في غضون أقلّ من عام، سيقوم ستّة رواد فضاء تناظريّين من جميع أنحاء العالم بمحاكاة مهمّة فضائيّة، وهي الأكثر تعقيدًا وتقدّمًا من نوعها في إسرائيل. هل هذه خطوة أخرى في الطريق إلى تحويل منطقة "جرن رامون" إلى مركز دوليّ لمحاكاة الفضاء وتدريب رواد الفضاء؟

هل من الممكن استخدام الروبوتات المستقلّة لإعداد البنية التحتيّة لبعثة مأهولة على المرّيخ؟ هل سيلوِّثُه البشر الذين يخطون على الكوكب الأحمر؟ هل يمكن للبكتيريا من هناك أن تعرّضهم للخطر أو الحياة على الأرض؟ هل من الممكن تشغيل طائرة بدون طيّار تعمل بالطاقة الشمسيّة على المريخ؟ كيف سيؤثّر الإجهاد العاطفيّ على إرسال رواد الفضاء إلى المرّيخ؟ هل من الممكن إجراء فحوصات الموجات فوق الصوتيّة الطبيّة هناك؟ وكيف يُمكن لجزيئات الغبار العائمة في الريح المرّيخيّة تقصير عمر الأجهزة الإلكترونيّة؟ هذه ليست سوى عدد قليل من العديد من الأسئلة التي نودّ أن نعرف الإجابة عليها قبل أن نستثمر مليارات الدولارات ونخاطر بحياة البشر الذين يخرجون لوضع العلم ووضع أقدامهم على أرض الكوكب الأحمر.

وبما أنّ قدرتنا على دراسة المرّيخ تقتصر في الوقت نفسه على عدد محدود من المركبات والأقمار الصناعيّة، التي تركّز على بعثات محدّدة للغاية مثل البحث عن المياه أو علامات الحياة، فإنّنا بحاجة إلى إيجاد طرق أخرى لدراسة عدد لا يحصى من القضايا المتعلّقة بالنشاط البشريّ على المرّيخ، أو -على الأقلّ- تقليل عدد الأشياء التي يجب اختبارها على المرّيخ نفسه في الوقت الحقيقيّ. إحدى الطرق للقيام بذلك هي من خلال البعثات التناظريّة أو محاكاة لبعثة المرّيخ المأهولة.

وبطبيعة الحال، فإنّ عمليّات المحاكاة هذه تختلف كثيرًا عن الوضع الحقيقيّ كالجاذبيّة وتكوين الغلاف الجوّيّ ودرجة الحرارة والإشعاع على سطح المرّيخ، بحيث أن من الصعب جدًّا تقليدها على الأرض. لكن من الممكن التحقّق على سبيل المثال من مدى ملاءمة المرافق السكنيّة المختلفة لحياة الموظّفين وعملهم المستمرّ لعدّة أسابيع، مع المعدّات التي يحتاجونها. فمن الممكن محاكاة العزلة والعمل مع البدلات الفضائيّة والمعدّات، ودراسة وتطوير إجراءات العمل المناسبة، والتخطيط لأساليب النشاط والقيام بالعديد من التجارب. كلّ بعثة تمثيليّة لها لهجاتها ومزاياها وحدودها. وفي السنوات الأخيرة، اكتسب مجال البعثات التناظريّة زخمًا، ومن المتوقّع أن يزداد تعزيزًا نحو استئناف الرحلات المأهولة إلى القمر، وهو أمر مخطّط له في منتصف العقد، ولا سيّما مع تقدّم خطط إنزال البشر على سطح المرّيخ.
 
ومن المدهش أنّ أحد الأماكن على الأرض الأكثر تشابهًا مع المريخ، أو على الأقل بعض مناطق الكوكب الأحمر، يقع في إسرائيل، وبشكل أكثر تحديدًا في جرن رامون في النقب. ولهذا السبب ستكون هناك في خريف هذا العام مهمّة تناظريّة لواحدة من المنظّمات الرائدة في العالم في مجال تصوير المرّيخ - منتدى الفضاء النمساويّ.

