لقد تمّ التحقّق، ضمن بحث أجري في البلاد، من الآليّة التي يُشجّع بواسطتها أحد الفيروسات الطحالب الزرقاوات على إنتاج الطاقة من الشمس

قد تكون العلاقة بين البديل والطفيل مُدمّرة، مثلًا عندما يُدمّر الفيروس الخليّة التي تستضيفه ويسبّب موتها. لكنّ بحثًا جديدًا أجري في البلاد برئاسة "عوديد باجا" من معهد التخنيون، يكشف أنّ منظومة العلاقات القائمة بين نوع معيّن من البكتيريا التي تقوم بعمليّة التركيب الضوئيّ وبين الفيروس الذي يهاجمها هي منظومة مثيرة ومعقّدة. 

ركّز الباحثون على السيانوبكتيريا (والتي تُلقب أحيانًا بالطحالب الزرقاء) التي تلعب دورًا رئيسيًّا في النسيج الغذائيّ في البحر بشكل خاصّ. كان من المعروف منذ وقت طويل وجود مُلتهِمات السيانوبكتيريا أو العاثيات (Cyanophages) في مياه المحيطات الاستوائيّة - الفيروسات التي تهاجم السيانوبكتيريا - ولديها جينات تُشَفّر بروتينات معيّنة تستخدمها البكتيريا في عمليّة التركيب الضوئيّ. ولكن هويّة هذه العاثيات لا تزال لغزًا حتّى الآن. شخّص الباحثون من التخنيون وجامعة تل أبيب ومركز أبحاث ميجل (مركز المعرفة الجليل الأعلى) لأوّل مرّة عاثية تحمل تسعة جينات مسؤولة عن إنتاج تسعة بروتينات تشارك في عمليّة التركيب الضوئيّ.

تتحوّل الطاقة الضوئيّة في عمليّة التركيب الضوئيّ إلى طاقة كيميائيّة، وهي تُستخدم لتثبيت ثنائي أكسيد الكربون. ينقسم التركيب الضوئيّ إلى عمليّة خطّيّة (مستقيمة) ودائريّة. تبدأ العمليّة الخطّيّة عندما يتمّ امتصاص الطاقة الضوئيّة بواسطة مجموعة من البروتينات تسمّى "منظومة الضوء 2" وتتسبّب في "قفز" الإلكترون إلى مستوى طاقة عالٍ. هنا تبدأ سلسلة من انتقال الإلكترونات إلى العديد من البروتينات المشاركة في العمليّة، ومع اقتراب نهاية السلسلة، تصل الإلكترونات إلى منظومة ثانية من البروتينات تُسمّى "منظومة الضوء 1". يتكوّن في نهاية العمليّة جزيء NADPH الذي يساعد في تثبيت ثنائي أكسيد الكربون.  

توجد، بالإضافة إلى ذلك، عمليّة دائريّة لسلسلة انتقال الالكترونات حول منظومة الضوء 1. تدور الإلكترونات في العملية الدائريّة حول منظومة الضوء 1، وتؤدّي كلّ دورة إلى تجمّع أيونات هيدروجين +H تقوم بدورها بتحريك منظومة إنتاج جزيئات ATP - وحدات الطاقة الرئيسيّة في الخلايا الحيّة.  

وجد الباحثون أنّ فيروس العاثية (السيانوفاج) يحتوي على سبعة جينات لها علاقة بالعمليّة الدائريّة لانتقال الإلكترونات حول منظومة الضوء 1، واثنين آخرَيْن من الجينات لهما علاقة بمنظومة الضوء 2. اتّضح وجود هذه البروتينات الفيروسيّة داخل السيانوبكتيريا البديلة بعد ثماني ساعات من إصابتها بفيروس العاثية.  

اكتشف الباحثون أنّه بما يتعلّق بمدى فاعليّة عمليّة التركيب الضوئي لدى السيانوبكتيريا، فإنّ وتيرة العمليّة الخطّيّة تبقى ثابتة بعد الإصابة بالفيروس، بينما تتعاظم العمليّة الدائريّة بعد الإصابة. قد يكون تعاظم إنتاج الـ ATP اللازم لعمليّات نسخ الـ DNA الفيروسيّ وإنتاج لبنات الأساس (النيوكليوتيدات) لبنائه هو أحد الأسباب الرئيسيّة لتعاظم إنتاج البروتينات.

وجد الباحثون، بالإضافة إلى الوصف الهيكليّ والجينيّ لفيروس العاثية، أنّ هذا الفيروس منتشر في مناطق المياه الاستوائيّة في المحيطات: الهادئ والهنديّ والأطلسيّ. هذا الانتشار للفيروس مثير للاهتمام لأنّ المياه الاستوائيّة تميل لأن تكون فقيرةً بالحديد، الأمر الذي يؤدّي إلى انخفاض النسبة بين كمّيّة البروتينات التي تُكوّن منظومة الضوء 1، وبين كمّيّة بروتينات منظومة الضوء 2 في خليّة البكتيريا. 

من المغريّ أن نفترض أنّ العاثيات المذكورة أعلاه "تُعَوّض" السيانوبكتيريا عن النقص في كمّيّة البروتينات في المنظومة الضوئيّة 1، حيث أنّها هي نفسها تشجع إبراز بروتينات منظومة الضوء 1 وزيادة نشاطها. مع ذلك، من الواضح أنّ هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لتأكيد هذا الاستنتاج. 

خلاصة القول، قد تلعب هذه العاثيّات دورًا مهمًّا في عمليّات التركيب الضوئيّ في المياه الاستوائيّة.

 

0 تعليقات