون- تُسبّب الإدمان بالفعل. ولهذا السّبب، ازداد استخدام الموادّ الأفيونيّة لتسكين الآلام بشكل كبير، إلى الحدّ الّذي أدّى إلى حدوث أزمة طبيّة فعليّة. كان لهذه الزيادة آثار بعيدة المدى. بين السنوات 1999 و 2017، مات ما يقارب الـ 400,000 شخص في الولايات المتّحدة جرّاء عواقب استخدام الموادّ الأفيونيّة، كالجُرعة الزائدة. نتيجة لذلك، تمّ إعلان حالة الطوارئ الصحيّة في البلاد في عام 2017، وتمّ تمديدها مرّة أخرى في أوكتوبر 2021.
تتوفّر مسكّنات الألم الأقلّ قوّة، مثل الباراسيتامول (أكامول)، وديبيرون / ميتاميزول (أوبتالجين)، أكثر بكثير لعامّة الناس، وهي مناسبة للتعامل مع الآلام اليوميّة الأكثر شيوعًا. تبرز عائلة NSAID، الّتي تشمل الإيبوبروفين (أدفيل، نوروفين) والأسبيرين، من بينها. تعمل مسكّنات الألم هذه عن طريق تثبيط نشاط إنزيم يُسمَّى إنزيم الأكسدة الحلقيّة (Cyclooxygenase) والّذي يقوم بإنتاج البروستاجلاندين- وهي موادّ تُستخدم لنقل رسالة الألم إلى الدماغ وتحفيز الاستجابة الالتهابيّة. خفض مستوى هذه الموادّ يُقلّل من شدّة الألم الّذي نشعر به ويخلق استجابة مضادّة للالتهابات.
بالإضافة إلى تخفيف الآلام، فإنّ للأسبيرين نفسه تأثيرًا مهمًّا آخر- فهو يمنع تخثّر الدم. لذلك، يتمّ استخدامه لتقليل مخاطر الإصابة بالنوبات القلبيّة أو السكتات الدماغيّة بسبب تجلّط الدم لدى الأشخاص الّذين تقلّ أعمارهم عن 70 عامًا والمعرّضين لخطر أكبر. تُعتبر الأدوية من عائلة NSAID فعّالة ورخيصة، ولكن يتعيّن أخذها بحذر وتجنّب الاستخدام المفرط. قد يؤدّي استهلاكها المفرط إلى حدوث نزيف، أو تلف الكلى والأعضاء الأخرى.
يتمتّع بسمعة طيّبة كمسكّن للآلام، ولكن ليس من المؤكّد أنّه يفعل ذلك. عالم يفحص نبتة القنّب / المصدر: Kitreel ، Shutterstock.
القنّب والألم
يتمّ استخدام نبات القنّب طبيًّا منذ آلاف السنين لتخفيف الآلام ضمن أمور أخرى. ترتبط إحدى الموادّ الفعّالة في القنّب، وهي جُزيء يُسمّى THC، بمستقبلَيْن في خلايا عصبيّة معيّنة. يؤدّي ارتباط THC بأحد المستقبلات الموجودة في الخلايا العصبيّة المسؤولة عن معالجة الإحساس بالألم إلى تثبيط عملها، وبالتّالي يؤدّي إلى التّخدير وتخفيف الألم.
خاصيّة أخرى تُنسب إلى القنّب، و هي تقليل استجابة الجسم للالتهابات، والّتي قد تلعب أيضًا دورًا في تقليل الإحساس بالألم. المادّة المسؤولة عن ذلك هي مادّة أخرى مستخرجة من القنّب، وهي جزيء يُسمّى CBD، والّذي يُنسب إليه أيضًا تخفيف الألم. يرتبط CBD بنفس المُستقبل المرتبط بالإحساس بالألم ويؤثّر في طبيعة عمله، وإلى جانب تخفيف الآلام، فإنّه يُستخدم أيضًا للتهدئة، ولتقليل الاستجابة الالتهابيّة في الجسم. على عكس THC، المسؤول عن الشعور "بالنّشوة"عند استخدام القنّب، لا يؤثّر CBD في الإدراك أو الوعي.
هنالك توثيق للاستخدام الطبيّ للقنّب في الصين في سنة 2900 قبل الميلاد، وفي الهند تمّ استخدامه في وقت لا يتجاوز سنة 1000 قبل الميلاد. وصل القنّب إلى الغرب بعد ذلك بكثير، ويبدو أنّ استخدامه لعلاج الآلام بدأ فقط في القرن التاسع عشر. بعد حظر استخدامه، انخفض استعماله بشكل كبير خلال القرن العشرين، ولكن اليوم تجدّد الاهتمام به، ويتمّ استخدامه مرّة أخرى لعلاج الآلام المزمنة في العديد من البلدان. حاليًّا، حوالي 17 بالمائة من استهلاك القنّب يعود لأغراض طبيّة.