אזור הניסוי במכתש רמון | צילום: Barry Bishop, פורום החלל האוסטרי
الظروف التي تذكرنا إلى حد ما بالظروف على المريخ. المنطقة التجريبية في جرن رامون| الصورة: Barry Bishop ، منتدى الفضاء النمساوي

 

موزارت في النقب

سيشرف على عمليّات المحاكاة في إسرائيل ستّة رواد فضاء تناظريين، أحدهم إسرائيليّ. وسيعملون فى مبنى سكنيّ "تمّ إنزاله بالمظلّات على المريخ" قبل وصول الطاقم، ولن يفارقوا المبنى إلا ببذلات فضائيّة خاصّة، وسيجرون العديد من التجارب والأبحاث. ومن المقرر أن تستمرّ المحاكاة حوالي شهر، من منتصف أكتوبر حتّى منتصف نوفمبر. وسيخصّص الأسبوع الأوّل للاختبار والإعداد، وسيكون مفتوحًا للتواصل مع الرأي العام ووسائط الإعلام، ومن ثمّ سيمكث رواد الفضاء في الداخل لمتابعة الجزء الرئيسيّ من عمليّة المحاكاة.

وستكون هذه المهمّة التناظرية الثالثة عشر لمنتدى الفضاء النمساوي، والمحاكاة الثالثة في إطار برنامج AMADEE، وهو البرنامج الرئيسي للمنتدى. ومن المدهش، وخلافًا لمعايير صناعة الفضاء، فالاسم ليس اختصارًا ولكن تحيّة لموزارت - الملحّن النمساوي الذي استخدم هذا الاسم لتوقيع رسائله، وهو اختصار لاسمه الأوسط - أماديوس.

بعد التجربة الأولى على نهر جليديّ نمساوي في عام 2015 والتصوير في صحاري عمان في عام 2018، يصل البرنامج إلى جرن رامون بفضل التعاون مع وكالة الفضاء الإسرائيليّة في وزارة العلوم والتكنولوجيا، التي تستثمر أيضًا 1.25 مليون شيقل في التصوير. "إنّ منتدى الفضاء النمساويّ يحمل معه خبرة واسعة في مجال المهام تناظريّة، وهي تجربة لم نعشها هنا. وقد جلبوا معهم خبرتهم بإجراء البعثات ومعرفتهم بكيفية إتاحة مثل هذه المشاريع. "يدمج هذا المشروع ما بين سياستنا للاستثمار في المشاريع الأكاديميّة والمشاريع التعليميّة وتعزيز الاهتمام في مجال الفضاء وتشجيع مجال الفضاء المدنيّ. كما أنّه يتكامل مع رؤيتنا لتعزيز "جرن رامون" كموقع،  بحيث يمكن فيه تطوير مواضيع الفضاء من مراصد النجوم إلى البعثات التناظريّة".

ويضيف إيتاي ليفي، مدير التعليم والمشاريع المجتمعيّة في وكالة الفضاء، "إنّ مجال البعثات التناظريّة مجال جديد ومتطوّر نسبيًّا، ويمكن أن يكون لنا ميزة نسبيّة في هذا المجال: منطقة صحراويّة مناسبة لمحاكاة مناطق معيّنة على سطح المرّيخ وبنية تحتيّة بحثيّة قويّة. وهذه هي المرّة الأولى التي تستثمر فيها الوكالة في مهمّة تناظريّة، ونأمل أن تكون هذه الخطوة الأولى على طريق إنشاء مركز محاكاة دائم، بالتعاون مع الأوساط الأكاديميّة والصناعة، والذي سيصبح مركزًا للمعرفة والخبرة التي ستأتي لدراسة ذلك من جميع أنحاء العالم".

