استطاع الباحثون الكشف عن بروتين يشارك في الحفاظ على الكتلة العضليّة لدى الفئران في مرحلة الشّيخوخة أو الشّلل ووجدوا بروتينًا نظيرًا له عند الإنسان

العضلات مسؤولة عن حوالي %40 من وزن الجسم، وهي تمكّننا من القيام بالفعاليّات الأساسيّة مثل التّنفّس، الأكل والحركة. يمكن أن يؤدّي فقدان كتلة العضلات، وهو ما يسمّى بالساركوبينيا (sarcopenia)، إلى خلق صعوبات في أداء وظائف الجسم، وإلى الزّيادة من خطر الوقوع، الإصابات حتّى  الالتهابات/ التّلوّثات عند المرضى في المستشفيات. فقدان كتلة العضلات تميّز مرحلة الشّيخوخة: مع تقدّمنا ​​في العمر، تفقد عضلاتنا من حجمها وقوّتها. سبب آخر لفقدان كتلة العضلات هو الإصابات العصبيّة الّتي تسبّب الشّلل، فالعضلات الّتي لا تُستخدَم  لفترات طويلة تتقلّص.

حاول فريق من الباحثين من جامعة السّوربون في باريس تمييز الأساس الجزيئيّ لهذه العمليّة. لفهم التغيّرات الّتي تحدث في العضلات نتيجةً لعدم استعمالها، استخدم الباحثون فئرانًا  تعاني من إصابة بالأعصاب: قاموا بقطع العصب الوركيّ (السياتيّ)، ممّا أدّى إلى شلل في إحدى السّاقين  الخلفيّتين. هذا الشّلل أدّى إلى انخفاض بنسبة %30 في كتلة عضلات السّاق.

فيما بعد، قام الباحثون بفحص الجينات الّتي يتمّ التّعبير عنها بشكل مختلف في العضلات قبل وبعد قطع العصب. أحد الجينات الّتي فُحِصت هو Cacnb1، الّذي يؤثّر  على إنتاج ستّة بروتينات  (تُسمّى CaVb1A-F). وجد الباحثون أنّه في عضلات الفئران البالغة السّليمة،  يتمّ التّعبير عن بروتين CaVb1D (نوع D من هذا البروتين). وأمّا CaVb1E (نوع E من البروتين) فيتمّ التّعبير عنه بالأساس خلال مراحل التّطوّر الجنينيّ، وهو ضروريّ للتّطوّر السّليم للجهاز العضليّ في الجنين. عند الفئران البالغة يتمّ التّعبير عن هذا البروتين بكمّيّة  صغيرة نسبيًّا، ويرتفع مستواه في العضلات الّتي تعاني من إصابة عصبيّة. اِستنادًا لهذه النّتائج افترض الباحثون أنّ هذا البروتين يمكن أن يلعب دورًا  مهمًّا في  إعادة تأهيل العضلات، أو في الحفاظ على كتلة العضلات بعد الإصابة.

لفحص هذه الفرضيّة، قام الباحثون بإصابة/ بتعطيل التّعبير عن هذا البروتين في الفئران الّتي تعاني من إصابة عصبيّة. أدّى الانخفاض في التّعبير عن نوع E من البروتين إلى زيادة في فقدان كتلة العضلات في هذه الفئران: العضلات كانت أصغر وتحتوي على ّ ألياف عضليّة أقلّ،  وعلى ألياف من النّسيج الضّامّ أكثر. اِستنتج الباحثون أنّ هذا البروتين يلعب دورًا في الحفاظ على كتلة العضلات في حالات عدم استخدامها المطوّل.

 في الصّوة: أربعة أعضاء من فريق البحث. من اليمين: كريستل جنتيل، ماسر تراورا، سستينا فالكون، وفرانس بيتريروسل | تصوير: AFM-Téléthon
في الصّوة: أربعة أعضاء من فريق البحث. من اليمين: كريستل جنتيل، ماسر تراورا، سستينا فالكون، وفرانس بيتريروسل | تصوير: AFM-Téléthon
 

من الأفضل أن تكون شابًّا سليمًا من أن تكون عجوزًا مريضًا

بعد ذلك قام الباحثون بفحص دور CaVb1E في فقدان كتلة العضلات في الشّيخوخة. في البداية فحصوا مستوى البروتين في العضلات عند فئران تبلغ من العمر 12 أسبوعًا مقابل فئران كبيرة السّنّ يبلغ عمرها 78 أسبوعًا ( مُناظر لعمر 70 عامًا عند الإنسان).  كتلة عضلات الفئران الكبيرة في السّنّ كانت صغيرة، ومستوى البروتين من نوع E في العضلات كان منخفضًا.

لكي يفحص الباحثون ما إذا كانت استعادة المستوى الطبيعيّ لبروتين من نوع E تُحسّن حال كتلة العضلات لدى الفئران الكبيرة في السّنّ، قاموا بحقن الفئران بفيروس مهندَس وراثيًّا الّذي يقوم بإنتاج البروتين. بعد ثلاثة أسابيع وجد الباحثون ارتفاعًا  في مستوى هذا البروتين في العضلات،  عقبَهُ ارتفاع في كتلة عضلات هذه الفئران.

عندما قام الباحثون بالتّعبير عن هذا البروتين في عضلات الفئران الصّغيرة في السّنّ، لم يُلاحَظ أيّ ارتفاع في كتلة عضلاتها،  وممكن أن يعود ذلك إلى وجود جهاز تحكّم في الجسم الّذي يمنع النّموّ المفرط للعضلات في الفئران الصّغيرة في السّن والسّليمة.

في المرحلة التّالية، أراد الباحثون فحص ما إذا كانت هناك آليّة مشابهة عند الانسان أيضًا. للقيام بذلك، قارن الباحثون التّسلسلات الجينيّة الّتي تُترجَم لبروتين من عائلة Cacnb1 عند الإنسان والفئران. اِستطاعوا إيجاد بروتين بشريّ، باسم hCaVb1E، المشابه لبروتين الفأر. لم يتمّ بعد وصف أو دراسة هذا البروتين في السّابق.

عندما فحصوا عيّنات عضلات أشخاص صغيرة في السّنّ (تتراوح أعمارهم بين 20 -  42 عامًا) مقارنةً بكبار السّنّ (تتراوح أعمارهم بين 70 -  81 عامًا)، وجد الباحثون أنّ الكتلة العضليّة لدى الكبار هي أقلّ، وأنّ العضلات نفسها كانت أضعف. عند قياس مستوى التّعبير عن البروتين hCaVb1E، وجدوا أنّه منخفض أكثر في عضلات الأشخاص الكبيرة في السّنّ. يبدو أنّه توجد علاقة وثيقة بين الانخفاض في التّعبير عن البروتين وانخفاض كتلة العضلات في الشّيخوخة عند  الإنسان أيضًا.

على الرّغم من أنّه ليس من الواضح بعد ما الّذي يؤدّي إلى انخفاض في التّعبير عن hCaVb1E لدى كبار السّنّ، إلّا أنّ الباحثين يأملون أن تكون النّتائج قابلة للتّطبيق لإبطاء أو  إيقاف  فقدان كتلة العضلات الّذي يحدث بعد إصابةٍ أو في فترة الشّيخوخة.

0 تعليقات