على الرغم من التاريخ الطويل لاستخدام القنّب لتسكين الآلام، فقد سُمعت مؤخّرًا أصوات تتساءل عن فائدته في علاج الألم. في بحث جديد، والّذي استعرض عشرين دراسة حول هذا الموضوع، فحص الباحثون تأثير القنّب في تخفيف الألم. في جميع الدراسات، تلقّى الأشخاص الّذين يعانون من الألم القنّب، أو دواء وهميّ (Placebo). تبيّن من تحليل البيانات أنّه على الرغم من أنّ استخدام القنّب أدّى إلى انخفاض معيّن في الإبلاغ عن الألم، إلا أنّ تأثيره لم يتجاوز تأثير الدواء الوهميّ- والّذي أدّى هو أيضًا إلى تحسّن للألم على يد مُستخدميه.
توصّلت مقالة مراجعة أخرى، من عام 2021، إلى استنتاج مُشابه. يفترض الباحثون أنّ التأثير الكبير الّذي تمّ الإبلاغ عنه للدواء الوهميّ قد يعود إلى الاسم الجيّد للقنّب كمُسكّن فعّال للألم، ما يزيد من توقُّع المشاركين في التجربة لتحسّن حالتهم، وبالتالي، إلى تحسين فعاليّة العلاج في كلتا المجموعتين: التجريبيّة والضابطة (Control group). يُعتبر هذا توضيحًا لصعوبة فصل الفعاليّة الحقيقيّة للدواء عن الفائدة الّتي تأتي من مجرّد توقّع نجاحه. هنالك حاجة إلى مزيد من الدراسات، قبل أن نفهم ما إذا كان القنّب يُساعد بالفعل على تقليل الألم، في أيّة حالات، وإلى أيّ مدى.
يمكن للضوء الأخضر أن يخفّف من الشعور بالألم. تداخل موجات الضوء الأخضر من شقّين | المصدر: Giphotostock / Science .Photo Library
ضوء أخضر للألم
إحدى الطرق المُثيرة للاهتمام للتأثير في الألم، هي من خلال التعرُّض للضوء بألوان (أطوال موجة) مُختلفة. تُشير الأدلة المتراكمة على مرّ السنين إلى أنّ التعرّض للضوء الأحمر قد يؤدّي إلى تفاقم شدّة الصداع النصفيّ. من ناحية أخرى، فإنّ الضوء الأخضر في الواقع يخفّف من آلام أولئك الّذين يعانون من مرض الألم اللّيفيّ العضليّ المُزمن.
في دراسة جديدة، قام الباحثون بتدمير المُستقبلات الضوئيّة- الخلايا المسؤولة عن رؤية الألوان (cones)- في أعْيُن الفئران، ووجدوا أنّ هذا يمنع تأثير تخفيف الألم الناتج عن التعرُّض للضوء الأخضر. عند مُتابعة مرور إشارة العصب من المُستَقبِلات إلى أدمغة الفئران، اكتشف الباحثون أنّ الضوء الأخضر يؤدّي إلى تنشيط مجموعة من الخلايا العميقة في الدماغ والّتي تُعرف باسم نواة التركيب الجانبيّ (Lateral Geniculate Nucleus)، الّتي تُشارك في الإدراك البصريّ. تتواصل هذه الخلايا مع خلايا أخرى في منطقة من الدماغ تُسمّى نواة رافي الظّهريّة (Dorsal Raphe Nucleus). عند تعطيل إرسال الإشارات في هذا المسار العصبيّ، اختفى تأثير الضوء الأخضر المُخفِّف للألم. من جهة أخرى، أدّى تنشيطه إلى انخفاض في السلوك المُشير للألم.
على الرغم من أنّ هذه ليست سوى نتيجة أوليّة تشير إلى طبيعة العلاقة بين الضوء وتسكين الآلام، إلا أنّه من الممكن أن نتمكّن في المستقبل من تسخير هذه المعرفة لعلاج الألم. في الدراسة، تعرّضت الفئران للضوء الأخضر لمدّة ثماني ساعات متتالية ، وهو أمر ليس من المعقول تجربته تحت هذه الظروف العلاجيّة القاسية على البشر.
منذ فجر التاريخ، حاول الطب فهم مصدر الألم بشكل أفضل وإيجاد طرق لتخفيفه. على الرغم من التطوّرات الكبيرة في دراسة الألم، لا يزال هناك الكثير لتحسين طرق التعامل مع الألم في حياتنا.
المُسكنّات الّتي بحوزتنا فعّالة، لكن يجب استخدامها بحكمة، ويجب أن نكون على دراية بالآثار الجانبيّة الّتي قد تكون لها، وخاصّة خطر الإدمان على بعضها. هناك أيضًا حلول بديلة مثل النشاط البدنيّ، وبالطبع يُنصح دائمًا بالحذر من الإصابات واتّباع أسلوب حياة صحيّ والّذي من شأنه أن يمنع بعض الأمراض الّتي تسبّب الألم المزمن. نأمل أن يتحسّن فهمنا لظاهرة الألم أكثر فأكثر، وأن نجد المزيد من الحلول المفيدة الّتي تساعدنا في التعامل مع المشكلة المؤلمة.