 
תג המשימה של הדמיית AMADEE 20 | מקור: פורום החלל האוסטרי וסוכנות החלל הישראלית
التعاون الدوليّ الأوّل من نوعه في إسرائيل. علامة مهمّة المحاكاة  AMADEE 20| المصدر: منتدى الفضاء النمساويّ ووكالة الفضاء الإسرائيلية
 

قاعدة رامون

كما أنّ العلاقة المزدوجة التي تتطوّر بين وكالة الفضاء الإسرائيليّة ومنتدى الفضاء النمساويّ لديها أفضل رجل مركزيّ، اكتسب بالفعل خبرة في محاكاة بعثات المرّيخ في جرن رامون. الطرف الثالث والمركزيّ هي جمعيّة D-MARS، التي ولدت من أوّل محاكاة للمرّيخ تتمركز هناك قبل عامين، وتطمح لأن تصبح لاعبًا مهمًّا في هذا المجال. في أفضل التقاليد، اسم المنظّمة هو اختصار لمحطة رامون التناظريّة للمرّيخ الصحراويّ، وتعني "محطة رامون الصحراويّة لمحاكاة المرّيخ".

في الواقع، تطوّرت المنظّمة من برنامج تعليميّ: مدرسة رواد الفضاء الشباب التي أنشئت وتعمل في إطار برنامج معهد دافيدسون للتربيّة العلميّة. وكجزء من هذا البرنامج، اكتسب طلاب المدارس الثانوية المعرفة والتدريب في الأنشطة المتعلّقة بالفضاء، حيث كانت مرحلة التخرّج نوعًا من هام المحاكاة في جرن رامون، حيث يجري الطلّاب التجارب التي خطّطوا لها. انضمّ إلى هذه المبادرة شركاء آخرون، بمن فيهم المهندس المعماريّ ألون شيكار، الذي قاد تخطيط المجمع السكنيّ كجزء من دورة أكاديميّة يدرسها في معهد التخنيون. وفي نفس المهمّة الأولى قبل عامين، شارك في المشروع ستّة رواد فضاء تناظريّين، أو كما يطلق عليهم في  D-MARS باللغة العبرية "רמונאוטים"- RAMONAUTS.

ومن هناك، واصلت المنظّمة تطوير عملها بناءً على المتطوعين والتبرّعات المقدّمة من هيئات الأعمال التجاريّة. ويشرح الرئيس التنفيذيّ للجمعيّة الدكتور هليل روبنشتاين، وهو فيزيائيّ قاد أيضًا أوّل بعثة محاكاة في رامون ، قائلًا: "لدينا فرق علميّة، وفريق طبيّ كبير، وفريق يعمل في تطوير بدلة فضائيّة، وفرق تعمل في مجال الاتّصالات والبرمجيّات وغيرها من المجالات، وكذلك رائد فضاء أمريكيّ مخضرم، هو دون توماس، الذي يعمل مستشارا لنا". وقال "إننا نعتقد بأن مستقبلنا سيتطور في اتّجاهين رئيسيّين . الأوّل هو تطوير المعرفة والخبرة والقدرة على تدريب روّاد الفضاء. والأخرى هي تطوير تكنولوجيّات لاستخدامها في الفضاء، وبعضها سيكون مفيدًا أيضًا على الأرض، مثل زراعة النباتات في ظروف قاسية".

מתחם המגורים ושני רמונאוטים בהדמיה הראשונה במכתש רמון, פברואר 2018 | צילום: D-MARSשירותי הדמיה

مهمة محاكاة تناظرية نشأت عن البرنامج التعليميّ. المجمع السكنيّ واثنين من RAMONAUTS في المحاكاة الأولى في جرن رامون في عام 2018 | الصورة :D-MARS

خدمات المحاكاة
 

يذكر أنّ توماس الذى يزور إسرائيل لحضور أسبوع الفضاء وتدشين برنامج التصوير هو دكتور في هندسة المواد، طار أربع مرات في مهام مكوك الفضاء خلال الفترة من 1994 إلى 1997 من بين أشياء أخرى، وفحص عمل مختلف المواد فى الفضاء. وقال توماس لموقع معهد دافيدسون: "قبل القيام بمهمّة فضائيّة، نريد أن يكون رواد الفضاء مستعدّين قدر الإمكان، مع مجموعة واسعة من عمليّات المحاكاة. لإطلاق وهبوط المكوك، استخدمنا جهاز محاكاة يعطي شعورًا حقيقيًّا قدر الإمكان، وقد استطعنا عيش ظروف انعدام الجاذبية من خلال طائرة خاصّة تنطلق بقوّة في السماء وتخلق في كلّ انطلاقة كهذه نصف دقيقة من الإحساس بما يسمى الميكرو جاذبيّة، أما عن المشي في الفضاء فقد تدربنا عليه من خلال الغوص في بركة سباحة. حتّى أننا تدربنا على استخدام مراحيض مكوك الفضاء من خلال جهاز المحاكاة".

"بعد الرحلات المكوكيّة، تدرّبت على مهمّة متواصلة في محطّة الفضاء الدوليّة، ويشمل هذا التدريب إقامة مطوّلة مع الطاقم في بيئات صعبة، مثل الرحلات الصعبة في شمال كندا في منتصف فصل الشتاء، أو الإقامة في محطة أبحاث تحت الماء. ومثل هذه المهام التناظريّة تبلور الفرق وتدرّبها على العمل معًا لفترات طويلة من الزمن في ظروف بدنيّة صعبة". وأضاف: "استعدادًا للبعثات المأهولة إلى القمر والمرّيخ، ستزداد أهمّيّة عمليّات المحاكاة هذه. بشكل عامّ، كلّما كانت المهمّة أكثر تعقيدًا، كانت المهام التناظريّة أكثر أهمّيّة".

وأضاف توماس أنّه على الرغم من أنه لم يزر المكان بعد، إلّا أنّ جرن رامون بدا له موقعًا رائعًا لبعثات المحاكاة التناظريّة. "توفِّر الصحراء الجافّة القاحلة محاكاةً جيّدة للظروف على سطح المرّيخ وعلى سطح القمر، حيث ترتفع درجات الحرارة نهارًا وتنخفض ليلًا. جانب آخر مهمّ هو المسافة – عندما لا ترى أماكن الاستيطان والطرق الرئيسية وأعمدة الكهرباء أو الهواتف، فإنّه يعزّز الشعور بأنّ رواد الفضاء منفصلون بالفعل عن الأرض ويضطرون إلى تدبر أمورهم بأنفسهم. كما أنّها بيئة ممتازة للتدريب الجيولوجيّ، مع ظروف تربة مماثلة للمريخ. فقدت فرصتي في الحياة بالطيران إلى القمر أو المرّيخ"، يلخص توماس، 64 عامًا، "لذلك سأكون سعيدًا جدًّا بزيارة هذا الموقع وعيش تجربة كهذه. أعتقد أنّ بإمكان D-MARS أن تلعب دورًا هامًّا جدًّا في تدريب روّاد الفضاء للرحلات إلى القمر والمرّيخ".

 

האסטרונאוט דון תומאס על רקע המעבורת דיסקברי | מקור: nssofnt
جرن رامون هو موقع ممتاز للبعثات التناظريّة. رائد الفضاء دون توماس أمام خلفيّة مكوك ديسكفري | المصدر: nssofnt

تفصيل البدلات

في المحاكاة الأولى في إسرائيل، كان من بين الروّاد الخمسة الذين قادهم روبنشتاين عالمان آخران، المهندس المعماريّ شيكار، وأخصائي اجتماعيّ وموسيقيّ - وكان تدريبهم للبعثة سطحيًا. في المهمّة الأوروبيّة، فقواعد اللعبة مختلفة تمامًا، حتّى من حيث متطلّبات رواد الفضاء التناظريّة. استجاب حوالي 80 مرشّحًا لدعوة D-MARS لتعيين رواد الفضاء، وبعد عدّة مراحل من الفرز تمّ اختيار أربعة منهم للمرحلة التالية، التي جرت في النمسا، مع مرشّحين من جميع أنحاء أوروبا.

"كانت اختبارات التصنيف مشابهة إلى حدّ ما للاختبارات العسكريّة، واختبرت الأداء البدنيّ والاجتماعيّ على حدّ سواء. وانتقل المختارون إلى مرحلة التدريب الإجماليّ التي استمرّت خمسة أشهر، وشملت عطلات نهاية أسبوع طويلة من التدريب في قاعدة الفضاء النمساويّة في إنسبروك، بما في ذلك الكثير من الدراسات النظريّة عبر الإنترنت في أوقات الفراغ"، يقول ألون تانسر، الذي أكمل بنجاح تدريب روّاد الفضاء التناظريّ مع إسرائيليّ آخر اسمه ليعاد يوسف، وستّة ممثّلين آخرين من أوروبا الغربيّة. "نحن مطالبون بأن نتمتع بلياقة بدنيّة عالية، وأن نكون قادرين على العمل تحت الضغط النفسيّ والبدنيّ، وأن يكون لدينا أساس علميّ واسع للدراسات التي من شأنها أن تعزّز فهم العوالم الجديدة: الجيولوجيا، وعلوم الكواكب، وعلم الفلك وأكثر من ذلك، وبالطبع التعرّف على العديد من المعدّات التي نحتاجها للعمل بشكل جيّد".

 האסטרונאוטים האנלוגים החדשים. טנצר ראשון משמאל, יוסף שלישי | צילום: פורום החלל האוסטרי, OeWF
اختبارات صعبة ومطالب عالية. روّاد الفضاء للبعثة التناظرية الجديدة. تانسار الأول من اليسار، جوزيف الثالث | الصورة: منتدى الفضاء النمساوي، OeWF

تانسار، 34 عامًا، جاء مع خلفيّة مثيرة للإعجاب دون شك. وهو حاصل على درجة البكالوريوس في الرياضيات وعلوم الكمبيوتر، ودرجة الماجستير في علم الأعصاب ويعمل حاليًّا كمهندس ذكاء اصطناعيّ. بالإضافة إلى ذلك، لديه رخصة طيّار وهو ولعٌ بالتحدّيات. "لدي شغف حقيقيّ للطيران والعلم، وحين يتطلب العمل الجمع بين العلم والصعوبات والتحدّيات، فإن ذلك يستهويني حقًا".

وقد تمّ اختيار تانسار ليكون واحدًا من رواد الفضاء الستّة التناظريّين فى مهمّة ستكون فى جرن رامون، بينما سيكون جوزيف عضو الطاقم الاحتياطيّ للبعثة. أحد التحدّيات التي سيواجهها هو العمل في بدلة الفضاء، وهو أمر مماثل أيضًا. "في بدلة الفضاء الحقيقيّة، ضغط الهواء يحدّ من المرونة ويحد كثيرًا من الحركة. نحن نستخدم بدلة تصوير جديدة، مما يخلق شعورًا مماثلًا، كما أكّد أيضًا روّاد الفضاء الذين جربوها بعد القيام بمشيات حقيقيّة في الفضاء. ومن الصعب جدًّا القيام بأشياء بسيطة مثل ربط الأحذية أو الشدّ براغي رخوة بقفازات رائد فضاء، وفي التدريب كان مطلوبًا منّا القيام بذلك على منصّة غير مستقرّة، الأمر الذي يتطلّب أيضًا الحفاظ على التوازن باستمرار".

טנצר באימונים | צילום: פורום החלל האוסטרי, OeWF
بعض الإجراءات البسيطة تصبح صعبة للغاية ومرهقة في بدلة الفضاء. تانسار في تدريب | الصورة :منتدى الفضاء النمساويّ، OeWF

من طائرات استطلاعيّة صغيرة وحتى البكتيريا

ومن بين أسباب التدريب الأساسيّ المتطلب لروّاد الفضاء التناظريّين هي رغبة منتدى الفضاء بالاستفادة القصوى من وقت البعثة بكفاءة، وإجراء العديد من التجارب العلميّة رفيعة المستوى في ظروف تشبه إلى أقصى حدّ بعثة المريخ الحقيقيّة. على سبيل المثال، يتمّ تأخير الاتّصال بمركز التحكّم في النمسا عمدًا لمدّة عشر دقائق، من أجل محاكاة المسافة الشاسعة بين المرّيخ والأرض. وهذا يتطلّب من روّاد الفضاء التناظريّين التعامل مع العديد من المشاكل بأنفسهم، لأنّ إجابة البعثة لن تصل إلّا بعد 20 دقيقة على الأقل.

 روّاد بعثة الفضاء التناظريّة ليسوا الوحيدين المتنافسين على مكان في البعثة، لكن أيضًا مقترحات التجارب العلميّة. تلقّى منتدى الفضاء النمساويّ مئات المقترحات من مؤسّسات البحوث والصناعة خلال البعثة. ووراء كلّ اقتراح فريق علميّ أو هندسيّ، يحتاج إلى كتابة اقتراح بحثيّ مفصّل، لتصميم التجربة بحيث يمكن تنفيذها بالمعدّات التي يملكها روّاد الفضاء التناظريّون على "المرّيخ"، وبطبيعة الحال تفاصيل القيمة العلميّة. ومن بين المقترحات العديدة، اختيرت 16 تجربة في مجالات متنوّعة جدًّا.

وقد لفتت إحدى التجارب المقترحة الانتباه إلى حدّ كبير، وقد أجرتها جامعة كليغانبورت النمساويّة، التي تختبر تقنيةً ملاحيّةً لسيارة مارس 2020 الرياضيّة متعدّدة الاستخدامات الأمريكيّة، والتي من المقرّر إطلاقها إلى المرّيخ في وقت مبكّر من هذا العام. وتشمل التجارب الأخرى قيادة طائرة صغيرة بدون طيّار على سطح المرّيخ، وتشغيل روبوتات مستقلّة لبناء البنية التحتيّة والبحوث الجيولوجيّة وأكثر من ذلك. تتناول العديد من الدراسات روّاد الفضاء التناظريّين أنفسهم: من شعورهم بالخطر إلى تغيير تكوين بكتيريا الأمعاء خلال البعثة.

הדמיה: שיקא אדריכלות ועיצוב, החברה לפיתוח מאדים ועמותת D-MARS
نشاط رواد الفضاء في البعثة التناظريّة ومجمع الإقامة، استنادًا إلى هيكل D-MARS الأصليّ (يمين) مع الإضافة| الرسم التوضيحي: شيكا العمارة والتصميم، شركة تطوير المريخ وجمعية D-MARS

ثلاث دراسات من تلك التي سيتمّ إجراؤها في المحاكاة هي دراسات إسرائيليّة: سيقوم فريق بقيادة ديفيد ميخائيلي من معهد الدراسات الميدانيّة في تل أبيب بالتحقيق في ظروف الكثافة البدنية والاجتماعية في مجمع المحاكاة،  وتأثير ذلك على روّاد الفضاء. سيقوم البروفيسور يواف يائير من مركز هرتسليا متعدّد التخصّصات والبروفيسور إسحاق كتارا من جامعة بن غوريون بدراسة تأثير جزيئات الغبار التي تحملها الرياح على تآكل الأجهزة والمعدّات، بينما سيقوم فريق الدكتور ريعوت سراك أبراموفيتش من مركز البحث والتطوير الصحراويّ في البحر الميّت، مع البروفيسور عودد أهارونسون من معهد وايزمان للعلوم وطالب الأبحاث يائيل يائير-هيلمان من جامعة تل أبيب، بفحص كيف يمكن للبكتيريا التي يجلبها الإنسان معه أن تؤثّر على المريخ وكيف يمكن للبكتيريا المحلّيّة أن تصل إلى الهيكل السكنيّ وحتّى الأرض.

"لنرى كيف يمكن أن نلوّث المرّيخ، سيأخذ روّاد الفضاء ثلاث عيّنات من التربة كلّ يومين: عيّنة عند مدخل المجمع السكني حيث يمرّون طوال الوقت، وواحدة من المنطقة الّتي سيتركز فيها الحطام، وواحدة من موقع ناءٍ نسبيًّا، لا يفترض أن يمرّ بها أيّ من روّاد الفضاء. وسيضعون العيّنات في الحاضنات المخبرية، ويرون ما إذا كانت البكتيريا ستنمو أم لا،  وفي الوقت ذاته سوف يستخلصون الحمض النوويّ منها، حتّى نتمكّن من التحقّق من وجود حياة ميكروبيّة في التربة، وإذا كان الأمر كذلك -فأي أنواع ستنمو" هكذا شرحت سوراك أبراموفيتش، التي كانت بذاتها رائدة في المهمّة الأولى، ونفّذت نسخة بسيطة من هذه التجربة. وأضافت "بالإضافة إلى ذلك، سنأخذ عيّنات من قفّازات روّاد الفضاء العائدين من العمليّات الميدانيّة، ونستخرج الحمض النوويّ منها، لمعرفة ما إذا كانوا قد جلبوا بكتيريا من الخارج".

وتشدّد على أنّ هذه التجربة مهمّة جدًّا لفهم كيفيّة التعرّف على الحياة على كواكب أو أجسام كوكبيّة أخرى بشكل أفضل، كما أنّها تعلّمنا ما هي المعدّات التي ينبغي أن تكون على القاعدة على سطح المرّيخ، وكيفيّة تدريب روّاد الفضاء على استخدامها. "وبنفس القدر من الأهمّيّة، تعزّز عمليّات المحاكاة هذه العلاقات العلميّة بين إسرائيل والعالم. نحن أقوياء جدًّا في الفيزياء الفلكيّة وعلوم الكواكب، وتوفّر البعثات التناظريّة طبقة جديدة ومهمّة لتعزيز مكانة إسرائيل في هذه المجالات".

 
סורק אברמוביץ' עם רובינשטיין (משמאל) והאדריכל שיקאר במשימת D-MARS הראשונה | צילום: D-MARS
تعزيز صلات العلم. سراك أبراموفيتش مع روبنشتاين (يسار) والمهندس المعماريّ شيكار في أوّل مهمّة D-MARS | الصورة : D-MARS 
 

انطلاقًا من "بريشيت"

ما الذي سيحدث في 15 تشرين الثاني/نوفمبر، عندما تنتهي المهمّة ويعود روّاد الفضاء التناظريّون إلى الأرض ويتفرّقون إلى منازلهم؟ سيجلس العلماء لتلخيص نتائج التجارب، وربّما ينشرون مقالات عن الدراسة. يقول إيتاي ليفي من وكالة الفضاء الإسرائيليّة: "المعرفة والمقالات قيّمة للغاية، لكنّ النجاح الحقيقيّ هو أنّ هذه القصّة لن تنتهي بمنتجات مباشرة. 'وبما أنّ هذه هي المرّة الأولى التي تستثمر فيها الوكالة في مهمّة تناظريّة، إنّها نوع من بالون اختبار بالنسبة لنا. وإذا أسفر المشروع عن نتائج هامّة – معرفة قيّمة إلى جانب وسائل الإعلام والمصلحة العامّة، سنواصل الاستثمار فيه. لا يمكن المبالغة في أهمّيّة الكشف عن البرنامج وبروزه، لأنّنا نريد جذب الناس إلى هذه المناطق. ويمكن أن تكون هذه المهمّة أوّل معلّم لتطوير مركز مهمّ للبعثات التناظريّة، والذي سيفتح أيضًا مطل رامون كمكان مركزي في دعم الفضاء".

 

وفي أسبوع الفضاء الإسرائيليّ، الذي يبدأ الأسبوع المقبل، ستقدّم الوكالة أيضًا البرنامج التعليميّ الذي سيرافق بعثة "AMADEE"، التي تمّ إنشاؤها في كل جزء من الأنشطة التعليميّة الواسعة النطاق التي تقوم بها "سبيس ويل" حول إطلاق المركبة الفضائيّة "جينيسيس". "البرنامج الذي سنقدّمه في مؤتمر رامون للتعليم والفضاء سيتضمَّن محاضرات في فصول عن البعثات الفضائيّة التناظريّة، والمحتوى على الإنترنت والمناهج الدراسية. كما سيسمح للطلاب بتقديم تجارب وسيُتاح لطلّاب مختارين زيارة موقع المحاكاة".

 

 הדמיה: שיקא אדריכלות ועיצוב, החברה לפיתוח מאדים ועמותת D-MARS
أساس للمستقبل؟ خطة D-MARS لمحطة المريخ المستقبليّة | التصوير: شيكا العمارة والتصميم، شركة تطوير المريخ وجمعية D-MARS

المحاكاة الفضائيّة ليست منطقة فريدة من نوعها بالنسبة لإسرائيل. وبالإضافة إلى مرافق وبرامج وكالات الفضاء الكبيرة، هناك عدّة هيئات في العالم تدير مراكز مخضرمة لمحاكاة جوانب مختلفة من البعثات الفضائيّة، بما في ذلك بالطبع النشاط على سطح المرّيخ وغيره من الأجرام. لا يزال المجال ينمو ويتطوّر، ولكن من أجل اقتحام مكان بارز في البطولات الكبرى، عليك أن تستثمر - أو تجمع - أموالًا طائلة، وأن تنشئ بنية تحتيّة مناسبة. الأحلام، من ناحية أخرى، لا تكلّف المال.

 

الأبحاث الهامة هي تذكرة إسرائيل لإطلاق المزيد من رواد الفضاء إلى الفضاء. إيتاي ليفي | الصورة :أيالا بيرش
 

"في النهاية، الهدف هو الوصول إلى مساحة حقيقيّة. وقد صمّمت البعثات التناظريّة لخدمة البعثات الفضائيّة، وأودّ أن يقوم مركز المعرفة بإعادة تأهيلها هنا لتصبح نظامًا بيئيًّا لروّاد الأعمال والباحثين والشركات الناشئة، التي تبدأ مشاريعها من هنا وتتقدّم بمساعدتنا في الفضاء". وقال "إذا ما تطوّرت أبحاث هامّة هنا، فليس لديَّ شكّ في أنّها ستكون أيضًا تذكرة لمزيد من روّاد الفضاء الإسرائيليين للذهاب إلى الفضاء. وآمل أن يحدث ذلك حتّى قبل أن يصبح مركزنا الفضائيّ مرفقًا دوليًّا لتدريب روّاد الفضاء وسائحي الفضاء".

هل سيكون ألون تانسار، الممثّل الإسرائيليّ في البعثة التناظريّة، الإسرائيليّ القادم الذي يطير إلى الفضاء؟ يقول تانسر: "يحلم معظم الأطفال بأن يكونوا روّاد فضاء، ولكن بالنسبة لي تبلور هذا الحلم بدقّة مع تقدّمي في السنّ، مع الصلة بالعلم، والرغبة في فهم الأشياء، وإمكانيّة ربط الاهتمام العلميّ بالتحدّيات الأخرى. "لطالما أردت أن أسافر بقدر ما أستطيع، لكنّني لم أقترب من الفضاء وآمل أن أتمكّن من القيام بذلك، أو على الأقلّ المشاركة في تطوير التكنولوجيّات التي ستصل إلى الفضاء. وفي الوقت نفسه، يسعدني أن أحمل العلم وأفخر بتمثيل الدولة في مشروع سيدفعنا إلى الأمام في مجال المحاكاة الفضائيّة الهامّ".

 

تعرفوا على رواد الفضاء الجدد في بعثة المحاكاة التناظرية، فيديو منتدى الفضاء النمساوي بالإنجليزية:

 

 

0 تعليقات